الإيذاء (الحيوان)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإيذاء (توضيح).
المستفاد من كلمات غير واحد من الفقهاء حرمة التعرّض لإيذاء
الحيوان غير المؤذي إذا لم يترتّب عليه نفع معتدٌّ به، بل الواجب فيما يكون فيه نفع أيضاً
الاقتصار على ما يطيقه من الضرر، إلّاإذا دلّ عليه دليل خاصّ
كالذبح .
قال
أبو الصلاح الحلبي في عداد المحرّمات: «و
خصاء شيء من
الحيوان ، وذبح ما لم يرد
الشرع بذبحه، و
إيلام ما لم يرد
بإباحة ذلك منه، وتعدّي ما ابيح من
الانتفاع بالحيوان».
وقال
السيّد المرتضى : «اعلم أنّ
إدخال الضرر على
البهائم المؤذي لنا منها وغير المؤذي لا يحسن إلّابإذن سمعي، إلّاأن يكون ذلك الضرر يسيراً أو النفع المتكفّل به لها عظيماً، فيحسن من طريق العقل- إلى أن قال-: فقتل البهائم الذي (كذا في
المصدر ، والأنسب: «التي». )لا أذيّة منها لا يجوز على وجه؛ لأنّ السمع لم يبحه، وكذلك ما يؤذي أذىً يسيراً
متحمّلًا كالنمل وما أشبهه، فإنّ المؤذيات من البهائم المضرّات مباح قتلها
كالسباع و
الأفاعي ».
واحتجّ العلّامة الحلّي لأبي الصلاح و
ابن البرّاج حيث حرّما خصاء الحيوان بأنّه تعذيب للحيوان غير مأمور به شرعاً، فيكون محرّماً عقلًا، واستجود جواب
ابن إدريس عنه بأنّه إيلام فيه منفعة للمالك فيجوز،
فإذا لم يكن فيه نفع فهو
ممنوع باتّفاقهما .
وقال
الشهيد الثاني : «لا يجوز
تكليف الدابّة ما لا تطيقه من
تثقيل الحمل و
إدامة السير، ويجوز غصب
العلف لإبقائها...ولا يجوز الحلب إذا كان يضرّ بالبهيمة؛ لقلّة العلف وإن لم يضرّ ولدها، ويكره تركه إذا لم يكن في الحلب
إضرار بها؛ لما فيه من تضييع المال و
الإضرار بالبهيمة، ويحتمل الوجوب. ويستحبّ أن لا يستقصي في الحلب، وأن يقصّ الحالب أظفاره؛ كيلا يؤذيها بالقرص...».
وأرسل العلّامة الحلّي و
الفاضل الأصفهاني حرمة إيذاء الحيوان
إرسال المسلّمات في بعض المواطن، بل صريح غير واحد وجوب الإنفاق على البهيمة ونحوها من الحيوانات حتى النحل ودود القزّ بما تحتاج إليه من
أكل و
سقي ومكان ورَحل، وأنّ مع
الامتناع يجبره الحاكم به أو بيعها أو ذبحها إن كانت ممّا ينتفع بلحمه.
نعم، قد يتأمّل في وجوب
الإنفاق فيما إذا كان الحيوان ملكه ولم يعدّ
تضييعاً للمال.
وكيف كان، لعلّ دليلهم على حرمة
التعذيب والإيلام- مضافاً إلى العقل الذي ادّعاه السيّد المرتضى- بعض الروايات المشتملة على النهي عنه الواردة في
آداب الذبح، كالمروي عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحدّ أحدكم شفرته فليرح ذبيحته».
والمروي عن
الدعائم : «إذا أردت أن تذبح ذبيحة فلا تعذّب
البهيمة »،
وأيضاً: «من ذبح
ذبيحة فليحدّ شفرته وليرح ذبيحته».
ولكن من
المعلوم أنّه بمثل هذه البيانات و
الأخبار لا يمكن إثبات الحرمة الشرعيّة؛ ولعلّه لذلك تأمّل بعض الفقهاء المعاصرين في
التحريم فيما إذا كان الحيوان ملكاً للإنسان ولم يعدّ تضييعاً للمال، وإنّما احتاط فيه لزوماً؛ ولعلّه رعاية للفتاوى الماضية، وربما كان
المدرك لبعض المتقدّمين هو الحرمة من باب
الإسراف أو
التبذير لا مطلقاً. والتفصيل في محلّه.
الموسوعة الفقهية، ج۱۹، ص۲۹۵-۲۹۷.