حجة الإسلام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(في) بيان (شرائط حجة
الإسلام ) ووجوبها، وهي ستة :
البلوغ ، والعقل، والحرّية و
الاستطاعة ، والتمكن من المسير و
إمكان الركوب، وتخلية السرب.
(وهي ستة :
البلوغ ، والعقل، والحرّية) و
الاستطاعة ، بلا خلاف في هذه الأربعة، بل عليها إجماع علماء الإسلام، كما في عبائر جماعة،
والنصوص بها مضافة إلى الكتاب العزيز في الأخير ـ
عموماً وخصوصاً مستفيضة.
(و) المراد بالاستطاعة عندنا : (
الزاد والراحلة ) إن لم يكن من أهل مكة، ولا بها، بالإجماع كما في
الناصريات والخلاف والغنية والمنتهى والتذكرة والسرائر،
بل فيه إجماع
المسلمين عدا مالك، ثم فيه : ولو لا إجماع المسلمين على إبطال قوله لكان.. إلى آخره.
وهو الحجة؛ مضافاً إلى النصوص المستفيضة : منها الموثق
والصحيح
المروي عن توحيد
الصدوق في تفسير الآية : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ما يعني بذلك؟ قال : «من كان صحيحاً في بدنه، مخلّى سَرْبه، له زاد وراحلة، فهو ممن يستطيع الحَج». ونحوهما المروي عن
تفسير العيّاشي .
وعن خبران آخران، في أحدهما أنها : «الصحة في بدنه والقدرة في ماله».
والثاني : «القوة في
البدن واليسار في المال».
ومنها : «إنما يعني بالاستطاعة الزاد والراحلة، ليس استطاعة البدن».
ومنها : المروي عن العلل : «إنّ السبيل الزاد والراحلة، مع الصحة».
وقصور السند أو ضعفه حيث كان مجبور بعمل الأصحاب وظاهر الكتاب، بناءً على عدم
انصراف إطلاق الأمر إلاّ إلى المستطيع ببدنه، فاعتبار الاستطاعة بعده ليس إلاّ لاعتبار شيء آخر وراءه وليس إلاّ الزاد والراحلة بإجماع الأُمة، وحمله على التأكيد خلاف الظاهر، بل الظاهر التأسيس.
وما ورد في الصحاح وغيرها من الوجوب على من أطاق المشي من المسلمين
فلشذوذها وندرتها محمولة على من استقرّ عليه فأخّره، أو
التقية عن رأي مالك القائل به
كما مرّت إليه
الإشارة أو الاستحباب، كما ذكره شيخ الطائفة،
ولا يخلو عن مناقشة. والجمع بين هذه النصوص والسابقة، بحملها على الغالب من توقف الاستطاعة على الزاد والراحلة، دون هذه، فتحمل على المتمكن ولو من دونهما كما اتّفق لبعض المتأخّرين ـ
وإن كان في حدّ ذاته حسناً، إلاّ أنّه فرع التكافؤ المفقود بما عرفت من شذوذ الأخبار الأخيرة، ومخالفتها الإجماعات المحكية حدّ
الاستفاضة ، المعتضدة بالأصل، والشهرة العظيمة بين الخاصة والعامة، وظاهر الآية الكريمة على ما عرفته.
نعم، يجب
الاقتصار فيما خالف الأخبار الأخيرة على قدر ما اجتمعت فيه المرجحات المزبورة، وهو البعيد المحتاج في قطع المسافة إلى راحلة خاصة، وأما غيره من القريب والمكّي الغير المحتاجين إليها، فينبغي العمل فيهما بما تضمنته الأخبار الأخيرة، وبه أفتى أيضاً جماعة ومنهم الشيخ في
المبسوط والفاضل في المنتهى والتذكرة
كما قيل.
ويمكن تنزيلها كإطلاق الأكثر عليه أيضاً، زيادةً على ما عرفته، جمعاً.
ويستفاد من الأخبار المتقدمة
اعتبار الشرط السادس : (و) هو (
التمكن من المسير ، ويدخل فيه الصحة) من المرض المانع من الركوب والسفر (و
إمكان الركوب، وتخلية السرب) بفتح السين المهملة و
إسكان الراء أي : الطريق، وسعة الوقت. مع أن في
المنتهى إجماعنا عليه،
بل عن المعتبر : إنّ عليه إجماع العلماء.
