القسم
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
فللزوجة الواحدة ليلة، وللاثنين ليلتان، وللثلاث ثلاث؛ والفاضل من الاربع له أن يضعه حيث شاء؛ ولو كن أربعا فلكل واحدة ليلة؛ ولا يجوز الاخلال إلا مع العذر أو
الإذن والواجب
المضاجعة لا
المواقعة؛ ويختص الوجوب بالليل دون النهار، وفي
رواية الكرخى؛ إنما عليه أن يكون عندها في ليلتها ويظل عندها في صبيحتها؛ ولو اجتمعت مع الحرة أمة
بالعقد فللحرة ليلتان وللأمة ليلة، والكتابية
كالأمة؛ ولا قسمة للموطوءة بالملك؛ ويختص
البكر عند الدخول بثلاث إلى سبع،
والثيب بثلاث؛ ويستحب التسوية بين الزوجات في
الإنفاق وإطلاق الوجه
والجماع، وأن يكون في صبيحة كل ليلة عند صاحبتها.
أمّا القَسم وهو بفتح القاف، مصدر: قسمت الشيء، والمراد به: قسمة الليالي بين الأزواج. أمّا بالكسر فهو: الحظّ والنصيب. ولا ريب ولا خلاف في وجوبه في الجملة؛ لما فيه من
العدل بينهنّ، وتحصينهنّ، والمعاشرة بالمعروف المأمور بها في
الآية.
قيل: وللتأسّي
. وفيه نظر؛ لمنع وجوبه أوّلاً، ثم على تقدير تسليمه منعه هنا؛ لعدم وجوبه عليه في المشهور بين
الخاصّة والعامّة، ولا يجب التأسّي إلاّ فيما يفعله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) وجوباً، أو ما لم يعلم عدم وجوبه.
وفيما مرّ كفاية لإثبات
الوجوب؛ مضافاً إلى النصوص المستفيضة:
منها: «من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء
يوم القيامة وشقّه (الشقّ: من کلّ شیء نصفه
) مائل، أو ساقط»
.
وهل يجب بنفس
العقد والتمكين، فيجب للزوجة الواحدة ليلة من أربع وللاثنتين ليلتان، وللثلاث ثلاث، والفاضل من تمام الأربع ليالي يضعه حيث يشاء في الزوجات كما في
المعتبرة، وعليه
الإجماع عن
الخلاف والغنية أو غيرهنّ، ولو كُنّ أربعاً فلكلّ واحدة ليلة؟ أم يتوقّف على الشروع في القسمة، فلا تجب إلاّ للمتعدّدة خاصّة إلى أن ينقضي الدور فحلّ تركه؟ قولان.
قيل: يبنيان على أنّ القسمة هل هي حقّ لهما ابتداءً؟ أو للزوج خاصّة؟ والمشهور: الأول؛ لاشتراك ثمرته وهي الاستئناس، وللصحيح
وغيره
: في الرجل يكون عنده امرأتان إحداهما أحبّ إليه من الأُخرى، قال: «له أن يأتيها ثلاث ليال وللأُخرى ليلة، فإن شاء أن يتزوّج أربع نسوة كان لكلّ امرأة ليلة، فلذلك كان له أن يفضّل بعضهنّ على بعض ما لم يكنّ أربعاً».
والمحقّق والشهيد الثاني على الثاني؛ لأنّه المتيقّن، والأصل براءة الذمّة؛ ولأنّ حقّ الاستمتاع ليس للزوجات، ومن ثمّة لم يجب على الزوج بذله إذا طلبته، والجماع لا يجب إلاّ في كلّ أربعة أشهر، وإنّما وجبت القسمة للمتعدّدة مع الشروع مراعاةً للعدل، ولظاهر «فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ»
؛ دلّت على أنّ الواحدة كالأمة لا حقّ لها في القسمة المعتبر فيها
العدل، فلو وجبت لها ليلة من الأربع لساوت غيرها، وكلّ من قال بعدم الوجوب للواحدة قال بعدمه للأزيد أيضاً، إلاّ مع الابتداء بواحدة فيجب التسوية
. انتهى.
