طهارة التراب في التعفير
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يأتي هنا أقوال في اشتراط الطهارة التراب في غسل الإناء.
وفي اشتراط طهارة التراب قولان:
الاشتراط وهو المشهور،
بل قيل: إنّه لم يحك الخلاف فيه إلّا من الأردبيلي وبعض من تبعه،
واختار العلّامة الاشتراط
- وإن احتمل العدم في بعض كتبه
- والشهيد الأوّل
والمحقق الكركي
والشهيد الثاني
والمحدث البحراني
والوحيد البهبهاني
والشيخ جعفر،
والمحقق النجفي
والسيد اليزدي.
واستدلّ له بما يلي:
۱-
الأصل ، أي
استصحاب النجاسة.
۲- قاعدة اشتراط طهارة المطهّر، سيما مع ملاحظة نظائر المقام من أفراد التطهير بالأرض كحجر
الاستنجاء وغيره،
فإنّ المرتكز في الأذهان عدم كفاية الغسل أو المسح بالمتنجس في التطهير متفرّعاً على القاعدة المعروفة من أنّ فاقد الشيء لا يعطيه، فالتراب المتنجس لا يوجب طهارة
الإناء المغسول به.
۳- قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل بالتراب ثمّ بالماء»
وفيه: «طهور إنائكم». إذ الطهور عندنا هو الطاهر في نفسه المطهّر لغيره، فالتراب النجس لا يطهر الإناء.
۴- قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً»
فإنّه شامل للطهارة الحدثية والخبثية.
۵-
تبادر الطاهر من قوله عليه السلام في الصحيح: «واغسله بالتراب أوّل مرّة ثمّ بالماء»؛ فإنّ الأمر فيه بالغسل ينصرف إلى الطاهر ولو لم يرد بالغسل حقيقته، بل يظهر من سياقه حينئذٍ
اعتبار الطهارة فيه كالماء.
وأفاد بعض المحققين بأنّ دعوى
الانصراف إلى الطاهر إنّما تنفع فيما لو كان بنحو يوجب تعيّنه، لا بنحو يوجب رفع
الإطلاق من الأساس ليكون المرجع الاستصحاب الذي مآله إلى طهارة الاناء المغسول بالتراب النجس. هذا كلّه بناء على اعتبار عدم مزج التراب بالماء.
وأمّا بناء على
اعتبار المزج به لا بدّ من طهارة التراب؛ إذ مع نجاسته ينجس الماء، مع أنّه لا ريب في اعتبار طهارة الماء.
ونوقش في الاستدلال بما يلي:
۱- أمّا الأوّل فإنّ الأصل محكوم لاستصحاب مطهرية التراب قبل طروء النجاسة عليه.
اللّهمّ إلّا أن يقال: استصحاب المطهرية من قبيل الاستصحاب التعليقي، وجريانه محل إشكال،
بل منع.
۲- وأمّا الثاني فلعدم ثبوت قاعدة اشتراط طهارة المطهّر، ولو ثبتت فهي مقيَّدة باطلاق النص.
۳- وأمّا الثالث ففيه عدم صحة السند.
۴- وأمّا الرابع
فلإمكان إرادة الطهارة من الحدث من تلك الأخبار.
على أنّ غايته دلالة الحديث على طهارة التراب المطهر من الحدث لا على شرطية طهارته في التطهير به من الخبث، وهذا واضح.
۵- وأمّا الخامس فلاحتمال أن يراد بالغسل بالتراب الغسل حقيقة
بالاستعانة بالتراب، كما هو الحال في مثل الغسل بالصابون ونحوه؛ لأنّ معنى ذلك ليس هو مسح المغسول بالصابون، وإنّما معناه غسله بالماء باستعانة الصابون، فلا وجه لاعتبار الطهارة في التراب؛ وذلك لأنّ التراب ليس بطهور للاناء حينئذٍ، وإنّما مطهره الماء.
وتوضيحه: انّ التراب الذي يصبّ في الاناء ويصبّ عليه مقدار من الماء ثمّ يمسح به الاناء لا بدّ من أن يزال أثره بالماء بعد المسح؛ لوضوح انّ مجرّد مسح الاناء بالطين- أي بالتراب الممتزج بالماء- من غير أن يزال
أثره بالماء لا يسمّى تعفيراً وغسلًا بالتراب.وعليه فهب أنّ التراب متنجّس والماء الممتزج به أيضاً قد تنجس بسببه إلّا أنّ الاناء يطهر بعد ذلك بالماء الطاهر الذي لا بدّ من صبّه على الاناء لإزالة أثر التراب عنه- وهو جزء متمم للتعفير- ثمّ يغسل بالماء مرّتين ليصير مجموع الغسلات ثلاثاً، فالمطهّر هو الماء وهو طاهر في الغسلات الثلاث، ومعه لا موجب لاعتبار
الطهارة في التراب.
وهذا هو مبنى القول القادم.
عدم الاشتراط، واحتمله العلّامة
ومال إليه [[|الأردبيلي]]
واختاره بعض ممّن تبعه؛
تمسّكاً باطلاق النصّ؛ فإنّ مقتضى إطلاق التراب في الصحيحة عدم اشتراط الطهارة، فانّه يصدق على التراب المتنجّس أيضاً.وقد نوقش في ذلك بالوجوه
والاستظهارات المتقدّمة للقول السابق، والتي قد عرفت الاشكال فيها.هذا، ولعدم وضوح بعض تلك الاستظهارات جعل بعض الأعلام الحكم باشتراط الطهارة في تراب التعفير مبنياً على
الاحتياط .
الموسوعة الفقهية، ج۱، ص۴۴۴-۴۴۷.