من تجب عليه الدية في الإجهاض
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
المشهور
أنّ دية الجنين على الجاني إذا كان عمداً أو شبه عمد وعلى
العاقلة إذا كان خطأً، كسائر الجنايات على
الإنسان نفساً أو طرفاً.ولا فرق في ضمان العاقلة بين ما قبل ولوج الروح وما بعده، استناداً إلى
إطلاق النصوص الواردة في ضمان العاقلة للجناية خطأ.وخالف في ذلك بعض الفقهاء، فحكم بأنّ ضمان دية الجنين قبل ولوج الروح على الجاني مطلقاً عمداً أو خطأً.
وتفصيل البحث في مصطلح (دية الجنين).
ولهذا البحث تطبيقات في المقام نشير إلى بعضها فيما يلي:
۱- لو ألقت المرأة جنينها بنفسها فعليها دية ما ألقته سواء كان عمداً أو خطأً؛
لعمومات ضمان الجاني، ولخصوص رواية
أبي عبيدة الماضية
وغيرها.
۲- من أفزع امرأة فألقت الجنين فالدية عليه؛
للعمومات، ولخصوص خبر
ابن فرقد . وهي رواية
علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمّد بن أبي حمزة عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: جاءت امرأة فاستعدت على
أعرابي قد أفزعها فألقت جنيناً، فقال الأعرابي: لم يهلّ ولم يصح ومثله يطل، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اسكُت سجاعة، عليك غرّة وصيف عبد أو أمة».
۳- لو أمر الحامل غيره
كالطبيب باسقاط جنينه فباشر الإسقاط فهو الضّامن دون الآمر، إلّا إذا كان المباشر ضعيفاً بحيث يعدّ آلة للآمر- كالمجنون
والصبي غير المميّز- فإنّ الضمان هنا على الآمر للتسبيب.
۴- إذا أجهضت المرأة خوفاً من
إنفاذ الحاكم فالمنسوب إلى الأكثر أنّ دية الجنين في بيت مال المسلمين؛ لأنّه خطأ، وخطأ الحكام محلّه بيت المال.
وقيل: إنّها على عاقلة الحاكم.
وهو موافق للرواية المشهورة من قضاء
أمير المؤمنين عليه السلام حيث أرسل عمر خلف حامل ليقيم عليها الحد فأجهضت، فسأل عمر الصحابة عن ذلك فلم يوجبوا عليه شيئاً فقال: ما عندك في هذا يا أبا الحسن؟فتنصّل من الجواب فعزم عليه فقال: «إن كان القوم قد قاربوك فقد غشّوك، وإن كانوا قد ارتأوا فقد قصّروا، الدية على عاقلتك؛ لأنّ قتل الصبي خطأ تعلّق بك...».
وربما قيل في توجيه الرواية بأنّ عمر إنّما أرسل اليها قبل ثبوت ذلك عنها فلذلك كانت الدّية على عاقلتها دون
بيت المال .ورُدّ بأنّ جواز
الإرسال لا يتوقّف على ثبوت الحق بل يكفي مجرد تحقق ذلك.كما أنّ دعوى كونه من شبيه العمد مردودة بعد فرض جواز الإرسال إليها شرعاً فيندرج في خطأ الحكام بذلك.والذي يسهل الخطب أنّ الرواية لم ترد بطريق معتمد عليه، إذاً فالرجوع إلى الاصول المقرّرة متعيّن.
۵- إن كان الجاني أكثر من واحد فعلى الجميع دية واحدة مع وحدة الجنين.
۶- لو تصادم حاملان فاسقطتا فعلى كلّ واحد منهما نصف دية جنينها ونصف دية جنين الاخرى مع العمد أو شبهه وعلى عاقلتهما مع الخطأ، ويلاحظ ذكورة الجنين
وانوثته .
وإن لم يعلم حال الجنين من هذه الجهة- كما إذا ماتتا مع جنينيهما بلا إجهاض- ففي مال كلّ منهما بالنسبة لكلّ جنين ربع دية الذكر وربع دية الأنثى؛ للروايات، وإن كان مقتضى
الأصل غير ذلك.
وتفصيله في محلّه.
۷- إذا أجهضها أحد وقطع آخر رأس الجنين أو عَمِلَ به أيّ عملٍ آخر يستوجب القتل- لو كان الجنين حيّاً- ولم يعلم الحال حين السقوط من حيث استقرار الحياة وعدمه، يسقط عقوبة القصاص عن كليهما للشبهة وينتهي
الأمر إلى الدية، والكلام هنا فيمن تجب عليه هذه الدية، وفيه وجوه:
الأوّل: أنّ الدية كاملة على الثاني؛ لأصالة بقاء الحياة المستقرّة.
وأجيب عنه بأنّ هذا الأصل لا يثبت عنوان القتل الذي هو الموضوع للحكم إلّا بناءً على القول بالأصل المثبت.
الثاني: إنّها توزع عليهما، ولعلّه لقاعدة العدل
والإنصاف ، ولكن هذه القاعدة غير ثابتة إلّا في موارد خاصّة، فلا يمكن التعدّي عنها إلى غيرها من الموارد.
الثالث: تعيينها على الأوّل أو الثاني بالقرعة. ورُدّ بأنّ دليل القرعة لا يشمل مثل المقام الذي كانت وظيفة كلّ منهما معلومة بمقتضى
أصل البراءة ، فليس هنا أمر مشكل حتى يرجع إلى القرعة.
الرابع: أنّه لا دية على الأوّل ولا على الثاني؛ لعدم الدليل، بل تجعل الدية في بيت مال المسلمين، نظراً إلى أنّ دم المسلم لا يذهب
هدراً .نعم على الثاني مائة دينار على كل تقدير؛ لأنّه إن كانت حياته مستقرة فعليه ألف دينار وإلّا فعليه المائة، نظراً إلى أنّه قطع رأس الميت فالمائة متيقنة والزائد غير ثابت، فإذاً بطبيعة الحال يؤخذ الزائد من بيت المال نظراً إلى ما ذكر.
الموسوعة الفقهية، ج۵، ص۴۰۳-۴۰۵.