عدة المرأة في المتعة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
إذا انقضى
أجل المتعة فالعدّة حيضتان على الأشهر؛ وإن كانت ممّن تحيض عادةً ولكن لم تحض لآفة فـعدّتها
حرّة كانت أو أمة خمسة وأربعون يوماً؛ ولو مات عنها وهي حرّة حائل مقدار
العدّة أربعة أشهر وعشرة أيّام، سواء كانت مدخولاً بها أم لا؛ وإطلاق الأخبار الكثيرة مفيض بـأنّ
الأمة على النصف من الحرّة؛ وفي إماء ذات الولد أربعة أشهر وعشراً؛ وإذا كانت حاملاً فأبعد الأجلين من انقضاء الأجل من الأربعة أشهر وعشراً أو النصف منه على الاختلاف، ومنها إلى وضع الحمل.
إذا انقضى أجلها أو وهب، وكانت مدخولاً بها غير يائسة، وجب عليها
العدّة منه لغيره دونه، حرّة كانت أو أمة، إجماعاً.
وقد اختلف في مقدارها بعد الاتّفاق ظاهراً على اتّحادها فيهما هنا على أقوال أربعة:
منها: ما أشار إليه بقوله: فالعدّة من انقضاء الأجل أو هبته دون
الوفاة حيضتان كاملتان على الأشهر كما هنا، وحكاها جماعة
.
لأصالة بقاء
الحرمة، والنصوص المستفيضة:
منها:
الصحيح: «وإذا انقضى الأجل بانت منه بغير
طلاق، ويعطيها الشيء اليسير، وعدّتها حيضتان، وإن كانت لا تحيض فخمسة وأربعون يوماً»
.
ونحوه الصحيح المرويّ في
البحار عن كتاب
الحسين بن سعيد، وفيه: «فلا تحلّ لغيرك حتى تنقضي عدّتها، وعدّتها حيضتان»
.
وبه صرّح في المرويّ في
تفسير العيّاشي .
ومنها الصحيح: «وعدّة المطلّقة ثلاثة أشهر، والأمة المطلّقة عليها نصف ما على
الحرّة، وكذلك المتمتّعة عليها ما على
الأمة»
.
دلّ بعمومه على اتّحاد عدّتها مع عدّه الأمة، وهي فيها حيضتان؛ للنصوص المعتبرة:
منها الصحيحان: «عدّة الأمة وأجلها حيضتان»
.
وربما يناقش في دلالة
الخبر على اتّحاد عدّتيهما في الحيضة؛ لظهوره بحسب السياق في الأشهُر
.
وهو ضعيف جدّاً؛ إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المحلّ قطعاً، ويعضد العموم ما ورد في النصوص المعتبرة من أنّهنّ بمنزلة الإماء
، وعموم المنزلة لُغويّة يشمل الحكم في هذه الصورة وغيرها.
خلافاً للعماني، فحيضة
؛ للمستفيضة الأُخر:
منها الصحيحان، أحدهما مرويّ عن
قرب الإسناد: «عدّة
المتعة حيضة»
كما فيه، وفي الثاني كذلك بزيادة: «إن كانت تحيض»
.
ومنها الخبر: «عدّتها خمسة وأربعون يوماً، أو حيضة مستقيمة»
.
ومنها المرويّ في الاحتجاج عن مولانا
صاحب الزمان (علیهالسّلام)، مشيراً إلى عدّتها: بـ: «أنّ أقلّ العدّة حيضة وطهرة تامّة»
.
ومنها المرويّ في البحار من خبر
المفضّل الوارد في الغَيبة، وفيه في ذكر الشرائط: «وعليك الاستبراء خمسة وأربعون يوماً أو حيضاً واحداً»
ونحوه المقطوع
.
وهي وإن استفاضت إلاّ أنّ ما عدا الصحيحين منها قاصرة الأسانيد، ضعيفة التكافؤ كالصحيحين لما مرّ؛ لاعتضاده بالشهرة
والأصل، وأوفقيّته بما سيأتي من القولين، فإطراحها أو التأويل بما تؤول إليه لازمٌ في البين.
