حكم وطؤ أحد الشريكين أمة بينهما
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(التاسعة : إذا وطئ أحد الشريكين) أو الشركاء في (الأمة) إيّاها فعل حراماً و (سقط عنه من الحدّ ما قابل نصيبه) ونصيب شريكه إذا كان بحكمه، كولده، فإنّه لأحدّ على
الأب في نصيب ابنه، كما لا حدّ عليه لو كانت بأجمعها له (وحُدّ للباقي مع انتفاء الشبهة) بما قابلة، وهو النصف في المثال، وقس عليه الغير.
وطريقه مع عدم
الاحتياج إلى تبعيض الجلدة الواحدة واضح، وأمّا معه فقيل
: يحتمل
اعتبار مقدار السوط وكيفيّة الضرب. والأظهر الأخذ بنصف السوط أو ربعه وهكذا؛ للصحيح : قال في نصف الجلدة وثلثها : «يؤخذ بنصف السوط وثلثي السوط».
ومع الشبهة بنحو من توهّم حلّ الوطء من حيث الشركة يدرأ الحدّ عنه بالكلية
اتفاقاً ، فتوًى ونصّاً، فقال عليه السلام : «ادرءوا الحدود بالشبهات».
وبهما يقيّد
إطلاق المستفيضة الواردة في المسألة، كالصحيح : سمعت عبّاد البصري يقول : كان جعفر عليه السلام يقول : «يدرأ عنه من الحدّ بقدر حصّته منها، ويضرب ما سوى ذلك» يعني : في الرجل إذا وقع على جارية له فيها حصّة.
والخبرين، أحدهما الحسن : في رجلين اشتريا جاريةً فنكحها أحدهما دون صاحبه، قال : «يضرب نصف الحدّ، ويغرم نصف القيمة إذا أحبَلَ».
وفي الثاني : في جارية بين رجلين وطئها أحدهما دون الآخر فأحبلها، قال: «يضرب نصف الحدّ، ويغرم نصف القيمة».
إلى غير ذلك من النصوص الآتية المروية هي كالمتقدّمة في
الكافي في كتاب الحدود في باب الرجل يأتي الجارية ولغيره فيها شركة.
(ثم إن حملت) منه (قوّمت عليه حصص الشركاء) وأُخذت خاصّة دون ما قابل نصيبه؛ للخبرين المتقدّمين. وآخرين، في أحدهما : قوم اشتركوا في شراء جارية فائتمنوا بعضهم وجعلوا الجارية عنده فوطئها، قال : «يجلد الحدّ ويدرأ عنه من الحدّ بقدر ما له فيها، وتُقومَ الجارية ويغرم ثمنها للشركاء، فإن كانت القيمة في اليوم الذي وطئ أقلّ ممّا اشتريت به فإنّه يلزم أكثر الثمن، لأنّه قد أفسد على شركائه، وإن كان القيمة في اليوم الذي وطئ أكثر ممّا اشتريت به يلزم الأكثر».
ومقتضاه الأخذ مع
اختلاف القيم بأعلاها من قيمة الشراء وقيمتها يوم الوطء، وهو المحكي عن القائل الآتي.
وفيه أقوال أُخر، مختلفة بين مُثبِتٍ لقيمة يوم
الإحبال ، ومبدّلٍ لها بقيمة يوم التقويم، ومُلزمٍ لأعلاهما. ودوران
الإلزام بالقيمة مدار
إفساد الأمة، وليس إلاّ الإحبال، فإنّه الذي يتحقق به الإفساد الموجب لعدم
إمكان التصرّف فيها وخروجها عن الملكيّة في الجملة. وأظهر منه في الدلالة عليه بعد
الأصل مفهوم قوله عليه السلام فيما مرّ من الخبر : «ويغرم نصف القيمة إذا أحبل». وبه أفتى الحلّي
وتبعه الأكثر، بل لعلّه عليه عامّة من تأخّر.وقصور السند بفتاويهم منجبر، مضافاً إلى الأصل، وقصور الأخبار الآتية عن المقاومة له من حيث السند والعمل،
واعتضاده بالخبرين المتقدّمين.
