الإلزام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو
الإصرار على الشيء وإدامه عليه .
لَزِمَ الشيء يلزم لزوماً: ثبت ودام، والإلزام من ألزم المتعدّي بالهمزة، أي أثبت وأدام، وألزمته: أثبته وأدمته، ولزمه المال: وجب عليه، وألزم فلاناً الشيء:أوجبه عليه، وألزمت خصمي:حججته.
وقال
الراغب : «الإلزام ضربان: إلزام بالتسخير من اللَّه تعالى أو من
الإنسان ، وإلزام بالحكم
والأمر ، نحو قوله تعالى : «أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ»،
وقوله تعالى: «وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى»
استعمله
الفقهاء في المعنى اللغوي نفسه، إلّاأنّ الإلزام قد يطلقونه على الحكم باللزوم وتشريع حكم إلزامي، وقد يطلقونه على
الإجبار مثل: إلزام الحاكم المقرّ بما أقرّ به،
وإلزام الحاكم المظاهر بطلاق زوجته إذا لم يكفّر مع تمكّنه منه،
وعدم جواز إلزام الزوج زوجته في
الإنفاق على مؤاكلتها معه،
وهكذا.وقد يأتي بمعنى إلزام الشخص نفسه بما لم يكن لازماً له في العقود والمواثيق.
وهو- لغة- القهر
والإكراه ، والإلزام لا يكون دائماً بالقهر والغلبة، فيكون أعم منه.
وجب الشيء وجوباً: لزم، وأوجبه اللَّه واستوجبه: استحقّه، وأوجبه إيجاباً، أي ألزمه.وفرّق بينهما بأنّ الإلزام يكون في الحقّ والباطل، يقال: ألزمته الحقّ وألزمته الباطل. والإيجاب لا يستعمل إلّافيما هو حقّ.
وهو
الاعتناق ، يقال:التزمه، أي اعتنقه، فالإلزام سبب الالتزام بإلزام الشخص نفسه، أو بإلزام الغير له.
يطلق الإلزام في
الفقه على معان عديدة، نشير إليها فيما يلي:
ويراد به
الإيجاب وتشريع حكم إلزامي، وهو أعم من الوجوب أو التحريم،
والإلزام التشريعي مختصّ باللَّه تعالى، وربما يفوّض إلى
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو
الإمام عليه السلام، فليس من حقّ أحد أن يتصدّى لكرسيّ التشريع إلّاإذا كان مخوّلًا من اللَّه تعالى، وإلّا فتكون إلزاماته التشريعية عملًا محرّماً وبغير حقّ، كما أنّه لا تجب
إطاعتها فلا تكون نافذة، وتفصيله في محلّه.
ويراد به الإجبار والإكراه على فعل أو ترك، وهو بالأصل محرّم، لا يحقّ لأحد من الناس إجبار الآخرين على فعل إلّاإذا خوّله الشارع حقّ الإجبار والإلزام، وفي الحدود التي أعطى فيه الحقّ.وقد منحت الشريعة حقّ الإلزام تارةً بملاك الولاية، أو إرادة الكمال له، واخرى بثبوت الحقّ للملزِم في ذمّة من يلزمه، فهنا حالات:
أعطى اللَّه سبحانه وتعالى النبي صلى الله عليه وآله وسلم
والمعصومين عليهم السلام
الولاية المطلقة على العباد، فلهم الحقّ في إلزامهم بما يرونه صلاحاً لهم، وكذلك أعطى الحاكم والقاضي والوليّ -
الأب والجدّ للأب- والأبوين والزوج والسيّد
والآمر بالمعروف هذا الحقّ أيضاً في الجملة في الحدود المقرّرة من الولاية على الإجبار.ونماذج حقّ الإلزام
بإعطاء الولاية كثيرة في الفقه، نذكر منها من باب المثال فقط:
أ- للحاكم إلزام الناس والمجتمع بما يحتاج إليه في إدارة الامور وإعمال الولاية العامّة، ويدخل في ذلك وضع النظم الإدارية العامّة وجباية الضرائب والحقوق المالية التي تكون على عهدة الناس، وما يقتضيه حفظ الأمن وسدّ الثغور
وإقامة العدل وشعائر الدين من سنّ قوانين وإلزامات ولائيّة.كما أنّ للحاكم إلزام الناس بأداء حقوقهم وواجباتهم بعضهم تجاه البعض.
ب- كما أنّ للوالي أو
القاضي إلزام الزوج الناشز
بالإنفاق على زوجته.
وإلزام من وجبت عليه نفقة الأقارب على أدائها،
وله أيضاً إلزام المالك الذي لا ينفق على مملوكه- الذي لا كسب له-
بالبيع أو
الإعتاق .
وكذا إلزام المحتكر بالبيع ،
والمظاهر
بالطلاق .
