• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

ما يتحقق به القبض

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



(و) حيث إنّ ( القبض ) من الأُمور المعتبرة شرعاً لما يترتّب عليه من الأحكام بالنسبة إلى الوصيّة والرهن والهبة، فإنّ للقبض فيها مدخلاً باعتبار شرطيّته للصحة أو اللزوم، وكذا بالنسبة إلى البيع، إذ من أحكامه فيه انتقال ضمان المبيع مثلاً إلى المشتري بعده مع عدم الخيار له، وكونه على البائع قبله، وجواز بيع ما اشتراه بعده مطلقاً، وتحريمه أو كراهته قبله على بعض الوجوه، وجواز فسخ البائع مع تأخير الثمن وعدم‌ قبض المبيع بعد ثلاثة أيّام، وغير ذلك احتيج إلى تعريفه، وحيث لم يرد فيه نصّ كلّي يتضمّنه وجب الرجوع فيه إلى العرف.
وقد اختلف فيه الأصحاب بعد اتّفاقهم على أنّه (هو التخلية) بينه وبينه بعد رفع اليد عنه (فيما لا ينقل) خاصّة (كالعقار) ونحوه على أقوال، أحدها ما اختاره الماتن في الشرائع،
[۱] الشرائع، ج۲، ص۲۹.
وإليه أشار هنا بقوله : (وكذا) هو التخلية (فيما ينقل) محتجّاً بأنّه استعمل في التخلية إجماعاً فيما لا ينقل ولا يحوّل، فيجب أن يكون كذلك في غيره، ويكون حقيقة في المعنى المشترك، إذ لو استعمل في المنقول بمعنى آخر لكان إما حقيقة فيهما فيلزم الاشتراك ، أو مجازاً في الآخر فيلزم المجاز، وكلاهما على خلاف الأصل .
وفيه نظر؛ لوجوب المصير إلى أحدهما بعد قيام الدليل عليه، كما يأتي، مع أنّ استعمال القبض في التخلية في المنقول خلاف المفهوم والمتبادر منه في العرف واللغة، بل المتبادر منه عرفاً عند الإطلاق هو القبض باليد، وبه صرّح جماعة من أهل اللغة،
[۲] القاموس، ج۲، ص۳۵۴.
[۳] النهاية، ج۴، ص۶.
[۴] المصباح المنير، ص۴۸۸.
فاللازم الاقتصار عليه، إلاّ ما قام الإجماع على إرادة الخلية منه، وهو إنّما يكون في غير المنقول خاصّة. وكذا لا يجب اعتبار شي‌ء زائد عليه من النقل إلاّ ما قام الدليل على اعتباره، فيعتبر إن تمّ، فتأمّل جدّاً.
ومع ذلك تردّه المعتبرة الآتية ظاهراً، فلا وجه لهذا القول أصلاً. (وقيل :) إنّه (في القماش) ونحوه ممّا يتناول باليد، كالدراهم والدنانير والجواهر (هو الإمساك باليد، وفي الحيوان) كالعبد والبهيمة (هو نقله) وإن اختلف فيهما، ففي الأوّل بأن يقيمه المشتري إلى مكان آخر، وفي الثاني بأن يمشي به إلى مكان آخر، وفي المكيل والموزون الكيل والوزن، تحقيقاً أو تقديراً، كأن يخبر بهما مع تصديق المشتري له بهما مثلاً مع رفع اليد عنه، على قول.
صرّح بهذا القول شيخنا في المبسوط ، وتبعه ابن البراج وابنا حمزة وزهرة،
[۹] الغنية (الجوامع الفقهية)، ص۵۸۹.
مدّعياً عليه الإجماع، إلاّ أنّه جعله في المنقول مطلقاً هو النقل خاصّة؛ وهو الحجة في الجملة.
مع اعتضاده كذلك بالشهرة المحكيّة في كلام جماعة، كالمهذب وابن المفلح، وبفتوى كثير من متأخّرين الطائفة، كالشهيدين في اللمعتين وشراح الكتاب وغيرهم،
[۱۳] المقتصر، ص۱۷۳.
[۱۴] التنقيح، ج۲، ص۶۶.
ويعضده العرف أيضاً في الجملة، كما صرّح به جماعة،
[۱۵] المختلف، ص۳۹۳.
[۱۶] التنقيح، ج۲، ص۶۶.
[۱۷] الكفاية، ص۹۶.
ويشهد له في الجملة بعض المعتبرة، كالصحيح : عن الرجل يبيع المبيع قبل أن يقبضه، فقال : «ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتى تكيله أو تزنه إلاّ أن تولّيه الذي قام عليه».
والخبر الذي قصور سنده من جميع الوجوه بالشهرة منجبر : في رجل اشترى متاعاً من آخر وأوجبه غير أنّه ترك المتاع عنده ولم يقبضه، وقال : آتيك إن شاء الله تعالى، فسرق المتاع، من مال مَن يكون؟ قال : «من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته، فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقّه حتى يردّ ماله إليه».
والمناقشة فيهما بضعف الدلالة، من حيث إنّ ظاهر الاولى أنّ البيع قبل القبض لا يجوز حتى يكيل أو يزن، وذلك لا يدلّ على كون القبض ذلك بضمّ السؤال؛ إذ يصحّ جواب السائل هل يجوز قبل القبض ؟ بأنّه لا يجوز قبله بدون أحد الأمرين. والثانية أنّه يعتبر في انتقال الضمان من البائع إلى المشتري نقل المتاع وإخراجه من بيته، وليس فيه تفسير القبض بكونه عبارة عمّا ذا، مع أنّ ظاهرها أنّه يعتبر في انتقال الضمان الإخراج من بيت البائع، ولا قائل به.
مدفوعة، بظهور الاولى في ارتفاع المنع تحريماً أو كراهة بأحد الأمرين ، فليكونا قبضاً، للإجماع على عدم ارتفاعه إلاّ به، فالإجماع شاهد عليه، ولعلّه مراد شيخنا في المختلف من قوله بعد نقلها : فجعل عليه السلام الكيل والوزن هو القبض، للإجماع على تسويغ بيع الطعام بعد قبضه.
[۲۳] المختلف، ص۳۹۳.
وبنحوه يجاب عن الثانية، وبه صرّح في المهذب، فقال في تقريب جعل النقل فيها هو القبض لتعليله زوال الضمان به : ولا خلاف في أنه معلّل بالقبض. وبه يندفع ما أُورد عليها من الاعتراض الآخر.
وهنا أقوال أُخر، منها : ما اختاره شيخنا في الدروس من أنّه في الحيوان نقله، وفيما يعتبر باعتبار مخصوص لدفع الجهالة كيله أو وزنه أو عدّه أو نقله، وفي الثوب وضعه في اليد؛ استناداً في الكيل والوزن إلى الصحيح المتقدّم، وفي النقل إلى ما مرّ من الخبر.وهو حسن؛ لما ظهر، إلاّ أنّ إلحاق المعدود بالمكيل والموزون قياس، والفرق بين الحيوان وغيره ضعيف.
ومنها : الاكتفاء بالتخلية مطلقاً بالنسبة إلى نقل الضمان لا زوال التحريم والكراهة عن البيع قبل القبض. والعرف يأباه والأخبار تدفعه.ومنها : ما في المختلف من أن المبيع إن كان منقولاً فالقبض فيه هو النقل أو الأخذ باليد، وإن كان مكيلاً أو موزوناً فقبضه هو ذلك أو الكيل والوزن.
[۲۷] المختلف، ص۳۹۳.