وفي كلّ من البناء ودعوى تلازم القول بنفي الوجوب للواحدة ونفيه للأزيد نظر:
أمّا الأول: فلتصريح
العلاّمة في
التحرير باشتراك الحقّ بينهما مع اختياره القول الثاني
، ونحوه الماتن في
الشرائع والشهيد الثاني في
الروضة، وليس في مختارَيهم مناقضة، فقد يكون مرادهم من شركة الزوجة في القسمة استحقاقها لها بعد الشروع فيها لا مطلقاً.
وأمّا الثاني: فلتصريح
ابن حمزة باشتراط وجوب القسمة بزيادة الزوجة على واحدة
، الظاهر في وجوبها للمتعدّدة دون الواحدة، وحكي أيضاً عن ظاهر جماعة، كالمقنعة
والنهاية والمهذّب والجامع. فليس في الآية دلالة على نفي الوجوب للمتعدّدة.
وأصالة البراءة وغيرها ممّا ذكر لنفيه فيها أيضاً مدفوعة بإطلاق
الصحيح وغيره بأنّ «لكلّ امرأة ليلة» الشامل لصورتي الشروع في القسمة وعدمه. والتقييد بالأُولى يحتاج إلى دليل، وليس.
فالقول بوجوب القسمة للمتعدّدة غير بعيد. لكن يمكن المناقشة في
الإطلاق باختصاصه بحكم
التبادر والسياق، بل والغلبة بما قُيِّد به من الصورة الأُولى دون الثانية، فلا يخصَّص بمثله أصالة البراءة. وأمّا إطلاق الأمر بالقسمة في بعض المعتبرة
، فمع ما فيه من المناقشة المزبورة، قرائن
الاستحباب فيه موجودة. فالقول بمقالة الجماعة المتأخّرة في غاية القوّة.
كلّ ذا في المتعدّدة.
وأمّا الزوجة الواحدة، فينبغي القطع بعدم استحقاقها القسمة بالمرّة؛ لأصالة البراءة السالمة عن المعارض ولو نحو الإطلاقات السابقة، ودعوى.
الإجماع المركّب قد عرفت أنّها ممنوعة، مضافاً إلى ظاهر الآية السابقة.
وممّا ذكرنا ظهر أنّ الأقوال في المسألة ثلاثة: وجوب القسمة للواحدة والمتعدّدة مطلقاً شرع فيها أم لا، واختصاصه بالمتعدّدة مطلقاً، وعدمه إلاّ مع الشروع فيها.
ثم إن تعدّدن، ابتدأ بالقرعة، فإن كانتا اثنتين، وإلاّ افتقر إلى
قرعة أُخرى للثانية، وهكذا؛ لئلاّ يرجّح بغير مرجّح.
وقيل: يتخيّر
. قيل: وعلى قول
الشيخ يتخيّر من غير قرعة
.
ولعلّه لأنّه حقّه، فله
التخيير في وضعه في أيّهنّ شاء. ولكنّه في
المبسوط صرّح بلزوم القرعة
.
ولا تجوز الزيادة في القسمة على ليلة بدون رضاهن، وهو أحد القولين وأشهرهما في المسألة؛ لأنّه
الأصل المحقّق المعلوم من النصوص
ولئلاّ يلحق بعضهنّ ضرر بذلك، فقد يعرض ما يقطعه عن القسم للمتأخّرة.
والآخر: جوازها مطلقاً؛ للأصل. ويدفع بما مرّ.
وربما قيل به مقيّداً بالضرر، كما لو كنّ في أماكن متباعدة يشقّ عليه الكون كلّ ليلة مع واحدة، وحينئذٍ يتقيّد بما يندفع به الضرر، ويتوقّف ما زاد على رضاهن
.
وهو حسن إن لم يمكن دفع الضرر بنحو آخر، كرفع التباعد، وتقريب أماكنهن؛ ويشكل مع الإمكان.
ولا يجوز الإخلال بالمبيت الواجب إلاّ مع العذر كنشوزها إلى أن ترجع إلى الطاعة، والسفر مطلقاً أو
الإذن منهنّ أو من بعضهنّ فيما يختصّ الإذن به.
والواجب في البيتوتة هو
المضاجعة خاصّة، وهي: أن ينام معها قريباً منها عادةً، معطياً لها وجهه دائماً أو أكثريّاً، بحيث لا يعدّ هاجراً، وإن لم يتلاصق الجسمان.
