• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

الاستشارة

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



وهو بمعنى طلب المشورة في أمر ما.




الاستشارة لغةً هي طلب المشورة، واستشاره أي طلب منه المشورة،
[۱] لسان العرب، ج۷، ص۲۳۵.
يقال: شاورته في كذا واستشرته، إذا راجعته لأرى رأيه فيه، فأشار عليّ بكذا، أراني ما عنده فيه من المصلحة فكانت إشارة حسنة، والاسم المَشُورَة وفيها لغتان: سكون الشين وفتح الواو، والثانية: ضمّ الشين وسكون الواو وزان معونة .
[۲] المصباح المنير، ج۱، ص۳۲۷.




واستعمل الفقهاء الاستشارة بنفس معناها اللغوي .




۳.۱ - الاستئمار


وهو لغةً: المشاورة
[۳] لسان العرب، ج۱، ص۲۰۶.
وطلب الأمر، استأمره أي طلب أمره واستشاره،
[۴] المعجم الوسيط، ج۱، ص۲۶.
واستعمله الفقهاء في خيار الشرط بمعنى طلب الأمر فإنّهم قد ذكروا: أنّه يجوز للمتبايعين اشتراط الاستئمار بأن يستأمر المشروط عليه الأجنبي في أمر العقد فيأتمر بأمره.
واستعملوه أيضاً في بحث النكاح في مسألة استئمار المرأة في أمر تزويجها ، ومعناه في هذه المسألة هو الاستيذان وطلب الإذن .

۳.۲ - الاستخارة


وهي لغةً طلب الخيرة في الشي‏ء،
[۱۰] النهاية (ابن الأثير)، ج۲، ص۹۱.
والفرق بين هذا المعنى للاستخارة وبين الاستشارة واضح، وقد يراد بالاستخارة ما هو المعروف بين الناس في محاوراتهم في هذه الأعصار من استكشاف ما فيه الخيرة وطلب التعرّف بما فيه المصلحة بكيفية مخصوصة.
وهذا المعنى من الاستخارة هو في الحقيقة نوع من الاستشارة، فإنّ الشخص قبل العمل لكي يعرف أنّ فيه خيرة ومصلحة أم لا يستشير اللَّه عزّ وجل بإحدى الكيفيات المذكورة لهذا النوع من الاستخارة كالاستخارة بالرقاع.
[۱۱] مصباح الفقيه (الصلاة)، ج۱، ص۵۱۷ (حجرية).
[۱۲] سؤال وجواب (اليزدي)، ج۱، ص۱۱.




لا شكّ في حسن الاستشارة ورجحانها في الجملة عقلًا ؛ لأنّ الاستشارة والرجوع إلى من لديه رأي وتجربة محاولة للوصول إلى الواقع وطريق إلى المعرفة بما في العمل من صلاح أو فساد وتمييز الحق من الباطل أو الأحق والأصوب من الحق والصواب .
ويدلّ أيضاً الكتاب العزيز والروايات الشريفة على مطلوبية الاستشارة ورجحانها.
أمّا الكتاب فقوله تعالى: «وَ أَمْرُهُمْ‏ شُورى‏ بَيْنَهُمْ» في مدح المؤمنين ، وذكر بعض المفسّرين أنّ فيه إشارة إلى أنّهم أهل الرشد وإصابة الواقع يمعنون في استخراج صواب الرأي بمراجعة العقول، فالآية قريبة المعنى من قول اللَّه تعالى: «الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ».
وكذا قوله تعالى آمراً نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم: «وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ»، والمراد المشاورة في أمر الحرب وغيره ممّا يصحّ أن يشاور فيه استظهاراً برأيهم وتطييباً لنفوسهم وتمهيداً لسنة المشاورة للُامّة ، وإنّما يصحّ التشاور فيما إذا لم يرد فيه من اللَّه ورسوله حكم فقد قال اللَّه سبحانه: «وَ ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً»، ولا شكّ في أنّ أمر وصاية النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإمامة الامّة بعده من الامور التي لا يصحّ التشاور فيها.
وأمّا الروايات الدالة على مطلوبية المشاورة ومبغوضية الاستبداد بالرأي والعجب فهي كثيرة:
منها: رواية السري بن خالد عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «فيما أوصى به رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عليّاً عليه السلام قال: لا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير ».
ومنها: رواية ابن القدّاح عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السلام قال: «قيل: يا رسول اللَّه ما الحزم ؟ قال: مشاورة ذوي الرأي واتّباعهم».
ومنها: ما عن علي عليه السلام: «لا وحدة أوحش من العجب... ولا مظاهرة أوثق من المشاورة».
[۲۳] نهج البلاغة، ج۱، ص۴۸۸، الكتاب ۱۱۳.

