الفعل الكثير في الصلاة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الفعل الكثير الخارج عن الصلاة يبطل
الصلاة عمدا لا سهوا.
(و) كذا (الفعل الكثير الخارج عن الصلاة) يبطلها عمدا لا سهوا، بلا خلاف حتى في الثاني إن لم يمح صورة الصلاة به، بل قيل : ظاهر الأصحاب عدم
البطلان فيه مطلقا. وظاهره دعوى
الإجماع ، كما في
التذكرة والذكرى.
وهو الحجة فيه، كالإجماعات المستفيضة النقل في الأوّل،
مضافا فيه إلى
إطلاق المستفيضة، كالمروي في
قرب الإسناد في التكتف في الصلاة : «أنه عمل في الصلاة، وليس في الصلاة عمل».
والموثق الناهي عن قتل الحيّة بعد أن يكون بينه وبينها أكثر من خطوة.
والخبر الناهي عن
الإيماء في الصلاة.
والمروي في قرب الإسناد أيضا : عن الرجل يقرض أظافيره أو لحيته وهو في صلاته، وما عليه إن فعل ذلك متعمّدا؟ قال : «إن كان ناسيا فلا بأس، وإن كان متعمّدا فلا يصلح».
لكنها مطلقة شاملة لصور العمد والسهو والكثرة والقلة، إلاّ الأخير، فمفصّل بين الصورتين الأوليين، مع أنّ
الصلاة غير فاسدة في الثانية منهما إجماعا، كما مضى، وكذا في الثانية من الأخيرتين على الظاهر، المصرّح به في
المنتهى .
ومع ذلك معارضة بالصحاح المستفيضة وغيرها المجوّزة لقتل
البرغوث والحيّة والعقرب والبقة و
القمل والذباب، كما في الصحاح وغيرها.
وضمّ الجارية المارّة إليه، كما في الصحيح.
وحمل الصبي و
إرضاعه ، كما في الموثق وغيره.
وتصفيق
المرأة عند
إرادة الحاجة، كما في الصحيح.
وعدّ الرجل صلاته بخاتمه أو بحصى يأخذه بيده، كما فيه،
وفي المنتهى دعوى الإجماع عليه.
وتسوية الحصى في السجود بين السجدتين، كما في الموثق.
وضرب الحائط
لإيقاظ الغلام، كما في الصحيح.
ومسح الرجل جبهته في الصلاة إذا لصق بها تراب، كما في الموثق.
ونحو ذلك من الأفعال التي تضمّنتها الأخبار الكثيرة التي كادت تبلغ هي مع سابقتها التواتر.
ومع ذلك معمول بها بين الأصحاب، وإن اختلفوا في
الاقتصار على مواردها، كما عن المعتبر ونهاية الإحكام،
أو
إلحاق ما يضاهيها بها، كما يميل إليه بعض الأصحاب، حيث قال ـ بعد نقل جملة من هذه الأخبار ـ : ففي النظر إليها يظهر قلّة وجود الفعل الكثير المبطل، وعدم مدخلية الكثرة، وأن بعض الأبحاث في هذه المسألة لا يخلو عن شيء مثل : هل يشترط في الكثرة التوالي أم لا؟ وأن المرجع في القلّة والكثرة إلى العادة، وأنه لا عبرة بالعدد، فقد يكون الكثير قليلا كحركة الأصابع، والقليل كثيرا كالطفرة الفاحشة. انتهى
وهو حسن.
مع أن ما ذكروه من الرجوع في تحقيق الكثرة والقلة إلى العادة منظور فيه، أوّلا : بما ذكره بعض الأصحاب : من أن ذلك متجه إن كان مستند الحكم النص، وليس كذلك، فإني لم أطّلع على نصّ يتضمن أن الفعل الكثير مبطل، ولا ذكر نصّ في هذا الباب في شيء من كتب
الاستدلال ، فإذا مستند الحكم هو الإجماع، فيجب
إناطة الحكم بمورد
الاتفاق ، فكل فعل ثبت الاتفاق على كونه فعلا كثيرا كان مبطلا. ومتى ثبت أنه ليس بكثير فهو ليس بمبطل. ومتى اشتبه
الأمر فلا يبعد القول بعدم كونه مبطلا، لأن
اشتراط الصحة بتركه يحتاج إلى دليل بناء على أن الصلاة
اسم للأركان مطلقا، فيكون هذه الأمور خارجة عن حقيقتها. ويحتمل البطلان، لتوقّف
البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه.
وثانيا : بأن العادة المحكوم بالرجوع إليها في ضبط الكثرة إن كان المراد بها ما يرادف العرف العام ففساده واضح، وإن كان المراد بها عرف المتشرّعة فهو فرع ثبوته، وهو في حيّز المنع لو أريد بهم العلماء خاصة، لاختلافهم في الكثير المبطل، فبعض يبطل بما لا يبطل به الآخر، ومعه لا يحصل الحقيقة التي هي المرجع، وكذا لو أريد بهم العوام، مع أنهم ليسوا المرجع في شيء.
نعم، هذا حسن فيما لو اتّفق الكل على كونه كثيرا،
كالأكل والشرب والوثبة العظيمة والخياطة والحياكة ونحوها مما تشهد بفساد الصلاة به البديهة، ومعلوم أن الفعل الكثير المستدل لبطلان الصلاة به بهذا الدليل أعم منه، ومع ذلك فحيث اتفقوا يكون المناط في البطلان هو الإجماع حقيقة، كما مرّ عن بعض الأصحاب، وما عداه يكون الوجه فيه ما ذكره، وإن كان الوجه الأخير الذي احتمله أحوط.
رياض المسائل، ج۳، ص۲۸۵- ۲۸۹.