ولا يعتبر فيها حصولها في جميع الليل، بل يكفي فيه ما يتحقّق معه المعاشرة بالمعروف.
و لا يجب فيها
المواقعة لأنّها لا تجب إلاّ في كلّ أربعة أشهر، كما مضى إليه الإشارة؛ وبعدم وجوبها فيها صرّحت معتبرة إبراهيم الكرخي الآتية. ولا خلاف في شيء من ذلك.
ويختصّ الوجوب بالليل على الأشهر الأظهر، فلا يجب النهار؛ تمسّكاً بالأصل، وظواهر المعتبرة المصرّحة بالليلة
، الظاهرة في اختصاص الواجب بها؛ مع أنّ النهار وقت التردّد والانتشار في الحوائج، قال
الله تعالى «وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً»
، فلا تجب القسمة فيه.
خلافاً للمحكيّ عن
الإسكافي، فأوجب القيلولة في صبيحة تلك الليلة عند صاحبتها
.
وللمبسوط، فأوجب الكون مع صاحبة الليلة نهاراً
، ووافقه في التحرير، لكنّه جعل النهار تابعاً للّيلة الماضية
. ولا دليل على شيء من ذلك، مع مخالفته لما قدّمناه من الأدلّة.
نعم، يمكن الاستدلال للمبسوط بالأخبار الآتية الدالّة على أنّ للحرّة يومين وللأمة يوم
، والدالّة على تخصيص البكر والثيّب بالأيّام
؛ بناءً على كون اليوم اسماً لمجموع الليلة والنهار.
لكنّها مع معارضتها بما مرّ معارضة بالمعتبرة الأُخر في المقامين، المصرّحة بدل اليوم بالليلة، فلا بدّ من التجوّز في أحد الطرفين، إمّا بأن يراد من اليوم الليلة خاصّة تسميةً للجزء باسم كلّه، أو يراد من الليلة مجموع اليوم المشتمل على النهار تسميةً للكلّ باسم جزئه. والترجيح للأول؛ لكثرة الأخبار الدالّة على الليلة، المعتضدة بما قدّمناه من الأدلّة؛ ومع ذلك فهي بحسب الأسانيد معتبرة، دون الأخبار المعارضة؛ لقصور
سند ما يتعلّق بالقسم الأول طرّاً.
فالمصير إلى ما هو المشهور متعيّن جدّاً، ولكن
الاحتياط معه، سيّما مع ما فيه من
العدالة وحسن
الإنصاف المرغب إليهما شرعاً.
وأمّا ما في
رواية إبراهيم الكرخي الصحيحة إليه، المتضمّن لمن أجمع على تصحيح رواياته العصابة، فلا تضرّ الجهالة من أنّه: «إنّما عليه أن يكون عندها في ليلتها، ويظلّ عندها في صبيحتها وليس عليه أن يجامعها إذا لم يرد ذلك»
. فليس فيه دلالة على شيء من الأقوال المتقدّمة حتى الأول؛ لتصريحه بالقيلولة الغير الملازم للكون معها في صبيحة الليلة بالمرّة، فالاستدلال له به لا وجه له بالمرّة؛ ومع ذلك فلا تقاوم شيئاً ممّا قدّمناه من الأدلّة المعتضدة بالشهرة العظيمة، فحمله على الاستحباب متعيّن.
ثمّ ليس المراد من البيتوتة معها في الليلة القيام معها في جميعها، بل ما يعتاد منها، وهو بعد قضاء
الوطر من
الصلاة في
المسجد، ومجالسة الضيف، ونحو ذلك؛ حملاً للإطلاق على المتعارف، مع عدم منافاته للمعاشرة بالمعروف المأمور بها في الآية.
نعم، ليس له الدخول في تلك الليلة على الضرّة إلاّ للضرورة فيما قطع به
الأصحاب؛ لمنافاته المعاشرة المزبورة، ومن الضرورة: عيادتها إذا كانت مريضة، وقيّده في المبسوط بثقل المرض وإلاّ لم يجز، فإن مكث وجب قضاء زمانه ما لم يقصر بحيث لا يعدّ إقامة عرفاً، فيأثم خاصّة
.
