الإشراك
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو جعل
الشريك لله.
الإشراك لغة: مصدر أشرك، يقال: أشرك فلان
باللَّه، أي جعل له شريكاً، وأشرك فلاناً في
الأمر ، أي جعله
شريكاً له في ذلك الأمر.
وقد استعمله
الفقهاء في نفس المعنيين المذكورين.
وهو في اللغة:
ستر الشيء، وفي
الاصطلاح : إنكار أصل من
اصول الدين، كإنكار التوحيد والشرك باللَّه، أو إنكار
النبوّة .
أمّا الشرك فهو
خصلة واحدة، وهو
اتّخاذ إله مع اللَّه أو دونه. وقد يطلق
الشرك على كلّ كفر على سبيل
المبالغة .
فعلى هذا يكون كلّ شرك كفراً، ولا يكون كلّ
كفر شركاً إلّاعلى سبيل المبالغة.
وهو مصدر شرك، وهو: جعلك
الغير شريكاً لك في الأمر أو
البيع ،
فهو بمعنى الإشراك إلّاأنّه عند
الإطلاق ينصرف الإشراك إلى اتّخاذ شريك للَّه، فيما ينصرف
التشريك إلى اتّخاذ الغير شريكاً في
المال أو الأمر، فتكون بينك وبينه
مشاركة و
شركة وشراكة.
يتحقّق الإشراك- بمعنى اتّخاذ الشريك للَّه تعالى- بامور:
وهو أن يعتقد بوجود إلهين أو أكثر
مستقلّين في
التأثير أو
مشتركين فيه، فلا ينظر هنا إلى جانب
الفعل الإلهي بل إلى جانب الذات، فوجود واجبي الوجود معناه الشرك في
الذات الإلهية، و
الاعتقاد بأنّ هناك نظيراً للَّهتعالى أو مَثَلًا، هو إشراك لغيره معه في الذات.
قال تعالى: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ• اللَّهُ
الصَّمَدُ • لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ• وَلَمْ يَكُن لَهُ
كُفُواً أَحَدٌ».
وهناك معنى آخر للإشراك في الذات، وهو الاعتقاد بأنّ اللَّه سبحانه مركّب له أجزاء وليس
بسيطاً، ولكنه معنى خاص في علم
الكلام . ومن أشكال الإشراك في الذات ما يذهب إليه
النصارى من الاعتقاد
بالأقانيم الثلاثة.
وهو أن يُسند
الخلق و
الإيجاد إلى غير اللَّه تعالى من مخلوقاته بنحو
الاستقلال أو الاشتراك، كما يعتقده
المجوس حيث ينسبون أفعال
الخير إلى إله النور، وهو (يزدان)، وأفعال الشرّ إلى إله
الظلمة ، وهو (أهرمن).
وهو ما يذهب إليه بعض المشركين حيث كان يعتقد أنّ الذي يرتبط باللَّه تعالى إنّما هو الخلق والإيجاد و
الابتداء ، وأمّا تدبير الأنواع و
الكائنات الأرضيّة فقد فوّض إلى
الأجرام السماويّة أو الملائكة أو
الجنّ أو الموجودات الروحيّة التي كانت تحكي عنها
الأصنام المعبودة، وليس له سبحانه أيّ
دخالة في أمر
تدبير الكون و
إدارته وتصريف شؤونه.
ومن فروع التوحيد في
الربوبية عند المتكلّمين ما يسمّونه التوحيد في الربوبية التشريعية، وعكسه هو الإشراك في هذه الربوبية، وهو أن يعتقد أنّ اللَّه تعالى قد خلق
الإنسان وتركه بلا
نظام ولا قانون ينظّم حياته الفرديّة و
الاجتماعيّة ، وإنّما ترك ذلك إلى الإنسان نفسه.
