• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

الإيقاظ

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



هو الانتباه و اليقظة من النوم .




الإيقاظ إفعال من اليقظة محرّكة، وهو نقيض النوم ،
[۱] القاموس المحيط، ج۲، ص۵۹۱.
فيقال:
أيقظته من نومه، أي نبّهته فتيقّظ.
[۲] لسان العرب، ج۱۵، ص۴۵۳.
ومنه قوله تعالى في أصحاب الكهف :
«وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ »، أي ترى أعينهم مفتوحة وهم رقود، أي نيام .
[۶] مجمع البيان، ج۳، ص۴۵۶.

وقد يستعمل في مطلق الانتباه للُامور، فيقال: رجل يَقِظ، أي حذِرٌ وفَطِنٌ .
[۷] المصباح المنير، ج۱، ص۶۸۱.

فالإيقاظ: هو إخراج النائم من النوم إلى اليقظة ، وكذا إخراج الغافل إلى الانتباه و الفطانة .



ويستعمله الفقهاء في نفس معناه اللغوي.



ليس للإيقاظ مطلقاً أو مضافاً إلى النوم أو النائم حكم في نفسه، ولكن قد تعرض له الأحكام بملاحظة عروض بعض العناوين، فيختلف حكمه باختلاف تلك العناوين، ونتعرّض لبعضها- إجمالًا - فيما يلي:

۳.۱ - الإيقاظ للصلاة


تجوز مباشرة إيقاظ النائم لإتيانه الصلاة الواجبة بل المندوبة مع العلم برضاه به، بل يمكن الحكم حينئذٍ باستحبابه ؛ لشمول الأدلّة الآمرة بالمعروف - ولو في غير الواجبات- والآمرة بالتعاون على البرّ و التقوى والخيرات وأسباب المغفرة ، فيستحبّ قطعاً، ولا منافي له بعد فرض رضاه .

۳.۱.۱ - تفقد الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام النائمين في المسجد


ومن هذا الباب ما روي من تفقّد علي عليه السلام النائمين في المسجد وإيقاظهم لصلاة الصبح ، ففي الخبر : «فلمّا أذّن عليه السلام ونزل من المأذنة ، وجعل يسبّح اللَّه‌ ويقدّسه ويكبّره، ويكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال الراوي : وكان من كرم أخلاقه عليه السلام أنّه يتفقّد النائمين في المسجد ويقول للنائم: «الصلاة يرحمك اللَّه، الصلاة، قم إلى الصلاة المكتوبة عليك»، ثمّ يتلو عليه السلام: ««إنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَ المُنكَرِ » »، ففعل ذلك كما كان يفعله على مجاري عادته مع النائمين في المسجد...».
فإنّ تكرار فعل أمير المؤمنين عليه السلام لذلك وكون ذلك من عادته يدلّ في الحدّ الأدنى على استحباب الإيقاظ للصلاة الواجبة بعد طرحه الخبر بموردها.
بل قد يجب ذلك، كما إذا كان النائم قد طلب قبل النوم منه ذلك، ووعده هو بإيقاظه، فيجب عليه الإيقاظ عندئذٍ من باب الوفاء بالوعد بناءً على وجوبه في الوعد الابتدائي، أو افتراض اشتراطه عليه في ضمن عقد لازم.

۳.۱.۲ - حكم الإيقاظ إذا كان مصداقاً للأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر


وكذا يجب‏ الإيقاظ إذا كان مصداقاً للأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر، وذلك كما إذا كان النائم في نومه بمثابة يعدّ عاصياً للَّه‏تعالى بالنسبة للصلاة، وغير معذور في تركه ولو في حال النوم، كما إذا كان إقدامه على النوم داخل الوقت وبقصد ترك الصلاة؛ استهانةً بأمر الصلاة، فإنّه عند ذلك يجب نهيه عن المنكر- وهو ترك الصلاة- وأمره بالمعروف، وهو الصلاة.
نعم، إذا كان بحيث يعدّ في نومه معذوراً في ترك الصلاة- كما يتّفق ذلك في المؤمن إذا غلب عليه النوم- ولم نحرز رضاه بالإيقاظ، أو علمنا عدم رضاه به فلا يجب إيقاظه، بل لا يجوز؛ لأنّه إيذاء للغير، وتعرّض له من دون إحراز إذن منه، فتشمله أدلّة حرمة الإيذاء، و فحوى الروايات الواردة في عدم جواز التصرّف في مال أحد إلّابإذنه؛ لأنّ التعرّض للنفس لو لم يكن أولى من التعرّض للمال في المفسدة فلا أقل من مساواته له، وليس عدم رضاه بالإيقاظ منكراً منه ليجب نهيه عنه؛ لأنّ الفرض عدم رضاه بالإيقاظ حال كونه معذوراً، لا حال كونه غير معذور، فإنّه يجوز لقائل أن يقول: أنا حينما كنت معذوراً في ترك الصلاة بغلبة النوم ونحوه فلا أرضى أن يتعرّضني أحدٌ، وليس هذا استهانة بأمر الصلاة؛ لأنّ الاستهانة إنّما تصدق مع العزم على الترك أو مع عدم المبالاة .
وهذه الموارد التي تعرّض لها الفقهاء وإن اختصّت بالصلاة، إلّاأنّ بعض الأدلّة العامة المتقدّمة تصلح دليلًا على ما هو أعم من الصلاة من الواجبات والمندوبات لو نام الإنسان عنها.

۳.۲ - الإيقاظ بالأذان


لا فرق فيما ذكر من مقتضى القاعدة بين الإيقاظ مباشرة أو بالتسبيب .
نعم، التسبيب للإيقاظ بأذان الإعلام ليس حراماً قطعاً ولو كان النائم معذوراً وعلم عدم رضاه بالإيقاظ؛ وذلك لإطلاق أدلّة أذان الإعلام، و السيرة المستمرّة القائمة من زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذا الزمان .
اللهمّ إلّاأن يقال بأنّنا لا نحرز مورداً تأذّى فيه جار المسجد من أذان الإعلام، ويكفي الشك للتوقف في الاستناد إلى السيرة المتشرّعية، ولعلّه حصلت بعض الموارد التي لم تصلنا، إذ من طبع الناس في المجتمعات المحافظة دينياً أن تتحفّظ عن الاعتراض على مثل الأذان، فلهذا لم يظهر مثل هذا الاعتراض حتى نحرز عمل السيرة برفع الأذان ولو مع وجوده، هذا، فضلًا عن أنّ إطلاقات الأدلّة يصعب الاستناد إليها؛ لأنّها ليست في مقام البيان من هذه الناحية، ولو لندرة حالات الإيذاء بالبيان الذي قلناه.
نعم، الظاهر أنّ الأذان في المذياع ومكبّرات الصوت - كما في زماننا- غير مشمول لأدلّة أذان الإعلام، بل قد تشمله الأدلّة الناهية عن إيذاء المؤمنين ولو بالتسبيب، فيجب اجتنابه مع العلم بإيذائه المؤمنين وعدم رضاهم به.

۳.۳ - إيقاظ الأهل


ومثل أذان الإعلام في الجواز إيقاظ الأهل ولو بغير الأذان، فإنّه يجوز للإنسان إيقاظهم للصلوات الواجبة، بل المندوبة، خصوصاً في بعض الأوقات والليالي المعدّة للعبادة و الدعاء و الاستغفار ، المطلوب إحياؤها ، كليالي القدر وليلة النصف من شعبان ونحوها؛ لقوله تعالى:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ» ، فإنّ إطلاق الأمر بالوقاية شامل لمطلق أنواعها، ولا ريب في أنّ القيام بهذه الفرائض في وقتها يحقّق المزيد من الثواب للفاعل ويساعده على ترجيح ميزان حسناته لكي يتّقي بذلك النار يوم القيامة .
وكذلك إطلاق الروايات الواردة في تربيتهم و تعويدهم على الصلاة والعبادات، فإنّ منها صلاة الصبح ونافلة الليل .
بل قد يدّعى إطلاق هذه الأدلّة حتى بالنسبة لصورة العلم بعدم رضاهم، مضافاً إلى إطلاق أدلّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشامل للأهل أيضاً إذا كانوا بالغين، بل غير البالغين فيستحبّ عندئذٍ.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «رحم اللَّه عبداً قام من الليل فصلّى، وأيقظ أهله فصلّوا».
وروي عن يعقوب بن سالم، أنّه سأل أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الرجل يقوم في آخر الليل يرفع صوته بالقراءة، قال:
«ينبغي للرجل إذا صلّى بالليل أن يُسمع أهله؛ لكي يقوم النائم ويتحرّك المتحرّك ».
وفي خبر محمّد بن يحيى الصولي عن جدّته عن جارية كانت في دار مولانا الإمام الرضا عليه السلام قالت في حديث :
وكانت علينا قيّمة تنبّهنا من الليل، وتأخذنا بالصلاة، وكان ذلك من أشدّ ما علينا....