ثم إطلاق
النصّ والفتاوي بوجوب الليلة وارد مورد الغلبة، وهي ما يكون معاشه نهاراً، فلو انعكس كالوقّاد، والحارس، والبزّار فعماد قسمته النهار خاصّة بلا خلاف؛ جمعاً بين الحقّين، ودفعاً للضرر، والتفاتاً إلى قوله تعالى «جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً»
، فتأمّل.
ولو كان مسافراً معه زوجاته، فعماد القسمة في حقّه وقت النزول، قليلاً كان أم كثيراً، ليلاً أم نهاراً؛ لبعض ما مرّ.
وإذا اجتمع مع الزوجة الحرّة أمة
بالعقد الدائم حيث جوّزناه فللحرّة ليلتان، وللأمة ليلة على الأظهر الأشهر بين الطائفة، بل عليه
الإجماع عن
الخلاف وغيره
، والنصوص به مستفيضة.
ففي الصحيح: «إذا كانت تحته أمة مملوكة، فتزوّج عليها حرّة، قسم للحرّة مثلي ما يقسم للملوكة»
ونحوه
الموثّق وغيره
.
وخلاف
المفيد حيث نفى القسمة للأمة
مع خلّوه عن المستند، شاذٌّ لا يلتفت إليه، سيّما في مقابلة ما مرّ من الأدلّة.
ثم إنّ التثليث وإن كان يتحقّق بتنصيف الليلة للأمة وتتميمها للحرّة فلهما ليلة ونصف من أربع ليال، وليلتان ونصف له يضعها حيث يشاء إلاّ أنّ المشهور تخصيصه بتثليث الليالي، فللأمة ليلة، وضِعفها للحرّة، ويكون ذلك من ثمان؛ جمعاً بين حقّهما وحقّ الزوج، فيكون الذي له منها خمس يضعها حيث يشاء، ولهما ثلاث، وأكثر النصوص وإن خلت عن ذلك إلاّ أنّ الباقي مصرّح به.
ففي القويّ: «فإن تزوّج الحرّة على الأمة فللحرّة يومان وللأمة يوم»
ونحوه خبران آخران
.
وفي الموثّق: «للحرّة ليلتان، وللأمة ليلة»
ونحوه غيره
.
مضافاً إلى الإجماع عليه عن الخلاف وغيره.
والتأيّد بما ذكره جماعة من أنّ في تنصيف الليلة تنغيصاً
للعيش ودفعاً للاستئناس، وأنّ أجزاء الليل يعسر ضبطها غالباً، فلا يكون مناطاً للأحكام الشرعيّة
.
فتنظّر بعض الأصحاب فيما ذكروه من التثليث بحسب الليالي
بناءً على أنّ الأصل في دور القسمة أربع ليال، فالعدول إلى جعله من ثمان، كما هو اللازم عليه بمجرّد عدم صحّة القسمة، من دون ليلة كاملة، مشكل، سيّما مع إمكانها بالعوارضات الخارجة ليس في محلّه.
ثمّ إنّ
إطلاق النصّ والفتوى يقتضي جواز الجمع بين ليلتي الحرّة والتفريق بينهما. ولكن أوجب بعض الثاني مع عدم رضائها بالأول، ليقع لها من كلّ أربع واحدة
؛ ولعلّه ناظر إلى ثبوت الحقّ لها في كلّ أربع ليال واحدة، ولا يسقط ذلك باجتماعها مع
الأمة، وليس في الإطلاقات ما ينافيه بوجهٍ بالمرّة.
وهو حسن، لكنّه على إطلاقه مشكل؛ لتوقّف ثبوت الحقّ المزبور على المشهور من ثبوت القسمة أول مرّة ولو لم يكن هناك زوجات متعدّدة، وأمّا على غيره فلا، إلاّ مع التعدّد والشروع في القسمة الموجبين لثبوت الحقّ المزبور لها، وهو اجتماعها مع الحرّة، وليس اجتماعها مع الأمة بعد الشروع في القسمة لهما منه قطعاً، كيف لا؟! وثبوته لها إلى هذا الحدّ يحتاج إلى دليل، وليس؛ لعدم النصّ والإجماع؛ لإطلاقهما بحقّها من دون تصريح بالتفريق أو الجمع، وهو يقتضي جواز كلّ من الأمرين.