ولا يشكّ عاقل في أنّ حياة الإنسان الاجتماعيّة تحتاج إلى قانون ينظّم أحوال المجتمع البشري وأوضاعه ويقوده إلى
الكمال الذي خلق له، فلا يجوز لغير اللَّه سبحانه وتعالى أن يأمر وينهى ويُحرّم ويحلّل.
وقد صرّح
القرآن الكريم بأنّ
المشرّع الوحيد الذي يحقّ له
التقنين خاصّة هو اللَّه سبحانه وتعالى، ولا
قانون سوى قانونه، قال سبحانه وتعالى: «مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا
أَسْماءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ
وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن
سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ»،
فالمراد من حصر الحاكميّة باللَّه تعالى هو حصر الحاكميّة التشريعيّة به سبحانه.
وقال سبحانه: «أَفَحُكْمَ
الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ»،
فإنّ هذه الآية تقسّم القوانين الحاكمة على
البشر إلى قسمين:
إلهي وجاهلي، وبما أنّ ما كان من صنع
الفكر البشري ليس إلهيّاً فسيكون بالطبع حكماً جاهليّاً.
وقال سبحانه: «وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ
الْكَافِرُونَ »،
وقال:
«وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ
الظَّالِمُونَ »،
وقال: «وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللّهُ فَأُوْلئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ ».
فهذه المقاطع الثلاثة توضح أنّ ممنوعيّة التقنين والتشريع بهدف الحكم على وفقه كانت موجودة في الشرائع الإلهية السالفة أيضاً، وما ذلك إلّالأجل أنّ التقنين أوّلًا والحكم ثانياً حقّ
مختصّ باللَّه سبحانه ما لم يفوّضه إلى أحد من خلقه، ولأجل ذلك يوصف
المبدّل للنظام الإلهي بالكفر تارة، وبالظلم اخرى، وبالفسق ثالثة، فهم كافرون؛ لأنّهم يخالفون التشريع الإلهي بالردّ و
الإنكار و
الجحود ، وهم ظالمون؛ لأنّهم يسلّمون حقّ التقنين الذي هو خاصّ باللَّه إلى غيره، وهم فاسقون؛ لأنّهم خرجوا بهذا الفعل عن
طاعة اللَّه سبحانه.
وهو أن يجعل طاعة غير اللَّه في حدّ طاعة اللَّه وفي عرضها، لا في طولها؛ لأنّه ليس هناك من تجب طاعته بالذات إلّااللَّه تعالى، فهو وحده الذي يجب أن يطاع، وهو وحده الذي يجب أن تمتثل أوامره، وأمّا طاعة غيره فتجب بإذنه وأمره، وإلّا كانت
محرّمة، موجبة للشرك.
ولأجل ذلك نجد القرآن الكريم يطرح مسألة الطاعة للَّهوحده مصرّحاً
بانحصارها فيه؛ إذ يقول عزوجل: «فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيراً
لِأَنفُسِكُمْ »،
ثمّ يصرّح بأنّ
النبي لا يطاع إلّا
بإذنه سبحانه؛ إذ قال: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ».
وعلى هذا فكلّ من افترض اللَّه طاعته و
الانقياد لأوامره و
الانتهاء عن مناهيه فلأجل إذنه سبحانه.
فإطاعة النبي
واولي الأمر والوالدين وغيرهم إنّما لأجل إذنه وأمره سبحانه، ولولاه لم تكن لتجز طاعتهم والانقياد لأوامرهم، ومن ذلك قال سبحانه:
«اتَّخَذُوا
أَحْبَارَهُمْ وَ
رُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِن دُونِ اللّهِ»،
فإنّه قد ورد: «ألا إنّهم لم يصوموا لهم ولم يصلّوا، ولكنّهم أمروهم ونهوهم فأطاعوهم، وقد حرّموا عليهم
حلالًا وأحلّوا لهم حراماً، فعبدوهم من حيث لا يعلمون، فهذا شرك الأعمال والطاعات».
