الانفراد
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
الإنزواء، أي استبد به ولم يشرك معه أحدا.استعمله الفقهاء في المعنى اللغوي نفسه في كثير من أبواب الفقه.
الانفراد: مصدر انفرد بمعنى تفرّد، يقال: انفرد
بالأمر ، أي استبدّ به ولم يشرك معه أحداً.
وأفرده: جعله فرداً.
استعمل الفقهاء الانفراد في المعنى اللغوي نفسه في كثير من الأبواب كالانفراد في
الشهادة ، وانفراد الشاهد في شهادته، وانفراد أحد
الوكيلين بالتصرّف، وانفراد أحد الوصيّين في
إنفاذ الوصية، وغير ذلك.نعم، هناك استعمال خاصّ للفقهاء في خصوص باب الصلاة حيث يقال لمن لم يصلّ في جماعة: انفرد في صلاته، وهي تشمل من
ابتدأها منفرداً، أو كان مأموماً في جماعة ثمّ انفرد عنها في باقي صلاته.
ومن معانيه
الاعتماد على النفس،
والاستبداد بالأمر،
وهو بهذا المعنى يرادف الانفراد، غير أنّه يخالفه في غير ذلك من
إطلاقاته اللغوية.
بمعنى
التشارك الذي هو ضدّ الانفراد ويقابله.
يختلف حكم الانفراد باختلاف متعلّقه وفي الأبواب المختلفة من
الفقه ، وفيما يلي نشير إلى أهمها:
•
الانفراد في الصلاة، وهو تارة يراد به الصلاة منفرداً
ابتداءً ، واخرى يراد به
الانفراد في صلاة الجماعة بعد
الائتمام.
•
الانفراد في رؤية الهلال،دلّت الروايات الكثيرة على أنّ الشهر الجديد إنّما يتحقّق بخروج
الهلال عن تحت الشعاع بمثابة يكون قابلًا للرؤية.
تعرّض أغلب الفقهاء في مباحث
الإرث إلى ما يستحقّه كلّ وارث من سهم إن كان ذا فرض أو ما يصله بالقرابة إن لم يكن كذلك.
وفي ضمن الصور التي بحثوها صور انفراد الوارث بالتركة وكيفية توريثه، ومحصّل كلامهم: أنّ الوارث من جهة النسب إن كان واحداً وانفرد بالتركة ورث المال كلّه إن كان ذا فرض بعضه بالفرض وبعضه الآخر بالقرابة، وإن لم يكن ذا فرض فبالقرابة.
أمّا لو انفرد أحد الزوجين بالتركة ولا وارث غيره فقد اتّفق الفقهاء في أنّ سهم الزوج هو النصف، ويردّ عليه الفاضل حال الانفراد.أمّا الزوجة ففيها أقوال:
الأوّل: للزوجة الربع والباقي
للإمام عليه السلام.
الثاني: للزوجة الربع ويردّ عليها الفاضل مثل ميراث الزوج.
الثالث:
الردّ عليها مع عدم ظهور الإمام عليه السلام.
•
الانفراد في التصرفات،يأتي الكلام في تصرفات الانفراد على حالات وهي التصرفات في
التزويج والشهادة.
ورد في كثير من النصوص مرجوحيّة بعض حالات الانفراد، مثل الانفراد بالرأي وعدم
الاستشارة حيث جاء عن
أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: «مَن استبدّ برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها».
وكذا ما روي عنه عليه السلام: «لا رأي لمن انفرد برأيه»، وقال: «وما عطب من استشار».
وعن
الإمام الصادق عليه السلام: «المستبدّ برأيه موقوف على مداحض
الزلل ».
من هنا ينبغي للمؤمن أن يستشير الآخرين ويشاركهم في عقولهم ويجمع خبرتهم إلى خبرته لتصويب حركتهم وتصويب حركته أيضاً، بل لقد ورد في بعض النصوص بيان
الاستخارة المستحبّة بمشورة الآخرين والأخذ برأي أكثرهم.ولا فرق في مرجوحية
الاستبداد بالرأي بين الحاكم وغيره،
والرئيس والمرؤوس، والعالم والمتعلّم، والصغير والكبير، والرجل والمرأة، وغيرهم.ومن أشكال الانفراد بالرأي أن ينفرد
الحاكم بالسلطة، فيقوم
باحتكار تمام القرارات ولا يشرك غيره في
إدارة البلاد، وهذا ما يحصل عادةً في الأنظمة الدكتاتورية المستبدّة.
ومن الواضح أنّ
الشريعة الإسلامية حثّت الحاكم على
إشراك شرائح المجتمع وطاقاته ورجالاته في إدارة البلاد حتى لو كان له في نهاية المطاف القرار النهائي في الشؤون العليا.وقد كانت سنّة
النبي صلى الله عليه وآله وسلم- تبعاً
للقرآن الكريم - مشاورة أصحابه رغم عدم حاجته إلى ذلك؛ لعلمه وعصمته، وكان يأخذ بما يشيرون عليه ويوكل المهمّات إلى أفراد مختلفين يتولّونها، كإدارة
الجيش أو ولاية المناطق، بما يفسح لهم في اتّخاذ قرارات هنا وهناك.ولم يكن يتدخّل في كلّ صغيرة وكبيرة بما لا يعطي مجالًا لقادة المسلمين بالرأي والقرار، وهذا من الواضحات تاريخياً عند المسلمين.نعم، يلزم على الحاكم أن يتّخذ رأيه بما يراه موافقاً للشرع، ولا يتنازل عنه لمجرّد ذهاب بعض الناس إلى غيره، وهذا غير الاستبداد والانفراد بالسلطة.وهكذا عندما يرى الحاكم أو المسؤول في مكانٍ ما أنّ هناك من هو أفضل منه وأكثر خبرةً وجدارة أن يستفيد منه، بل قد يبلغ الأمر حدّ تنحّيه له، كي يتم تداول السلطة بين الجديرين بها.
•
الانفراد في المعيشة،قد يقع البحث في حكم
العزلة والانفراد في المعيشة، في مقابل
المعاشرة والاختلاط مع الناس.
الموسوعة الفقهية، ج۱۸، ص۳۵۷-۳۸۱.