القسامة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وأمّا القَسامة: فلا تثبت إلا مع اللوث، وهو
أمارة يغلب معها
الظن بصدق المدعي كما لو وجد في دار قوم، أو محلتهم، أو قريتهم، أو بين قريتهم، أو بين قريتين وهو إلى احداهما أقرب، فهو لوث، ولو تساوت مسافتهما كانتا سواء في اللوث؛ أما من جهل قاتله، كقتيل الزحام، والفزعات، ومن وجد في فلاة، أو في معسكر، أو سوق، أو جمعة فديته في
بيت المال؛ ومع اللوث يكون للاولياء اثبات
الدعوى بالقسامة. وهي في العمد: خمسون يمينا، وفي الخطأ: خمسة وعشرون على الاظهر؛ ولو لم يكن للمدعي قسامة كررت عليه
الأيمان؛ ولو لم يحلف وكان للمنكر من قومه قسامة حلف كل منهم حتى يكملوا؛ وان لم يكن له قسامة كررت عليه الأيمان حتى يأتي بالعدد؛ ولو نكل ألزم الدعوى عمدا أو خطأ. ويثبت الحكم في الأعضاء بالقسامة مع التهمة، فما كانت ديته
دية النفس كالأنف واللسان، فالأشهر: أن القسامة ستة رجال يقسم كل منهم يمينا ومع عدمهم يحلف الولي ستة أيمان؛ ولو لم يكن قسامة أو امتنع أحلف المنكر مع قومه ستة؛ ولو لم يكن له قوم أحلف هو الستة؛ وما كانت ديته دون دية النفس فبحسابه من ستة.
وأمّا القَسامة فهي لغة من القَسَم بالتحريك، وهو
اليمين، وشرعاً الأيمان التي تقسم على الأولياء في الدم، وقد يسمّى الحالفون قسامة على طريق المجاز لا الحقيقة، وصورتها: أن يوجد قتيل في موضع لا يعرف من قتله، ولا يقوم عليه بيّنة ولا إقرار، ويدّعي الوليّ على واحد أو جماعة فيحلف على ما يدّعيه، ويثبت به دم صاحبه.
•
اللوث في القسامة، وهو
أمارة يغلب معها
الظن بصدق المدعي كما لو وجد في دار قوم، أو محلتهم، أو قريتهم، أو بين قريتهم، أو بين قريتين وهو إلى احداهما أقرب، فهو لوث
، ولو تساوت مسافتهما كانتا سواء في اللوث؛ أما من جهل قاتله، كقتيل الزحام، والفزعات، ومن وجد في فلاة، أو في معسكر، أو سوق، أو جمعة فديته في
بيت المال؛ ومع اللوث يكون للاولياء إثبات
الدعوى بالقسامة
.
•
عدد القسامة، في العمد: خمسون يمينا
، وفي الخطأ: خمسة وعشرون على الأظهر
.
ولو لم يكن للمدّعي قسامة أو امتنعوا كلًّا، أو بعضاً؛ لعدم العلم، أو اقتراحاً حلف المدّعى ومن يوافقه إن كان، وإلاّ كرّرت عليه الأيمان حتى يأتي بالعدد كملاً.
ولو لم يحلف وكان للمنكر من قومه قَسامة، حلف كل منهم حتى يكملوا العدد ولو لم يكن له قسامة يحلفون كرّرت عليه الأيمان حتى يأتي بتمام العدد وهذا التفصيل كما هو وإن لم يستفد من أخبار القسامة، إلاّ أنّه لا خلاف فيه أجده، بل عليه الإجماع في الغنية
.
وربما يتوهم من بعض النصوص حلف المنكر أوّلاً، وإلاّ فأولياء الدم، كالصحيح في قضية عبد الله بن سهل المتضمّن لقوله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) لأولياء الدم: «يحلف اليهود، قالوا: كيف يحلف اليهود على أخينا قوم كفّار؟ قال: فاحلفوا أنتم، قالوا: كيف نحلف» الحديث
.
لكنّه محمول على عدم القصد إلى بيان الترتيب، وإلاّ فالمعتبرة الواردة في تلك القضية مستفيضة بعكس الترتيب المذكور في هذه الصحيحة، فمنها الصحيح: «فقال (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) لهم: فليقسم خمسون رجلاً منكم على رجل ندفعه إليكم، قالوا: كيف نقسم على ما لم نر؟ قال: فيقسم اليهود، قالوا: كيف نرضى باليهود» الحديث
.
ونحوه آخر، وفي آخره: «وإلاّ حلف المدّعى عليه قسامة خمسين رجلاً ما قتلنا ولا علمنا له قاتلاً، وإلاّ أُغرموا الدية إذا وجدوا قتيلاً بين أظهرهم إذا لم يقسم المدّعون»
.
ونحوهما الخبر، وهو طويل، وفي آخره: «فإذا ادّعى الرجل على القوم أنّهم قتلوا كانت اليمين لمدّعي الدم قبل المدّعى عليهم، فعلى المدّعى أن يجيء بخمسين يحلفون أنّ فلاناً قتل فلاناً، فيدفع إليهم الذي حلف عليه، وإن لم يقسموا فإنّ على الذين ادّعي عليهم أن يحلف منهم خمسون ما قتلنا» الخبر
. وهو صريح في اعتبار الترتيب.