والفرق بينه وبين المشهور من وجهين الاكتفاء عليه في المنقول بقبض اليد من دون احتياج إلى النقل، وفي المكيل والموزون بهما من دون احتياج إلى الكيل والوزن، ولا يكتفى في المقامين بشي‌ء من ذلك على المشهور، بل لا بدّ من النقل في الأوّل، وأحد الأمرين في الثاني، فلو قبض باليد فيهما لم يحصل القبض مطلقاً، والعرف كما ترى يأباه ويوجب المصير إلى هذا القول جدّاً، لموافقته له ظاهراً. فالقول به لا يخلو عن قوّة لولا ما قدّمناه من الأدلّة، لكنها للتنزيل على هذا القول قابلة، ولذا أيّده القائل به بما قدّمناه من المعتبرة. فهذا القول أقر، وإن كان المصير إلى المشهور في بعض الأحيان أحوط.
وحيث اعتبرنا الكيل والوزن في القبض ففي الافتقار إلى اعتباره ثانياً لأجله، أو الاكتفاء بالاعتبار السابق، وجهان، من إطلاع توقّف الحكم على الكيل أو الوزن وقد حصلا. وقوله عليه السلام : «لا تبعه حتى تكيله أو تزنه» لا يدلّ على أزيد من حصولهما الشامل لما كان قبل البيع. ومن كون الظاهر أنّ ذلك لأجل القبض لا لأجل صحّة البيع، فلا بدّ من اعتبار جديد بعد العقد، وبه صرّح العلاّمة والشهيدان وجماعة قال العلاّمة في القواعد :.. فحينئذٍ لو اشترى مكابلة وباع مكابلة. لا بدّ لكل بيع من كيلٍ جديد ليتمّ القبض. ولا يكفي الاعتبار الأول عن اعتبار القبض.
[۲۹] المسالك، ج۱، ص۱۸۵.

