الإطعام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإطعام (توضيح) .
وهو بمعنى جعل الشخص يأكل ويطعم الطعام أو إطعام المشرف على
الهلكة أو بمعنى
تمليك الطعام أو
إباحته للغير سواء أكله أم لا.
إطعام: وزان إفعال، مصدر أطعم، وهو لغة
إعطاء الطَّعام لآكله،
يقال: أطعم فلاناً إذا جعله يَطعَم، أي يأكل الطعام.
ويقال للنخلة إذا أدرك ثمرها: أطعمت، أي صار لثمرها طعم.
ولا يخرج
استعمال الفقهاء عن المعنى اللغوي، إلّا أنّ المراد من الإطعام يختلف باختلاف الموارد التي تعلّق بها
الحكم الشرعي في الأبواب
الفقهيّة المختلفة، فقد يراد بالإطعام خصوص جعله يأكل ويطعم الطعام، كما في إطعام
الهدي في
الحجّ ، أو إطعام المشرف على
الهلكة .
وقد يراد به الأعم من ذلك ومن
تمليك الطعام أو
إباحته للغير سواء أكله أم لا، كالإطعام في
الكفّارات والفدية . وقد يراد به مطلق تمكينه من الطعام ولو بدفع
ثمنه وقيمته سواء اشترى به طعاماً أم لا، كالإطعام في
النفقات والصدقات ، وسوف تأتي الإشارة إلى ذلك ضمن الأقسام التالية.
تمليك الشيء جَعلُهُ مِلكاً للغير.
وعلى هذا قد يكون الإطعام بنحو التمليك للطعام، وقد يكون بجعله يطعم ويأكل الطعام من دون تمليك. كما أنّ التّمليك قد يكون تمليكاً للطعام، وقد يكون تمليكاً لغيره. فالنسبة بين العنوانين هي
العموم والخصوص من وجه .
وهي لغةً:
الإظهار والإعلان ، يقال: أباح الشيء إذا جهر به،
وقد ترد بمعنى
الإذن والإطلاق ، يقال: أبحته كذا إذا أطلقته.
واصطلاحاً: حكم يقتضي
التخيير بين الفعل والترك وتساويهما لدى
الشرع ،
كإباحة طعام
أهل الكتاب ، قال تعالى: «أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ».
وعلى هذا قد يكون الإطعام بنحو إباحة الطعام فيجتمعان في وجهٍ، وقد يكون تمليكاً فيفترقان في وجهٍ آخر، وقد تكون الإباحة للطعَام أو لغيره.
وهي طعام
العرس والإملاك.
وقيل: اسم لكلّ طعام يُتّخذ لجمع،
بل قول
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: «لا
وليمة إلّا في خمس: في عرس، أو
خرس ، أو
عذار ، أو
وكار ، أو
ركاز »
يقتضي عدم اختصاصها بالعرس. ولهذا قيل: إنّ الإطعام في الأعراس وكل سرور يسمّى وليمة وإن كان
الاستعمال في العرس أكثر.
وعليه فتكون الوليمة أخصّ من الإطعام.
ومن معانيها: ما يدعى إليه من طعام أو شراب،
والفرق بينهما أنّ الإطعام قد يحصل
بالدعوة وقد يحصل بغيرها.
المأدبة - بضمّ الدال-: وهي الطعام الذي يصنعه الرجل ويدعو إليه الناس من غير سبب،
فهي أخصّ من الإطعام.
يختلف حكم الإطعام باختلاف موارده، فقد يجب على
المكلّف ، كما في
الكفارات والنفقة الواجبة
والأسير والمسجون والدية ، وحالات الضرورة
كسدّ الرمق .
وقد يستحبّ كما في الصدقات والقُرُبات، كالإطعام في
الاضحيّة ،
والنكاح ،
والعقيقة ،
والخِتان .
وقد يحرم، كإطعام الظلمة والعُصاة للمساعدة على
الظلم والعصيان ، وسوف تأتي الإشارة- إن شاء اللَّه- إلى كلّ قسم منه.
