الاقتناء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الاقتناء (توضيح) .
وهو بمعنى
اتخاذ الشخص
المال لنفسه.
الاقتناء: مصدر اقتنى يقتني، واقتناء
المال :
اتّخاذه لنفسه لا
للتجارة ولا
للبيع ، واقتنيت الشيء أي: اتّخذته لنفسي.
يقال: قنوت الغنم وغيرها قنوة- بالكسر أو بالضم وقنيت- أيضاً- قنية- بالكسر أو بالضم- إذا اقتنيتها لنفسك لا للتجارة.
ومعناه الاصطلاحي لا يختلف عن المعنى اللغوي.
وهو صيغة إفعال من
البقاء بمعنى
الدوام والثبات .
وهو أعم مطلقاً من الاقتناء؛ لأنّه لا يتضمّن معنى
الاستحواذ على الشيء أو
الرغبة فيه أو اتّخاذه للنفس.
وهو منع الشيء من
الضياع والتلف ، وصرف المكاره عنه لئلّا يهلك.
وهو-
كالإبقاء - أعمّ من الاقتناء من جهة؛ لإمكان حفظ الشيء دون اتخاذه للنفس أو الاستحواذ عليه. لكنه من جهة اخرى أخص؛ لتضمّنه معنى صرف المكروه عن الشيء
المحفوظ ، ودفع أسباب
الفساد عنه، الأمر غير المتوفر في الاقتناء.
وهو
حبس الشيء والإبقاء عليه في قبضته وتحت يده.
لكن قد لا يكون للنفس وعن رغبة فيه، فهو أعمّ من الاقتناء.
وهو صيغة افتعال من الذخر، ومعناها حبس الشيء
للانتفاع به وقت الحاجة.
ويفارق الاقتناء في تقيّده بالقصد إلى الانتفاع به في المستقبل بخلاف الاقتناء.
يختلف حكم اقتناء الأشياء بحسب اختلاف متعلّقه وموارده، فقد يكون
مباحاً ، وقد يكون
مستحبّاً ، وقد يكون
حراماً أو
مكروهاً ، وإليك بيان ذلك إجمالًا فيما يلي:
يجوز اقتناء كلّ شيء لم يذكروه في عداد ما يحرم اقتناؤه، وقد ذكروا لذلك أمثلة عديدة كاقتناء العقار
والبهائم ودود القز والنحل ليملك ما يخرج منهما،
والأواني من غير
الذهب والفضة وإن كان مرتفعاً في
الثمن ،
وخواتيم من فضة،
والأمشاط من عظام الفيل وغيرها من الآلات.
وهذه كلّها مجرّد أمثلة فيما يباح
الانتفاع به ولم يدلّ دليل خاص على
حرمة اقتنائه.
يباح اقتناء
الحمام واتّخاذها
للُانس والاستفادة من بيضها وفرخها كسائر الحيوانات المحلّلة
الأكل ،
كالغنم والبقر ونحوهما ممّا يحلّ أكله،
وقد نفي العلم بالخلاف فيه،
ولا يكره ذلك،
بل في بعض الأخبار ما يدلّ على
الترغيب فيه واستحباب اتّخاذها للُانس بها،
كرواية عبد الكريم بن صالح ، قال: دخلت على
أبي عبد اللَّه عليه السلام، فرأيت على فراشه ثلاث حمامات خضر قد ذرقن على الفراش، فقلت: جعلت فداك، هؤلاء الحمام تقذر الفراش؟ فقال: «لا، إنّه يستحبّ أن يمسكن في البيت».
وغيرها من الروايات.
نعم، يكره اقتناؤها للّعب بها وتطييرها في الهواء؛
نظراً إلى ما فيه من العبث وتضييع العمر فيما لا يجدي،
وقد نسب القول
بالكراهة تارة إلى المشهور،
واخرى إلى كافّة متأخّري أصحابنا.
وفي المبسوط: «أنّه مكروه عندنا».
•
الاقتناء المحرّم .
ورد في
الفقه أنّ اتخاذ مال للقنية قد يمنع تعلّق
الزكاة أو
الخمس به، وفيما يلي نشير إلى ذلك:
تستحبّ الزكاة في المال المتّخذ
للتجارة والاكتساب به
بشروط تذكر في مصطلح (زكاة).
وأمّا لو لم يتّخذ للتجارة بل اتّخذه للقنية فلا تستحبّ الزكاة فيه؛
لعدم شمول دليل
الاستحباب لذلك.
وكذا لو اشتراه للتكسّب به ثمّ انصرف ونوى القنية، فإنّه أيضاً لا تستحبّ فيه الزكاة؛
نظراً إلى اعتبار
استمرار قصد التجارة.
