أجل المتعة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ذكر الأجل شرط في صحّة
العقد ولا تقدير له شرعاً، بل يتقدّر بتراضيهما عليه كائناً ما كان كاليوم والسنة والشهر والشهرين، ولا بُدَّ من تعيينه بأن يكون محروساً من الزيادة والنقصان؛ ولا يصحّ ذكر المرّة والمرّات مجرّدة عن زمان مقدّر ولا تخرج عن الزوجيّة إلاّ بانقضاء الأجل، فيجوز له الاستمتاع منها بعد
استيفاء العدد المشترط بغير
الوطء إن زاد الأجل على العدد.
الأجل، وهو أي ذكره شرط في صحّة العقد بالإجماع والنصوص، وقد مرّت في
مهر المتعة. و لا تقدير له شرعاً، بل يتقدّر بتراضيهما عليه كائناً ما كان كاليوم والسنة والشهر والشهرين.
وإطلاق
النصّ وكلام الأصحاب وبه صرّح جماعة
يقتضي عدم الفرق في الزمان الطويل بين صورتي العلم بإمكان البقاء إلى الغاية وعدمه، وعُلِّل بعدم المانع؛ لأنّ
الموت قبله غير قادح
. ولم ينقَل فيه خلاف، وظاهرهم
الإجماع عليه، ولولاه لأُشكِل واحتاج إلى تأمّل.
وفي الزمان القصير بين صورتي إمكان
الجماع فيه وعدمه؛ لعدم انحصار الغاية فيه.
خلافاً للمحكيّ عن
ابن حمزة، فقدّرة هنا بما بين طلوع الشمس ونصف النهار
؛ ولا دليل عليه، ولعلّه أراد المَثَل.
ولا بُدَّ من تعيينه بأن يكون محروساً من الزيادة والنقصان كغيره؛ دفعاً للغرر والضرر، والتفاتاً إلى الصحيح: الرجل يتزوّج متعةً سنةً وأقلّ وأكثر، قال: «إذا كان شيء معلوم إلى أجل معلوم»
.
وفي اعتبار اتصال المدّة المضروبة بالعقد، أو جواز الانفصال، قولان.
قيل: أحوطهما الأول؛ لأنّ الوظائف الشرعيّة إنّما تثبت بالتوقيف، ولم ينقل تجويزه كذلك، وإنّما المنقول في النصوص بحكم
التبادر صورة الاتّصال، فيجب القول بنفي ما عداه إلى ثبوت دليل الجواز
؛ تمسّكاً
بأصالة الحرمة.
وقيل بالثاني
؛ لوجود المقتضي، وهو
العقد المشتمل على الأجل المضبوط، فيلزم الوفاء به؛ لعموم
الأمر به
، وهو كافٍ في ثبوت التوقيف، كيف لا؟! واشتراط التوقيف بعنوان الخصوص غير لازم، ولذا يتمسّك به فيما لم يرد بشرعيّته دليل بالخصوص.
وهذا أجود، وفاقاً للمحكيّ عن
الحلّي والماتن في
النكت وصرّح به في
الشرائع والمسالك والقواعد ، وعن إطلاق الأكثر
.
وهو ظاهر
الخبر: الرجل يلقى
المرأة فيقول لها: زوّجيني نفسك شهراً، ولا يسمّي الشهر بعينه، ثم يمضي فيلقاها بعد سنين، فقال: «له شهره إن كان سمّاه، وإن لم يكن سمّاه فلا سبيل له عليها»
فإنّ الظاهر كون الشهر المسمّى بعد سنين.
وقصور
السند معتضد بما مرّ من القاعدة،
وفتوى الجماعة،
والشهرة المحكيّة في كلام جماعة
.
والاحتياط مشترك بين القولين، فلا يترك مراعاته على حال.
