عدة زوجة المفقود
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لا
خيار لزوجة المفقود إن عرف خبره أو كان له ولى ينفق عليها؛ ثم إن فقد الأمران ورفعت أمرها إلى الحاكم أجلها أربع سنين؛ فإن وجده وإلا أمرها بعدة
الوفاة ثم أباحها
النكاح؛ فإن جاء في
العدة فهو أملك بها؛ وإن خرجت وتزوجت فلا سبيل له؛ وإن خرجت ولم تتزوج فقولان، أظهرهما: أنه لا سبيل له عليها.
لا خيار لزوجة المفقود إن عرف خبره حياته أو موته، بل عليها
الصبر في الأوّل إلى مجيئه أو تحقّق فوته، وعلى الحاكم
الإنفاق عليها من ماله إن أمكن الوصول إليه، وإلاّ طالبه بالنفقة بالإرسال إليه أو إلى من يجبره عليه، ومن
بيت المال إن تعذّر الأمران مع عدم متبرّع.
وعليها
عدّة الوفاة في الثاني، وحلّت للأزواج بعدها، وحلّ لكلّ من شاركها في
العلم بالوفاة، أو اختصّ عنها بالجهل بها وبحالها أيضاً مع تعويله في الخلوّ عن الزوج بدعواها نكاحها.
أو
جهل خبره ولكن كان له وليّ أو متبرّع ينفق عليها فلا
خيار لها هنا أيضاً، بلا خلاف هنا وفيما مضى؛ للأُصول المعتمدة؛ مضافاً إلى النصوص الآتية.
ثمّ إن فقد الأمران فجهل خبره، ولم يوجد من ينفق عليها، فإن صبرت فلا بحث، وإن أبت فمقتضى الأُصول وجوب الصبر عليها إلى ثبوت
الوفاة، إلاّ أنّ ظاهر الأصحاب الاتفاق على أنّها إن لم تصبر ورفعت أمرها إلى الحاكم جاز لها و أجّلها أربع سنين من حين الرفع، على الأظهر الأشهر بين
الأصحاب؛ لأكثر أخبار الباب
.
وما يستفاد منه التحديد من حين الفحص ولو قبل الرفع
فلا يعارضه بوجه أصلاً، مع عدم إبائه عن الانطباق عليه.
وكيف كان يجب الفحص في تلك المدّة، كما يستفاد من أكثر المعتبرة
، لا بعدها، كما ربما يتوهّم من بعضها
فإن وجده كان له حكمه وإلاّ بأن فقده ولم يعلم حاله أمرها بعدّة الوفاة ثم أباحها
للنكاح.
قيل: بلا خلاف
؛ للموثق: عن المفقود؟ فقال: «إن علمت بأنّه في أرض فهي منتظرة له أبداً حتى يأتيها موته أو يأتيها طلاقه، وإن لم تعلم اين هو من
الأرض كلّها أو لم يأتها منه كتاب ولا خبر فإنّها تأتي
الإمام فيأمرها أن تنتظر أربع سنين، فيطلب في الأرض، فإن لم يوجد له أثر حتى تمضي أربع سنين أمَرَها أن تعتدّ أربعة أشهر وعشراً ثم تحلّ للرجال، فإن قدم زوجها بعد ما تنقضي عدّتها فليس عليها
رجعة، وإن قدم وهي في عدّتها أربعة أشهر وعشراً فهو أملك برجعتها»
.
وظاهره كالعبارة
والشيخين والقاضي والحلّي كما حكي
الاكتفاء في الاعتداد بالأمر به، ولو من دون طلاق.
خلافاً لجماعة من المتأخّرين
، تبعاً
للصدوق والإسكافي، فأوجبوه؛ لصريح المعتبرة، منها
الصحيح: عن المفقود، كيف يصنع بامرأته؟ فقال: «ما سكتت عنه وصبرت يخلّى عنها، فإن هي رفعت أمرها إلى الوالي أجّلها أربع سنين، ثم يكتب إلى الصقع الذي فقد فيه فيسأل عنه، فإن خبّر عنه بحياة صبرت، وإن لم يخبر عنه بشيء حتى تمضي الأربع سنين دعا وليّ الزوج المفقود، فقيل له: هل للمفقود مال؟ فإن كان له مال أنفق عليها حتى يعلم حياته من موته، وإن لم يكن له مال قيل للولي: أنفق عليها، فإن فعل فلا سبيل لها إلى أن تتزوّج ما أنفق عليها، وإن لم ينفق عليها أجبره الوالي على أن يطلّق تطليقة في استقبال
العدّة وهي طاهر، فيصير
طلاق الولي طلاق الزوج، فإن جاء زوجها من قبل أن تنقضي عدّتها من يوم طلّقها الولي فبدا له أن يراجعها فهي امرأته، وهي عنده على تطليقتين، وإن انقضت العدّة قبل أن يجيء أو يراجع فقد حلّت للأزواج، فلا سبيل له عليها»
ونحو الصحيح
، وما يقرب منه
.
