الاستئمار
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو طلب
الأمر أو
الإذن.
الاستئمار
والائتمار والتآمر- على وزن تفاعل- والتأمّر- على وزن تفعّل-
والمؤامرة كلها بمعنى
المشاورة . يقال:وآمره في أمره ووامره واستأمره: شاوره، وآمرته في
أمري مؤامرة: إذا شاورته.
ولا يتعدّى
استعمال الفقهاء له
المعنى المذكور؛ إذ هم يستعملونه بمعنى طلب الأمر أو
الإذن ممّن له ذلك أو
الإرشاد إلى ما هو الأصلح، كما يتّضح ذلك من خلال ذكر موارد استعماله.
وهو
طلب الإذن
والسماح ، يقال: استأذنه طلب منه الإذن،
والاستئمار طلب الإشارة والأمر ممن له ذلك أيضاً، لكن الأمر والإشارة لا يحصل إلّا
بالنطق بينما قد يحصل
الاستئذان بالسكوت كما في
البكر ويدل على ذلك ما روي عن
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «البكر تستأذن
والأيم تستأمر».
وهي لغة طلب المشورة، يقال: شاورته في كذا واستشرته، راجعته لأرى رأيه فيه،
والاسم المشورة.
والاستئمار وإن كان معناه لغة المشاورة إلّا أنّه لا يكون إلّا ممّن له الأمر في ذلك ابتداءً أو
اشتراطاً فالاستشارة أعم.
استعمل هذا
اللفظ في الفقه في ثلاثة موارد، هي
إجمالًا كالتالي:
من جملة
أحكام خيار الشرط جواز اشتراط الاستئمار، كما في بعض الكتب، والمؤامرة كما في آخر. والمراد به أن يشترط
المتبايعان أو أحدهما استئمار شخص آخر معيّن في
العقد ، كأن يشترط
الولد استئمار
والده ، أو
الأخ استئمار أخيه، أو
الأجنبي استئمار الأجنبي، فإن أمر المستأمر- بالفتح- بالإمضاء لزم، وإن أمر بالفسخ كان لمن شرط له
الفسخ .
وهذا
الشرط لا خلاف بين الفقهاء في صحّته، بل عليه دعوى
الإجماع ؛ كما هو ظاهر في التذكرة: «إذا اشترى شيئاً أو باع بشرط أن يستأمر فلاناً صحّ عندنا.
وفي جامع المقاصد: «(يجوز اشتراط المؤامرة) باتّفاقنا.
وفي جواهر الكلام حيث قال: «يجوز لكلّ منهما اشتراط المؤامرة- أي الاستئمار- بلا خلاف فيه بيننا، بل الإجماع بقسميه عليه.
للأصل ، وعموم أدلّة جواز الشرط ونفوذه، إلّا
المخالف للكتاب
والسنة ، وفي التذكرة: « صحّ عندنا؛ لأنّه شرط سائغ يتعلّق به غرض العقلاء فيندرج تحت قوله عليه السلام: «المؤمنون عند شروطهم»».
ففي جامع المقاصد: «(يجوز اشتراط المؤامرة) باتّفاقنا؛ لعموم دلائل جواز الاشتراط».
وفي مجمع الفائدة: «دليله عموم جواز الشرط إلّا المخالف، والمخالفة ليست هنا بظاهرة».
وفي مفتاح الكرامة: «أمّا جوازها (المؤامرة) مع تعيين المدّة فاجماعي، كما في جامع المقاصد، وظاهر التذكرة، ويدلّ عليه الأصل، والعمومات».
وهو ليس منه. نعم، وقع
الكلام في حقيقته
وفرقه عن اشتراط الخيار للأجنبي وعن
التعليق في
البيع وشروطه وما يترتّب عليه من أحكام.
يرد هذا اللفظ في كتاب
النكاح أيضاً عند تعرّض
الفقهاء لأولياء العقد،
كما يرد في
روايات هذا الباب أيضاً.
والمراد به مشاورة من يريد
تزويج امرأة لا
ولاية له عليها- كالأجنبي أو
الجد والأب بالنسبة للثيّب؛ إذ لا ولاية لهما عليها، أو البكر
البالغة الرشيدة بناءً على عدم ولايتهما عليها، أو ثبوتها على نحو التشريك- فإن رضيت صحّ، وإلّا فلا.
ومن الروايات المعبّرة بذلك
صحيح محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام، قال:«لا تستأمر
الجارية إذا كانت بين أبويها، ليس لها مع الأب أمر»، وقال: «يستأمرها كلّ أحد ما عدا الأب».
وعن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تنكح
الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، وأنّ سكوتها إذنها».
وغير ذلك.
المورد الثالث من موارد
التعبير بالاستئمار
باب التحكيم في
الشقاق ، فإنّ الحكمين بعد تحكيمهما إمّا أن يجتمعا على فرقة أو
إصلاح ، فإن اجتمعا على الإصلاح لم يحتج إلى مراجعة الزوجين، وإن اجتمعا على فرقة فلا بدّ لهما من استئمار
الزوج والزوجة .
وقد دلّت على ذلك رواية محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام، قال: سألته عن قول اللَّه عزّ وجلّ: «فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها»،
قال: «ليس للحكمين أن يفرّقا حتى يستأمرا».
وما رواه
الحلبي عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: سألته عن قول اللَّه عزّ وجلّ: «فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها»، قال:
«ليس للحكمين أن يفرّقا حتى يستأمرا
الرجل والمرأة ويشترطان عليهما إن شاءا جمعا وإن شاءا فرّقا، فإن جمعا فجائز، وإن فرّقا فجائز».
الموسوعة الفقهية ج۱۰، ص۳۲۹-۳۳۱.