كراهة أخذ الاُجرة على تعليم القرآن ونسخه
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ومن المكروه) أخذ (الأُجرة على تعليم
القرآن ، ونسخه، وكسب القابلة مع الشرط، ولا بأس به لو تجرّد) عنه، وفاقاً للأكثر، بل لعلّه عليه عامّة من تأخّر، وعن الحلّي إجماعنا على جواز الأوّلين؛
استناداً في الجواز إلى
الأصل ، ومفهوم النصوص الآتية، وضعف النصوص المانعة
وإن كانت مستفيضة، مع معارضتها بصريح بعض المعتبرة، المنجبر قصور سنده بالشهرة العظيمة المصرّح
بالإباحة المطلقة.
ففيه : إنّ هؤلاء يقولون : إنّ كسب المعلّم سحت، فقال : «كذبوا أعداء الله تعالى، إنّما أرادوا أن لا يعلّموا القرآن، ولو أنّ المعلّم أعطاه رجل دية ولده كان للمعلّم مباحاً».
وفي آخر : ما ترى أن اعطي على كتابته أجراً؟ قال : «لا بأس»
الحديث.
وفي الكراهة في الأوّلين إلى الشبهة الناشئة من الأخبار المزبورة، وفتوى جماعة بالحرمة إما مطلقاً، كما عن
الحلبي ،
أو مع الشرط خاصّة كما عزي إلى
الطوسي في
الاستبصار ،
وفيه مناقشة.استناداً من الأوّل إلى
إطلاق المنع فيها. ومن الثاني إلى الجمع بينها وبين ما دلّ على الجواز مطلقاً؛ لظواهر عدة من النصوص : منها : «المعلّم لا يعلّم
بالأجر ، ويقبل الهدية إذا اهدي إليه».
وأظهر منه الخبران الناهيان عن أجر القارئ الذي لا يقرأ إلاّ بأُجرة مشروطة.
وفي الخبر : «إنّ أُمّ عبد الله بنت الحسن أرادت أن تكتب مصحفاً، فاشترت ورقاً من عندها، ودَعَت رجلاً فكتب لها على غير شرط، وأعطته حين فرغ خمسين ديناراً وأنّه لم تبع المصاحف إلاّ حديثاً»
ومع ذلك فالنصوص المانعة مطلقة. والمجوّزة كذلك. والمفصّلة بين الشرط وعدمه مخصوصة بتعليم القرآن دون نسخه. فلا وجه للقول بالحرمة فيه. بل الكراهة أيضاً لولا الشهرة. اللهمّ إلاّ أن يدّعى عدم القول بالفرق بين تعليم القرآن ونسخه مطلقاً. ولا تحريماً ولا كراهة. فتدبر. (منه ;).
لكنّها ليست بصريحة في التقييد، مع
اختصاص الخبرين بالقارئ دون المعلّم، فارتكابه في المطلقات من الجانبين مشكل، مع معارضة الخبرين بصريح بعض المعتبرة الظاهر في عموم المنع لصورة عدم الشرط أيضاً : وفيه : إنّي أقرأ القرآن فيُهدى إليّ الهدية فأقبلها؟ قال : «لا» قلت : إن لم أُشارطه؟ قال : «أرأيت لو لم تقرأ كان يُهدى لك؟» قلت : لا، قال : «فلا تقبله».
فالأصح القول إمّا بالكراهة مطلقاً كما عليه جماعة؛
لإطلاق النهي عنه في المستفيضة السالمة عن معارضة ما يصلح لتقييدها بصورة
الاشتراط . أو
انتفائها كذلك، بناءً على احتمال ورود المنع تقيّة، كما هو صريح الرواية الأُولى المجوّزة. فلولا الشهرة وجواز
المسامحة في أدلّة الكراهة لكان هذا القول في غاية القوّة.
وأمّا القول بالحرمة مطلقاً أو في الجملة فضعيف البتّة؛ لضعف النصوص المانعة، ومعارضتها بالأصل والروايات المنجبر قصور أسانيدها بالشهرة في الجملة، هذا.
رياض المسائل، ج۸، ص۱۹۰-۱۹۲.