ونحوه آخر: عن القسامة على من، أعلى أهل القاتل أو على أهل المقتول؟ قال: «على أهل المقتول» الحديث
.
ويستفاد من سابقه أنّه لو كان المدّعى عليه أكثر من واحد يكتفى بحلف الجميع العدد من دون اشتراط حلف كل واحد منهم العدد، كما عليه الشيخ في الخلاف
، مدّعياً عليه الوفاق.
خلافاً له في المبسوط ولغيره
، قالوا: لأنّ الدعوى واقعة على كل واحد منهم بالدم، ومن حكمها حلف المنكر العدد.
وهو الوجه؛ لضعف الخبر، مع عدم جابر له في محل البحث.
مع عدم صراحته؛ لاحتماله الحمل على كون الدعوى على القوم على واحد منهم؛ لصحة الإضافة لأدنى ملابسة، وربما يشير إلى كونه المراد من الرواية قوله (علیهالسّلام) في آخرها: «يحلفون أنّ فلاناً قتل فلاناً، فيدفع إليهم» وهو ظاهر في أنّ المدّعى عليه واحد، وإنّما أضاف الدعوى إلى القوم لكونه منهم.
والإجماع موهون، سيّما مع مخالفة الناقل بنفسه.
لكن ظاهر جملة من الأخبار الواردة في قضية سهل هو الأوّل؛ لظهورها في دعوى الأنصار على اليهود أنّهم قتلوا صاحبهم، ومع ذلك فقد اكتفى (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) منهم بأن يحلفوا خمسين، ففي الصحيح: «خرج رجلان من الأنصار يصيبان من الثمار فتفرّقا فوجد أحدهما ميتاً، فقال أصحابه لرسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): إنّما قتل صاحبنا اليهود» الحديث
ونحوه غیره.
.
ولكن في الصحيح: «فقدت الأنصار رجلاً منهم فوجدوه قتيلاً، فقالت الأنصار: إنّ فلاناً اليهودي قتل صاحبنا» الحديث
. وهو صريح في المخالفة لتلك، والقضية واحدة، والجمع بينهما يقتضي إرجاع تلك إلى هذه؛ لصراحته دونها؛ لاحتمالها الحمل على نحو ما مرّ ممّا يرجع إليه، دونه.
وكيف كان لو حلف المدّعى عليه هو أو مع قومه بطلت الدعوى، وأُخذت الدية من بيت المال؛ لدخوله فيمن جهل قاتله؛ ولئلاّ يطلّ دم امرئ مسلم.
ولخصوص الصحيح: «إذا لم يقم القوم المدّعون البيّنة على قتل قتيلهم ولم يقسموا بأنّ المتّهمين قتلوه، حلّف المتّهمين بالقتل خمسين يميناً بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلاً، ثم يؤدّي الدية إلى أولياء القتيل»
.
ولو نكل عن الأيمان كلاًّ أو بعضاً الزم الدعوى، عمداً كان القتل المدّعى عليه أو خطأ ولا تردّ اليمين على المدّعى على الأشهر الأقوى، بل عليه عامّة متأخّري أصحابنا؛ لظاهر الصحيح الثاني المتقدم من النصوص المتضمنة لحلف المدّعى أوّلاً ثم المدّعى عليه
.
ونحوه بعض المعتبرة، المنجبر قصور سنده بالجهالة بالشهرة، ووجود ابن محبوب قبلها، وقد حكي على تصحيح ما يصح عنه إجماع العصابة، وفيه: «إذا وجد مقتول في قبيلة قوم حلفوا جميعاً ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلاً، فإن أبوا أن يحلفوا أُغرموا الدية فيما بينهم في أموالهم سواء بين جميع القبيلة من الرجال المدركين
خلافاً للمبسوط
، فقال: تردّ اليمين على المدّعى، كما في سائر الدعاوي، وظاهر عبارته الإجماع عليه. وهو شاذّ، وإجماعه موهون.
وعليه فهل تردّ القَسامة، أم يكتفى بيمين واحدة؟ وجهان، والمحكي عن ظاهر عبارة المبسوط
هو الأوّل.
وقيل: إن قلنا: إنّ الخمسين يمين واحدة فله الردّ، وإلاّ فلا
.
•
القسامة في الأعضاء، ويثبت الحكم في الأعضاء بالقسامة
مع
التهمة، فما كانت ديته
دية النفس كالأنف واللسان، فالأشهر: أن القسامة ستة رجال يقسم كل منهم يمينا ومع عدمهم يحلف الولي ستة
أيمان؛ ولو لم يكن قسامة أو امتنع أحلف المنكر مع قومه ستة؛ ولو لم يكن له قوم أحلف هو الستة؛ وما كانت ديته دون دية النفس فبحسابه من ستة.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۲۷۸-۲۹۵.