الانسداد
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو الفعل اللازم من سدّ بمعنى
الانغلاق و يطلق في
الأصول على الفرضية التي تنتج
حجّية الظن في الأحكام الشرعية حال عدم
إمكان تحصيلها بالطرق العلمية ويسمى ب(
دليل الانسداد ).
الانسداد- لغة-:
الانغلاق ،
وهو الفعل اللازم من سدّ.
ويستعمله
الفقهاء في المعنى اللغوي نفسه.
وأمّا عند الأصوليين فيطلق على الفرضية التي تنتج حجّية الظن في الأحكام الشرعية حال عدم
إمكان تحصيلها بالطرق العلمية.
ويسمّى
انسداد باب العلم إذا كان الانسداد في طريق العلم، وانسداد باب العلمي إذا كان الانسداد في طريق العلمي، ويسمّى انسداد باب العلم والعلمي إن كان الانسداد حاصلًا في كلا الطريقين.
ويسمّى من يعتمد عليها للوصول إلى الأحكام الشرعيّة ب (الانسدادي)، والدليل الذي اقيم عليه ب (دليل الانسداد)؛ لأنّ من مقدّماته: (انسداد باب العلم والعلمي).
والهدف من وراء كلّ ذلك
إثبات الحجّية للظن- بعد أن لم يكن حجّة ذاتية ولا شرعية- في
استنباط الأحكام الشرعية.
وفي قبال ذلك القول
بالانفتاح وإمكان الحصول على الأحكام الشرعيّة بالطرق العلمية والظنون التي قام على حجّيتها الدليل الخاص، والتي سمّيت بالظنون الخاصة، بلا حاجة إلى الطرق الظنّية التي لم يقم على حجّيتها بالخصوص دليل معتبر، فسمّي
الافتراض المزبور ب (الانفتاح)؛
لابتنائه على انفتاح باب العلم والعلمي بالأحكام الشرعية، وسمّي الذين اعتمدوا عليه ب (الانفتاحيّين).
ضد الفتق، وهو
إلحام الفتق و
إصلاحه ،
ومنه: قوله سبحانه وتعالى: «كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا».
والرَتَقَ- بالتحريك-: مصدر قولك: امرأة رتقاء بيّنة الرَتَقِ، لا يستطاع جماعها
لارتتاق ذلك الموضع منها،
فهو انسداد موضع الجماع من
المرأة ، وبه يعبّر الفقهاء هنا، بينما يعبّرون عن انسداد موضع البول والغائط بالانسداد غالباً، ولا يعبّرون عنه بالرَتَق.
اختلف الفقهاء في جريان أحكام
الاستنجاء في الموضع غير المعتاد، فذهب بعضهم إلى أنّ الأقرب جريان أحكام الاستنجاء إذا صار معتاداً مع انسداد الموضع الأصلي وعدمه، فيجوز
الاستجمار بشرائطه، وتكون الغسالة طاهرة إن لم تتغيّر بالخارج ولم تصبها نجاسة؛ لصدق النجو والبول والغائط، والاستنجاء لغة في إزالته، فتعمّه العمومات، و
للاشتراك في النقض والحاجة إلى الرخصة.
وجعل العلّامة في المنتهى والتحرير محلّ الكلام صورة ما لو انسدّ المخرج الطبيعي وانفتح مخرج آخر، وتردّد في المسألة.
وصرّح
الفاضل النراقي في بحث الاستنجاء بعدم الجريان ولو مع انسداد الطبيعي.
لكنّه في بحث طهارة ماء الاستنجاء نفى البأس عن الجريان في صورة انسداد الطبيعي لا مطلقاً.
ولمزيد من التفصيل يراجع مصطلح (استنجاء).
اختلفت كلمات الفقهاء في نقض الوضوء بالبول والغائط الخارجين من غير السبيلين على أقوال
:
منها: التفصيل بين انسداد المخرج الطبيعي وعدمه، فينقض في الأوّل ولو عند المرّة الاولى قبل تحقّق
الاعتياد ، دون الثاني؛
لأنّه يصير مخرجاً منعماً به.
وقد يستدلّ له بالإجماع.
لكن أشكل بعضهم بعدم ظهوره في دعوى
الإجماع في المقام.
هذا، وقد اعتبر الفاضل النراقي الاعتياد في النقض مع الانسداد.
لكن في
كشف اللثام : «قيل: ولا شبهة في عدم
اعتباره مع انسداد الطبيعي».
ومنها: التفصيل بالنقض مع انسداد المخرج الطبيعي مطلقاً ولو في المرّة الاولى قبل تحقّق الاعتياد، ومع عدمه بشرط الاعتياد، وعدمه مع عدم الأمرين من الانسداد والاعتياد،
وادّعي أنّه هو الأشهر
بل المشهور.
وتفصيل ذلك في محلّه.
لو أنزل من غير الموضع المعتاد فهل يكون موجباً للغسل مطلقاً مع تيقّن كونه منياً أو يلحق بالحدث الأصغر الخارج من غير الموضع المعتاد على القول به، فيشترط في حدثيته الاعتياد أو انسداد الخلقي؟ قولان، صرّح بالأوّل
العلّامة الحلّي ،
وبالثاني
الشهيد الأوّل .
وتردّد بعض في المسألة؛ نظراً إلى
أصالة البراءة من الوجوب، ووجوب
استصحاب حكم الطهارة حتى يعلم المزيل، وإلى
إطلاق الأخبار.
والتفصيل في محلّه.
ذكر بعض الفقهاء أنّه لا فرق بين خروج دم الحيض من المخرج الطبيعي أو العارضي وتترتّب عليه أحكامه؛ للإطلاق.
إلّاأنّه قال: ينبغي ملاحظة ما تقدّم في التخلّي وفي الجنابة، فإذا أمكن التفصيل فيهما بين العارضي المعتاد وغيره مطلقاً أو مع انسداد الطبيعي أمكن في المقام أيضاً؛ لعدم الفرق.
والتفصيل في محلّه.
المشهور بين الفقهاء أنّ انسداد فرج المرأة- على وجهٍ لا يطاق جماعه، ولم يمكن
إزالته أو أمكن وامتنعت، والمعبّر عنه بالرتق- يعدّ من العيوب التي توجب
خيار الفسخ في النكاح،
بل ادّعي عليه الإجماع؛
لفوات فائدة النكاح به.
ويدلّ عليه صحيحة أبي الصباح، قال: سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن رجل تزوّج امرأة فوجد بها قرناً، قال: فقال: «هذه لا تحبل ولا يقدر زوجها على مجامعتها، يردّها على
أهلها صاغرة ولا مهر لها...»،
فإنّه بمنزلة التعليل لجواز الردّ، فيتعدّى إلى كلّ موضع وجدت فيه العلّة.
والتفصيل في محلّه.
•
الانسداد في الأصول، قد عرفت أنّ دليل الانسداد هو دليل عقلي أقامه بعض الاصوليين
لإثبات حجّية الظن في الأحكام، وهو دليل مبتني على عدّة مقدمات أهمّها دعوى انسداد باب العلم والعلمي في الأحكام، ومنه جاءت
التسمية .
الموسوعة الفقهية، ج۱۸، ص۲۰۵-۲۲۰.