وهو
عبادة غير اللَّه، سواء قيل بتعدّد الذات أو لا، كأن يعبد اللَّه تعالى و
الشمس أو القمر أو
الأوثان ، أو يعبد هذه
للتقرّب إليه تعالى، كما قال سبحانه: «وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ
أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى».
وهناك موارد ومراتب اخرى للإشراك ذكروها في علم الكلام و
الأخلاق يوكل تفصيلها إلى تلك العلوم، ولكن نشير إلى بعض الروايات الواردة في هذا الباب:
منها: ما ورد عن
بريد العجلي عن
أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن أدنى ما يكون
العبد به مشركاً، قال: فقال: «من قال للنواة: إنّها
حصاة وللحصاة: إنّها نواة، ثمّ دان به».
ومنها: ما ورد عن أبي العباس، قال: سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن أدنى ما يكون به الإنسان مشركاً؟ قال: فقال: «من ابتدع رأياً فأحبّ عليه أو أبغض عليه».
ومنها: ما ورد عن
أبي بصير وإسحاق ابن عمّار عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّوجلّ: «وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلّا وَهُم مُشْرِكُونَ»،
قال: «يطيع
الشيطان من حيث لا يعلم، فيشرك»،
إلى غير ذلك من الروايات.
هذا، ولكن
القدر المتيقّن منها الذي تترتّب عليه
الآثار الفقهيّة- كالنجاسة وحرمة
النكاح ونحوهما- هو الإشراك في الذات والعبادة والخالقيّة والربوبيّة، وما سواها من مكمّلات
الإيمان .
للإشراك باللَّه تعالى درجتان: الشرك
الأكبر ، و
الأصغر ، وإليك بيان ذلك:
وهو اتّخاذ الشريك للَّه تعالى في الالوهيّة، وهو
المراد بقوله تعالى حكاية عن
لقمان : «يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ».
وهو الشرك
الخفي : وهو مراعاة غير اللَّه في العبادة، مثل:
الرياء و
النفاق ؛ لقوله تعالى: «وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً»،
وقول
الإمام علي عليه السلام : «واعلموا أنّ يسير الرياء شرك»،
وقول الإمام الصادق عليه السلام: «... كلّ رياء شرك».
قال
الراغب الأصفهاني : «شرك الإنسان في الدين ضربان: أحدهما: الشرك العظيم، وهو
إثبات شريك للَّهتعالى... والثاني: الشرك الصغير، وهو
مراعاة غير اللَّه معه في بعض الامور، وهو الرياء والنفاق...».
الإشراك باللَّه تعالى حرام بجميع أنواعه؛ لأنّه من أكبر
الكبائر، بل لا ذنب مثله؛ لقوله تعالى: «إِنَّ اللّهَ لَايَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشَاءُ»،
فعدم
مغفرته لإشراك غيره معه؛ لأنّ
الخلقة إنّما تثبت على ما فيها من
الرحمة على أساس العبوديّة والربوبيّة، قال تعالى: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ»،
ولا عبوديّة مع شرك.
وقوله تعالى حكاية عن لقمان: «يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ».
أو عظمة كلّ عمل بعظمة
أثره، وعظمة
المعصية بعظمة المَعْصِي، فإنّ
مؤاخذة العظيم عظيمة، فأعظم المعاصي معصية اللَّه؛ لعظمته وكبريائه فوق كلّ عظمة و
كبرياء بأنّه اللَّه لا شريك له، وأعظم معاصيه معصيته في أنّه اللَّه لا شريك له.
وروى
عبد العظيم الحسني عن
أبي جعفر الجواد عليه السلام قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبي
موسى بن جعفر عليهما السلام يقول: «دخل عمرو بن عبيد على أبي عبد اللَّه عليه السلام فلمّا سلّم وجلس تلا هذه الآية: «الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ
الْإِثْمِ وَ
الْفَوَاحِشَ »،
ثمّ أمسك، فقال له أبو عبد اللَّه عليه السلام: «ما أسكتك؟» قال: احبّ أن أعرف الكبائر من كتاب اللَّه عزوجلّ، فقال: «نعم يا عمرو، أكبر الكبائر الإشراك باللَّه، يقول اللَّه: «مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ».