وللمقنع، فحيضة ونصف
؛ للصحيح: «وإذا انقضت أيّامها وهي حيّ فحيضة ونصف مثل ما يجب على الأمة»
.
والجواب السابق ثمّة جارٍ هنا بطريق أولى، مع أنّ مقتضاه كون ذلك عدّة الأمة، وقد عرفت النصوص الصحيحة والمعتبرة المعتضدة بالشهرة وغيرها المصرّحة بالحيضتين فيها، وليس يقاوم واحداً منها فضلاً عن الجميع. وهذا القول مّما لا يُرتاب في فساده جدّاً.
وللمفيد
والحلّي والمختلف، فقرءان
أي طُهران للصحيح في الأمة: «طلاقها تطليقتان، وعدّتها قرءان»
مع ما مرّ من الصحيح المشبِّه للمتعة بها في العدّة، وسيأتي في اعتداد الدائمة المطلّقة بالأقراء أنّ المراد منها: الأطهار.
وفيه أولاً: أنّ
القرء أعمّ لغةً من
الطهر والحيض، ومشترك لفظاً بينهما، وإرادة الأول منه ثمّة غير ملازم لإرادته هنا.
وثانياً: إفصاح ما قدّمناه من الصحاح وغيرها عن إرادة الثاني هنا، وإلاّ لوقوع التعارض، والأصل العدم، وعلى تقديره فلا ريب أنّ الرجحان معها جدّاً؛ لوجوه لا تخفى.
وربما استُدلّ لهذا القول بأخبار الحيضة الواحدة بوجهِ ظاهر الفساد
.
فإذاً المصير إلى القول الأوّل أقوى.
وإن كانت ممّن تحيض عادةً ولكن لم تحض لآفة فـعدّتها حرّة كانت أو أمة خمسة وأربعون يوماً إجماعاً نصّاً
وفتوى.
ولو مات عنها وهي حرّة حائل ففي مقدار العدّة فيها روايتان، أشبههما وأشهرهما كما حكاه جماعة من أصحابنا
أنّها أربعة أشهر وعشرة أيّام مطلقاً، سواء كانت مدخولاً بها أم لا؛ لعدم الفرق بينهما إجماعاً.
للأصل، والصحيحين: في أحدهما: ما عدّة المتعة إذا مات الذي يتمتّع بها؟ قال: «أربعة أشهر وعشراً»
.
وفي الثاني: عن
المرأة يتزوّجها الرجل متعة ثم يتوفّى عنها، أهَل عليها العدّة؟ قال: «تعتدّ أربعة أشهر وعشراً»
.
وأُيّدا بعموم
الآية (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً) الآية
. وليس فيها دلالة؛ بناءً على عدم صدق الزوجة عليها أولاً، وإنّما هي مستأجرة. وعدم العموم فيها؛ بناءً على عدم إفادة الجمع المنكَّر إيّاه ثانياً.
خلافاً للمفيد
والمرتضى والعماني وسلاّر، فشهران وخمسة أيّام
. بناءً على أنّها عدّة الأمة، فتثبت هنا بالإضافة إلى الصحيح المتقدّم المسوّي بينهما.
وللمرسل: عن رجل تزوّج امرأة متعة، ثم مات عنها، ما عدّتها؟ قال: «خمسة وستون يوماً»
.
وفي الجميع نظر؛ لمنع إطلاق كون ذلك عدّة الأمة، بل مختصّ بغير
ذات الولد؛ مع احتمال المنع مطلقاً، وإن كان الأشهر الثبوت كذلك.
ومنع التسوية بينهما هنا على تقدير الثبوت في الأمة مطلقاً، إمّا لظهور سياق الصحيح في التسوية في
عدّة الطلاق خاصّة، بل صريح فيه؛ للتصريح فيه بالتسوية بينهما وبين الدائمة في
عدّة الوفاة، وأنّه أربعة أشهر وعشراً مطلقاً.
