كتب علم الأئمة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
تلك الكتب التي كانت عند
علي عليه السلام والأئمة توارثوها كابرا عن كابر، وكانوا يرجعون إليها جيلا بعد جيل، يستخرجون منها العلوم والأحكام.
۱ ـ عن
معلّى بن خنيس عن أبي عبداللّه {الإمام الصادق عليهالسلام} قال: إ نّ الكتب كانت عند علي عليهالسلام، فلمّا سار إلى العراق استودع الكتب
اُمّ سلمة، فلمّا مضى علي كانت عند الحسن، فلمّا مضى الحسن كانت عند الحسين، فلمّا مضى الحسين كانت عند علي بن الحسين، ثم كانت عند أبي {الإمام الباقر عليهالسلام}.
۲ ـ وقد ورد في ثلاث روايات اُخرى اثنتان منها عن اُمّ سلمة قالت: إنّ رسول اللّه استودعها كتاباً فسلّمته الامام علياً بعد رسول اللّه، وثالثة بمعناهما عن ابن عباس أيضاً.
۳ ـ عن
سليم بن قيس الهلالي، قال: شهدت وصية أمير المؤمنين حين أوصى إلى ابنه
الحسن عليهالسلام وأشهد على وصيته
الحسين عليهالسلام ومحمّداً وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته، ثمّ دفع إليه الكتاب والسلاح وقال لابنه الحسن: « يا بنيّ أمرني رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن اوصي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إليّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ودفع إليّ كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرك
الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين عليهالسلام ثمّ أقبل على ابنه الحسين عليهالسلام فقال له: وأمرك رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن تدفعها إلى ابنك هذا، ثمّ أخذ بيد عليّ بن الحسين عليهالسلام ثم قال لعليّ ابن الحسين وأمرك رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن تدفعها إلى ابنك محمد بن علي، واقرأه من رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ومنّي السلام »
.
ويظهر من هذه الروايات: أنّ ما سلّمه الامام هنا الى ابنه الحسن كتاب واحد وهو غير الكتب التي اودعها عند
اُمّ المؤمنين اُم سلمة بالمدينة عند هجرته من المدينة، والتي تسلّمها الامام الحسن منها عند عودته الى المدينة.
۱ ـ عن
الفضيل قال: قال لي أبو جعفر ـ الامام الباقر ـ: « لمّا توجّه الحسين عليهالسلام إلى العراق، دفع إلى اُمّ سلمة زوج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
الوصيّة والكتب وغير ذلك، وقال لها: إذا أتاك أكبر ولدي فادفعي إليه ما دفعت إليك، فلمّا قتل الحسين عليهالسلام أتى
علي بن الحسين اُمّ سلمة فدفعت إليه كلّ شيء أعطاها الحسين عليهالسلام »
.
۲ ـ وعن
أبي بكر الحضرمي عن أبي عبداللّه عليهالسلام ـ الامام الصادق ـ قال: « انّ الحسين عليهالسلام لمّا سار إلى العراق استودع اُم سلمة ـ رضي اللّه عنها ـ الكتب والوصية، فلمّا رجع علي بن الحسين عليهالسلام دفعتها إليه »
.
وكأنّ ذلك غير الوصية التي كتبها ودفعها مع بقية مواريث الإمامة إلى ابنته فاطمة فدفعتها إلى علي بن الحسين بعد رجوعهم من كربلاء إلى المدينة، وكان يومذاك مريضاً لا يرون أنّه يبقى بعده
.
۱ ـ عن
عيسى بن عبد اللّه عن أبيه عن جدّه قال: التفت عليّ بن الحسين إلى ولده وهو في الموت وهم مجتمعون عنده، ثمّ التفت الى محمد بن عليّ ابنه، فقال: « يا محمّد ! هذا الصندوق اذهب به إلى بيتك، ثمّ قال ـ أي علي بن الحسين ـ: أما انّه لم يكن فيه دينار ولا درهم، ولكن كان مملوءاً علماً »
.
