الإفراط
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعنى
التجاوز عن الحد في شيء و مقابله في طرف الآخر
التفريط وكلاهما مردودان في نظر
الإسلام والممدوح هو
الاعتدال .
الإفراط- لغة-: مجاوزة الحدّ
والإسراف في الشيء.
ويقابله
الاعتدال والاقتصاد .
وقد استعمله
الفقهاء في نفس المعنى اللغوي.
وهو
التقصير والتضييع ، يقال: فرّط في الشيء وفرّطه: إذا ضيّعه.
والنسبة بين الإفراط والتفريط
التضاد .
الإفراط والتفريط أمران منبوذان، والحدّ الوسط- وهو الاعتدال- ممدوح محمود، ولهذا نجد أنّ
الفقه الإسلامي
والأحكام الشرعية ترفض الإفراط، فالإفراط والتفريط في العلاقة مع الدنيا مرفوضان، فلا
زهد يتحوّل إلى
رهبانية ، ولا عيش يتحوّل إلى
استغراق في الدنيا، فقد روي عن العالم عليه السلام أنّه قال: «اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً».
ولو فتّشنا في ثنايا الأحكام الشرعية لوجدنا بُعداً عن الإفراط في الامور واتجاهاً نحو الاعتدال.
هذا، وقد تعرّض الفقهاء للإفراط- بعنوانه- في
الأطعمة والأشربة ، وفي
الوضوء وغيرهما كما يلي:
يجب في
مسح الرأس والرجلين في الوضوء أن يكون ذلك ببلل
ماء الوضوء، ولا يجوز المسح بماء جديد،
فلو فرض عدم إمكان حفظ الرطوبة في الماسح للإفراط في حرّ الهواء أو الحرارة في البدن ولو باستعمال ماء كثير بحيث كلّما أعاد الوضوء لم ينفع، فهنا وقع الخلاف بين الفقهاء في أنّه هل يجب المسح بماء جديد أو يكتفى بالمسح باليد الجافّة؟
ذهب بعضهم إلى الأوّل وأنّه يمسح بماء جديد،
فيما ذهب بعضٌ آخر إلى الثاني وأنّه يكتفى بالمسح باليد الجافّة.
وذكر بعضهم أنّ
الأحوط الجمع بين الوضوء والمسح باليد الجافّة
والتيمم ؛ نظراً إلى أنّه أقرب إلى
البراءة .
وقال
المحقق النجفي : «والأولى في الاحتياط الجمع بين الاحتياطات الثلاثة، وهي: المسح بلا
استئناف ، واستئناف الماء الجديد، والتيمّم»، لكنّه قوّى بعد ذلك المسح من دون
وجوب الاستئناف بالماء الجديد؛ تمسّكاً بإطلاق ما دلّ على وجوب المسح، وعدم ما يدلّ على وجوب الاستئناف بالماء الجديد.
وقال
السيد اليزدي - بعد أن قوّى جواز المسح بالماء الجديد-: «والأحوط المسح باليد اليابسة، ثمّ بالماء الجديد، ثمّ التيمّم أيضاً».
ذهب بعض الفقهاء إلى أنّه لو أفرط المصلّي في
الصلاة الجهرية فبالغ في
الجهر حدّ
الصياح بطلت صلاته؛ للنهي عن الجهر العالي في قوله سبحانه وتعالى: «وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا»؛
لما ورد في تفسيرها من أنّ الجهر هو أن ترفع صوتك شديداً.
أمّا إذا فسّر الجهر بالصلاة على أنّه مغاير للجهر في الصلاة، بمعنى أن يكون المراد
إظهار الصلاة خارجاً مقابل
إسرارها وعدم الصلاة أمام الناس فتكون
الآية أجنبية عن المقام بالكلية.
إذا احتكر
المحتكر السلعة اجبر على
بيعها دون أن يجبر على سعرٍ محدّد، بل يكون
التسعير في يده. نعم، لو أفرط في السعر بأن رفعه كثيراً اجبر على سعرٍ معيّن.
وقد يكون
الإجبار على سعر معيّن حتى لو لم يبلغ حدّ الإفراط العرفي لكن رأى
الحاكم تنظيماً لحركة البيع
والشراء وتداول النقد
والأموال أن يحدّد الأسعار حتى لا يلحق الضرر بالناس أو باقتصاد المجتمع، فيمكنه حينئذٍ إجبار عامّة البائعين
والتجار بأسعار معيّنة تتناسب مع حجم التضخّم النقدي في اقتصاد البلد ككل.
يحرم الإفراط في
الأكل إذا كان يتضمّن
الإضرار بالنفس، وإلّا كان
مكروهاً .
وقد وردت العديد من
النصوص في
النهي عن بلوغ حدّ التخمة عند الأكل وأنّ الأفضل أن يقوم الإنسان عن
الطعام قبل أن يكتمل
شبعه .
ففي مرسل
ابن سنان عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «كلّ
داء من التخمة إلّا
الحمى فإنّها ترد وروداً».
وفي
خبر أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: «ما من شيء أبغض إلى اللَّه عزّوجلّ من بطن مملوءة».
الموسوعة الفقهية، ج۱۵، ص۲۸۵-۲۸۷.