إطالة الصلاة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإطالة (توضيح).
تستحبّ إطالة
الصلاة بصورة عامّة مع سعة الوقت ولا سيّما
المندوبة منها، ما لم يحصل معه السآمة والضجر؛ لأنّ العبادة لابدّ فيها من
الخشية والخضوع وإقبال القلب. ويمكن استفادة ذلك من تصريح الفقهاء
باستحباب الإطالة في بعض أجزائها على الخصوص، كالقراءة
والركوع والسجود والقنوت ونحوها، وذكرهم الإطالة في بعض أنواع الصلاة:
تستحب الإطالة في القراءة مع سعة الوقت بقراءة السور الطوال في صلاتي
الصبح والليل ،
فإن ضاق الوقت خفّف؛ وذلك لورود الروايات الكثيرة في ذلك.
نعم، يكره إطالة الدعاء في خلال القراءة، وربّما أبطل الصلاة إن خرج عن نظم القراءة المعتاد.
تستحبّ إطالة الركوع والسجود؛
لاستفاضة الأخبار بذلك: منها: ما رواه
سماعة عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام، أنّه قال: «ومن كان يقوى على أن يطوّل الركوع والسجود فليطوّل ما استطاع...»».
ومنها: ما رواه
أبو اسامة ، قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: «عليكم
بتقوى اللَّه- إلى أن قال:- وعليكم بطول الركوع والسجود، فإنّ أحدكم إذا أطال الركوع والسجود هتف إبليس من خلفه، وقال: ويلتا
أطاعوا وعصيت ، وسجدوا وأبيت».
ومنها: خبر
أبي بصير عن
أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام: «أنّ
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: أطيلوا السجود، فما من عمل أشدّ على إبليس من أن يرى ابن
آدم ساجداً؛ لأنّه امر بالسجود فعصى، وهذا امر بالسجود فأطاع فيما امر».
إلى غير ذلك من الروايات.
وكذا تستحبّ إطالة الركوع
والسجود في
المندوبات ،
كصلاة الليل والصلاة داخل الكعبة وغيرهما.
ويستفاد أيضاً من بعض الأخبار استحباب إطالة
سجدة الشكر عند حصول النعم، مثل ما ورد عن
هشام بن أحمر قال: كنت أسير مع
أبي الحسن عليه السلام في بعض أطراف المدينة إذ ثنى رجليه عن دابّته فخرّ ساجداً فأطال وأطال، ثمّ رفع رأسه وركب دابّته، فقلت: جعلت فداك، قد أطلت السجود، فقال: «إني ذكرت نعمة أنعم اللَّه بها عليّ فأحببت أن أشكر ربي».
تستحبّ إطالة
القنوت ، ما لم يخرج عن هيئة المصلّي،
فقد ورد عنهم عليهم السلام: «أفضل الصلاة ما طال قنوتها».
وفي الخبر عن
النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مستفيضاً: «أطولكم قنوتاً في دار الدنيا أطولكم راحةً
يوم القيامة في
الموقف ».
قال الشيخ
الحرّ العاملي : «والقنوتات المرويّة عنهم عليهم السلام المشتملة على الأدعية الطويلة كثيرة جدّاً».
تستحب الإطالة في
التشهّد بالمنصوص وغيره، ما لم يخلّ بالهيئة.
يستحبّ أن لا يطول المصلّي ردّ
السلام ولا يمدّه، بل يجب أن يقول المصلّي في ردّ السلام مثل ما قال المسلّم؛
لما رواه
عثمان بن عيسى عن
الصادق عليه السلام قال: سألته عن الرجل يسلم عليه في
الصلاة قال: «يردّ، فإنّ
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم كان قائماً يصلّي فمرّ به
عمّار بن ياسر فسلّم عليه فردّ عليه
النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم هكذا».
ولما روي عن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «حذف السلام
سنّة »،
أي لا يمدّه ولا يطوّله.
تستحبّ الإطالة في صلاة الليل بأن يطوّل الدعاء فيها إن أمكنه، فإن لم يمكنه دعا بما تمكّن منه،
فإن قام إلى
صلاة الليل وقد قارب
الفجر خفّف الصلاة، واقتصر من القراءة على الحمد وحدها، ولا يطوّل الركوع والسجود؛ لئلّا يفوته فضل أوّل وقت
صلاة الغداة .
ذكر
الفقهاء استحباب الإطالة في
صلاة الآيات بقدر زمان
الكسوف ، وقد نفى
المحقّق النجفي عنه الخلاف،
بل ادّعي عليه
الإجماع ؛
وذلك لكون هذه الصلاة لاستدفاع
البلاء والفزع إلى اللَّه، فينبغي التشاغل ما دامت الآية موجودة، ولإطلاق قول
الإمام محمّد الباقر عليه السلام: «كلّ أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع، فصلّ له صلاة الكسوف حتّى يسكن».