ويدلُّ عليه وعلى أكثر الشروط المتقدمة بل كلّها عدم صدق الاستطاعة في العرف بدونها غالباً. ونحو الصحيح : «من مات ولم يحجّ حجة
الإسلام لم تمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق فيه الحج، أو سلطان يمنعه، فليمت يهودياً أو نصرانياً».
وهل يعتبر الاستطاعة من البلد، كما عن شيخنا
الشهيد الثاني ،
أو يكفي حصولها في أيّ موضع اتّفق ولو قبل التلبس بالإحرام ، كما هو خيرة جماعة
؟ قولان : ظاهر
إطلاق الأدلة، بل عمومها : الثاني.
ونحوها الصحيح : في الرجل يمرّ مجتازاً يريد اليمن أو غيرها من البلدان وطريقه بمكة، فيدرك الناس وهم يخرجون إلى الحج، فيخرج معهم إلى المشاهد، أيجزيه ذلك عن حجة الإسلام؟ قال : «نعم».
وحيث قد ثبت هذه الشروط (و) أعلم أنّها (لا يجب على الصبي) مطلقاً (ولا على المجنون.)
(ويصح
الإحرام من الصبي المميّز) بإذن الولي بإجماعنا، كما عن ظاهر الخلاف،
بل قيل
: بالإجماع والصحاح،
وفي ظاهر المنتهى والتذكرة، كما في
المدارك والذخيرة
أنه لا خلاف فيه بين العلماء. مع أنه قد حكي عن أبي حنيفة أنّه قد أبطله.
وفي
اشتراط إذن الولي وجهان، أوجههما نعم، كما عليه الأكثر كالفاضلين والشهيدين ومن تأخّر عنهما،
تبعاً للمحكي عن ظاهر المبسوط والخلاف.
لا لما ذكروه من تضمّنه غرامة مال، ولا يجوز له التصرف في ماله بدون
إذن الولي؛ فإنّه لا يخلو عن نظر، بل ورود المنع عليه ظاهر، كما صرّح به بعض من تأخّر.
بل للاقتصار فيما خالف الأصل على المتيقن من مورد الفتوى والنص، وهو الصبي المأذون؛ وذلك لأنّ الإحرام عبادة متلقّاة من الشرع، يجب الاقتصار فيها على النص، وليس إلاّ من مرّ.
مضافاً إلى أنّ الصحة هنا بمعنى ترتب الكفارات عليه أو على الولي، والهدي أو
بدله ، ولم يجز له التصرف بشيء من ذلك في المال، إلاّ بإذن الولي، أو لورود نصّ من الشرع بذلك جليّ، وليس، كما مرّ. ولعلّ هذا مراد القوم مما مرّ من الدليل، وإن قصرت عبارتهم عن التعبير، وإلاّ فلو ورد النص الجليّ بلزوم الكفارات عليه في ماله بإحرامه ولو من غير إذن الولي كيف يمكنهم المنع عنه بمثل ذلك الدليل؟! وبالجملة : فالظاهر أنّ مقصودهم وجوب الاقتصار فيما خالف
الأصل على مورد الدليل، وليس فيه كما عرفت تعميم.
(و) كذا يصح الإحرام (بالصبي غير المميز) بأن يجعله الولي مُحرماً ويأتي بالمناسك عنه، قيل : بلا خلاف؛
للصحاح.
قالوا : (وكذا يصح) الإحرام (بالمجنون) قيل : لأنّه ليس أخفض منه.
وهو قياس مع الفارق.
(ولو حُجّ بهما لم يجزئهما عن الفرض) بل يجب عليهما مع الكمال وتحقق باقي الشروط
الاستئناف ، بلا خلاف، بل في ظاهر المنتهى وصريح غيره
الإجماع ؛ للأصل، والنصوص : منها، الموثق كالصحيح : عن ابن عشر سنين يحجّ، قال : «عليه حجة الإسلام إذا احتلم، وكذلك الجارية إذا طمثت»
ونحوه الخبر.
ويستفاد منهما استحباب الحجّ بالصبية أو حجها كالصبي، وبه قطع بعض الأصحاب، فقال : ولا ريب أنّ الصبية في معناه، مع أنّه اعترف بأنّ ما وقفت عليه في هذه المسألة وأشار بها إلى المسألة السابقة مختص بالصبي.