وهو الأصحّ، وعليها تحمل الموثقة؛ لعدم صراحتها في عدم الطلاق، فتقبل ذلك، كقبول هذه الروايات حمل العدّة فيها على عدّة الوفاة، كما صرّح بها في الموثقة؛ لعدم التصريح فيها بعدّة المطلّقة، ولذا اتفق الكلّ على اعتبار عدّة الوفاة.
وقصور
الموثق سنداً وعدداً عن المقاومة للمعتبرة منجبر بالشهرة العظيمة، بل
وفاق الطائفة، كما حكاه بعض الأجلّة
، فمخالفة من ندر
في العدّة واعتباره
عدّة الطلاق دون الوفاة فاسدة البتة.
قيل: وتظهر الثمرة في المدّة
والحداد والنفقة، فيجب الأخير على عدّة الطلاق دون الوفاة، بعكس الثاني، كما قيل
.
وفيه نظر؛ لتصريح بعض من صرّح بعدّة الوفاة هنا بعدم لزوم الحداد
؛ للأصل، واختص ما دلّ على لزومه بحكم
التبادر بصورة تيقّن
الموت لا مطلقاً، وهو الأظهر.
وانتفاء النفقة على تقدير الثاني حسن مع استمرار الجهل أو تحقق الموت، أمّا مع تحقق البقاء وحضوره قبل انقضاء العدّة ففيه إشكال: من كونها عدّة بينونة، فلا نفقة، ومن كونها في حباله ولا نشوز منها النفقة، وهو الأولى، وفاقاً لبعض أصحابنا
.
وكيف كان فإن جاء في العدّة فهو أملك بها وإن حكم بكونها عدّة وفاة بائنة، بلا خلاف؛ للأصل، وصريح ما مضى من المعتبرة.
ويستفاد منها أنّه لا يصير أحقّ بها إلاّ مع
الرجعة، فلو لم يرجع بانت منه، ووجهه أنّ ذلك لازم حكم الطلاق الصحيح.
ثم المستفاد منها أيضاً أنّها إن خرجت من العدّة وتزوّجت فلا سبيل له عليها؛ مضافاً إلى
الإجماع عليه، كما حكاه جماعة من أصحابنا
.
وأمّا إن خرجت منها ولم تتزوّج فقولان، أظهرهما وأشهرهما: أنّه لا سبيل له عليها هنا أيضاً؛ للحكم ببينونتها شرعاً، فالسبيل حينئذٍ مخالف للأصل جدّاً، مع دلالة
النصوص الماضية عليه صريحاً.
والقول الثاني
للطوسي في
النهاية، مدّعياً هو
كالماتن في
الشرائع أنّ به رواية.
ولم نقف عليها، وقد صرّح به جماعة
، فهو ضعيف، كضعف ما علّل به: من بطلان طنّ وفاته فبطل ما يترتّب عليه، أوّلاً: بأنّه يتّجه لو لم يوجب طلاقها بعد البحث، أمّا معه كما مضى فلا.
وثانياً: بإمكان المناقشة فيه على تقدير عدم إيجابه والاكتفاء بأمر
الشارع بالاعتداد، فإنّه قائم مقام الطلاق، ولذا صحّ لها
النكاح، وانتفى سبيله عنها بعده، بلا خلاف، هذا.
مع أنّه
اجتهاد صرف في مقابلة النص، سيّما الموثّق؛ لتصريحه بالحكم المزبور مع ظهوره في الاكتفاء المذكور.
ومن هنا يظهر وجه القدح في القول بالتفصيل بأنّها إن بانت بالطلاق فالأوّل، وإن بانت بأمر الحاكم فالثاني
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۲، ص۳۱۴-۳۱۹.