عدم جواز بيع ثمرة النخل بعد ظهورها
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(و) كذا (لا) يجوز بيعها سنة واحدة (بعد ظهورها) مطلقا، بشرط التبقية أو مطلقا (ما لم يبد صلاحها، وهو أن يحمرّ أو يصفرّ على) الأظهر (الأشهر) وفاقاً للإسكافي
والصدوق والطوسي والحلبي وابن حمزة وابن زهرة العلوي،
مدّعياً هو كالمبسوط والخلاف عليه
الإجماع ؛ وهو الحجة. مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة، منها زيادة على أكثر النصوص المتقدمة، كالمعتبرة الثلاثة الأُول والأولى من الصحاح المقابلة لها المعتبرة بالشهرة، مع كون أسانيد بعضها معتبرة، وهي مستفيضة، منها الصحيح : «لا تباع الثمرة حتى يبدو صلاحها».
والموثق : عن الفاكهة متى يحلّ بيعها؟ قال : «إذا كانت فاكهة كثيرة في موضع واحد فأطعم بعضها فقد حلّ
بيع الفاكهة كلّها، فإذا كان نوعاً واحداً فلا يحلّ بيعه حتى يطعم، فإن كان أنواعاً متفرقة فلا يباع منها شيء حتى يطعم كلّ نوع منها وحده ثم تباع تلك الأنواع».
والمرسل كالموثق : عن بيع
الثمرة قبل أن تدرك، فقال : «إذا كان في ملك بيع له غلّة فقد أدركت فبيع ذلك حلال».
وقريب منه الصحيح : «إذا كان الحائط فيه ثمار مختلفة فأدرك بعضها فلا بأس ببيعها جميعاً».
وهما دالاّن على المنع في غير محلّ المنطوق الذي منه المفروض، صريحاً في الأوّل، وظاهراً في الثاني بملاحظة الأوّل.والخبران، في أحدهما : عن رجل اشترى بستاناً فيه نخل ليس فيه غير بسر أخضر، فقال : «لا حتى يزهو» قلت : وما الزهو؟ قال : «حتى يتلوّن»
وفي الثاني : «لا تشتره حتى يتبيّن صلاحه».
والمروي عن
كتاب علي بن جعفر : عن شراء النخل سنة واحدة، قال : «لا يشترى حتى يبلغ».
ونحوها المروي في حديث المناهي المروي في آخر الفقيه : «نهى أن تباع الثمار حتى تزهو».
وهي مع
استفاضتها واعتضادها بالأخبار الأوّلة واضحة الدلالة، للتصريح فيها منطوقاً في بعض ومفهوماً في آخر بالمنع قبل بدوّ الصلاح، كما في جملة منها، والصحيح : هل يجوز بيع النخل إذا حمل؟ فقال : «لا يجوز بيعه حتّى يزهو» قلت : وما الزهو جعلت فداك؟ قال : «يحمرّ ويصفرّ وشبه ذلك».
أو قبل
البلوغ كما في بعض، أو
الإطعام ، كما في آخر، أو
الإدراك ، كما في ثالث. وظاهر هذه الألفاظ
المتبادر منها عند
الإطلاق هو بدوّ الصلاح، وقد مرّ عن الصحاح ما يدلّ عليه في الثاني، وأخبارهم : يكشف بعضها عن بعض.
خلافاً للمفيد والديلمي والحلّي والتذكرة والروضتين،
فالجواز مع الكراهة؛ عملاً في الأوّل
بالأصل والعمومات والصحيحة المتقدّمة سنداً للمقنع في المسألة السابقة، لتصريحها بالكراهة قبل أن تطلع ثمرة السنة، والمراد بها الكراهة الاصطلاحية، بقرينة ما مرّ في بعض المعتبرة السابقة من أنّه عليه السلام نهاهم عن ذلك ولم يحرّمه ، فتصرف الأخبار الناهية إليها، مع
احتمالها الحمل على التقيّة، كما يستفاد من بعض المعتبرة، كالصحيح : عن بيع النخل سنتين، فقال : «لا بأس» قلت : جعلت فداك، إنّ ذا عندنا عظيم، قال : «أما إنّك إن قلت ذلك لقد كان
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحلّ ذلك فتظلموا» فقال عليه السلام : «لا تباع الثمرة حتى يبدو صلاحها» .
وفي الثاني إلى الصحيحة المتضمّنة للكراهة ، وإلى الشبهة الناشئة من الخلاف في المسألة فتوًى وروايةً.والمناقشة في الجميع واضحة؛
لاندفاع الأوّلين بما مرّ من الأدلّة، كاندفاع الثالث بها وبمتروكية الظاهر إن أُريد من الطلوع فيه مجرّد الظهور، وبأعمّية الكراهة من المعنى المصطلح علية بين متأخّري الطائفة إن أُريد به البلوغ، كما عليه بناء الحجة، ومرّت إلى صحته
الإشارة ، فيحتمل الحرمة، فلتصرف إليها، جمعاً بين الأدلّة، سيّما بعد ملاحظة الصحيحة المضاهية له في السياق والعبارة، المصرّحة بالنهي الظاهر في الحرمة .
ودلالة القرينة المزبورة على الكراهة الاصطلاحية غير معلومة إلاّ بعد معلوميّة تعلّق نهيه صلى الله عليه وآله وسلم الذي ليس للحرمة ببيع الثمرة سنة واحدة، وليس في المعتبرة المتضمّنة لهذه القرينة ذكر لذلك، بل ولا
إيماء إليه ولا إشارة، فيحتمل تعلّقه إلى بيعها سنتين قبل بدوّ صلاحها لا مطلقا.ولعلّه يشير إليه الصحيحة المستشهد بها للحمل على
التقية ، حيث إنّ الظاهر منها وقوع التظلّم في مورد السؤال فيها، وهو البيع سنتين الذي يأبى عنه العامة، كما يشعر إليه سياق الرواية، ويستشعر أيضاً من عبارة الغنية،
بل حكي التصريح به عن
السرائر والتذكرة.
والظاهر أنّ قضية التظلّم الذي تعقّبها النهي الذي ليس للحرمة بمقتضى المعتبرة المتقدّمة مع هذه القضية واحدة.
ومن هنا انقدح وجه الجواب عن
الاستشهاد بهذه الصحيحة لحمل أخبار المنع على التقية، فإنّ ما منعت عنه العامّة بمقتضى الرواية وعبارة الغنية هو البيع قبل بدوّ صلاح الثمرة سنتين لا خصوص السنة الواحدة، كما هي مورد الروايات السابقة.وللمحكي عن ظاهر
الديلمي ،
فالتفصيل بين السلامة من
الآفة إلى أوان بلوغ الثمرة فالصحة، لكن لم يذكر عنه الكراهة، وعدمها فالأوّل،بمعنى تبيّن فساد المعاملة؛ جمعاً بين الأدلّة.وهو مع الندرة وعدم وضوح الشاهد عليه والحجّة يتوجّه عليه المناقشات السابقة، فهو أضعف من سابقه بالضرورة.
رياض المسائل، ج۹، ص۱۱-۱۶.