(وقيل) كما عن
النهاية أنّها (تقوّم بمجرّد الوطء) للخبر : عن رجال اشتركوا في أمة فائتمنوا بعضهم على أن تكون
الأمة عنده فوطئها، قال : «يدرأ عنه من الحدّ بقدر ما له فيها من النقد، ويضرب بقدر ما ليس له فيها، وتقوّم الأمة عليه بقيمة ويلزمها، فإن كانت القيمة أقلّ من الثمن الذي اشتريت به الجارية الْزِم ثمنها الأوّل، وإن كانت قيمتها في ذلك اليوم الذي قوّمت فيه أكثر من ثمنها الزِم ذلك الثمن وهو صاغر، لأنّه استفرشها».
ورُدّ بقصور السند بالجهالة، والمتن بالدلالة، لاحتماله ككلام القائل الحمل على صورة الحمل خاصّة. وهو حسن لولا ما في ذيله من قوله : قلت : فإن أراد بعض الشركاء شراءها دون الرجل؟ قال : «ذلك له، وليس له أن يشتريها حتى يستبرئها، وليس على غيره أن يشتريها إلاّ بالقيمة». وهو كما ترى كالنص في جواز شراء بعض الشركاء لها، المنافي للحمل المزبور جدّاً، فإنّه لا تباع المستولدة قطعاً، مضافاً إلى قوله : «حتى يستبرئها» الصريح في عدم حبلها. وتقييد الذيل بصورة عدم الحبل ملازم للتفكيك بينه وبين الصدر، ولا يرتفع إلاّ بتكلّف جدّاً.وهو وإن كان في مقام الجمع حسناً، إلاّ أنّه ليس بأولى من حمل الإحبال في الخبر المتقدّم على الوطء مجازاً، تسميةً للسبب باسم المسبّب ويكون تأكيداً لمفروض الصدر جدّاً.
ويحتمله التعليل بالإفساد في الخبر الآخر
بإرادة الاستفراش المصرّح به في هذا الخبر. وحاصله حينئذٍ لزوم القيمة عليه، لمكان الإفساد باحتمال الحبل لا نفسه.وهو كالأوّل وإن بَعُدَ، إلاّ أنّه ليس بأبعد من الحمل الأوّل في هذا الخبر. مع تأيّد هذا الحمل بصريح الخبر : عن رجل أصاب جارية من الفيء فوطئها قبل ان يقسّم، قال : «تقوّم الجارية، وتدفع إليه بالقيمة ويحطّ منها ما يصيبه منها من الفيء، ويجلد الحدّ ويدرأ عنه من الحدّ بقدر ما كان له فيها» فقلت : وكيف صارت الجارية تدفع إليه هو بالقيمة دون غيره؟ قال : «لأنّه وطئها ولا يؤمن أن يكون ثَمَّ حبل».
إلاّ أنّ المستفاد منه كون الحبل سبباً للتقويم عليه، وهو غير صالح لوجوبه باحتماله، بل مقتضاه الصبر إلى تحقق الحبل فإن تحقق وجب، وإلاّ بقيت الشركة بحالها، وليس التقويم فوراً بواجب قطعاً. فإذاً المصير إلى ما عليه الأكثر أظهر، سيّما مع قصور الخبرين الأخيرين، وعدم جابر لهما في البين، مع منافاتهما الأُصول المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً، بل لعلّها الآن
إجماع في الحقيقة، والمؤيدة بظاهر الخبرين المتقدّم إلى ذكرهما
الإشارة . وصرفهما عن ظاهرهما بالنصوص المقابلة فرع المكافأة، وهي لما عرفت في المقام مفقودة. ولكن
الاحتياط بالتقويم عليه بالوطء مع
استرضاء الطرفين لا يترك في المسألة.
(و) على التقديرين (ينعقد الولد حرّا) مطلقاً، ولو كان الوطء عن زنا، في ظاهر إطلاق العبارة وصريح جماعة،
وهو ظاهر النصوص المتقدّمة الآمرة بالتقويم لمكان الحمل، الصريحة في كونه عن زنا، لمكان الحكم بالحدّ المنحصر في صورته بالنص والإجماع، ولو لا أنّه حرّ لما حصل بحمله
استيلاد وإفساد موجب للتقويم.