۳.۴ - الإيقاظ لدفع الضرر


يختلف حكم ذلك باختلاف نوع الضرر المتوجّه إلى النائم وباختلاف الشخص من حيث حرمة النفس وعدمه، فقد يكون‏ الضرر ما يجب دفعه عنه، فيجب حينئذٍ إمّا دفع الضرر عنه نائماً، أو إيقاظه لينتبه إلى الضرر ويدفعه بنفسه عن نفسه، وذلك كما إذا خيف على نفس النائم من نزول عدوّ به أو سَبُع أو سقوط جدار بمعرض السقوط ونحوها.
والدليل عليه أدلّة الدفع عن المؤمنين بل المسلمين، فيجب الإيقاظ إذا توقّف عليه الدفع.
وقد يكون الضرر المتوجّه إليه ممّا لا يجب دفعه عنه، إمّا لعدم احترامه نفساً- كالحربيّ - أو لخفّة الضرر، بحيث لا تشمله أدلّة لزوم الدفاع عن المؤمنين والمسلمين، فلا يجب إيقاظه.
نعم، مع احترامه يستحبّ دفع الضرر الخفيف أيضاً عنه مباشرة أو بإيقاظه؛ لما مرّ من أدلّة استحباب المعروف، و الإحسان إلى المؤمنين.
ثمّ مع وجوب الإيقاظ دفعاً للضرر، إذا لم يدفع عنه الضرر ولم يوقظه فقد ارتكب حراماً قطعاً، وأمّا الضمان ، فهل يمكن الحكم بضمان نفسه وتعلّق الدية و كفّارة القتل به أم لا؟
ظاهر كلماتهم في أبواب القصاص والديات تعلّق الضمان فيما إذا كان التلف مستنداً إلى الإنسان، بحيث يصدق عليه أنّه أتلفه مباشرة أو بالتسبيب، وهو غير صادق في المقام .
نعم، إذا كان أصل نومه في المحلّ المزبور مستنداً إلى الشخص كما إذا نقله من مكان لآخر حال النوم مع علمه أو ظنّه بأنّ الجدار سيسقط عليه، فيستند القتل عندئذٍ إليه تسبيباً، فيجب عليه ضمانه.
ومثل ذلك المجنون فإنّه تارة يذهب بنفسه إلى محلّ الخطر ، واخرى يذهب به شخص آخر، ففي الصورة الاولى وإن كان الواجب على الملتفت دفع الضرر عنه بنقله عن هذا المكان ، إلّاأنّه إذا لم يدفع عنه لا يتعلّق به ضمان؛ لاستناد التلف حينئذٍ إلى نفس المجنون، وأمّا الصورة الثانية فيصحّ استناد التلف فيها إلى الناقل ؛ تسبيباً، فيضمن.


 
۱. القاموس المحيط، ج۲، ص۵۹۱.
۲. لسان العرب، ج۱۵، ص۴۵۳.
۳. الكهف/سورة ۱۸، الآية ۱۸.    
۴. تفسير القمّي، ج۲، ص۳۴.    
۵. التبيان، ج۷، ص۲۱.    
۶. مجمع البيان، ج۳، ص۴۵۶.
۷. المصباح المنير، ج۱، ص۶۸۱.
۸. العنكبوت/سورة ۲۹، الآية ۴۵.    
۹. البحار، ج۴۲، ص۲۸۱.    
۱۰. التحريم/سورة ۶۶، الآية ۶.    
۱۱. المستدرك، ج۳، ص۱۶۶، ب ۴۹ من المواقيت، ح ۸.    
۱۲. علل الشرائع، ج۲، ص۳۶۴، ح ۱.    
۱۳. الوسائل، ج۶، ص۷۷، ب ۲۲ من القراءة في الصلاة، ذيل الحديث ۱.    
۱۴. المستدرك، ج۶، ص۴۴۰، ب ۱۱ من قضاء الصلوات، ح ۲.    




الموسوعة الفقهية، ج۱۹، ص۲۹۸-۳۰۲.    



جعبه ابزار