الأسير (إسلامه)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابه، انظر
الأسير(توضيح) .
هناك صور متعدّدة لإسلام
الأسير :
لا خلاف
في حقن دم الأسير إذا أسلم قبل الأسر، وكذا يعصم ماله المنقول من
الاستغنام ، دون غير المنقول منه كالأراضي والعقارات، فهو
فيء للمسلمين، كما تصان ذرّيّته غير البالغين من الأسر
والاسترقاق ، ويحكم
بإسلامهم تبعاً له.
قال
العلّامة الحلّي : «لو أسلم الأسير قبل الظفر به ووقوعه في الأسر لم يجز قتله
إجماعاً ، ولا استرقاقه ولا المفاداة به؛ لأنّه أسلم قبل أن يقهر بالسبي، فلا يثبت فيه
التخيير . ولا فرق بين أن يسلم وهو محصور في حصن أو مصبور أو رمى نفسه في بئر وقد قرب الفتح، وبين أن يسلم في حال أمنه... لأنّه لم يحصل في أيدي
المسلمين بعد، ويكون دمه محقوناً لا سبيل لأحد عليه، ويحقن ماله من الاستغنام، وذرّيّته من الأسر، ويحكم بإسلامهم تبعاً له».
ويدلّ عليه- مضافاً إلى
الأصل والعمومات
- خصوص خبر
حفص بن غياث ، قال: سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الرجل من أهل الحرب إذا أسلم في
دار الحرب فظهر عليهم المسلمون بعد ذلك، فقال: «إسلامه إسلام لنفسه ولولده الصغار وهم أحرار، وولده،«ماله» بدل «ولده».
ومتاعه ورقيقه له، فأمّا
الولد الكبار فهم فيء للمسلمين، إلّا أن يكونوا أسلموا قبل ذلك، فأمّا الدور والأرضون فهي فيء...».
لا
إشكال ولا خلاف
في
سقوط القتل عنه في هذه الصورة أيضاً، بل ادّعي الإجماع عليه؛
لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «امرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلّااللَّه، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم».
وفي خبر
الزهري عن
علي بن الحسين عليهما السلام قال: «... الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه وصار فيئاً».
نعم، وقع الخلاف في حكمه بعد نفي
القتل عنه، فمنهم من ذهب إلى أنّ
الإمام مخيّر بين المنّ والفداء والاسترقاق،
ومنهم من اختار تعيّن المنّ عليه
وإطلاق سراحه،
واعتبره
المحقّق النجفي أحوط القولين بعد أن قوّى الأوّل؛
لأنّه لمّا لم يكن للإمام استرقاقهم حال
الكفر - إذ يتعيّن قتلهم حينئذٍ- لعدم الدليل، ففي حال الإسلام أولى.
واورد عليه بأنّ المنع من استرقاقهم في حال الكفر كان
إهانة لهم ليُقْتَلوا، فلا يلزم مثله مع المنع من قتلهم بالإسلام، مع أنّ الإسلام غير منافٍ للتملّك.
ويظهر
من العلّامة الحلّي التوقّف في الحكم،
ولعلّ وجهه ما ذكره
السيّد الخوئي من عدم وجود ما يدلّ على المنّ أو الفداء أو الاسترقاق.
إن كان إسلامه بعد حكم الإمام في حقّه انفذ الحكمُ إلّاالقتل، وإن كان قبل الحكم فللفقهاء قولان في المسألة:
الاسترقاق والمنّ والفداء،
وقد ادّعي عليه عدم الخلاف.
ويدلّ عليه- مضافاً إلى الأصل
- إطلاق الأدلّة في هذا المجال.
لأنّ عقيلًا أسلم بعد الأسر ففاداه
النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يسترقّه.
واورد عليه بأنّه حكم في واقعة خاصة،
وأنّ المفاداة هي أحد الثلاثة التي اختارها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقدّمها على غيرها، وهو لا يعني حرمة الاسترقاق.
هذا كلّه في حكم الأسير لو أسلم قبل الحرب أو في أثنائها أو بعد
انقضائها ، أمّا لو نزل الكفّار على حكم الإمام قبل وقوع الحرب- كما لو حاصر الإمام بلداً فعقد معهم عقد أمان بشرط أن ينزلوا على حكمه- فإن أسلموا قبل حكمه عصموا أموالهم ودماءهم وذراريهم من الاستغنام والقتل
والسبي ؛ لأنّهم أسلموا وهم أحرار لم يسترقّوا، وأموالهم لم تغنم،
فلا يجوز استرقاقهم ولا
اغتنام أموالهم؛
لاندراجهم حينئذٍ في قاعدة من أسلم حقن ماله ودمه.
ولو أسلموا بعد الحكم عليهم بقتل الرجال وسبي النساء والذراري وأخذ الأموال سقط عنهم القتل خاصة؛
لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «امرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلّااللَّه، فإذا قالوها عصموا دماءهم».
وأمّا سبي النساء والذراري وأخذ الأموال فلا خلاف في عدم سقوطهما؛
لأنّ الإسلام يحقن الدم، بخلاف الاسترقاق والمال فإنّهما يجامعان الإسلام، فهو لا يختلف عن إسلام
المشرك بعد أسره.
نعم، ليس للإمام استرقاق من حكم عليه بالقتل بعد سقوط القتل عنه بالإسلام.
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۱۳۹-۱۴۲.