الإحصار (الحلق والتقصير)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإحصار (توضيح).
اشترط جماعة من
الفقهاء لتحلّل
المحصر التقصير أيضاً، فإذا بلغ الهدي محلّه وحضر الوقت الذي واعد أصحابه- بناءً على لزوم البعث- يقصّر ويحلّ من كلّ شيء إلّا النساء كما سيأتي، وادّعي عليه عدم
الخلاف ،
بل ادّعي بأنّ ظاهر كلمات الفقهاء
الإجماع عليه،
وقد استدلّ عليه بعدّة روايات:
منها: ما تقدّم في صحيحة معاوية بن عمّار حيث قال فيها: سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن رجل احصر فبعث بالهدي، فقال: «يواعد أصحابه ميعاداً... وإذا كان
يوم النحر فليقصّر من رأسه... وإن كان في عمرة فلينتظر مقدار دخول أصحابه مكّة والساعة التي يعدهم فيها، فإذا كان تلك الساعة قصّر وأحلّ».
ومنها: خبر
حمران عن
أبي جعفر عليه السلام ، قال: «إنّ
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم حين صدّ بالحديبية قصّر وأحلّ ونحر، ثمّ انصرف منها ولم يجب عليه الحلق حتى يقضي النسك، فأمّا المحصور فإنّما يكون عليه
التقصير ».
ومنها: ما تقدّم عن
رفاعة في
اعتمار الإمام الحسين عليه السلام، وفيه: «خرج الحسين معتمراً... حتى انتهى إلى السقيا فبرسم، فحلق شعر رأسه ونحرها»،
وقريب منه ما في ذيل صحيحة معاوية بن عمّار
المتقدّمة، الدالّة على اعتمار الإمام الحسين عليه السلام أيضاً. بينما لم يتعرّض عدّة من الفقهاء للحلق أو التقصير.
وقد اختلفت كلماتهم في تعيين التقصير أو الحلق أو التخيير بينهما، ففي عبارات بعضهم أنّ المحصر يقصّر ويحلّ كالشيخ الطوسي والقاضي و
ابن إدريس والمحقق والعلّامة الحلّيان والشهيد الأوّل وغيرهم.
ولكن ورد في
الكافي و
الغنية أنّه يحلق رأسه،
ويمكن حمل عبارتهما على الحج، وذهب المحقق والشهيد الثانيان
إلى تعيين التقصير في عمرة التمتع والتخيير بينه وبين الحلق فيما عداها عملًا
بالأصل ، كما اختار البعض
التخيير مطلقاً سواء في ذلك الحج وعمرة التمتّع و
الإفراد . ومستندهم فيه ما تقدّم من الروايات التي ورد في أكثرها التقصير، وفي بعضها الحلق الذي أصبح منشأً
لاختلاف الآراء فيها؛ لاختلافهم في حملها على وجوه، وقد تقدّم ذهاب المشهور في مسألة بعث الهدي إلى الأخذ بالروايات التي ورد فيها التقصير، وحمل
رواية اعتمار الإمام الحسين عليه السلام التي ورد الحلق فيها على وجوه مختلفة. ولعلّ منشأ
التخيير هو الجمع بين الروايات ومدى دلالتها بالنسبة إلى الحج أو العمرة، كما أنّ وجه ذهاب البعض إلى
تعيين التقصير في عمرة التمتّع هو عدم جواز الحلق والبناء عليه حتى في صورة الإحصار.
الموسوعة الفقهية، ج۷، ص۸۸-۹۰.