ومنها: ما عنه عليه السلام: لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل ، ولا ميراث كالأدب ، ولا ظهير كالمشاورة.
ومنها: ما عنه عليه السلام أيضاً: «الاستشارة عين الهداية ، وقد خاطر من استغنى برأيه».
[۲۵] نهج البلاغة، ج۱، ص۵۰۶، الكتاب ۲۱۱.

ومنها: ما عنه عليه السلام أيضاً: «من استبدّ برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها».
ومضافاً إلى ذلك تدلّ روايات متعدّدة على أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام قد كانوا يستشيرون أصحابهم في الامور، ولا شك في أن التأسي بهم أمر مطلوب في الشريعة ، فتكون الاستشارة مطلوبة وراجحة لغيرهم وللُامّة من باب التأسّي.
ومن جملة هذه الروايات ما رواه معمر ابن خلّاد قال: هلك مولى لأبي الحسن الرضا عليه السلام يقال له: ( سعد )، فقال: «أشر عليّ برجل له فضل وأمانة »، فقلت: أنا اشير عليك؟! فقال شبه المغضب: «إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يستشير أصحابه ثمّ يعزم على ما يريد».
ومنها: ما رواه الحسن بن جهم قال: كنّا عند أبي الحسن الرضا عليه السلام فذكر أباه عليه السلام‏ فقال: «كان عقله لا توازن به العقول، وربما شاور الأسود من سودانه فقيل له: تشاور مثل هذا؟! فقال: إن اللَّه تبارك وتعالى ربما فتح على لسانه ، قال: فكانوا ربما أشاروا عليه بالشي‏ء فيعمل به من الضيعة والبستان ».
ومنها: ما رواه الفضيل بن يسار قال: استشارني أبو عبد اللَّه عليه السلام مرّة في أمر، فقلت: أصلحك اللَّه مثلي يشير على مثلك؟! قال: «نعم، إذا استشرتك».
والحاصل أنّ حكم الاستشارة هو الاستحباب ويتأكّد في الامور الخطيرة كتدبير امور المجتمع والقضاء .
وقد يتعلّق بالاستشارة حكم آخر غير الاستحباب لطروّ بعض العناوين المغيّرة للحكم الأوّلي.



الاستشارة إنّما تكون راجحة ومطلوبة عقلًا وشرعاً فيما يجوز فعله وتركه ، فالمباحات هي مورد الاستشارة، وأمّا غيرها من الواجبات والمحرّمات والمندوبات والمكروهات فلا مورد للاستشارة فيها لا فعلًا ولا تركاً.
نعم، الاستشارة في كيفية الإتيان بالواجب والمندوب راجحة ومطلوبة، كما أن الاستشارة في كيفية ترك المحرّم والمكروه راجحة ومطلوبة عقلًا وشرعاً.



