الإتلاف
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإتلاف (توضيح).
التلَف :
العطب و
الهلاك والإتلاف- وزان
إفعال - من أتلَفَ ومعناه
الإفناء إسرافاً ، ذكر
أهل اللغة ذلك في إتلاف
الإنسان ماله فقالوا: أتلف فلان ماله إتلافاً إذا أفناه اسرافاً.
التلَف: العطب والهلاك و
الفعل تَلِف يتلَف تَلَفاً.
والإتلاف- وزان إفعال- من أتلَفَ اضيفت
الهمزة فيه
للتعديَة ، قال
أئمّة أهل اللغة: معناه الإفناء إسرافاً، ذكر
أهل اللغة ذلك في إتلاف الإنسان ماله فقالوا: أتلف فلان ماله إتلافاً إذا أفناه اسرافاً،
وقال بعض من تأخّر منهم: أتلفه أي أفناه.
الإتلاف بمصطلح
الفقهاء أعمّ من الإتلاف بمعناه اللغوي، فأكل
الطعام إتلاف بحسب
الاصطلاح الفقهيّ، وليس كذلك عند أئمّة أهل اللغة؛ لعدم فنائه إسرافاً.
وبعض أقسام الإتلاف الحكميّ أو المعنويّ في
الفقه كمزج ما لا يتميّز ليس إتلافاً في اللغة على ما ستأتي
الإشارة إليه.
الفوت:
الذهاب وعدم
الدرك ،
فالتفويت فعل ما يؤدي إلى
الفوت .
والتفويت أعم من الاتلاف لأنّه يصدق مع الاتلاف وعدمه كحبس الحرّ
الكسوب فانّه تفويت لمنافعه وليس اتلافاً لها.
وهو ترك ما يجب فعله عن
تهاون و
تقصير .
و
التفريط - كالتفويت- قد يوجب صدق الإتلاف كالتفريط في حفظ
الوديعة فتتلف، وقد لا يوجبه.
وهو
تجاوز الحدّ أو
التصرّف بلا حقّ، وقيل: هو فعل ما لا يجوز فعله.
وليس معنى التعدّي الإفناء، بل لا يلازمه
كاستعمال الدابّة
المكتراة لعمل في عمل آخر أخف، ونقل متاع الغير إلى محلّ آخر بدون إذنه، وربما عبّر عنه بالافراط.
لكن
الإفراط في الشيء الغلوّ فيه.
ولا يكون
التعدّي إلّا حراماً لكونه تصرّفاً بلا حقّ،
مع أنّ الإتلاف قد يكون جائزاً بل واجباً مثل إتلاف
الخمر .
هو
الاستيلاء وأخذ مال الغير بلا حقّ سواء أتلفه أو أتلف منافعه أم لا
فلا يكون إلّا حراماً، بخلاف الإتلاف كما تقدم.
وهو
إلحاق الضرر، وهو أعم من الإتلاف؛ إذ قد يكون بالاتلاف وغيره
لإيجاب نقص في العين مثلًا أو بمنع حقّ للغير و
إدخال ضيق عليه كما في قصة
سمرة بن جندب مع
الأنصاري .
الإفساد ضدّ
الإصلاح ، وهو
إخراج الشيء عن صلاحيّته المطلوبة.
والإتلاف قد لا يكون إفساداً فيكون أعم من هذه الجهة، كما أنّ الإفساد أعمّ من جهة شموله لغير
الأموال و
الأنفس كالأعمال والمعاملات، فيقال: أفسد صومه أو أفسد
العقد فبينهما عموم من وجه.
ليس للإتلاف حكم واحد في جميع الموارد، فقد يكون حراماً ولو بسبب
عروض عنوان ثانويّ كإتلاف
الإنسان ماله سرفاً و
تبذيراً ، أو مال غيره لكونه تصرّفاً في مال الغير بدون
اذنه .
قال العلّامة الحلّي- في
الكفن الزائد عن المطلوب-: «ما زاد على ما ذكرناه سرف لا يجوز فعله؛ لأنّه إتلاف للمال».
وقال
الوحيد البهبهاني : «كما أنّ التصرّف في مال
المسلم بغير إذنه حرام فكذلك إتلافه، بل هو أشدّ حرمة».
وقد يكون الإتلاف جائزاً كقتل
المؤذيات وكإتلاف أموال الكفار في
الحرب وغيرها، وإتلاف الإنسان مال نفسه مع عدم صدق
عنوان السرف وغير ذلك. كما قد يكون واجباً أحياناً مثل إتلاف
كتب الضلال و
حسم مادة الفساد وغيرها مما سيأتي. نعم، الإتلاف بمعناه اللغوي عند أئمة أهل اللغة أي
الإفناء إسرافاً حكمه الأوّلي الحرمة.
