عدد القسامة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
عدد
القسامة في العمد: خمسون يمينا، وفي الخطأ: خمسة وعشرون على الأظهر.
عدد القسامة في العمد خمسون يميناً إجماعاً على الظاهر، المصرّح به في جملة من العبائر،
كالتنقيح وشرح الشرائع للصيمري والروضة ونكت الإرشاد والمسالك
، ولكن في الأخيرين نفي الخلاف عنه.
وكأنّهم لم يعتدّوا بخلاف
ابن حمزة حيث قال: إنّها خمسة وعشرون في العمد إذا كان هناك
شاهد واحد
.
ووجهه مع ندرته غير واضح، عدا ما قيل له من أنّه مبني على أنّ الخمسين بمنزلة شاهدين
.
وهو اعتبار ضعيف لا تساعده الأدلّة، بل إطلاقها من
الفتوى والرواية على خلافه واضحة المقالة، مع مخالفته
الأصل والاحتياط بلا شبهة.
وفي الخطأ وشبهه خمسة وعشرون على الأظهر وفاقاً
للشيخ في كتبه الثلاثة،
والقاضي والصهرشتي والطبرسي وابن حمزة والفاضلين هنا وفي
الشرائع والمختلف، ويميل إليه الشهيدان في النكت
والمسالك والفاضل المقداد في التنقيح
وغيرهم من المتأخرين
، وجعله المشهور في
القواعد، وادّعى عليه الشيخ إجماع الطائفة
، ونسبه في الغنية
إلى رواية الأصحاب مشعراً بالإجماع عليها، وهو الحجة.
مضافاً إلى المعتبرة، ففي
الصحيح: «القسامة خمسون رجلاً في العمد، وفي الخطإ خمسة وعشرون رجلاً، وعليهم أن يحلفوا بالله تعالى»
.
وفي آخر وغيره: «والقسامة جعل في النفس على العمد خمسين رجلاً، وجعل في النفس على الخطأ خمسة وعشرين رجلاً»
.
وهي مع صحة سند أكثرها، واعتضادها بالإجماع المنقول لا معارض لها، كما ستعرف إن شاء الله تعالى.
ومؤيّدة بما استدل به في
المختلف، فقال: لنا أنّه أدون من قتل العمد، فناسب تخفيف القسامة؛ ولأنّ التهجّم على الدم بالقود أضعف من التهجّم على أخذ الدية فكان التشدّد في إثبات الأوّل أولى
.
خلافاً
للمفيد والديلمي والحلّي وغيرهم
، فساووا بينه وبين العمد في الخمسين، واختاره
الفاضل في صريح
الإرشاد والقواعد وظاهر التحرير، وولده في الإيضاح والشهيدان في اللمعتين
.
ومستندهم غير واضح، عدا الأصل، والاحتياط، وإطلاقات الأخبار بالخمسين، والأوّل: مخصَّص بما مرّ، والثاني: معارض بالمثل، فإنّ زيادة الأيمان على الحالف تكليف ينافي إلزام المكلّف به طريقة
الاحتياط، والأخبار لا
إطلاق لها؛ فإنّها ما بين نوعين:
نوع ورد في قضيّة
عبد الله بن سهل، وسياقها أجمع ظاهر، بل صريح في قتله عمداً، فإنّ من جملتها الصحيح: «إنّ
رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) بينما هو
بخيبر إذ فقدت الأنصار رجلاً منهم فوجدوه قتيلاً، فقالت
الأنصار: إنّ فلاناً
اليهودي قتل صاحبنا، فقال رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) للطالبين: أقيموا رجلين عدلين من غيركم أقيده برمّته، فإن لم تجدوا شاهدين فأقيموا قسامة خمسين رجلاً أقيده برمّته، فقالوا: يا رسول الله ما عندنا شاهدان من غيرنا وإنّا لنكره أن نقسم على ما لم نره، فودّاه رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم)، وقال: إنّما حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوّه حجزه ذلك مخافة
القسامة فكّف عن قتله، وإلاّ حلف المدّعى عليه قسامة خمسين رجلاً ما قتلنا ولا علمنا قاتلاً، وإلاّ أُغرموا الدية إذا وجدوا قتيلاً بين أظهرهم إذا لم يقسم المدّعون»
ونحوه غیره.
.
وهو كما ترى ظاهر فيما ذكرناه، مع أنّها على تقدير تسليم إطلاقها قضيّة في واقعة لا عموم لها ينفع المتنازع قطعاً.
ونوع ورد معلّلاً لشرعيّة القسامة بما مرّ في الصحيحة من العلّة، وهي صريحة في اختصاصها بالعمد دون الخطاء وما يشبهه.
وبالجملة: لا ريب في ضعف هذه الأدلّة، وعدم صلوحها للحجيّة فضلاً أن يعترض بها نحو الأدلّة السابقة، مع ما هي عليه من الكثرة والخلوص عن شائبة الوهن والريبة.
فهذا القول ضعيف في الغاية، وإن ادّعى عليه
إجماع المسلمين في
السرائر، والشهرة في الروضة
؛ لظهور وهن الأوّل بمخالفة عظماء الطائفة مع أنّه لم ينقل موافقاً له عدا المفيد خاصّة، وعلى تقدير سلامته عن الوهن فهو معارض بإجماع الشيخ
.
وبنحو هذا يجاب عن دعوى
الشهرة، فإنّها على تقدير تسليمها معارضة بنقل الشهرة على الخلاف في القواعد، كما عرفته
.
وبالجملة: المذهب هو القول الأوّل، وإن كان الثاني
أحوط، لكن لا مطلقا كما زعموه، بل إذا بذل الحالف الزيادة برضاء ورغبة، وإلاّ فإلزامه بها خلاف الاحتياط أيضاً، كما عرفته.
وكيفيّتها أن يحلف المدّعى وأقاربه أوّلاً، فإن بلغوا العدد المعتبر وحلف كل واحد منهم يميناً، وإلاّ كرّرت عليهم بالسوية أو التفريق، والتخيير إليهم كما لو زاد عددهم عن العدد المعتبر.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۲۸۴-۲۸۸.