ولعلّه غفل عن هذه الروايات، مع أنّه قُبَيل ذلك رواها في هذه المسألة، أو أراد
اختصاص الروايات بالحجّ بالصبي لا حجّه، وليس في هذه الروايات
إشعار بأحد الأمرين، بل ظاهرها الثاني.
•
حج العبد، ويصح الحجّ من العبد بل المملوك مطلقاً مع إذن المولى وإن لم يجب عليه لما مضى لكن لا يجزئه عن الفرض يعني
حجّة الإسلام بعد
انعتاقه واستكماله الشرائط، بل يجب عليه إعادتها. إلاّ أن يدرك أحد الموقفين معتقاً فيجزئه عنها.
(ومن لا راحلة له ولا زاد) حيث يشترطان في حقه (لو حجّ كان ندباً) ولو قدر على المشي وتحصيل الزاد بقرض ونحوه. (ويعيد لو استطاع) بلا خلاف، بل عليه الإجماع في صريح الخلاف والمنتهى،
وغيرهما،
إلاّ أنّ فيهما التعبير عن الإجماع ب : عندنا، الظاهر فيه، وليس نصاً؛ وهو الحجّة، مضافاً إلى ما مرّ من الأدلة على شرطية الاستطاعة. فيكون الحجّ مع فقدها كالصلاة قبل وقت الفريضة، و
أداء الزكاة قبل وقت وجوبها. وكذا الحكم في فاقد باقي شروط الوجوب، كما هو صريح جماعة،
وحكي عن المشهور.
خلافاً لمحتمل العبارة وصريح
الدروس ، ففرّق بين فاقد الزاد والراحلة فلا يجزي، وغيره كالمريض، والممنوع بالعدوّ وتضيق الوقت والمغصوب، فيجزئ، قال : لأنّ ذلك من باب تحصيل الشرط، فإنّه لا يجب، ولو حصّله أجزأ.
وفيه نظر، فإنّ الحاصل بالتكلّف، الحجّ، أو السير إليه، لا الصحة وأمن الطريق اللذان هما الشرط. فإذاً المتجه عدم الفرق.
(ولو بُذل له الزاد والراحلة) ونفقة له ولعياله لذهابه وعوده (صار) بذلك (مستطيعاً) مع
استكمال الشروط الباقية إجماعاً، كما في صريح الخلاف وظاهر المنتهى،
وعن صريح الغنية وظاهر التذكرة؛
ولصدق
الاستطاعة بذلك، وخصوص الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة. ففي الصحيح : فإن عرض عليه الحجّ فاستحيى، قال : «هو ممّن يستطيع الحج، ولِمَ يستحي ولو على حمار أجدع، فإن كان يستطيع أن يمشي بعضاً ويركب بعضاً فليفعل»
وفي معناه غيره.
وإطلاقها يقضي عدم الفرق، بين تمليك المبذول وعدمه، ولا بين وجوب البذل بنذر وشبهه وعدمه، ولا بين وثوق بالباذل وعدمه. خلافاً للحلّي فاشترط الأول،
وللمحكي عن
التذكرة فالثاني،
وللدروس فأحدهما،
وللمدارك والذخيرة
وغيرهما
فالثالث.
ولا دليل على شيء من هذه، عدا الأخير فيتوجه، دفعاً للعسر والحرج اللازمين لعدم الوثوق، المنفيين إجماعاً، كتاباً وسنّةً وفتوى، وبها يقيّد إطلاق النصوص المتقدمة، عدم معلومية انصرافه إلى مفروضنا، لاختصاصه بحكم التبادر بغيره.
ولو وهب له مال وأُطلق لم يجب القبول على المشهور؛ لأنه
اكتساب ، وهو غير واجب له، بخلاف
البذل ، لأنّه إباحة، فيكفي فيها
الإيقاع ، وبذلك يتّضح الفرق بينهما. ولو قيّدت بشرط أن يصرفه في الحجّ، فهل هو كالهبة المطلقة فلا يجب بذلك الحجّ، أم كالبذل فيجب؟ وجهان : أحوطهما الثاني وفاقاً لشيخنا الشهيد الثاني.
