لبس جلد الأرنب ووبره
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
والبحث تارة في لبسه في الصلاة وأخرى في غيرها:
المشهور بين الفقهاء القول بطهارة
الأرنب وقبوله للتذكية، وبناءً على ذلك يجوز لبس جلده وصوفه في غير الصلاة، بل في مفتاح الكرامة: «قد أطبقوا على جواز استعمال جلود الأرانب والثعالب حتى قيل بالجواز في الصلاة، وإنّما اختلفوا في
احتياجه إلى الدبغ...».
وفي الجواهر: «لا شكّ في جواز
الانتفاع بعظم الفيل منها(المسوخ) المسمّى بالعاج، وجلود الثعالب والأرانب مع
التذكية بشرط الدباغ أو مطلقاً».
وممّن صرّح بجواز استعماله الشيخ في
النهاية في بيان حكم الجلود حيث قال:«وما لا يؤكل لحمه فعلى ضربين: ضربٌ منه لا يجوز استعماله، لا قبل الذكاة ولا بعدها، دبغ أو لم يدبغ وهو جلد الكلب
والخنزير ، والضرب الآخر يجوز استعماله إذا ذكّي ودبغ غير أنّه لا يجوز الصلاة فيه وهي جلود السباع كلّها مثل
النمر والذئب والفهد والسبع والسمور
والسنجاب والأرنب وما أشبه ذلك من السباع والبهائم...».
وقال ابن سعيد الحلّي: «وجلد ما لا يؤكل لحمه إذا ذكّي ودبغ لبس في غير الصلاة، وهو طاهر...».
هذا كلّه بناءً على القول
بطهارته وتذكيته. وأمّا بناءً على القول بنجاسته أو عدم قبوله للتذكية يبتنى جواز
الاستفادة من جلده ووبره على جواز
الانتفاع بالنجس وعدمه، وقد نسب إلى القدماء القول بعدم الجواز كما نسبه في المكاسب إلى ظاهر الأكثر
ونقل
الفاضل المقداد الإجماع عليه
ونسبه في الحدائق إلى الأصحاب،
بينما ذهب مشهور المتأخّرين إلى الجواز فيما لا يشترط فيه الطهارة.
المشهور بين فقهائنا بل ادّعي عليه الإجماع
أنّه لا تجوز الصلاة في جلد أو وبر أو صوف ما لا يؤكل لحمه عدا السنجاب والخز بما فيها جلود ووبر الثعالب والأرانب، هذا على مستوى
الفتوى ، أمّا الروايات فقد اختلفت ظاهراً في جواز الصلاة في جلود الثعالب والأرانب بين مانعة ومجوّزة.فمن المانعة رواية
علي بن مهزيار قال:كتب إليه إبراهيم بن عقبة: عندنا جوارب وتكك تعمل من وبر الأرانب فهل تجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة ولا تقية؟ فكتب عليه السلام: «لا تجوز الصلاة فيها».
ونحوها روايته الأخرى عن
أحمد بن إسحاق الأبهري .
مضافاً إلى الروايات الكثيرة الدالّة على عدم جواز الصلاة في شيء من وبر وجلد ولحم وأيّ شيء ممّا لا يؤكل لحمه، والتي تأتي في محلّها من (لباس المصلّي).
وفي قبال ذلك بعض الروايات الظاهرة في الجواز من قبيل ما رواه محمّد بن عبد الجبار قال: كتبت إلى
أبي محمّد عليه السلام أسأله هل يصلّى في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكّة حرير محض أو تكّة من وبر الأرانب؟ فكتب: «لا تحلّ الصلاة في الحرير المحض، وإن كان الوبر ذكيّاً حلّت الصلاة فيه إن شاء اللَّه»،
وغيرها.إلّا أنّ العمل على رواية المنع، بل رمى الشهيد الأوّل رواية الجواز بالمتروكية والهجران.
ويمكن حمل مثل هذه الأخبار على
التقية أو تأويلها؛ لمعارضتها مع ما هو صريح في المانعية.نعم، يظهر من بعض الفقهاء الميل إلى الفتوى بالجواز؛ لدعوى صحة هذه الأخبار لو لا
انعقاد الإجماع والشهرة على المنع وأقربيته إلى
الاحتياط للعبادة، منهم المحقّق الحلّي وصاحب المدارك واستاذه المحقّق الأردبيلي وغيرهم.
قال المحقّق في
المعتبر - بعد أن نقل روايتين دالّتين على الجواز-: «وطريق هذين الخبرين أقوى من تلك الطرق، ولو عمل بهما عامل جاز لكن على الأوّل(أي المنع) عمل الظاهرين من الأصحاب منضمّاً إلى الاحتياط للعبادة».
وقال صاحب المدارك: «المسألة قويّة
الإشكال من حيث صحة أخبار الجواز واستفاضتها، واشتهار القول بالمنع بين الأصحاب، بل إجماعهم عليه بحسب الظاهر، وإن كان ما ذكره في المعتبر لا يخلو من قرب».
وقال
المحقق الأردبيلي : «واعلم أنّ المصنّف (أي العلّامة في الإرشاد) رجّح عدم الجواز في الثعالب والأرانب بالشهرة وكثرة الأخبار والاحتياط، وهو غير ظاهر. نعم، لا بأس بالاحتياط مع
الإمكان ».
ونحوه في المفاتيح.
وكذا وقع الخلاف في الصلاة فيما لا تتمّ الصلاة فيه إذا كان معمولًا من جلد أو وبر الأرنب والثعلب أو غيرهما ممّا لا يؤكل لحمه وفي الثوب الذي يكون تحته وبر الأرانب أو الثعالب أو فوقه. وتفصيل ذلك في (لباس المصلّي).
الموسوعة الفقهية، ج۱۰، ص۲۸۲-۲۸۴.