ثمّ عدّ سائر الكبائر.
هذا، وهناك أبحاث فقهية عديدة تتصل بالإشراك، لكنها ترجع إلى مصطلح (شرك، مشرك) مثل:
نجاسة المشرك، ودخوله المساجد، و
استيطانه الحجاز، و
إعطائه الأمان، و
استئجاره ، و
الاستعانة به في
الحرب وغيرها، ونكاحه، وصيده، وذبائحه، و
إسلامه ، وأخذ
الجزية منه، وحكم بلاد الشرك و
الهجرة إليها، وغيرذلك مما يتصل بعنوان الشرك والمشرك، ويراجع فيه مصطلحات (إسلام، تذكية، جهاد، ذباحة، شرك، كفر، نكاح)، وغيرها.
لا يجوز إشراك الغير في العبادات الواجبة، بأن يأتي بعمل واحد عن اثنين أو أكثر، أو عن نفسه وعن الغير؛ لأنّ عملَ واحدٍ لا يقع عن اثنين، وادّعي عدم الخلاف فيه
بل
الإجماع عليه.
نعم، اختلفوا في أنّ
العمل هل يقع لأحدهما أم لا؟ فذهب بعضهم إلى عدم وقوعه عنهما؛
لامتناع وقوعه كذلك، ولأنّ أحدهما ليس أولى به من صاحبه، ولوضوح أنّ
الواجب على كلّ منهما هو العمل
الكامل وعلى صفة الاستقلال،
فالاجتزاء بعمل واحد عنهما بصفة التشريك مخالف للقاعدة يحتاج إلى نهوض دليل عليه، ولا دليل كما هو واضح.
قال
الشيخ الطوسي : «إذا استأجر اثنان رجلًا ليحجّ عنهما، فأحرم عنهما لم يصحّ
إحرامه عنهما، ولا عن واحد منهما؛ لأنّ حجّة واحدة لا يكون عن نفسين، وليس أحدهما أولى بها من صاحبه، ولا تنعقد عن نفسه؛ لأنّه ما نواها عن نفسه، و
انقلابها إليه لا دليل عليه. فإن أحرم
الأجير عن نفسه وعمّن استأجره لا ينعقد أيضاً عنهما ولا عن واحد منهما؛ لما قلناه أوّلًا».
وقال
السيّد الخوئي : «لا يجوز استئجار شخص واحد لنيابة الحجّ الواجب عن اثنين، حيّين أو ميّتين أو
مختلفين؛ لوضوح أنّ الواجب على كلّ منهما هو الحجّ الكامل وعلى صفة الاستقلال، فالاجتزاء بحجّ واحد عنهما بصفة التشريك مخالف للقاعدة، يحتاج إلى نهوض دليل عليه، ولا دليل كما هو واضح».
وذهب بعضهم إلى وقوعه عن
الأسبق و
بطلان المتأخّر؛
لاشتغال الذمّة بالأوّل.
قال
المحقّق الحلّي : «ولا يصحّ أن ينوب عن اثنين في عام، ولو استأجراه لعام صحّ الأسبق».
وقال
المحقّق النجفي : «ولا يصحّ أن ينوب نائب واحد عن اثنين في حجّ واجب لعام واحد... فلو استأجراه في الواجب لعام صحّ الأسبق وبطل المتأخّر؛ لاشتغال الذمّة بالأوّل، بل
الظاهر كونه كذلك وإن أجاز الأوّل؛ إذ ليس هو من الأجير الخاصّ الذي إذا آجر نفسه وأجاز
المستأجر له وقع
العقد له؛ لأنّه من الفضولي؛ ضرورة كون
المستحقّ عليه
النيابة عن شخص بعينه، وهي لا يتصوّر فيها
الفضوليّة على الوجه المزبور بعد فرض كون الواقع ثانياً النيابة عن شخص آخر».