ولأجل حصول الغرض من الاستشارة ينبغي للمستشير أن يستشير من كان متّصفاً بالعقل والتديّن والورع والمعرفة بما يستشار فيه والنصح وكتمان السرّ ونحوها، كما ينبغي أن يجتنب عن مشاورة من كان فيه جبن أو بخل أو حرص أو سفالة أو فجور أو نحوها.
ويستفاد ذلك من عدّة من الروايات الواردة في الباب، منها:
۱- ما رواه الحسين بن المختار عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال علي عليه السلام- في كلام له-: شاور في حديثك الذين يخافون اللَّه».
۲- ما رواه معاوية بن وهب عنه عليه السلام أيضاً قال: «استشر في أمرك الذين يخشون ربّهم».
۳- ما رواه سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: «استشر العاقل من الرجال الورع ، فإنّه لا يأمر إلّا بخير، وإيّاك والخلاف فإنّ مخالفة الورع العاقل مفسدة في الدين والدنيا ».
۴- ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: مشاورة العاقل الناصح رشد ويمن وتوفيق من اللَّه، فإذا أشار عليك الناصح العاقل فإيّاك والخلاف، فإنّ في ذلك العطب ».
۵- ما رواه الحلبي عنه عليه السلام أيضاً قال: «إنّ المشورة لا تكون إلّا بحدودها، فمن عرفها بحدودها، وإلّا كانت مضرّتها على المستشير أكثر من منفعتها له، فأوّلها: أن يكون الذي تشاوره عاقلًا، والثانية: أن يكون حرّاً متديّناً ، والثالثة: أن يكون صديقاً مؤاخياً، والرابعة: أن تطلعه على سرّك فيكون علمه به كعلمك بنفسك، ثمّ يسرّ ذلك ويكتمه، فإنّه إذا كان عاقلًا انتفعت بمشورته، وإذا كان حرّاً متديّناً أجهد نفسه في النصيحة لك، وإذا كان صديقاً مؤاخياً كتم سرّك إذا أطلعته عليه، وإذا أطلعته على سرّك فكان علمه به كعلمك، تمّت المشورة، وكملت النصيحة».
۶- ما روي عن الإمام علي عليه السلام: «أفضل من شاورت ذو التجارب ، وشرّ من قارنت ذو المعايب ».
[۳۶] غرر الحكم ودرر الكلم، ج۱، ص۴۴۲، ح ۱۰۰۷۵.

۷- ما روي عنه عليه السلام أيضاً: « جهل المشير هلاك المستشير».
[۳۷] غرر الحكم ودرر الكلم، ج۱، ص۴۴۲، ح ۱۰۰۷۶.

۸- ما روي عنه عليه السلام أيضاً: «خير من شاورت ذووا النهى والعلم، واولوا التجارب والحزم ».
[۳۸] عيون الحكم والمواعظ، ج۱، ص۲۲۳.

۹- ما رواه الصدوق بإسناده عن أبي الحسن الرضا عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي لا تشاورنّ جباناً فإنّه يضيق عليك المخرج، ولا تشاورن بخيلًا فإنّه يقصر بك عن غايتك، ولا تشاورنّ حريصاً فإنّه يزيّن لك شرّها، واعلم أنّ الجبن والبخل والحرص غريزة يجمعها سوء الظن ».
۱۰- ما رواه عمار الساباطي قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: «يا عمّار إن كنت تحبّ أن تستتب لك النعمة وتكمل لك المروءة وتصلح لك المعيشة ، فلا تستشر العبيد والسفلة في أمرك، فإنّك إن ائتمنتهم خانوك، وإن حدّثوك كذبوك، وان نكبت خذلوك، وإن وعدوك بوعد لم يصدقوك».
ثمّ إنّه قد ورد في روايات متعدّدة النهي ‏ عن مشاورة النساء ، منها:
۱- ما رواه الصدوق بإسناده عن حمّاد ابن عمرو وأنس بن محمّد عن أبيه جميعاً عن جعفر بن محمّد عن آبائه- في وصية النبي لعلي عليهم السلام-: «يا علي ليس على النساء جمعة- إلى أن قال:- ولا تولّى القضاء ولا تستشار...».
۲- ما عن علي عليه السلام: «... وايّاك ومشاورة النساء، فإنّ رأيهنّ إلى أفن (الأفن- بالتحريك-: ضعف الرأي.) وعزمهنّ...».
[۴۵] نهج البلاغة، ج۱، ص۴۰۵، الكتاب ۳۱.