۲ ـ وعن اسماعيل بن محمّد بن عبد اللّه بن علي بن الحسين، عن
أبي جعفر عليهالسلام قال: « لمّا حضر علي بن الحسين الوفاة، قبل ذلك أخرج سفطاً أو صندوقاً عنده فقال: يا محمّد احمل هذا الصندوق، قال: فحمل بين أربعة { رجال } فلمّا توفّي جاء اخوته يدّعون في الصندوق، فقالوا: أعطنا نصيبنا في الصندوق، فقال: واللّه ما لكم فيه شيء، ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه إليّ، وكان في الصندوق سلاح رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وكتبه »
.
۳ ـ وعن
حمران عن أبي جعفر عليهالسلام قال: سألته عمّا يتحدّث الناس أنّه دفعت إلى اُمّ سلمة صحيفة مختومة فقال: « إنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا قبض ورث علي عليهالسلام علمه وسلاحه وما هناك، ثمّ صار إلى الحسن ثمّ صار إلى الحسين عليهماالسلام، فلمّا خشينا أن نغشى استودعها اُمّ سلمة ثمّ قبضها بعد ذلك علي بن الحسين عليهالسلام؟ قال: فقلت: نعم، ثمّ صار إلى أبيك، ثمّ انتهى إليك وصار بعد ذلك إليك؟ قال: نعم »
.
۱ ـ وعن زرارة عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال: « ما مضى أبو جعفر حتى صارت الكتب إليّ »
.
۲ ـ وعن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليهالسلام يقول: « ما مات أبو جعفر عليهالسلام حتى قبض مصحف فاطمة »
.
۱ ـ عن
حمّاد الصائغ قال: سمعت
المفضّل بن عمر يسأل ابا عبد اللّه ـ
الامام الصادق عليهالسلام ـ.. .: ثم طلع أبو الحسن موسى ـ
الامام الكاظم عليهالسلام ـ فقال له أبو عبد اللّه عليهالسلام: « أيسرّك أن تنظر إلى صاحب كتاب عليّ؟ »، فقال له المفضّل: وأيّ شيء يسرّني إذن أعظم من ذلك؟ ! فقال: « هو هذا صاحب كتاب علي، الكتاب المكنون الذي قال اللّه عزّوجلّ :{ لا يمسّه إلاّ المطهّرون }
»
.
۲ ـ وعن
علي بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن عليهالسلام: « يا علي هذا أفقه ولدي، وقد نحلته كتبي، وأشار بيده إلى ابنه علي عليهالسلام ». وفي رواية: سمعته يقول: « انّ ابني عليّاً سيّد ولدي وقد نحلته كتبي »
.
۱ ـ عن
نعيم القابوسي، عن أبي الحسن موسى ـ الامام الكاظم عليهالسلام ـ قال: « ابني علي أكبر ولدي، وأبرّهم عندي، وأحبّهم إليّ، وهو ينظر معي في الجفر، ولم ينظر فيه إلاّ نبي أو وصي نبيّ »
.
۲ ـ وعن
نصر بن قابوس قال: كنت عند أبي الحسن عليهالسلام في منزله فأخذ بيدي فوقفني على بيت من الدار، فدفع الباب فاذا علي ابنه عليهالسلام وفي يده كتاب ينظر فيه، فقال لي: « يا نصر تعرف هذا؟ » قلت: نعم هذا علي ابنك، قال: « يا نصر أتدري ما هذا الكتاب الذي ينظر فيه؟ » قلت: لا، قال: « هذا الجفر الذي لا ينظر فيه إلاّ نبي أو وصي »
.
قد يدّعي من لا يقبل بعصمة الأئمة عليهمالسلام من فقهاء المذاهب الاُخرى بأ نّه على الرغم من كون الأئمة عليهمالسلام في غاية الوثاقة، إلاّ أنّ ما يقولونه على قسمين: قسم يعبّر عن مجموعة روايات وأحاديث ينقلونها عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقسم يعبّر عن اجتهادهم ورأيهم الخاص فإنّهم لم يكونوا محض رواة، بل في الوقت نفسه كانوا من أكبر الفقهاء، ولاشكّ في حجية القسم الأول من أقوالهم، وأمّا القسم الثاني فحكمه يختلف عن القسم الأول حيث لا يكون حجة على مجتهد آخر.