خلافاً للشهيد الأول فاختار الأول،
ولعلّه الأظهر؛ لأن اشتراط الصرف في الحجّ لا يخرجه عن الهبة المحتاجة إلى القبول الملحق لها بالاكتساب الغير الواجب بلا خلاف، ودخولها في إطلاق النصوص غير واضح.
(ولو حجّ به بعض إخوانه) بأن استصحبه معه منفقاً عليه، أو أرسله إلى الحجّ فحجّ (أجزأه عن الفرض) فلا يحتاج إلى إعادته لو استطاع فيما بعد، وفاقاً للأكثر كما في المدارك،
بل المشهور كما في الذخيرة،
بل في غيرهما : إنّ عليه فتوى علمائنا.
للصحيح : قلت
لأبي عبد الله عليه السلام : رجل لم يكن له مال فحجّ به رجل من إخوانه، هل يجزي ذلك عنه عن حجّة الإسلام، أو هي ناقصة؟ قال : «بل هي حجّة تامّة».
مضافاً إلى الأصل، و
اتفاق من عدا الصدوق
على أنّ الحجّ إنّما يجب مرة بأصل الشرع.
خلافاً للإستبصار فيعيد مع اليسار؛ للخبر : عن رجل لم يكن له مال، فحجّ به أُناس من أصحابه، أقضى حجة الإسلام؟ : قال : «نعم، وإن أيسر بعد ذلك فعليه أن يحجّ» قلت هل تكون حجّة تامة أم ناقصة إذا لم يكن حجّ من ماله؟ قال : «نعم قضي عنه حجّة الإسلام، وتكون تامة وليست بناقصة، وإن أيسر فليحجّ».
ونحوه آخر : «لو أنّ رجلاً أحجّه رجل، كانت له حجّة، فإن أيسر بعد ذلك كان عليه الحجّ، وكذلك الناصب».
وفيهما ضعف من حيث السند وإن قرب الأول من الموثق و
إجمال في الدلالة؛ لتدافع ظهور الأمر في الوجوب فيهما وقضاء حجّة الإسلام في الأول، و
إلحاق الناصب بمحل الفرض في الثاني في العدم، بل الثاني أقوى قرينة على إرادة
الاستحباب ؛ للإجماع على عدم وجوب
الإعادة على الناصب بعد
الاستبصار . فلا يخرج بمثل هذين الخبرين مع ما هما عليه ممّا عرفت في البين عما اقتضته الأدلّة السابقة، من عدم وجوب الإعادة بعد الاستطاعة.
وإن أمكن المناقشة في دلالة الصحيحة عليه؛ لابتنائها على كون المراد من قوله : «حجّة تامة» ذلك، وليس بواضح وإن كان مما اتّفق عليه أكثر الأصحاب لقرب
احتمال ما ذكره في الاستبصار في معناه، من أنّ المعنى فيه : الحجّة التي ندب إليها، فإنّ ذلك يعبّر عنها بأنّها حجّة الإسلام، من حيث كانت أول الحجّة، قال : وليس في الخبر : أنّه إذا أيسر لم يلزمه الحجّ.
أقول : ويعضده كثرة وروده في الأخبار بهذا المعنى، ومنها صحيحة أُخرى لراوي الصحيحة واردة في المعسر يحجّ عن غيره، وفيها : عن رجل حجّ عن غيره، أيجزيه ذلك عن حجّة الإسلام؟ قال : «نعم» إلى أنّ قال : قلت حجّة
الأجير تامة أو ناقصة؟ قال : «تامة».
والمراد بالتمامية فيها : المعنى المزبور، بلا خلاف، كما في كثير من العبارات،
بل في جملة أُخرى دعوى الإجماع.
وبذلك تضعف الصحيحة؛ عن النهوض
لإفادة المطلوب صريحاً، بل ولا ظهور يطمئن إليه إن لم ينضم إليه فهم المشهور. وكيف كان، ما ذكرناه من الأُصول المعتضدة بفتوى المشهور. مع صلوح الخبرين سنداً ودلالةً لمعارضتها لعلّها كافية لإفادته، سيّما مع ندرة المخالف العامل بهما، ورجوعه عمّا في الاستبصار في المبسوط إلى المختار.
فليحملا على الاستحباب، كما عليه عامة متأخري الأصحاب، تبعاً للتهذيب والنهاية و
المهذّب والجامع والمعتبر،
وغيرها كما حكي.
أو على من حجّ عن غيره.