۳- ما رواه الكليني عن أحمد بن أبي عبد اللَّه عن أبيه رفعه إلى أبي جعفر عليه السلام قال: ذكر عند أبي جعفر عليه السلام النساء، فقال: «لا تشاوروهنّ في النجوى أي في الأمر الذي ينبغي إخفاؤه .
ولا تطيعوهنّ في ذي قرابة ».
۴- ما رواه أيضاً عن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: «إيّاكم ومشاورة النساء، فإنّ فيهنّ الضعف والوهن والعجز ».
۵- ما رواه أيضاً عن يعقوب بن يزيد عن رجل من أصحابنا- يكنّى أبا عبد اللَّه- رفعه إلى أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: في خلاف النساء البركة ».
۶- ما في البحار عن ابن فضال عن الإمام الصادق عن أبيه عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «شاوروا النساء وخالفوهنّ، فإنّ خلافهنّ بركة».
[۴۹] البحار، ج۱۰۳، ص۲۶۲، ح ۲۵.

ولعلّ النهي عن مشاورة النساء في هذه الروايات المحمول على الكراهة مع عدم قصد المخالفة إنّما هو من أجل غلبة العواطف والأحاسيس فيهنّ على التعقّل والتدبّر بحيث يفضي ذلك إلى الغفلة عمّا في الامور المهمّة والخطيرة من المصالح والمفاسد ووهن العزم على الفعل أو الترك، ومن هنا يمكن أن نقول: إنّ الكراهة ترتفع‏ إذا كانت المرأة التي تستشار أهلًا للمشورة بأن كانت عاقلة غير متأثّرة بالعواطف والأحاسيس متديّنة عارفة بما في الامور من المصالح والمفاسد ولها بصيرة وتجربة وحزم وحافظة للسرّ، ولم تكن بخيلة ولا جبانة ولا حريصة .
قال بعض الفقهاء في ابتداء جوابه عن السؤال عن مدى صحّة ما ورد في الأحاديث من أنّ خلاف النساء بركة أو شاوروهنّ وخالفوهنّ وأنّه ما هو المقصود من هذه المشاورة إذا كانت مقرونة بالمخالفة: «لم أجد هذا المضمون في حديث معتبر».
[۵۱] استفتاءات (السيستاني)، ج۱، ص۵۷۷.




لا إشكال في أنّ نصح المستشير أمر مطلوب ومرغوب فيه في الشريعة ، كما أنّ تركه أمر مذموم ، إلّا أنّ في وجوبه بحثاً وكلاماً بين عدّة من الفقهاء، ذهب السيد الخوئي إلى عدم وجوبه ، فإنّه قال: «بعد التأمّل في الأخبار الموهمة لوجوب النصح لم نجد فيها ما يدلّ على الوجوب، فإنّها على أربع طوائف :

۷.۱ - الاولى


ما دلّ على حرمة خيانة المؤمن لأخيه ، ومن المعلوم أنّها أجنبية عمّا نحن فيه؛ لعدم الملازمة بين الخيانة وترك النصيحة حتى مع الاستشارة؛ لإمكان ردّه إلى غيره سواء كان ذلك الغير أعرف منه بحال المستشير أم لا، ومن الواضح أنّه لو كان النصح واجباً لما جاز ردّه.