ويترتب على
الحظر حكمه وهو
الإثم و
استحقاق العقوبة في الآخرة. كما يترتب على اتلاف المال المحترم أو
النفس المحترمة أو شيئاً منها
الضمان أيضاً إذا كان بلا حق. ولا
تلازم بين الإثم والضمان فقد يجتمعان وقد ينفرد كل منهما عن الآخر. وسيأتي تفصيل
الكلام فيه.
للإتلاف عدّة مراتب فتارة يتعلّق الإتلاف بذات المال إمّا بإتلاف عينه كلًاّ أو بعضاً، أو إتلاف صفاته الحقيقية كتغيير لون
الثوب بصبغه، أو اتلاف منفعته كمسح
كتابة الكتاب فانّه إتلاف لمنفعته بما هو كتاب وإن حدثت له
منفعة اخرى هي صيرورته
قرطاساً ، وقد يزيد ذلك في ماليّته، أو إتلاف
انتفاعه كتسليط الظالم عليه وإن لم يعدّ بحكم التالف عرفاً، واخرى يتعلّق بالمالية وذلك
باسقاطها كحك نقوش
الأوراق النقدية فانّه إذهاب لماليتها، وثالثة يتعلّق بالملكية بفعل ما يقطع
علاقة المال بصاحبه. وقد أشار الفقهاء إلى بعض هذه الموارد في ثنايا كلماتهم، وربما صرّح بعضهم ببعض المراتب.
قال
المحقق الاصفهاني : «إنّ الإتلاف تارة
إعدام ذات المال، واخرى إعدام المالية كأن يجعل الخلّ خمراً، وثالثة إعدام الملكية بأن يعمل عملًا يقطع
إضافته إلى صاحبه مع
بقاء المال بما هو مال».
الإتلاف نوعان: حقيقيّ وحكميّ أو معنويّ:
هو ما يقع على العين بإفنائها و
تغيير حقيقتها النوعيّة كحرق الثوب، أو على المنفعة بتفويتها على مالكها
كإخفاء العين وحبسها، أو على الصفة بتغييرها إلى صفة اخرى كطحن
الحنطة ، أو على الماليّة بإسقاط العين عن
الاعتبار كحكّ نقوش
النقود ومحو كتابتها كما سيأتي في المباحث الآتية مفصلًا.
فهو
التصرّف بما يخرج العين عن قابلية الانتفاع ولو من دون
إحداث تغيير خارجيّ فيها، وذلك
كتنجيس ما لا يقبل التطهير. ولا يمكن الانتفاع به إلّا وهو طاهر كالماء المضاف، أو إيقاع
الاشتباه بينه وبين النجس بحيث لا يمكن
التمييز بينهما خارجاً، ومثله
إيقاع الاشتباه بين المذكّى وغيره بنحو لا يتميّزان عن بعضهما، فإنّ
القاعدة في مثل هذه الموارد وجوب
الاجتناب عن الجميع، فيكون الطاهر والمذكّى بحكم
التالف .
و
الضابط في الفرق بين الإتلاف الحقيقيّ والحكميّ أنّ الإتلاف الحقيقيّ ينشأ بسبب الإفناء للعين أو تغيير خارجي فيها أو في صفاتها الحقيقية أو الاعتبارية. وأمّا الإتلاف الحكميّ فلا ينشأ بسبب تغيير خارجي في العين وصفاتها، بل بأمر خارج عنها كالأمثلة المتقدّمة و
البيع و
العتق ونحو ذلك.
الإتلاف قد يكون مشروعاً من ناحيتي
التكليف والوضع معاً بمعنى جوازه تكليفاً وعدم ترتّب
الضمان عليه وضعاً، وقد يكون مشروعاً من إحدى الناحيتين إمّا
التكليف أو الوضع دون الاخرى، كما قد لا يكون مشروعاً من أي منهما،
فالشقوق أربعة:
•
الإتلاف المشروع (تكليفا ووضعا)، أورد الفقهاء لهذا القسم عدداً كبيراً من الأمثلة ذكروها في مواضع مختلفة من
الفقه ، نذكرها في عنوانه.
•
الإتلاف المشروع (تكليفا لا وضعا)، جوّز الشرع
الإسلامي الحنيف الإتلاف مع الضمان في موارد، نذكرها في عنوانه.
•
الإتلاف المحرم (تكليفا لا وضعا)، يكون الإتلاف حراماً ولا يكون مضموناً على المتلف في عدّة موارد، نذكرها في عنوانه.
•
الإتلاف غيرالمشروع (تكليفا ووضعا)، الموارد التي يحرم الإتلاف فيها تكليفاً، ويستوجب الضمان كثيرة جدّاً، نذكرها في عنوانه.