هذا، مع أنّ إطلاق الحكم بوجوب التفريق لتحصيل الحقّ ليس في محلّه، فقد يحصل مع الجمع، كما إذا شرع في قسمتها في الليلة الرابعة من ليالي القسمة ثم تلاها بالليلة الخامسة، فيحصل حينئذٍ من كلّ أربع واحدة.
والكتابيّة الحرّة كالأمة المسلمة، فللحرّة المسلمة ليلتان ولها ليلة، بلا خلاف يُعبأ به بين
الطائفة، بل عن الخلاف الإجماع
؛ ويدلّ عليه بعده عموم: أنّها بمنزلة
الإماء، المستفاد من المعتبرة
، وخصوص
الخبر المنجبر قصور سنده بالشهرة مع أنّه عدّ مثله في الصحيح جماعة
: «للمسلمة الثلثان، وللأمة والنصرانيّة الثلث»
.
فتوقّف بعض من تأخّر
ليس في محلّه.
والكتابيّة الأمة لها ربع القسمة؛ لئلاّ تساوي الأمة المسلمة، وللأصل مع عدم المخرج عنه، سوى إطلاق الخبر المتقدّم بالتنصيف للنصرانيّة، وليس فيه
حجّة لتخصيص الأصالة المزبورة؛ بناءً على أنّ المتبادر منها بحكم سياق العبارة، حيث جعلت في مقابلة الأمة كونها حرّة.
ومن هنا يظهر دليل آخر للحكم في المسألة السابقة؛ بناءً على مخالفة وجوب القسمة
لأصالة البراءة، فيكتفى في الخروج عنها بالإضافة إلى
الكتابيّة الحرّة على ما هو المتيقّن من الأدلّة، وليس إلاّ كونها كالأمة؛ إذ
مساواتها للحرّة المسلمة لا دليل عليها، سوى إطلاق الأدلّة بأنّ للحرّة من أربع ليال ليلة، وليس ينصرف إلى مثلها بالضرورة.
ومن هنا ينقدح الوجه فيما قاله الماتن من أنّه لا قسمة للموطوءة بالملك مضافاً إلى الإجماع عليه. وفي حكمها الموطوءة بالعقد المنقطع والتحليل؛ لعين ما مرّ من الأدلّة.
وتختصّ
البكر عند حدثان عرسها و الدخول عليها استحباباً لا وجوباً للأصل، مع انتفاء الصارف عنه من النصّ وكلام أكثر الأصحاب، من حيث عدم تضمّنهما ما يدلّ على الوجوب، سوى
الأمر في بعض النصوص
، ولوروده في مقام جواب السؤال عن جواز التفضل لا دلالة له على الوجوب؛ لوروده في مقام توهّم الحظر بثلاث ليال إلى سبع وفاقاً للشيخ في كتابي الأخبار
.
جمعاً بين الأخبار المختلفة المصرحة بالأول، كالصحيح
وغيره
: «إذا تزوّج الرجل بكراً وعنده ثيّب فله أن يفضّل البكر ثلاثة أيّام». وبالثاني، كالصحيح
وغيره
: الرجل يكون عنده المرأة يتزوّج أُخرى، إله أن يفضّلها؟ قال: «نعم، إن كانت بكراً فسبع، وإن كانت ثيّباً فثلاثة أيّام». وصريح الشيخ في الكتابين أفضليّة الأول.
خلافاً للأكثر، فالثاني، وهو أظهر؛ لرجحان أخباره بالشهرة العظيمة، بل وإجماع الطائفة كما حكاه عن خلافه بعض الأجلّة
. ومن هنا يظهر عدم الخلاف في جواز التخصيص بالسبع، وحكى عليه الإجماع جماعة
.
وهل هو على سبيل الاستحقاق خاصّة، فلا يقضي منها شيئاً لغيرها، كما هو ظاهر إطلاق النصّ والفتوى؟ أم لا تستحقّ منها سوى الثلاث، وأمّا البواقي فلا، بل غاية الأمر جواز تقديمها، ومعه فيقضيها للباقيات؟ قولان.