۷.۲ - الثانية


الأخبار الدالة على وجوب نصح المؤمن ابتداءً بدون سبق استشارة واستهداء ، وهي وإن كانت كثيرة ومعتبرة ولكنّها راجعة إلى الجهات الأخلاقية فتحمل على الاستحباب ، والوجه في ذلك هو لزوم العسر الأكيد والحرج الشديد من القول بوجوب النصح على وجه الإطلاق، وتقييده بمورد الابتلاء أو بمن يفي بحقوق الإخوة من غير أن يضيع منها شيئاً وإن كان يرفع العسر والحرج، ولكن قامت الضرورة على عدم وجوبه هنا أيضاً.

۷.۳ - الثالثة


الأخبار الواردة في خصوص نصح المستشير وقد ادّعى غير واحد من المحدّثين وغيرهم ظهورها في الوجوب :
منها: قوله عليه السلام في رواية ابن عمر عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «من استشار أخاه فلم ينصحه محض الرأي سلبه اللَّه عزّ وجل رأيه».
ومنها: قوله عليه السلام في رواية النوفلي : «من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة سلبه اللَّه لبّه ».
وفيه: أنّ التوعيد في هاتين الروايتين بالعقوبة الدنيوية من سلب اللبّ والرأي لا يدلّ على أزيد من الاستحباب ورجحان العمل، فإنّ العقل من أعظم النعم الإلهيّة وقد منّ به سبحانه على عباده لهدايتهم ، فصرفه إلى غير ما خلق لأجله يوجب الزوال وهو من النقمات الشديدة، كما أنّ صرفه إلى ما خلق لأجله يوجب المزيّة والاستكمال ، ولا شبهة في رجحانه، ومن هنا ظهر أنّ قوله عليه السلام في رواية عباية :
«وانصح لمن استشارك» إرشاد إلى ما ذكرناه فيكون محمولًا على الاستحباب، على أنّ الروايات المذكورة كلّها مجهولة الرواة ، فإنّ يحيى ومالك وعباية مجهولون في الرجال . ويدلّ على عدم الوجوب أيضاً ما أشرنا إليه سابقاً من جواز إرجاع المستشير إلى غيره، فإنّه ينافي وجوب النصح.

۷.۴ - الرابعة


الروايات الآمرة بإعانة المؤمن وكشف كربته وقضاء حاجته ، ومن الواضح أنّ نصح المؤمن نوع منها فيكون واجباً.
وفيه: أنّ جميع ما ورد في حقوق الإخوان محمول على الجهات الأخلاقية فيحمل على الاستحباب إلّا ما ثبت وجوبه في الشريعة كردّ السلام ونحوه؛ ضرورة أنّه لم يلتزم أحد فيها بالوجوب، بل قامت الضرورة على عدم الوجوب فتكون الضرورة قرينة على رفع اليد عن ظهورها في الوجوب.

۷.۴.۱ - الحاصل


وحاصل جميع ما قدّمناه: أنّه لا دليل على وجوب النصح بعنوانه الأوّلي مطلقاً إلّا إذا كان تركه موجباً لتلف النفس وهتك العرض وذهاب المال الخطير، فإنّه يجب حينئذٍ لأهمّية الامور المذكورة».
[۶۰] مصباح الفقاهة، ج۱، ص۳۴۹- ۳۵۱.

ثمّ إنّه قد صرّح عدّة من الفقهاء بجواز الغيبة لأجل نصيحة المستشير، منهم المحقق الكركي فإنّه قال: «وضابط الغيبة: كلّ فعل يقصد به هتك عرض المؤمن والتفكّه به أو إضحاك الناس منه، فأمّا ما كان لغرض صحيح فلا يحرم كنصيحة المستشير...».

۷.۴.۲ - قول النراقي


وكذا المحقق النراقي فإنّه قال: «... ومنه يعلم استثناء كلّ ما وردت في جوازه أو وجوبه حجة خاصة أو عامة مكافئة لأدلّة حرمة الغيبة كالاستفتاء ونصح المستشير...».