•
الإتلاف (أثره)، تترتّب على الإتلاف كثير من
الآثار نذكرها فيما يلي: الأوّل ـ
الإثم و
استحقاق العقوبة، الثاني ـ الضمان، الثالث ـ الكفّارة، الرابع ـ تحقق القبض، الخامس ـ تحقق الردّ، السادس ـ
فسخ العقد أو امضائه، السابع ـ ترتب حقّ الخيار، الثامن ـ
بطلان العقد.
•
الإتلاف (طرقه)، الإتلاف قد يكون
بالمباشرة وقد يكون
بالتسبيب .
•
الإتلاف (حالاته)، تختلف الحالات التي يحصل فيها الإتلاف، ويمكن تصنيفها إلى عدة حالات هي: ۱ -
انفراد المتلف، ۲ - تعدد المباشر، ۳ -
اجتماع السبب والمباشر، ۴ - تعدد الأسباب، ۵ - أن ينضم إلى المتلف مباشرة
حيوان ، ۶ - الإتلاف المتقابل (الإتلاف بالتصادم)، ۷ - الأمر بإتلاف ماله، ۸ - الإتلاف بترك
الإنقاذ .
•
الإتلاف (إتلاف المضطر)،
المضطرّ إلى إتلاف شيء لتوقّف حياته أو
حياة غيره عليه يجوز له إتلافه وإن كان مملوكاً للغير، بشرط أن لا يكون صاحبه محتاجاً إليه أيضاً، وذلك
لحديث الرفع وغيره مما دلّ على
ارتفاع الحرمة عن الفعل المضطرّ إليه المكلّف، ومن جملتها إتلاف مال الغير.
•
الإتلاف (إتلاف مال لمصلحة)، ذكر الفقهاء البحث عن إتلاف مال
لمصلحة تحت القسمين: ۱- إتلاف مال لمصلحة مال آخر أو نفس، ۲- إتلاف مال لمصلحة مالكه.
•
الإتلاف (إتلاف المكره)، ما يتلفه
المكرَه من الأموال لا يكون ضمانه عليه، بل يكون مضموناً على من أكرهه؛ لما تقدّم من
ترجيح السبب على المباشر عند اجتماعهما؛ لكونه أقوى منه.
•
الإتلاف (إتلاف المغرور)، من غرّ أحداً بالإذن له بإتلاف ما ليس له مع جهل المتلِف يضمن
الغار سواء كان المتلِف هو المالك له أو غيره، بلا
خلاف بين فقهائنا في ذلك، وإنّما الخلاف في أنّ الضمان يقع على الغارّ
ابتداء ولا ضمان على المغرور، أم على الاثنين معاً فيجوز للمالك
الرجوع إلى أيٍّ منهما في غرم ماله، أم هو على
المغرور ابتداء فإن بذل رجع به على الغارّ. المشهور بين الفقهاء بل
المجمع عليه بينهم أنّ للمالك الرجوع على أيّ منهما، فإن رجع على المغرور رجع على الغارّ دون العكس.
•
الإتلاف (الدواب)، ما تتلفه الدابّة المملوكة بدون
تفريط من هي بيده لا يثبت فيه الضمان ولا أيٍّ من الأحكام و
الآثار التي ذكرناها؛ لأنّ تلف
العجماء جُبار. وهذا مطابق مع
القاعدة وهو مضمون بعض الروايات المعتبرة.
وأمّا ما تتلفه بتفريط من هي بيده فمضمون عليه- كما تقدّم بيانه- وتثبت فيه سائر الأحكام والآثار، سواء كان من بيده المالك أو من ينوب عنه
كالوكيل أو غيرهما
كالودعي و
المستأجر و
المستعير و
المباح له وغيرهم.
•
الإتلاف (الأطفال والمجانين)،
الأطفال والمجانين فهم ضامنون لما يُتلفونه في مالهم إن كان لهم مال، وإلّا اتبعوا به في ذمّتهم متى اكتسبوا، إلّا أن يدفعه المالك إليهم باختياره ويسلّطهم على إتلافه، فلا يكون مضموناً عليهم إن أتلفوه.
•
الإتلاف (الإذن فيه)، الإذن في الإتلاف قد يصدر من
المالك أو من يقوم مقامه في
التصرف كالوكيل والوليّ ونحوهما أحياناً، أو من
الشارع اخرى، أو من الوليّ العامّ ثالثة، وتترتّب على كلّ واحد منها جملة
أحكام .
•
الإتلاف (مايجب فيه)، تقدّم أنّ الإتلاف قد يجب أحياناً في بعض الموارد وفيما يلي نشير إلى أهم تلك الموارد التي يجب فيها الإتلاف:۱ -
كتب الضلال ، ۲- هياكل العبادة المحرّمة، ۳-
آلات القمار واللهو، ۴- الدراهم المغشوشة.
•
الإتلاف (التنازع فيه)، قد يقع النزاع في
أصل الإتلاف أو مقداره أو قيمة المتلف أو أداء الضمان.
الموسوعة الفقهية، ج۳، ص۱۹۵-۲۱۸.