القسامة في الأعضاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ويثبت الحكم في الأعضاء بالقسامة مع
التهمة، فما كانت ديته
دية النفس كالأنف واللسان، فالأشهر: أن
القسامة ستة رجال يقسم كل منهم يمينا ومع عدمهم يحلف الولي ستة
أيمان؛ ولو لم يكن قسامة أو امتنع أحلف المنكر مع قومه ستة؛ ولو لم يكن له قوم أحلف هو الستة؛ وما كانت ديته دون دية النفس فبحسابه من ستة.
ويثبت الحكم في الأعضاء بالقسامة كثبوته بها في النفس، بلا خلاف أجده، بل عليه إجماعنا في
المبسوط على ما حكاه عنه في
التنقيح وهو ایضاً ظاهر غیره
، وهو
الحجة؛ مضافاً إلى النصوص الآتية. خلافاً لأكثر
العامّة.
وهل يعتبر اقتران الدعوى هنا مع
التهمة كما في النفس، أم لا؟ ظاهر العبارة ونحوها الأوّل، وهو صريح جماعة، ومنهم
الحلّي قیل: مدّعیاً فی ظاهر کلامه
الإجماع علیه
، وهو الحجة؛ مضافاً إلى بعض ما قدّمنا في اعتباره في أصل القسامة.
خلافاً للمحكي عن المبسوط
، فاختار الثاني، وحجته غير واضحة، سيّما في مقابلة تلك الأدلّة.
فما كانت ديته
دية النفس كالأنف واللسان ونحوهما فالأشهر كما هنا وفي غيره أنّ
عدد القسامة ستّة رجال وهو خيرة الشيخ وأتباعه
وتبعه
ابن حمزة،
، وفي
الغنية الإجماع عليه، وهو الحجة.
مضافاً إلى المعتبرة المروية في الكتب الثلاثة، وفيها الصحيح وغيره، فيما أفتى به
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) في
الديات، ومن جملته في القسامة: «جعل على العمد خمسين رجلاً، وجعل في النفس على الخطأ خمسة وعشرين رجلاً، وعلى ما بلغت ديته من الجوارح ألف دينار ستّة نفر، فما كان دون ذلك فبحسابه من ستّة نفر»
الحديث.
خلافاً
للديلمي والحلّي
، فساويا بين النفس والأعضاء في اعتبار الخمسين، أو خمسة وعشرين إن قلنا بها في الخطاء، وإلاّ فالخمسين مطلقا، وحكاه الثاني عن
المفيد أيضاً، واختاره أكثر المتأخّرين جدّاً، لكن لم يذكروا الخمسة وعشرين في الخطأ، بل ذكروا الخمسين مطلقا، وفي
المسالك وغيره
أنّه مذهب الأكثر بقول مطلق، وفي غيرهما
أنّه المشهور.
وحجتهم غير واضحة، عدا مخالفة القَسامة للأصل، كما تقدّم إليه الإشارة، فيقتصر فيما خالفه على المتيقن من
الفتوى والرواية، وليس سوى الخمسين لا الستّة.
وهو حسن لولا ما مرّ من المعتبرة المتضمّنة للصحيح على المختار، والحسن القريب منه على المشهور، وكلاهما حجة على الأشهر الأظهر، سيّما مع التأيّد بغيره ولو ضعف، مع احتمال جبر ضعفه بالشهرة القديمة المحكيّة وحكاية الإجماع المتقدمة.
مع أنّها بنفسها حجة مستقلة، لأنّ الشهرة المخالفة إنّما هي من المتأخرين خاصّة، فلا تؤثّر في وهنها؛ لأنّها سابقة، وخروج نحو الديلمي والحلّي والمفيد على تقدير خروجه لا يؤثّر الوهن فيها بلا شبهة.
مع أنّ عمدة المتأخّرين وهو
الفاضل قد احتاط بهذا القول في
التحرير، مشعراً باختياره الأوّل أو التردّد فيه وفي الثاني، وفيه
المختلف رجع عنه وصرّح باختياره الأوّل، وإن نسبه في
الإيضاح وغيره في غيره
إلى الثاني، لكنه وهم، وإلى المختار ذهب الخال
العلاّمة المجلسي والمقدّس الأردبيلي عليهما الرحمة.
وعليه يقسم كل منهم أي من الستة رجال يمينا.
ومع عدمهم أو امتناعهم مطلقا يحلف الوليّ للدم ومن يوافقه إن كان ستّة
أيمان.
ولو لم يكن له قسامة، أو امتنع الوليّ من
الحلف وغيره أُحلف المنكر إن شاء مع قومه ستّة أيمان.
ولو لم يكن له قوم أو امتنعوا كلاًّ أو بعضاً يحصل به العدد حلف هو أي المنكر الستّة أيمان.
وفيما كانت ديته دون دية النفس فيحلف بحساب الستّة ففي اليد الواحدة ثلاثة أيمان، وفي الإصبع الواحدة يمين واحدة، وكذا الجرح إن كان فيه ثلث
الدية كانت فيه يمينان، وهكذا.
وكذلك على القول الثاني، لكن يبدّل فيه الستّة بالخمسين، والثلاثة بالخمس وعشرين، والواحدة بالخمس، وهكذا.
ولا دليل لاعتبار نسبة الأقلّ إلى الأكثر على هذا القول كما ذكره المقدّس الأردبيلي
مضعفاً له به عدا عدم الخلاف فيه الظاهر بلوغه حدّ الإجماع، وحاصله الإجماع على اعتبارها، وإن اختلفوا في الأكثر الذي ينسب إليه، أهو ستّة، أم خمسون؟
وهذا الإجماع لعلّه يؤيّد تلك المعتبرة؛ لأنّها هي المتكفّلة لاعتبار النسبة، واستنادهم في اعتبارها إلى دليل غيرها مع عدم ظهوره بعيد في الغاية.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۲۹۲-۲۹۵.