ولم يُنقَل الأخير إلاّ عن الإسكافي
؛ ولا دليل عليه سوى ما قيل عنه من الجمع بين الروايات
، وهو جيّد مع وضوح الشاهد عليه، وليس، فليس؛ مع أنّه قريب ممّا ذكرته العامّة وما أوردوا فيه من
الرواية.
كلّ ذا في البكر.
وأمّا
الثيّب المضاهية لها في حدثان العرس فتختصّ عنده بثلاث بلا خلاف في أكثر النصوص والفتاوي.
وربما يوجد في بعض الأخبار والفتاوي
التفضيل بالسبع، ففي العلل: إنّ
رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) تزوّج
زينب بنت جحش، فأولم وأطعم الناس إلى أنّ قال: ولبث سبعة أيّام بلياليهنّ عند زينب، ثم تحوّل إلى بيت
أُمّ سلمة، وكان ليلتها وصبيحة يومها من رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم)
.
وهو مع قصور سنده، وشذوذه، وعدم مكافأته لما مرّ. من الأخبار يحتمل الحمل على اختصاصه به صلوات الله عليه وآله.
وعن الخلاف: أنّ للثيّب حقّ التخصيص بثلاثة خاصّة لها، أو بسبعة يقضيها للباقيات؛ مدّعياً عليه الإجماع وهو موهون بمصير الكلّ إلى الخلاف والأخبار
، ولم نجدها، وما تقدّم ليس منها كما لا يخفى.
نعم، في النبويّ كما حكي: قال لأُمّ سلمة حين بنى بها: «ما بك على أهلك من هوان، إن شئتِ سَبَّعتُ عندك وسَبَّعتُ عندهن، وإن شئتِ ثلّثتُ عندك ودُرتُ»
.
وليس فيه مع قصور سنده، وعدم مكافأته لما مرّ حجّة؛ لاحتمال الاختصاص به (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم).
ثم المتبادر من إطلاق النصّ والفتوى توالي الليالي وحرّية المرأتين، إلاّ أنّ ظاهر الأصحاب الاتّفاق على الشمول للأمة، ولكن اختلفوا في المساواة في التقدير أو التنصيف لها كما هو القاعدة المطّردة على قولين، والأشهر: الأول، والأظهر: الثاني، وفاقاً للتحرير
؛ وقوفاً فيما خالف
الأصل على المتيقّن، وليس إلاّ المجمع عليه، وهو ما ذكروا؛ التفاتاً إلى ثبوته في أكثر الموارد،
والظنّ يلحق الشيء بالأعمّ الأغلب.
ولا فرق في الثيّب بين الزائل بكارتها بالجماع وغيره، لا لشمول الإطلاق لهما، لانصرافه إلى الأُولى منهما قطعاً؛ بل للأصل، وعدم المخرج عنه، سوى إطلاق أخبار البكر الغير الصالح للشمول للثانية بمقتضى عدم تبادرها منه، كما لا تتبادر من الإطلاق الأول لندرتها، ولو لا الإجماع على ثبوت الثلاث لها مع فحوى ثبوته للأُولى لأمكن انتفاؤه عنها أيضاً؛ لما مضى.
ويستحبّ التسوية بين الزوجات في
الإنفاق، وإطلاق الوجه، والجماع استحباباً مؤكّداً؛ لما فيه من رعاية
العدل وتمام
الإنصاف.
وليس بواجب بلا خلاف في الظاهر؛ للأصل، وقوله تعالى «وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ»
، ومثل هذا مَيلٌ وليس كلّ المَيل. وفي الخبر: «يعني في
المودّة» وقوله سبحانه «فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً»
، «في
النفقة»
وفيه قصور بحسب
السند.
وللصحيح: عن الرجل يكون له امرأتان يريد أن يؤثر إحداهما بالكسوة والعطيّة، أيصلح ذلك؟ قال: «لا بأس، وأجهد في العدل»
.
والنهي عن التفضيل في الحرائر في الخبر
إمّا محمول على التفضيل في الواجب، أو
الكراهة.
وأن يكون في صبيحة كلّ ليلة عند صاحبتها لما مرّ من الخبر المعتبر.
والأحوط الكون عندها في نهار الليلة؛ للشبهة الناشئة عمّا ذكرناه من الأدلّة ومخالفة العلاّمة.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۲، ص۷۶-۹۱.