•
الإطعام الراجح شرعاً .
•
الإطعام المرجوح شرعاً .
يكره الإطعام في موارد، وهي:
تكره دعوة
الأغنياء دون
الفقراء ؛
لما ورد عن
الإمام الكاظم عليه السلام، قال: «نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عن طعام وليمة يخصّ بها الأغنياء ويترك الفقراء»،
وما ورد عن
أميرالمؤمنين عليه السلام في كتابه إلى
عثمان بن حنيف : «أمّا بعد يا ابن حنيف فقد بلغني أنّ رجلًا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها، تستطاب لك الألوان، وتنقل إليك الجفان، وما ظننت أنّك تجيب إلى طعام قومٍ، عائلهم مجفوّ، وغنيّهم مدعوّ...».
فإنّ
الإمام عليه السلام جعل هذه الصفة فيهم من دواعي
الذم والتقبيح .
نعم، الإطعام هنا بنفسه ليس مصبّ
الكراهة وإنّما التمييز فيه بين الغني والفقير هو مصبّها.
يكره إطعام النساء، وتتأكّد الكراهة في الشابة،
فقد روى
مسعدة بن صدقة عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تبدأوا النساء
بالسلام ، ولا تدعوهنّ إلى الطعام».
إلّا أنّ هذا الحكم يفهم أنّه بلحاظ مشكلة
الفتنة ، كما يظهر من ذكرهم للشابة، وإلّا فلا يبدو أنّه يشمل
الامّ والاخت أو
الدعوة إلى طعام مع عدم حضور الرجل حتى الداعي.
الوقف على الإطعام يكون على أحد نحوين:
أ- أن يوقف عيناً- مثل بستان أو دار أو دكّان ونحوها- على إطعام الفقراء، أو
زوّار أحد
المشاهد المشرّفة ، فيصرف ثمرة العين الموقوفة في الإطعام. وهذا ممّا لا إشكال فيه؛ لشمول أدلّة الوقف له، وقد جرت بذلك
السيرة .
ب- أن يوقف الطعام المعيّن للإطعام على فئة معيّنة، وهذا لا يصحّ وقفاً بلا إشكال؛ لأنّ الوقف
تحبيس العين
وتسبيل المنفعة ، فلابدّ وأن لا يكون
الانتفاع بها مستلزماً
لإتلاف العين.
قال
المحقّق النجفي عند
إعطاء الضابطة لما يصحّ وقفه: «ضابطه كلّ ما يصحّ الانتفاع به منفعة محلّلة مع
بقاء عينه، لا كمنفعة أعيان الملاهي ونحوها، ولا ما لا منفعة له أصلًا، أو لا منفعة له إلّا بإتلاف عينه كالطعام والشمع ونحوهما، بلا خلاف أجده في شيء من ذلك بيننا، بل
الإجماع بقسميه عليه...».
نعم، يصحّ جعل الطعام
صدقةً ومبرّة في سبيل إطعام
الفقراء أو الزوّار أو غير ذلك،
أو
إباحة التصرف فيه لهم مجّاناً، أو على وجه
الضمان وشراء مثله بقيمة عند
القدرة وجعله مكانه
لاستفادة الآخرين منه كذلك.
لو أوصى بالإطعام أو حلف عليه أو نذره فهل الظاهر منه تهيئة الطعام وتقديمه له ولو لم يأكله، أو أن يطعم؟ كما أنّه هل يتحقق ذلك بأكل المطبوخ من الطعام بالخصوص والحبوبات أو يكفي مطلق المطعوم ولو كان مثل الفاكهة؟
الظاهر أنّ الميزان بالمستظهر العرفي، وهو يختلف من مورد لآخر ومن بلد أو
عرف إلى بلد أو عرف آخر.
الموسوعة الفقهية، ج۱۵، ص۴۳-۷۱.