ولما رواه
ابيّ بن كعب ، قال: انكسفت الشمس على عهد
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلّى بنا وقرأ سورة من الطوّال.
ولما رواه
عمّار عن
أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه قال: «إن صلّيت الكسوف إلى أن يذهب الكسوف عن الشمس والقمر وتطوّل في صلاتك، فإنّ ذلك أفضل...».
وكذا يستحبّ أن يكون ركوعه وسجوده بقدر قراءته، وأن يقرأ السور الطوّال مع السعة.
ولا فرق في استحباب الإطالة بين
الإمام وغيره؛
وذلك لما ورد عن
جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام، قال: «انكسفت الشمس في زمان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فصلّى بالناس ركعتين وطوّل حتى غشي على بعض القوم ممّن كان وراءه من طول القيام».
وظاهر أكثر
الفقهاء تساوي الكسوفين في التطويل.
لكن قال
الشهيد الأوّل : «يستحبّ إطالة صلاة
كسوف الشمس على صلاة
خسوف القمر »؛
استناداً إلى ما روي عن
زرارة ومحمد بن مسلم قالا: سألنا
أبا جعفر عليه السلام عن صلاة الكسوف كم هي ركعة وكيف نصلّيها؟ فقال: «عشر ركعات وأربع سجدات- إلى أن قال:- وصلاة كسوف الشمس أطول من صلاة كسوف القمر، وهما سواء في القراءة والركوع والسجود».
وقال بعد ذلك: «وهل ينسحب حكم الإطالة إلى باقي الآيات حتى يكون الكسوفان أطول منها؟ لم نقف فيه على نصّ».
يستحبّ
للإمام أن يقتصد في صلاته حتّى في الصلوات
المندوبة التي تشرع فيها
الجماعة »، فلا يطيل في أفعالها من ركوعها وسجودها، خصوصاً إذا كان معه من يضعف عن الإطالة، إلّاإذا علم حبّ التطويل من جميع
المأمومين ،
فقد روي: أنّ
النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا صلّى بالناس خفّف بهم إلّاأن يعلم منهم
الإنشراح لذلك.
نعم، يستحبّ للإمام تطويل القراءة ليُلحق به، إذا عرف دخول
المأموم إلى
المسجد .
وكذا يستحبّ له إذا أحسّ بدخول شخص أن يطيل ركوعه ضعف ما كان يركع انتظاراً للداخلين، ليلحقوا به في ذلك الركوع، وقد روي: أنّه إذا كان راكعاً يجوز أن يطوّل ركوعه مقدار
الركوع دفعتين ليلحق الداخل تلك الركعة.
ولو كان في الجماعة من لا يتمكّن من الإطالة فعليه مراعاته وترك الانتظار.
وذهب
الشيخ الطوسي إلى
الكراهة ، حيث قال: «يكره للإمام أن يطوّل صلاته انتظاراً لمن يجيء فتكثر به الجماعة، أو ينتظر من له قدر، فإن أحسّ بداخل لم يلزمه التطويل ليلحق الداخل الركوع».
يستثنى من
استحباب إطالة الصلاة بعض الموارد، وهي:
۱-
استلزام الإطالة ضيق وقت الصلاة، بحيث يقع بعضها خارجه.
۲- علم المرأة بالقرائن قرب
الحيض وضيق الوقت عن إطالة الصلاة بحيث تفسد صلاتها لو أطالت فإنّه يتعيّن عليها حينئذٍ
التخفيف فيها
بالاقتصار على أقلّ
الواجب .
۳- استلزام الإطالة تفويت أمرٍ مهم،
كإنقاذ نفس من
الهلاك ، أو
مال محترم من
التلف .
بل حتى مثل تفويت وقت
نافلة .
أو حصول ما يقتضي
الإسراع كصراخ
الصبي أو نحو ذلك؛
لما ورد في الصحيح عن
ابن سنان عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «صلّى
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم
الظهر والعصر فخفّف الصلاة في
الركعتين ، فلمّا انصرف قال له الناس: يا رسول اللَّه أحدث في الصلاة شيء؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: خفّفت في الركعتين الأخيرتين، فقال لهم: أما سمعتم صراخ الصبي؟!».
۴- استلزام التطويل السأم والملل؛ لأنّ
العبادة لابدّ فيها من
الخشية والخضوع وإقبال القلب.
الموسوعة الفقهية، ج۱۴، ص۹-۱۵.