عدة اليائسة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لا عدة على اليائسة على الاشهر؛ وفي
حد اليأس روايتان، أشهرهما: خمسون سنة؛ ولو رأت المطلقة
الحيض مرة ثم بلغت اليأس أكملت
العدة بشهرين؛ ولو كانت لا تحيض إلا في خمسة أشهر أو ستة اعتدت بالاشهر.
ولا عدّة على اليائسة التي لم تحض ومثلها لا تحيض، مع عدم الدخول، إجماعاً، وكذا معه أيضاً على الأظهر الأشهر بين
الطائفة، بل ربما كان مجمعاً عليه بين متأخّريهم، كما تنادي به عبارة التهذيبين
؛ للأصل، والمعتبرة المستفيضة التي كادت تكون متواترة، منها
الصحيح: عن التي قد يئست من المحيض والتي لا تحيض مثلها، قال: «ليس عليها عدّة»
.
وهي مع استفاضتها، واعتبار
سند أكثرها، وانجبار باقيها بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً، بل
إجماع في الحقيقة معتضدة
بأصالة البراءة، والمخالفة
للتقية، وفقد الحكمة الموجبة للعدّة.
خلافاً للسيدين
؛ لظاهر
الآية.
وهي غير واضحة الدلالة، بل ربما كانت بالخلاف واضحة المقالة، سيّما بملاحظة بعض المعتبرة
، وعبارة
الكافي والطوسي المصرِّحة برجوع
الريبة إلى حال النسوة، أمّا بالنظر إلى الحيض وعدمه، كما يستفاد من (الثاني) أو اليأس وعدمه، كما يستفاد من (الأول) فانهدم مبنى الاستدلال بها من رجوع الريبة إلى حكم عدّة اليائسة، مع ما فيه من مناقشة أُخرى واضحة.
وأضعف منه الاستدلال بالرواية: «عدّة التي لم تبلغ
الحيض ثلاثة أشهر، والتي قد قعدت من الحيض ثلاثة»
إذ مع ضعفها، وقطعها غير صريحة الدلالة، فتحتمل كبعض المعتبرة الآخر
الحمل على
المسترابة، ومع ذلك فهي موافقة لما عليه العامة العمياء، كما حكاه جماعة
، فلا اعتداد بمثلها ولو صريحة.
وفي
حدّ اليأس عن المحيض روايتان بل روايات، باختلافها اختلف
الأصحاب، إلاّ أنّ أشهرهما أنّه خمسون سنة.
ففي الصحيح أو ما يقرب منه: «حدّ التي قد يئست من المحيض خمسون سنة»
. ونحوه خبران
، في سندهما سهل، مع ما في الثاني منهما من
الإرسال، إلاّ أنّ الأوّل
سهل، أو
ثقة، كما عليه من المحققين جماعة
، والثاني غير قادح بعد كون
الراوي ممّن أجمعت على تصحيح رواياته العصابة، مع انجبار الجميع، أو اعتضاده بالشهرة المحكية في العبارة وكلام جماعة
.
خلافاً لأحد قولي
الماتن في
الشرائع، فستّون؛ للموثق
. وفيه قصور عن المقاومة لما مرّ، سيّما مع ندرة القول به على إطلاقه.
ولآخرين
، بل ادّعى عليه الشهرة المتأخّرة جماعة
، فالتفصيل بين القرشية فالثاني وألحق بها النبطية جماعة
؛ للرواية
وهي مرسلة وغيرها، أو غيرهما فالأوّل؛ جمعاً، وللمرسل كالصحيح: «إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة، إلاّ أن تكون امرأة من
قريش»
.
وردّ بقصور
السند أوّلاً. وليس كذلك.
وعدم الصراحة ثانياً. وفيه منع لو أُريد من حيث عدم التصريح بالستّين؛ لعدم القائل بالفرق. وتسليم إن أُريد من حيث عدم الحكم صريحاً بالحيضة، إلاّ أنّ الظهور قائم، وهو كافٍ، فالقول به لا يخلو من قوّة.
مع اعتضاده بالعمومات الدالّة على تحيّض المرأة بمجرّد رؤية
الدم، خرج منها ما زاد عن الخمسين فيما عدا القرشية أو النبطية أيضاً، وبالمعتبرة المتقدّمة، وبقيت هي أو هما في العمومات مندرجة.
ولا يردّ ذلك بعموم المعتبرة المتقدّمة بالخمسين الشاملة للقرشية أيضاً، فإن خصّصت العمومات بها فيمن عداها خصّصت بها فيها أيضاً. لمنع العموم، وإنّما غايته
الإطلاق المنصرف إلى الأفراد المتكثّرة الشائعة، دون النادرة، ولا ريب أنّ القرشيّة من الثانية، سيّما في أزمنة صدور المعتبرة.
وبالجملة: هذا القول قويّ غاية القوّة.
وغير بعيدٍ إلحاق النبطية؛ لعين ما عرفت في القرشية من العمومات، مع عدم انصراف إطلاقات المعتبرة إلى مثلها؛ لكونها من الأفراد النادرة.
نعم ربما ينافيه الحصر في
الرواية الأخيرة. ويمكن الذبّ عنه بالورود مورد الغلبة.
ولو رأت المطلّقة الحيض مرّة ثم بلغت
سنّ اليأس أكملت العدّة بشهرين بلا خلاف أجده، بل حكي صريحاً
؛ لصريح الخبر: في امرأة طلّقت وقد بلغت في السنّ، فحاضت حيضة واحدة، ثم ارتفع حيضها، قال: «تعتدّ بالحيضة وشهرين مستقبلين، فإنّها قد يئست من
الحيض»
.
ولا يضرّ قصور السند؛ للانجبار
بالفتوى، مع تصريح جماعة بحسنه
، بل وصحّته
.
ولو رأت حيضتين ثم بلغت اليأس ففي وجوب اعتدادها بشهر، أم لا، وجهان، أحوطهما: الأوّل، وأقواهما الثاني؛
للأصل، وعموم ما دلّ على نفي
العدّة عن اليائسة، خرج عنه مورد الرواية المنجبرة بالشهرة، ويبقى المفروضة فيه مندرجة.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۲، ص۲۹۶-۳۰۰.