إلى غير ذلك من الموارد التي للحاكم أو القاضي إلزام الناس أو أطراف الدعوى بالحقوق اللازمة عليهم ولهم.
ج- وكذلك للولي (والظاهر أنّ المراد من الولي في قول بعضهم الأب والجدّ ، ولا يشمل
الامّ )
إلزام
الصبيان بالعبادات، وحملهم عليها قبل
البلوغ وبعده،
على تفصيل مذكور في محلّه.وله أيضاً تأديب
الأولاد مع |بلوغهم سنّ السبع أو الثماني.
د- للزوج إلزام زوجته الذمّية بإزالة المنفّرات.
كما له أن يفطّرها إن
صامت تطوّعاً من غير إذنه»، كما أنّ له منعها من الحجّ تطوّعاً،
ومن التدخين عند احتمال تضرّر الجنين.
وله أيضاً حمل زوجته على خلاف ما حلفت عليه ممّا ليس بواجب ولا قبيح.
ه- أمّا السيّد فله إلزام مملوكه
بالنكاح ،
وبالصوم إذا تمتّع المملوك بدلًا عن الهدي،
وله أيضاً إلزام جاريته
بالإرضاع .
وله حمل مملوكه على خلاف ما حلف عليه ممّا ليس بواجب ولا قبيح.
و- ويجب على
المسلم إلزام غيره من المكلّفين بما يقتضيه
التكليف عند اجتماع شروط الوجوب، مع مراعاة مراتب
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
لصاحب الحقّ إلزام من عليه الحقّ بأداء حقّه في موارد، ومن ذلك:
أ- إلزام المحكوم له- بل وغيره من الناس- المحكوم عليه بما أقرّ به.
ب- إلزام
المستأجر المالك بإصلاح المسكن لو انهدم.
ج- إلزام المالك المستعير بالاجرة وأرش الأرض وتسوية الحفر إذا لم يأذن له في البناء والغرس.
د- إلزام الجار صاحب الشجر إذا خرجت أغصانها إلى هواء الجار بإزالتها عنه.
ه- لصاحب الأرض إلزام الغاصب بالقلع إذا غصبها وبنى فيها أو غرس أو زرع.
حكم الإلزام التكليفي : ثمّ إنّ حكم الإلزام من الناحية التكليفية يختلف باختلاف الموارد، فقد يكون واجباً كإلزام الحاكم
المحتكر بالبيع وإلزام القاضي لمن عليه الحقّ بدفعه إلى صاحبه.
وقد يكون جائزاً كما في إلزام المالك مملوكه بالنكاح ،
أو إلزام الزوج زوجته الذمّية بإزالة المنفّرات.
وقد يكون حراماً كما في كلّ إلزام يصدر ممّن ليس له حقّ الإلزام، كإلزام السلطان الجائر الناس بما لم يكن له إلزامهم به، أو إلزام من لم يخوّله الشارع سلطة إلزام غيره من الأفراد. ومثل هذا الإلزام حرام لا يرضى به الشارع، كما صرّح الفقهاء بحرمة إلزام الزوج زوجته بالفدية.
ولو ألزم صاحب الحقّ من عليه الحقّ فلم يلتزم، فهل يجوز له إجباره وإكراهه، أم أنّ المتعيّن رفع أمره إلى الحاكم الشرعي، أم يجوز له أخذ حقّه غيلةً؟
المتعيّن هو الرفع إلى الحاكم الشرعي عندما يلزم من
الإقدام الهرج والمرج، ولعلّ هذا هو المركوز في الذهن المتشرّعي، بل قد يكون مقتضى إطلاق
الإرجاع إلى
القاضي الشرعي للتحاكم.نعم، لو لم يمكن عبر هذا الطريق تحصيل الحقّ جاز له الإقدام على أخذ حقّه بما لا يلزم منه ارتكاب محرّم آخر كأخذ مال الغير أو التصرّف فيه من دون إذنه.
قد يطلق الإلزام ويراد به الالتزام، وهو ما يلزم به الإنسان نفسه ويتعهّد به تجاه الغير، كما في العقود
والإيقاعات والمواثيق والنذور، وقد يكون هذا الإلزام صحيحاً ولازماً، وقد يكون صحيحاً غير لازم، كما أنّه قد يكون باطلًا أو معلّقاً على تحقّق شرط كعقد الفضولي الذي يصحّ إذا تعقّبه
إجازة المالك، كما أنّه من الناحية التكليفية قد يكون جائزاً أو واجباً، فيختلف باختلاف الموارد، والتفصيل موكول إلى محالّه من عناوين (إيقاع، عقد، عهد، نذر).
•
الإلزام بحكم المذهب،ويقصد به
إلزام الغير بما يقتضيه مذهبه من الحقّ أو المال أو غير ذلك.
الموسوعة الفقهية، ج۱۶، ص۳۶۰-۳۹۶.