عتق العبد بعد قتل الحر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
أذا قتل العبد حرا عمدا فأعتقه مولاه ففي
العتق تردد، أشبهه: أنه لا ينعتق، لأن للولي
التخيير للاسترقاق؛ ولو كان خطأ ففي
رواية عمرو بن شمر عن
جابر عن
أبي عبدالله (عليهالسلام): يصح، ويضمن المولى
الدية؛ وفي عمرو ضعف، والأشبه: اشتراط الصحة بتقدم
الضمان.
إذا قتل العبد حرّا عمداً فأعتقه بعد ذلك مولاه ففي صحة
العتق تردّد:
من بقاء ملكه عليه، وتغليب
الحرّية، وكون الأصل في قضية العمد
القتل دون الاسترقاق، وهو باق مع العتق؛ لأنّ المقتول مكافئ للحرّ لو كانت الحرّية ابتداءً، فمع طريانها أولى، هذا، مع كون العتق أقوى من الجناية؛ لنفوذه في ملك الغير وهو الشريك، بخلافها.
ومن تسلّط الوليّ على إزالة ملكه عنه بالقتل أو الاسترقاق، فيضعف ملك المولى له، وتعلّق حق الغير به
قصاصاً أو استرقاقاً، وهو يمنع الاسترقاق.
والأشبه عند
الماتن هنا وفي الشرائع
وشيخنا في شرحه
وفخر الدين والفاضل المقداد في الشرح
: أنه لا ينعتق؛ لأنّ للوليّ
التخيير في الاقتصاص والاسترقاق بالنصّ والوفاق، وهو ينافي صحة العتق؛ لعدم إمكان أحد فردي متعلّق الخيار معه، وإن أمكن الفرد الآخر الذي هو الاقتصاص، فإنّ إلزام الوليّ به إجبار لا تخيير.
نعم لو قلنا ببقاء
الخيار معه وأنّه إن اقتصّ منه أو استرقّه بطل عتقه، وإن عفا على مال وافتكّه مولاه عتق، وكذا لو عفا عنه مطلقا، كما في
التحرير وغيره
لم يلزم المحذور، لكن يلزم محذور آخر، وهو كون العتق موقوفاً مع أنّ من شرطه التنجيز وعدم التعليق.
اللهم إلاّ أن يمنع عن ضرر مثل هذا التعليق، ويخصّ التعليق الممنوع منه بما ذكره في
صيغة العتق، لا ما كان موجباً لتوقّفه من خارج كما نحن فيه، فتدبّر.
ولو كان قتله له خطأً ففي رواية
عمرو بن شمر عن
جابر الجعفي عن
أبي جعفر (علیهالسّلام) قال: «قضى
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) في عبد قتل حرّا خطأً، فلمّا قتله أعتقه مولاه» قال: «فأجاز عتقه، وضمّنه الدية»
ومقتضاها كما ترى أنه يصحّ العتق ويضمن المولى الدية وبه أفتى في
النهاية والفاضل في
القواعد؛ لها؛ ولأنّ الخيار في الخطأ إلى السيّد إن شاء سلّمه، وإن شاء فداه، فعتقه دليل على اختياره الافتداء.
ويضعّف
الرواية: بأنّ في عمرو ضعف مشهور، ومع ذلك مرسلة، فلا تصلح للحجّية.
والتعليل: بجواز إعسار السيّد وعجزه عن
الدية، فلو حكمنا بصحة العتق لزم أن يطلّ دم امرئ مسلم، وهو باطل، ومن ثمّ قيّدها الفاضل
بصورة يسار المولى المعتق. ويضعّف هذا بأنّه قد يدافع مع يساره.
وحينئذٍ فالأشبه اشتراط الصحة بتقديم المولى
الضمان للدية على العتق مع رضاء وليّ الدم به، أو أدائه لها قبله؛ فراراً عن ذينك المحذورين، وهو حسن.
وربما يقيّد الصحة بأداء المولى الدية من دون اعتبار تقديم الأداء، حتى لو أدّاها بعد العتق صحّ ولو لم يضمنها قبله، كما في
المسالك.
ويشكل حينئذٍ بأنّ العتق لا يقع موقوفاً؛ لبنائه على التغليب، بل إمّا أن يحكم بصحته منجّزاً أو ببطلانه رأساً، فلا وجه للحكم بالصحة متزلزلاً إلى الأداء.
وظاهر عبارة الماتن هنا وفي
الشرائع كفاية تقديم الضمان للدية قبل العتق في لزوم صحته مطلقاً، أدّاها قبله أم لا، رضي الوليّ بالضمان أم لا.
ويشكل في صورة عدم الأداء مع عدم ظهور رضاء الوليّ بضمانها، بأنّه قد يضمنها ويدافع بعد ذلك عن الأداء، كما ورد على الفاضل في القواعد.
فالأجود التعبير بما قدّمناه، وفاقاً
للفاضل المقداد في
شرح الكتاب، حيث لم يعبّر عن الأشبه بما في المتن، بل قال: والتحقيق هنا أن نقول: إن دفع الدية أوّلاً أو ضمن ورضي الوليّ صحّ العتق، وإلاّ فلا.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۲۳۷-۲۴۰.