(ولا بدّ من فاضل عن الزاد والراحلة) بقدر ما (يمون به عياله) الواجبي
النفقة من الكسوة وغيرها (حتى يرجع) بالنص والإجماع، وفي المنتهى لا نعرف فيه خلافاً،
يعني به بين العلماء ظاهراً.
•
استنابة المستطيع العاجز، لو استطاع للحج مالاً فمنعه كِبَر أو مرض أو عدوّ وجبت عليه
الاستنابة مع اليأس و
استقرار الوجوب، وإلاّ ففي وجوب الاستنابة قولان المروي أنّه يستنيب.
(ولا يشترط في) وجوب الحجّ على (المرأة وجود محرم) لها، ممّن يحرم عليه نكاحها مؤبداً بنسب، أو رضاع، أو
مصاهرة (ويكفي ظنّ السلامة) بغير خلاف أجد، مصرّح به في
الذخيرة وفي ظاهر المنتهى وغيره
: إنّ عليه إجماع الإمامية؛ لعموم الكتاب والسنة، وخصوص الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة : ففي الصحيح : عن
المرأة تخرج إلى مكة بغير ولي، فقال : «لا بأس تخرج مع قوم ثقات».
وإنّما اعتبروا ظنّ السلامة مع إطلاق جملة من الأدلة؛ أخذاً بظاهر نحو هذه الصحيحة الآمرة بالخروج مع الثقة، الذي هو غالباً محل المظنّة، و
التفاتاً إلى
استلزام التكليف بالحجّ مع عدمها العسر والحرج المنفيين اتفاقاً، كتاباً وسنّة. ولو لم يحصل إلا بالمحرم اعتبر وجوده، ويشترط سفره معها في الوجوب عليها، ولا تجب عليه
إجابتها تبرعا، ولا بأُجرة ونفقة، وله طلبهما، وتكون حينئذٍ جزءاً من استطاعتها.
•
أفضلية الحج ماشيا، ومع
اجتماع الشرائط المتقدمة لو حجّ ماشياً أو في نفقة غيره أجزأه قطعاً.
•
قضاء الحج عن الميت، وإذا استقرّ الحجّ في ذمته، بأن اجتمعت له شرائط الوجوب ومضى عليه مدة يمكنه فيها
استيفاء جميع أفعال الحجّ، أو الأركان منها خاصة فأهمل، قضي عنه وجوباً من أصل تركته مقدماً على وصاياه.
(ومن وجب عليه الحجّ) مطلقاً ولو بنذر وشبهه فوراً، أو مطلقاً على ما يقتضيه وإطلاق العبارة ونحوها (لا) يجوز له أن (يحجّ تطوعاً) بغير خلاف أجده. ولا إشكال في الفور، للتنافي. ويشكل في غيره، كمن نذر الحجّ ناصّاً على التوسعة، أو استنيب كذلك؛ لعدم دليل عليه، عدا ثبوت مثل الحكم في الصلاة، وهو قياس، إلاّ أن يستند بعموم ما في بعض الصحاح الواردة ثمّة، وهو قوله عليه السلام: «أرأيت لو كان عليك من
شهر رمضان كان لك أن تتطوع حتى تقضيه» ؟ قلت : لا، قال : «فكذلك
الصلاة » الخبر
فتأمل.
أما ناذر الحجّ في القابل، والنائب كذلك، فليس الآن ممن عليه الحجّ. ولو تطوّع حيث لا يجوز له، ففي فساده رأسا، كما عليه الحلّي،
ومن تأخّر عنه؛
أو صحته تطوعاً، كما في الخلاف؛
أو عن حجّة الإسلام، كما في المبسوط،
أقوال : أوفقها بالأصل في الفوري الأول، لا لأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه، بل لمنافاته الأمر بالضد، فينتفي الصحة؛
لانحصار مقتضيها في العبادة في الأمر خاصة. هذا في الفوري، ويشكل في غيره، والوجه الصحة، ولعلّ الأول خاصّة مراد الجماعة.
