طروء النوم أثناء الأذان والإقامة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لو نام في خلال الأذان أو
الإقامة ثمّ استيقظ يجوز له البناء؛
لإطلاق الأدلّة الرافع لاحتمال قاطعيّة النوم.
ويستحبّ له
الاستئناف ؛
لأنّ فيه رعاية للاحتياط بناءً على استحباب
الاحتياط شرعاً.
ثمّ إنّ البناء والمتابعة في فصول
الأذان والإقامة إنّما تجوز مع عدم فوات
الموالاة ؛ إذ بناءً على
اعتبار الموالاة فيهما يكون فواتها موجباً
لبطلانهما ؛ لأنّهما عبادة توقيفيّة متلقّاة من الشارع حتى الإعلامي من الأذان، ولم ينقل عنهم عليهم السلام الفصل بين الفصول، فمع فرض
الشك في شمول الأدلّة لفاقد الموالاة لا يحكم باستحبابه ولا يترتّب أحكامه عليه، فيجب
الاقتصار فيها على ما ورد به النقل.
ونوقش بأنّ الذي يتوقّف على النقل والتلقّي من الشارع إنّما هي الأجزاء والشرائط المعتبرة في العبادة، فلا يجوز
إقحام شيء فيها بعنوان الجزئيّة أو الشرطيّة ما لم يرد به النقل، وأمّا ما يحتمل اعتباره فيه فينفى
بالأصل .
وهل يضرّ فوات
استدامة النيّة في أثناء العمل بتخلّل النوم؟ الصحيح أنّه لا يضرّ؛ إذ ليس المراد من النيّة إلّا عدم وقوع جزء من أجزاء العمل بدونها، لا عدم خلوّ المكلّف عنها إلى تمام العمل.
ويلحق بالنوم غيره من الامور الطارئة أثناء الأذان والإقامة كالإغماء والجنون والسكر ونحوها، فيستحبّ لمن طرأ له ذلك الاستئناف والبناء مع عدم
الإخلال بالموالاة.
ولكن قال
العلّامة في
نهاية الإحكام :«ويحتمل في الإغماء الاستئناف وإن قصر؛ لخروجه عن التكليف».
ونوقش بأنّ ذلك لا يجدي في الفرق بينه وبين غيره؛ إذ أقصاه عدم توجّه الخطاب إليه
بالإتمام في ذلك الحال، إلّا أنّه لم يثبت اشتراط صحّة الأذان ببقاء الخطاب، بل مقتضى إطلاق صدق الأذان عليه عدمه، على أنّ مثله يأتي في النوم، فلا وجه للفرق بذلك إلّا بتكلّف.
هذا، وقد اختار بعض المتأخّرين أنّ الأحوط
إعادة الإقامة مطلقاً وإن لم تفت الموالاة؛
نظراً إلى النصوص المتقدّمة الدالّة على أنّ الإقامة من الصلاة، ممّا يظهر منها أنّ حال الإقامة كحال الصلاة، فيكون
الحدث قاطعاً لها كما في الصلاة.
وكذا يدلّ عليه خصوص خبر علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن المؤذّن يحدث في أذانه وإقامته، قال: «إن كان الحدث في الأذان فلا بأس، وإن كان في الإقامة فليتوضّأ وليقم إقامة».ونوقش فيه بأنّ
استفادة قاطعيّة الحدث من النصوص مبنيّ على عموم التنزيل، ولا دليل عليه لو لم يكن مقطوع العدم، فلا وجه للاحتياط المطلق في المسألة، بل هو استحبابيّ لمجرّد
إدراك الواقع.
ثمّ إنّ المؤذّن لو نام فهل يجوز لغير المؤذّن أيضاً البناء على ذلك الأذان أو لا؟ففي
المدارك أنّه «نصّ الشيخ وأتباعه على أنّه يجوز لغير ذلك المؤذّن البناء على ذلك الأذان؛ لأنّه تجوز صلاة واحدة بإمامين ففي الأذان أولى. وفيه إشكال منشؤه توقّف ذلك على النقل، ومنع الأولويّة».
وقال
المحقق النجفي في
جواهر الكلام - بعد بيان ذلك-: «قلت: لعلّه صدق الأذان عليه وظهور
الاتّحاد في الأوامر ظهور مورد لا شرط، فلا يمنع صدق نحو قولهم عليهم السلام: «لا صلاة إلّا بأذان وإقامة» ودعوى صحّة السلب معه ممنوعة، وربّما كان ما في صحيح
ابن سنان من
الأمر بإتمام ما نقصه المؤذّن من الفصول إذا أراد الصلاة بذلك الأذان فيه إيماء إليه في الجملة». ثمّ قال: «نعم، ذكر الفاضل في
القواعد كراهة
التراسل الذي ما نحن فيه منه أو نحوه على الظاهر، وأقرّه عليه
المحقق الثاني وغيره من شرّاحه، ولم نعرف له دليلًا سوى احتمال عدم
الاندراج في الأدلّة مع
التسامح ، والأمر سهل».
وكيف كان فإنّ البناء على أذانه وإتمامه يرتبط إلى حدّ كبير بالتراسل في الأذان؛ لعدم خصوصيّة للنوم في ذلك.
الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۲۵۱-۲۵۳.