أو لزوم التخصيص بالصحيحين، وإطلاق الأخبار الكثيرة بـ: أنّ الأمة على النصف من الحرّة
، الشامل للمقام.
والخبر لضعفه، وإرساله، وعدم مكافأته لما مرّ غير صالح للاستناد إليه، ولذا حمله
الشيخ وجماعة
على الأمة المتمتّع بها، بناءً على أنّ ذلك عدّتها، إمّا مطلقاً، كما عن المشهور بين متقدّمي الأصحاب
. أو مقيّداً بغير ذات الولد، كما عن الشيخ
وكثير من الأصحاب، حتى ادّعى بعضهم بل جمع عليه
الشهرة المتأخّرة
، بل والمتقدّمة.
ولا بأس به؛ جمعاً بين المستفيضة المثبتة لذلك فيها مطلقاً، كالصحيح: «الأمة إذا توفّي عنها زوجها فعدّتها شهران وخمسة أيّام»
.
والمثبتة لعدّة الدائمة فيها كذلك كالصحيح: «إنّ الأمة والحرّة كلتيهما إذا مات عنها زوجها سواء في العدّة، إلاّ أنّ الحرّة تحدّ، والأمة لا تحدّ»
.
لشهادة الصحيحين بذلك:
في أحدهما: عن الأمة إذا طلّقت، ما عدّتها؟ قال: «حيضتان أو شهران» (قلت:) فإن توفّي عنها زوجها؟ فقال: «إنّ
عليّاً (علیهالسّلام) قال في أُمّهات الأولاد: لا يتزوّجن حتى يعتددن أربعة أشهر وعشراً، وهنّ إماء»
.
وفي الثاني: عن رجل كانت له أُمّ ولد، فزوّجها من رجل، فأولدها غلاماً، ثم إنّ الرجل مات فرجعت إلى سيّدها، إله أن يطأها؟ قال: «تعتدّ من الزوج أربعة أشهر وعشراً»
الحديث.
ولكن ليس فيهما
التقييد بذلك حتى يقيّد بهما إطلاق الأخيرة، ولذا رجّح القول بمضمونها جماعة
؛ حملاً للأوّلة على
التقيّة وإن اشتهرت بين متقدّمي الطائفة.
وهو وإن كان محلّ مناقشة، إلاّ أنّ
أصالة بقاء الحرمة والتأيّد بظاهر إطلاق الآية
والاحتياط في الفروج يقتضي المصير إلى ما ذكروه البتّة، سيّما في أُمّهات الأولاد، بل للقطع بذلك فيهنّ مجال بالضرورة؛ لاشتهار الحكم فيهنّ بين متأخّري الأصحاب قطعاً.
مع إشعار الصحيح الأول من الصحيحين بل ظهوره في اختصاصه بهنّ، من حيث وقوع السؤال عن مطلق
الأمة المتوفّى عنها زوجها، وتخصيص الجواب بالحكم المذكور بهنّ، ولو عمّ الحكم لَما كان له مع لزوم مراعاة مطابقة السؤال للجواب وجه، سوى ما ذكرنا البتّة، فتدبّر.
فدلالته على التفصيل واضحة، وسلسلة
السند صحيحة، معتضدة بالشهرة المتأخّرة صريحاً والمتقدّمة في الجملة، كاعتضادها بالأُصول المسلّمة، وظاهر الآية كذلك. فالقول بالتفصيل غير بعيد جدّاً.
ويأتي تمام التحقيق في بحث العِدد إن شاء الله تعالى.
وإذا كانت حاملاً فأبعد الأجلين من انقضاء الأجل من الأربعة أشهر وعشراً أو النصف منه على الاختلاف، ومنها إلى وضع الحمل؛ بالإجماع في الظاهر، وعموم الآية (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)
المؤيَّد بأصالة بقاء الحرمة وعمل الطائفة، فيُخَصّ بها أو يقيَّد إطلاق الآية الأُولى
في صورة؛ ويُعكَس في أُخرى.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۱، ص۳۴۹-۳۵۶.