۷.۴.۳ - قول السيدان الحكيم والخوئي


وكذا السيدان الحكيم والخوئي قالا: «ومنها {/ مستثنيات الغيبة}: نصح المؤمن، فتجوز الغيبة بقصد النصح كما لو استشاره شخص في تزويج امرأة فيجوز نصحه ولو لزم إظهار عيبها ، بل لا يبعد جواز ذلك ابتداءً بدون استشارة إذا علم بترتّب مفسدة عظيمة على ترك النصيحة».
[۶۳] المنهاج (الحكيم)، ج۱، ص۱۴، م ۲۸.

ولكن ذهب بعض الفقهاء كالإمام الخميني إلى جوازها في بعض الموارد لا في مطلق الموارد، حيث قال: «الأقوى ملاحظة الموارد ففي كلّ مورد تحرز أهمّية النصح أو تحتمل... يحكم بجوازها دون مطلق الموارد».
وعلّق‏ بعض الفقهاء المعاصرين على كلام السيد الخوئي المتقدم وقال: «وفي إطلاقه إشكال، فلا بدّ من إعمال قاعدة التزاحم ».
[۶۶] المنهاج (الوحيد الخراساني) ۲: (التقليد)، م ۲۹ التعليقة رقم ۲۹.

وتفصيل الكلام في محلّه.