ولا يخلو عن قوّة؛ لقوله عليه السلام في الصحيح المتقدّم : «إلاّ أن توليه» فإنّ الكيل السابق شرط لصحة البيع أو ما قام مقامه، فلا بدّ منه في التولية وغيرها، ومقتضى قوله عليه السلام المشار إليه أنّه معها لا يتوقّف على كيل أو وزن، فدلّ ذلك على أنّهما لأجل القبض لا لأجل صحة البيع. ومن هنا يظهر الوجه في الاكتفاء عنهما تحقيقاً بالإخبار ، فنعم على الأوّل، ولا على الثاني. ونحوه الكلام في العدّ إن اعتبرناه.



 
۱. الشرائع، ج۲، ص۲۹.
۲. القاموس، ج۲، ص۳۵۴.
۳. النهاية، ج۴، ص۶.
۴. المصباح المنير، ص۴۸۸.
۵. مجمع البحرين، ج۴، ص۲۲۶.    
۶. المبسوط، ج۲، ص۱۲۰.    
۷. المهذب، ج۱، ص۳۸۵.    
۸. الوسيلة، ص۲۵۲.    
۹. الغنية (الجوامع الفقهية)، ص۵۸۹.
۱۰. المهذب البارع، ج۲، ص۳۹۸.    
۱۱. الروضة، ج۳، ص۵۲۳.    
۱۲. المهذب البارع، ج۲، ص۳۹۸.    
۱۳. المقتصر، ص۱۷۳.
۱۴. التنقيح، ج۲، ص۶۶.
۱۵. المختلف، ص۳۹۳.
۱۶. التنقيح، ج۲، ص۶۶.
۱۷. الكفاية، ص۹۶.
۱۸. التهذيب، ج۷، ص۳۵، ح۱۴۶.    
۱۹. الوسائل، ج۱۸، ص۶۸، أبواب أحكام العقود، ب۱۶، ح۱۱.    
۲۰. الكافي، ج۵، ص۱۷۱، ح۱۲.    
۲۱. التهذيب، ج۷، ص۲۱، ح۸۹.    
۲۲. الوسائل، ج۱۸، ص۲۳، أبواب الخيار، ب۱۰، ح۱.    
۲۳. المختلف، ص۳۹۳.
۲۴. المهذب البارع، ج۲، ص۳۹۹.    
۲۵. الدورس، ج۳، ص۲۱۳.    
۲۶. الدروس، ج۳، ص۲۱۳.    
۲۷. المختلف، ص۳۹۳.
۲۸. الدروس، ج۳، ص۲۱۳.    
۲۹. المسالك، ج۱، ص۱۸۵.




رياض المسائل، ج۸، ص۳۵۵-۳۶۰.    



جعبه ابزار