(و) كذا (لا) يجوز أن (تحجّ المرأة ندباً إلاّ بإذن زوجها) بلا خلاف أجده، وبه صرّح في الذخيرة،
بل في ظاهر المدارك وعن التذكرة
الإجماع عليه. وفي المنتهى
: لا نعلم فيه خلافاً؛ لأنّ حق الزوج واجب، وليس لها تفويته؛ ويؤيده الموثق : عن المرأة الموسرة قد حجّت حجّة الإسلام، فتقول : أحجّني مرة أُخرى إله أن يمنعها؟ قال : «نعم، يقول لها : حقّي عليك أعظم من حقّك عليّ _ في _ هذا».
ويضعّفان بأخصّية الأول من المدّعى، ودلالة الثاني بدلالته على ان للزوج المنع، لا التوقف على
الإذن . والأجود
الاستدلال عليه بعد الإجماع بفحوى ما دلّ على منع المعتدّة عدّة رجعية عنه من الأخبار.
(ولا يشترط إذنه في) الحجّ (الواجب) مطلقاً، بلا خلاف أجده، وبه صرّح في الذخيرة،
والنصوص به مع ذلك مستفيضة، وفيها الصحاح وغيرها : ففي الصحيحين
وغيرهما
: «لا طاعة له عليها في حجّة الإسلام، فلتحجّ إن شاءت». وهل يعتبر الضيق في عدم
اعتبار الإذن، أم لا فلا يعتبر أيضاً مع السعة؟ وجهان، اختار ثانيهما في المدارك والذخيرة،
معلّلاً في الأوّل
بأصالة عدم سلطته عليها.
(وكذا) لا يجوز لها أن تحجّ ندباً إلاّ بإذنه، ويجوز لها الحجّ واجباً مطلقاً بدونه (في
العدّة الرجعية ) بلا خلاف أجده؛ للخبر : عن المطلّقة تحجّ في عدّتها؟ قال «إن كانت صرورة حجّت في عدّتها، وإن كانت حجّت فلا تحجّ حتى تنقضي عدّتها».
وضعف السند منجبر بالعمل، وبه يجمع بين الصحيحين المجوّز أحدهما مطلقاً،
والمانع ثانيهما كذلك.
وليس في شيء منها التقييد بالرجعية، كما في كلام الجماعة، بل شاملة بإطلاقها بل عمومها للبائنة، لكنها نادرة، فيشكل صرف
الإطلاق إليها سيّما مع الاتّفاق على انقطاع عصمة الزوجية عنها، فلا وجه لتوقف حجّها على إذن زوجها مطلقاً.
والظاهر أنّ إطلاق المنع في الخبر محمول على صورة عدم الإذن؛ لآخر : «المطلّقة تحجّ في عدّتها إن طابت نفس زوجها»
ونحوهالحسن
كما قيل.
ويجوز لها الحجّ ولو ندباً في عدّة الوفاة؛ للمعتبرة المستفيضة، منها الموثقان
: عن المتوفى عنها زوجها تحجّ؟ قال : «نعم».
•
الحج المنذور، إذا نذر
حجّة الإسلام انعقد على الأصح، فتجب الكفارة بالترك، ولا يجب عليه غيرها اتّفاقاً، ولا تحصيل
الاستطاعة ، إلاّ إذا قصد بنذرها تحصيلها فيجب أيضاً.
•
حج المخالف إذا استبصر،
المخالف إذا حجّ و لم يخلّ بركن من أركانه لم يُعده وجوباً لو استبصر وإن أخلّ بركن أعاد وجوباً.
•
النيابة في الحج، (ويشترط فيه) أي في النائب المدلول عليه بالسياق ( الإسلام ، والعقل، وأن لا يكون عليه حجّ واجب) مطلقاً، كما يقتضيه إطلاق نحو العبارة، أو إذا كان ذلك الواجب مضيّقاً في ذلك العام مع التمكن منه ولو مشياً حيث لا يشترط فيه الاستطاعة ، كالمستقر من حجّ الإسلام ثمّ يذهب المال.
•
المسائل في حجة الإسلام، وهنا مسائل خمس : الاولى : من أوصى بحجّة ولم يعيِّن الأُجرة، الثانية : إذا أوصى أن يحجّ عنه ندباً ولم يعيّن العدد، الثالثة : لو أوصى أن يحجّ عنه في كل سنة بمال معيّن، الرابعة : لو حصل بيد إنسان مال لميت وعليه حجة مستقرة، الخامسة : من مات وعليه حجة الإسلام وحجة منذورة.
رياض المسائل، ج۶، ص۱۳- ۱۰۰.