ولكن صرّحوا بأنّه لو اقترن العقدان وزمان
الإيقاع بطلا.
وصوّر
الشهيد الثاني في
المسالك المسألة على ستّة صور، وقال: «إنّ العقدين إمّا أن يتّحدا زماناً أو يتعاقبا، وعلى
التقديرين فإمّا أن يتّحد زمان الإيقاع أو يختلف أو يطلق، فالمطلقان يصحّان مطلقاً إلّاعلى
الاحتمال، وكذا المتعدّدان و
المتّحدان عقداً لا إيقاعاً، وبالعكس يبطل الثاني، وكذا يبطل المتّحدان فيهما».
نعم، ذهبوا إلى جواز إشراك الغير في ثوابها أو في العبادات
المندوبة .
قال المحقّق: «لو قال له اثنان: حجّ عنّا، فإن أرادا حجّة واحدة وكانت مندوبة صحّ؛ لأنّها طاعة يصحّ النيابة فيها، فكما تصحّ النيابة فيها عن واحد يجوز عن اثنين».
وقال السيّد الخوئي: يجوز استئجار شخص واحد لنيابة الحجّ المندوب عن اثنين؛ للروايات الكثيرة الناطقة بجواز التشريك في الحجّ
المستحبّ .
ودليلهم على ذلك روايات كثيرة:
منها: صحيحة
معاوية بن عمّار، قال: قلت
لأبي عبد اللَّه عليه السلام : إنّ
أبي قد حجّ ووالدتي قد حجّت وأنّ
أخوي قد حجّا، وقد أردت أن أدخلهم في حجّتي كأنّي قد أحببت أن يكونوا معي، فقال: «اجعلهم معك، فإنّ اللَّه عزوجل جاعل لهم حجّاً ولك حجّاً، ولك
أجراً بصلتك إيّاهم».
ومنها: رواية
علي بن أبي حمزة عن
الكاظم عليه السلام قال: سألته عن الرجل يشرك في حجّته الأربعة والخمسة من مواليه؟فقال: «إن كانوا
صرورةً جميعاً فلهم أجر، ولا يجزي عنهم من
حجّة الإسلام، والحجّة للذي حجّ».
إلى غير ذلك من الروايات.
ذهب بعض الفقهاء إلى عدم جواز الإشراك في
التسمية في الذبيحة كأن يقال: (بسم اللَّه ومحمدٍ) ونحو ذلك، فإن أشرك لا تحلّ الذبيحة.
قال الشهيد الثاني: «ولو قال: (بسم اللَّه ومحمّدٍ) - بالجرّ- لم يجز؛ لأنّه شرك، وكذا لو قال: (ومحمّدٍ رسول اللَّه)، ولو رفع فيهما لم يضرّ؛ لصدق التسمية بالأوّل تامّة، وعطف
الشهادة للرسول زيادة خير غير منافية، بخلاف ما لو قصد التشريك، ولو قال: (باسم اللَّه واسم محمّدٍ) قاصداً: أذبح باسم اللَّه وأتبرك باسم محمّد فلا بأس، وإن أطلق أو قصد التشريك لم يحلّ، ولو قال: (اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد) فالأقوى
الإجزاء ».
وظاهر عبارة المحقّق النجفي قبول هذا القول أيضاً؛ لأنّه ذكر عبارة الشهيد الثاني ولم يناقش فيها.
هناك أبحاث فقهية متعدّدة تتّصل بإشراك الغير في مال أو عمل أو حقّ تراجع في مصطلح (شركة) وغيره.
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۲۴۱-۲۴۹.