حكم الصلاة في وبر الخز
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ويجوز) الصلاة (في) وبر (الخزّ الخالص) من
الامتزاج بوبر
الأرانب والثعالب وغيرهما مما لا تصح الصلاة فيه، لا مطلق الخلوص. فلو كان ممتزجا بالحرير مثلا بحيث لا يكون الخزّ مستهلكا به لم يضرّ، وبه وقع التصريح في بعض الأخبار.
والأصل فيه ـ بعد
الإجماع ، على الظاهر، المصرّح به في كثير من العبائر
حدّ
الاستفاضة بل فصاعدا ـ المعتبرة المستفيضة، وفيها الصحاح والموثق وغيرها.
وكذلك جلده عند الأكثر، على الظاهر، المصرّح به في كلام بعض لم نعثر على من نسب الجواز إلى الأكثر، عن كشف
الالتباس للصيمري أنه المشهور.
للصحيح : عن جلود الخزّ، فقال : «هو ذا نحن نلبس» فقلت : ذاك الوبر،فقال : «إذا حلّ وبره حلّ جلده».
والموثق : عن الصلاة في الخزّ، فقال : «صلّ فيه».
وفيهما نظر، لعدم تصريح في الأوّل بجواز الصلاة، فيحتمل حلّ اللبس كما يشعر به سياقه.
نعم قوله : «إذا حلّ وبره» إلى آخره، ربما أشعر بتلازمهما في الحلّ مطلقا حتى في الصلاة. لكنّه ليس بصريح، بل ولا ظاهر، لقوّة احتمال
اختصاص التلازم في حلّ اللبس ـ المستفاد من السياق ـ خاصة، فيشكل الخروج بمجرّده عن عموم ما دلّ على المنع عن الصلاة في جلد كل ما لا يؤكل لحمه.وبنحوه يجاب عن الموثق، وإن صرّح فيه بجواز الصلاة، لإطلاقه أو عمومه من وجه آخر، وهو عدم التصريح فيه بالمراد من الخزّ المطلق فيه أ هو الجلد، أو الوبر، أو هما معا؟ فيحتمل
إرادة الوبر منه خاصة، كما هو المتبادر منه حيثما يطلق، سيّما في الأخبار، كما لا يخفى على الناظر فيها بعين
الإنصاف .
وأضعف منهما
الاستدلال له بالصحيح : عن جلود الخز، فقال : «ليس بها بأس».
لعدم التصريح فيه بالصلاة، مع عدم تضمنه ما في الصحيح الأوّل مما يشعر
بالتلازم بين حكم الجلد والوبر على
الإطلاق . ومن هنا ظهر عدم نص في الجلد يطمئن إليه في تخصيص عموم المنع.ولعله لذا أفتى الفاضل في التحرير والمنتهى
بالمنع، قائلا إنّ الرخصة وردت في وبر الخز لا في جلده، فيبقى على المنع المستفاد من العموم، وهو خيرة الحلي نافيا الخلاف عنه كما حكي.
ولا ريب أنه الأحوط للعبادة، تحصيلا
للبراءة اليقينية . وإن كان الجواز لا يخلو عن قرب، لقوة
الإشعار السابق المعتضد بعموم الموثق المتقدم.مضافا إلى ظاهر الخبر المنجبر ضعفه بعمل الأكثر : ما تقول في الصلاة في الخز؟ فقال : «لا بأس بالصلاة فيه» إلى أن قال عليه السلام : «فإنّ الله تعالى أحلّه وجعل ذكاته موته كما أحلّ الحيتان وجعل ذكاتها موتها».
والتقريب وروده في الصلاة مع التصريح فيه بالذكاة، وهي إنما تعتبر في نحو الجلد لا الوبر مما لا تحلّه الحياة.
لكنه ينافيه الخبر المروي في
الاحتجاج عن مولانا
صاحب الزمان عليه السلام أنه سئل : روي لنا عن صاحب العسكر عليه السلام أنه سئل عن الصلاة في الخز الذي يغشّ بوبر الأرانب، فوقّع عليه السلام : «يجوز» وروي عنه أيضا : «لا يجوز» فأيّ الخبرين نعمل به؟ فأجاب عليه السلام : «إنما حرم في هذه الأوبار والجلود، فأما الأوبار وحدها فكل حلال».
وكيف كان،
فالاحتياط لا يترك، بل عن أمالي الصدوق أن الأولى ترك الصلاة في الخز من أصله.
قيل : ولم يذكر جواز الصلاة فيه الحلبي ولا الصدوق في الهداية بل اقتصر فيها على رواية، ولا الشيخ في عمل يوم وليلة بل اقتصر فيه على حرمة الصلاة فيما لا يؤكل لحمه من الأرنب والثعلب وأشباههما، وكذا العلامة في التبصرة.
و (لا) يجوز الصلاة في (المغشوش) منه (بوبر الأرانب والثعالب) على الأظهر الأشهر، بل لا خلاف فيه يظهر إلّا من الصدوق في الفقيه، حيث قال ـ بعد نقل رواية الجواز
ـ : هذه رخصة، الآخذ بها مأجور والرادّ لها مأثوم، والأصل ما ذكره أبي ; في رسالته إليّ : وصلّ في الخزّ ما لم يكن مغشوشا بوبر الأرانب.
وهو شاذ كروايته، مع ضعف سندها، وبشذوذها صرّح الشيخ في التهذيبين، حاملا لها على
التقية ،
مؤذنا بدعوى إجماعنا عليه، كما صرّح به في الخلاف في المغشوش بوبر الأرانب،
وكذا ابن زهرة فيه وفي المغشوش بوبر الثعالب،
كما حكي عنهما،
وبه صرّح فيهما أيضا في المنتهى، حاكيا نقله عن كثير من أصحابنا،
كالماتن في المعتبر.
وهو الحجة على المنع، مضافا إلى النصوص، منها الخبران : «الصلاة في الخزّ الخالص ليس به بأس، وأما الذي يخلط فيه وبر الأرانب أو غيرها هذا فلا تصلّ فيه».
ومنها الرضوي : «وصلّ في الخزّ إذا لم يكن مغشوشا بوبر الأرانب».
وقصور السند أو ضعفه مجبور بالعمل، والمخالفة لما عليه العامة العمياء، مضافا إلى عموم أدلّة المنع عمّا لا يؤكل لحمه، خرج منه الخزّ الخالص بالنص والإجماع المختصين به بحكم
التبادر وغيره، فيبقى الباقي تحت العموم مندرجا.
ويستفاد منه ـ مضافا إلى قوله : «مما يشبه هذا» في الخبرين ـ المنع عن الخزّ المغشوش بوبر ما لا يؤكل لحمه وشعره وصوفه مطلقا، كما استقربه في التحرير،
واحتاط به في المنتهى،
ويظهر أيضا من جماعة من أصحابنا.
رياض المسائل، ج۲، ص۳۰۹-۳۱۳.