وعلى المختار، ففي جواز العقد عليها في المدّة المتخلّلة بين العقد ومبدأ المدّة المشروطة، أم العدم، قولان:
أجودهما: الأول، إذا وفت المدّة المتخلّلة بالأجل المعقود عليه ثانياً، والعدّة بالنسبة إليه؛ للأصل، ومنع صدق ذات البعل عليها في هذه المدّة.. وعلى تقديره، فاندراجها في
إطلاق النصوص المانعة عن العقد على ذات البعل غير معلوم؛ بناءً على اختصاصه بحكم
التبادر بغير محلّ الفرض، وهو ذات البعل بالفعل، وهو كافٍ في عدم الخروج عن الأصل، والاحتياط سبيله واضح.
ثم كلّ ذا مع تعيين المبدأ، ومع الإطلاق ينصرف إلى الاتّصال على الأصحّ الأشهر؛ لقضاء العرف به. خلافاً للحلّي
؛ للجهالة، وترتفع بما مرّ وللخبر الذي مرّ، وهو لا يدلّ إلاّ على البطلان مع عدم التسمية لكونه بعد سنين، ونحن نقول به.
ولا يصحّ ذكر المرّة والمرّات مجرّدة عن زمان مقدّر لهما، على الأشهر الأظهر؛ لفقد التعيين في الأجل المشترط بما مرّ؛ بناءً على وقوعهما في الزمن الطويل والقصير.
خلافاً للشيخ في
النهاية والتهذيب، فيصحّ وينقلب دائماً
؛ للخبر: أتزوّج المرأة
متعة مرّة مبهمة؟ فقال: «ذلك أشدّ عليك، ترثها وترثك، ولا يجوز لك أن تطلّقها إلاّ على طُهر وشاهدين»
.
وفيه مع ضعف السند وعدم المكافأة لما مرّ بوجه ما سيأتي في انقلاب العقد المجرّد عن الأجل دائماً.
وفيه
رواية بالجواز بل روايات وفيها ضعف وقصور من حيث
السند، أجودها
الموثّق: هل يجوز أن يتمتّع الرجل من المرأة ساعة وساعتين؟ فقال: «الساعة والساعتين لا يوقف على حدّهما، ولكن العَرْد والعَرْدين، واليوم واليومين، والليلة، وأشباه ذلك»
(والمراد بالعَرد : المرّة الواحدة من المواقعة
).
وسنده وإن اعتبر إلاّ أنّه
شاذّ، والعامل به غير معروف، غير مكافئ لما مرّ؛ لصحّة السند، والكثرة، والاعتضاد بما هو الأشهر، ومع ذلك فظاهره المنع عن نحو الساعة والساعتين، ولا قائل به، مع إمكان تحديدهما وتعيينهما.
وحمله على اشتراطهما بهذه العبارة أي الساعتين والساعة فيصحّ المنع؛ للجهالة، كما تصدّى له بعض الأجلّة
.
محلّ مناقشة، يظهر وجهها بالتعليل فيه بعدم الوقوف على حدّ، ولم يعلَّل بما مرّ، ولو صحّ كان التعليل به أولى. مضافاً إلى تجويزه اليوم واليومين، وهي بعين العبارة المتقدّمة.
فظهر أنّ الوجه في المنع ما عُلِّل فيه، دون ما مرّ من الجهالة.
وبالجملة: فالإعراض عنه لازم.
ويمكن حمله على صورة ذكرهما مع تقدير الزمان الظرف لهما، والأجل للعقد، زاد عليهما أم لا، ولا كلام فيه؛ لعموم: «المؤمنون عند شروطهم»
فلا يجوز له الزيادة عن العدد المشروط بغير إذنها، ولا يتعيّن عليه فعله؛ إذ
الوطء غير واجب.
ولا تخرج عن الزوجيّة إلاّ بانقضاء الأجل، فيجوز له الاستمتاع منها بعد
استيفاء العدد المشترط بغير الوطء إن زاد الأجل على العدد.
وفي جواز الوطء بها حينئذٍ مع الإذن قولان، أجودهما: الأول، وفاقاً للأشهر؛ للأصل، وفقد الدليل المحرِّم هنا، وصريح الموثّق أو
الحسن: رجل تزوّج بجارية عاتق على أن لا يقتضّها، ثم أذنت له بعد ذلك، قال: «إذا أذنت له فلا بأس»
؛ فتدبّر.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۱، ص۳۲۹-۳۳۳.