 
۱. لسان العرب، ج۷، ص۲۳۵.
۲. المصباح المنير، ج۱، ص۳۲۷.
۳. لسان العرب، ج۱، ص۲۰۶.
۴. المعجم الوسيط، ج۱، ص۲۶.
۵. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۵، ص۱۲۵.    
۶. المسالك، ج۷، ص۱۲۸.    
۷. نهاية المرام، ج۱، ص۷۶.    
۸. الحدائق، ج۲۳، ص۲۲۷.    
۹. الصحاح، ج۲، ص۶۵۲.    
۱۰. النهاية (ابن الأثير)، ج۲، ص۹۱.
۱۱. مصباح الفقيه (الصلاة)، ج۱، ص۵۱۷ (حجرية).
۱۲. سؤال وجواب (اليزدي)، ج۱، ص۱۱.
۱۳. صراط النجاة، ج۲، ص۴۱۷.    
۱۴. الشورى/سورة ۴۲، الآية ۳۸.    
۱۵. الزمر/سورة ۳۹، الآية ۱۸.    
۱۶. الميزان، ج۱۸، ص۶۳.    
۱۷. آل عمران/سورة ۳، الآية ۱۵۹.    
۱۸. التفسير الصافي، ج۱، ص۳۹۵.    
۱۹. الأحزاب/سورة ۳۳، الآية ۳۶.    
۲۰. معالم المدرستين، ج۱، ص۱۶۸- ۱۶۹.    
۲۱. الوسائل، ج۱۲، ص۳۹، ب ۲۱ من أحكام العشرة، ح ۲.    
۲۲. الوسائل، ج۱۲، ص۳۹، ب ۲۱ من أحكام العشرة، ح ۱.    
۲۳. نهج البلاغة، ج۱، ص۴۸۸، الكتاب ۱۱۳.
۲۴. الوسائل، ج۱۲، ص۴۰، ب ۲۱ من أحكام العشرة، ح ۵.    
۲۵. نهج البلاغة، ج۱، ص۵۰۶، الكتاب ۲۱۱.
۲۶. الوسائل، ج۱۲، ص۴۰، ب ۲۱ من أحكام العشرة، ح ۷، ۸.    
۲۷. الوسائل، ج۱۲، ص۴۰، ب ۲۱ من أحكام العشرة، ح ۶.    
۲۸. الوسائل، ج۱۲، ص۴۰، ب ۲۴ من أحكام العشرة، ح ۱.    
۲۹. الوسائل، ج۱۲، ص۴۴- ۴۵، ب ۲۴ من أحكام العشرة، ح ۳.    
۳۰. الوسائل، ج۱۲، ص۴۴، ب ۲۴ من أحكام العشرة، ح ۲.    
۳۱. الوسائل، ج۱۲، ص۴۲، ب ۲۲ من أحكام العشرة، ح ۴.    
۳۲. الوسائل، ج۱۲، ص۴۱، ب ۲۲ من أحكام العشرة، ح ۳.    
۳۳. الوسائل، ج۱۲، ص۴۲، ب ۲۲ من أحكام العشرة، ح ۵.    
۳۴. الوسائل، ج۱۲، ص۴۲، ب ۲۲ من أحكام العشرة، ح ۶.    
۳۵. الوسائل، ج۱۲، ص۴۳، ب ۲۲ من أحكام العشرة، ح ۸.    
۳۶. غرر الحكم ودرر الكلم، ج۱، ص۴۴۲، ح ۱۰۰۷۵.
۳۷. غرر الحكم ودرر الكلم، ج۱، ص۴۴۲، ح ۱۰۰۷۶.
۳۸. عيون الحكم والمواعظ، ج۱، ص۲۲۳.
۳۹. الخصال، ج۱، ص۱۰۲، ح ۵۷.    
۴۰. الوسائل، ج۱۲، ص۴۶- ۴۷، ب ۲۶ من أحكام العشرة، ح ۱.    
۴۱. الوسائل، ج۱۲، ص۴۷، ب ۲۶ من أحكام العشرة، ح ۱.    
۴۲. الفقيه، ج۴، ص۳۶۴، ح ۵۷۶۲.    
۴۳. الوسائل، ج۱۲، ص۴۶، ب ۲۵ من أحكام العشرة، ح ۱.    
۴۴. الصحاح، ج۵، ص۲۰۷۱.    
۴۵. نهج البلاغة، ج۱، ص۴۰۵، الكتاب ۳۱.
۴۶. الكافي، ج۵، ص۵۱۷، ح ۶.    
۴۷. الكافي، ج۵، ص۵۱۷، ح ۸.    
۴۸. الكافي، ج۵، ص۵۱۸، ح ۹.    
۴۹. البحار، ج۱۰۳، ص۲۶۲، ح ۲۵.
۵۰. الوسائل، ج۱۲، ص۴۶، باب۲۵.    
۵۱. استفتاءات (السيستاني)، ج۱، ص۵۷۷.
۵۲. المكاسب المحرمة (الإمام الخميني)، ج۱، ص۲۹۱- ۲۹۲.    
۵۳. الوسائل، ج۱۲، ص۲۰۳، ب ۱۲۲ من أحكام العشرة.    
۵۴. الوسائل، ج۱۶، ص۳۸۱، ب ۳۵ من فعل المعروف.    
۵۵. الحدائق، ج۱۸، ص۱۶۴- ۱۶۵.    
۵۶. الوسائل، ج۱۲، ص۴۴، ب ۲۳ من أحكام العشرة، ح ۲.    
۵۷. المستدرك، ج۸، ص۳۴۶، ب ۲۲ من أحكام العشرة، ح ۱.    
۵۸. المستدرك، ج۸، ص۳۴۶، ب ۲۲ من أحكام العشرة، ح ۲.    
۵۹. الوسائل، ج۱۲، ص۲۰۳، ب ۱۲۲ من أحكام العشرة.    
۶۰. مصباح الفقاهة، ج۱، ص۳۴۹- ۳۵۱.
۶۱. جامع المقاصد، ج۴، ص۲۷.    
۶۲. مستند الشيعة، ج۱۴، ص۱۶۸.    
۶۳. المنهاج (الحكيم)، ج۱، ص۱۴، م ۲۸.
۶۴. المنهاج (الخوئي)، ج۱، ص۱۱، م ۲۹.    
۶۵. المكاسب المحرّمة، ج۱، ص۲۹۲.    
۶۶. المنهاج (الوحيد الخراساني) ۲: (التقليد)، م ۲۹ التعليقة رقم ۲۹.




الموسوعة الفقهية، ج۱۱، ص۳۳۹-۳۴۸.    



جعبه ابزار