وأمّا لو اشتراه للقنية ثمّ نوى التكسّب به، فاستحباب الزكاة فيه مبني على اعتبار مقارنة نيّة التكسّب
للتملّك وعدمه، فإن اعتبرت المقارنة فلا تستحبّ الزكاة، وأمّا بناء على عدم اعتبارها فتستحبّ الزكاة، والمشهور
- بل نسب إلى علمائنا
- اعتبار ذلك؛ نظراً إلى أنّ التجارة عمل فلا يتحقّق
بالنيّة .
قال
الشيخ الطوسي : «وإن كانت عنده (سلعة) للقنية فنوى بها التجارة لا تصير تجارة حتى يتصرّف فيها للتجارة».
وقال
المحقق النجفي : ولو ملكه للقنية فإنّه لا يزكّيه، وإن قصد به التكسّب بعد ذلك؛ ضرورة عدم مقارنته لحال
الانتقال إليه.
ونوقش فيه بأنّا لا نسلّم أنّ الزكاة تتعلّق بالفعل الذي هو
البيع ، بل يكفي في ذلك إعداد السلعة لطلب
الربح ، وذلك يتحقّق بالنيّة.
وقوّى
المحقّق الحلّي القول بعدم اعتبار
المقارنة ، وأنّ مال القنية إذا قصد به
التجارة تتعلّق به
الزكاة ؛
نظراً إلى أنّ
المال بإعداده للربح يصدق عليه أنّه مال تجارة، فتتناوله الروايات المتضمّنة لاستحباب زكاة التجارة، وأنّ نيّة القنية تقطع التجارة، فكذا العكس.
واختاره غيره من
الفقهاء .
هذا، وقد ذكر بعض الفقهاء سقوط استحباب الزكاة في المساكن والثياب والآلات والأمتعة المتّخذة للقنية.
وقد ادّعي نفي الخلاف في ذلك،
بل ادّعي
إجماع العلماء على ذلك.
ولا يختصّ
الحكم بمال التجارة بل يشمل كذلك النقدين أيضاً إذا اتخذت كذلك، كما يستفاد من عمومات كلمات الفقهاء.
من جملة موارد تعلّق
الخمس أرباح المكاسب، وهي كلّ فائدة يحصل عليها الإنسان، وقد استثني من وجوب الخمس فيها ما يصرف في
المؤونة .
وقد تحدّث الفقهاء عمّا يتخذ للقنية وهو ما ينتفع به مع بقاء عينه بحيث لا يستهلك في سنة واحدة- في مقابل ما ينتفع به باستهلاكه كالأطعمة والمشروبات ونحوها- كأنواع الفرش وأثاث المنزل والألبسة والدور ووسائل النقل وما شابه ذلك، فهذه الامور قد تستخدم عاماً أو أكثر ثمّ تبقى، أو قد تملك بهدف
الانتفاع بها.
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى عدم وجوب الخمس في مثل هذه الأشياء، إلّا إذا صارت بحيث يستغنى عنها
كحلي النساء إذا بلغن سنّاً لم يعدن معه بحاجة إليه، ففي هذه الحال
احتاطوا وجوباً في إخراج الخمس.
ومرجع ذلك إلى التفصيل فيما يتخذ للقنية بين ما يبقى على حاجته له حتى بعد تمام الحول فلا يجب فيه الخمس، وما ترتفع
الحاجة إليه بعد الحول فيخرج عن كونه من المؤونة فيحتاط في الخمس فيه.
وذهب
السيد الخوئي إلى سقوط الخمس في الحالتين معاً؛ مستدلّاً بأنّ ظاهر الأدلّة خروج ما يحتاج إليه خلال السنة- وهو المؤونة- عن عمومات وجوب الخمس، وهذا الخروج متعلّق بالفرد، أي ذاك الشيء والعين التي حصلت الحاجة إليها، وليس متعلّقاً بالزمان بحيث ينظر في كل سنة سنة إلى حالة هذا الشيء، فإن كان من المؤونة فيها وجب الخمس وإلّا فلا، فمقتضى
الإطلاق وعدم التقييد بعدم كونه مؤونةً في السنة القادمة هو عدم شمول دليل الخمس له، فيحتاج الشمول له إلى دليل، ومقتضى
الأصل البراءة ، ومعه فلا موجب للاحتياط ولو
الاستحبابي فضلًا عن
الفتوى .
ومرجع ذلك إلى التمسّك بالإطلاق الأزماني لدليل استثناء المؤونة.
واورد عليه بأنّ الاستثناء للمؤونة ورد بلسان
وجوب الخمس من بعد المؤونة وهو ظاهر في استثناء مقدار المؤونة لا أكثر، فلا إطلاق فيه لحال الخروج عن
المؤونة .
الموسوعة الفقهية، ج۱۵، ص۴۳۳-۴۴۶.