ولعلّ الحكمة أنه ليس زنا محضاً بسبب ملكه لبعضها الموجب لحصول الفراش، كما صرّح به بعض النصوص المتقدّمة، ومن هنا حكم جماعة
بأنّ الواجب هنا من الحدّ الجلد خاصّة وإن كان محصناً، لأنّه الذي يقبل التبعيض.وهو حسن؛ لإطلاق النصوص المتقدّمة، إلاّ أنّه ربما ينافيه بعض المعتبرة : عن رجل وقع على مكاتبته، قال : «إن كانت أدّت الربع جلد وإن كان محصناً رجم، وإن لم يكن أدّت شيئاً فليس عليه شيء».
لكن ربما يعارضه إطلاق الخبرين، أحدهما الصحيح : عن جارية بين رجلين أعتق أحدهما نصيبه منها، فلمّا رأى ذلك شريكه وثب على الجارية فوقع عليها، قال : فقال : «يجلد الذي وقع عليها خمسين جلدة، ويطرح عنه خمسون جلدة، ويكون نصفها حرّا، ويطرح عنها من النصف الباقي الذي لم يعتق إن كانت بكراً عشر قيمتها، وإن كانت غير بكر نصف عشر قيمتها، وتستسعي هي في الباقي»
ونحوه الثاني،
فتأمّل.
(و) كيف كان يجب (على الواطئ قيمة حصص الشركاء منه) أي من الولد (عند
الولادة ) والسقوط حيّاً إن قوّمت حائلاً، وإلاّ دخلت قيمة الولد معها، كما ذكره جماعة من أصحابنا.
والظرف متعلّق بالقيمة، أي القيمة عند الولادة.
بلا خلاف؛ توفيةً لحق الشركاء من النماء، والتفاتاً إلى فحوى المعتبرة الواردة في وطء الشركاء الأمة المشتركة مع تداعيهم الولد، منها الصحيح : «إذا وطئ رجلان أو ثلاثة جارية في طهر واحد فولدت وادّعوه جميعاً أقرع الوالي بينهم، فمن خرج كان الولد ولده ويردّ قيمة
الولد على صاحب الجارية»
ونحوه صحيحان آخران.
وذكر جماعة
أنّه يجب على الأب مضافاً إلى ذلك أرش العقر بسبب الوطء، سواء كانت بكراً أم ثيّباً، وهو العشر أو نصفه مستثنى منهما قدر نصيبه، ولعلّه يومئ إليه الخبران المتقدّمان الملزمان لهما على أحد الشريكين لها.
مضافاً إلى النصوص المتقدّمة، الملزمة لهما على الواطئ للأمة المحلّل له منها ما دون المواقعة، وللأمة المدلّسة نفسها بالحرّة .ويحصل بملاحظتها وإن غايرت مورد المسألة المظنّة القوية بلزوم أحد الأمرين في وطء كلّ مملوكة، منفردةً كانت لأحد بالملكيّة أو مشتركةً مطلقاً، حتى لو كانت هي الشريكة.وليس فيها كغيرها
إضافة أرش البكارة، بل ظاهرها التداخل وأنّه هو الزائد على عقر الثيّبة، ففتوى المسالك
بلزومه أيضاً ضعيفة، كفتوى الحلّي
بعدم لزوم عقر الشيبة، وإن انتصر له بعض؛
لخلوّ النصوص المتقدّمة الواردة بتقويم الأمة في المسألة عنه، مع ورودها في مقام بيان الحاجة؛ للزوم تقييدها بما قدّمناه من الحجّة، كتقييدها بما دلّ على لزوم قيمة الولد مع خلوّها عنها أيضاً بالضرورة.
ثم إنّه ذكر جماعة من غير خلاف يعرف أنّها لا تدخل في ملك الواطئ بمجرّد الحمل، بل بالتقويم ودفع القيمة أو
الضمان مع رضا الشريك، فكسبها قبل ذلك للجميع، وكذا حق
الاستخدام ، ولو سقط الولد قبل التقويم استقرّ ملك الشركاء.وهو كذلك؛ للأصل،
واستصحاب بقاء الملك، وهو لا ينافي قهرية التقويم المستفادة من النصوص المتقدّمة. واعتبار الرضا في عبائر الجماعة ليس لصحّة التقويم كما توهّم، بل لضمان القيمة الثابتة بعده.
رياض المسائل، ج۹، ص۱۰۳-۱۱۰.