والجـواب: إنّهم عليهمالسلام قد صرّحوا في مناسبات عديدة بتعهّدهم بأنّ كل ما يقولون ليس من عند أنفسهم، وإنما ينقلونه عن جدّهم رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم، وإليك جملة من هذه الأحاديث :
۱ ـ عن
قتيبة قال: سأل رجل أبا عبد اللّه {الامام جعفر الصادق} عليهالسلام عن مسألة فأجابه فيها، فقال الرجل. أرأيت إن كان كذا وكذا، ما يكون القول فيها؟ فقال له: « مه، ما اجبتك فيه من شيء فهو عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم، لسنا من { أرأيت } في شيء »
.
فإنّ مراد السائل: اخبرني عن رأيك الذي تختاره بالظنّ و
الاجتهاد. وقد نهاه عليهالسلام عن هذا
الظنّ وبيّن له أنهم لا يقولون شيئاً إلاّ بالجزم و
اليقين وبما وصل اليهم من
سيّد المرسلين صلىاللهعليهوآلهوسلم
.
۲ ـ وعن
عنبسة قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليهالسلام عن مسألة فأجابه فيها، فقال الرجل: إن كان كذا وكذا ما كان القول فيها؟ فقال له: « مهما أجبتك فيه لشيء
فهو عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم، لسنا نقول برأينا من شيء »
.
۳ ـ عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر {الامام محمد الباقر} عليهالسلام أنّه قال: « لو أ نّا حدّثنا برأينا ضللنا كما ضلّ من كان قبلنا، ولكنّا حدّثنا ببيّنة من ربنا بيّنها لنبيّه فبيّنها لنا »
.
۴ ـ عن الفضيل بن يسار عن جعفر عليهالسلام أنّه قال: « إنّا على بيّنة من ربنا بيّنها لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فبيّنها نبيّه لنا، فلو لا ذلك كنّا كهؤلاء الناس »
.
۵ ـ عن
سماعة عن أبي الحسن عليهالسلام قال: قلت له: كلّ شيء تقول به في كتاب اللّه وسنّة نبيّه، أو تقولون فيه برأيكم؟ قال: « بل كلّ شيء نقوله في كتاب اللّه وسنّة نبيّه »
.
۶ ـ عن
داود بن أبي يزيد الأحول عن أبي عبداللّه عليهالسلام قال: سمعته يقول: « إنّا لو كنّا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين. ولكنّها آثار من رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أصل علم نتوارثها كابراً عن كابر عن كابر، نكنزها كما يكنز الناس ذهبهم وفضتهم »
.
۷ ـ وعن
جابر ـ بثلاثة أسانيد ـ قال: قال أبو جعفر عليهالسلام: « يا جابر لو كنا نحدّث الناس أو حدّثناهم برأينا لكنّا من الهالكين، ولكنّا نحدّثهم بآثار عندنا من رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يتوارثها كابر عن كابر، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم »
.
۸ ـ عن
محمد بن شريح ـ بثلاثة أسانيد ـ قال: قال أبو عبداللّه عليهالسلام: « لو لا أن اللّه فرض طاعتنا وولايتنا وأمر مودّتنا ما أوقفناكم على أبوابنا ولا أدخلناكم بيوتنا، إنا واللّه ما نقول بأهوائنا، ولا نقول برأينا، ولا نقول إلاّ ما قال ربّنا، واُصول عندنا نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم »
.
۹ ـ ولقد صرّح الأئمة عليهمالسلام بسلسلة السند لكل ما ينقلونه من أحاديث وأنّ هذا النقل ليس حدسياً بل حسّي، وأبانوا طرق رواياتهم، حتى تواتر عنهم القول: « حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدّي، وحديث جدّي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين عليهالسلام، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم، وحديث رسول اللّه قول اللّه عزّوجلّ »
.
الموسوعة الفقهية ج۱، ص۱۶۶-۱۸۳.