النيابة في الحج
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ويشترط فيه الإسلام والعقل وعدم وجوب الحج على النائب، فلا يصحّ نيابة الكافر ولا عن مخالف، وصحة النيابة عن الأب ولو كان مخالفا، وعدم صحة نيابة المجنون والصبي، ونيابة المميز استحقّا الثواب عليه، ولزوم نية النيابة وتعيين المنوب عنه، وعدم جواز نيابة من وجب عليه الحج،
(ويشترط فيه) أي في
النائب المدلول عليه بالسياق (
الإسلام ، والعقل، وأن لا يكون عليه حجّ واجب) مطلقاً، كما يقتضيه إطلاق نحو العبارة، أو إذا كان ذلك الواجب مضيّقاً في ذلك العام مع التمكن منه ولو مشياً حيث لا يشترط فيه
الاستطاعة ، كالمستقر من حجّ الإسلام ثمّ يذهب المال، كما صرّح به جماعة.
(فلا يصحّ نيابة الكافر) مطلقاً؛ للإجماع على فساد عباداته، لعدم تأتّي نيّة القربة منه. (ولا نيابة
المسلم عنه) لأنّه لا يستحق الثواب؛ ولأنّ فعل النائب تابع لفعل المنوب عنه في الصحة، لقيامه مقامه، فكما لا يصحّ منه لا يصحّ من نائبه. (ولا) يصحّ نيابة المسلم (عن مخالف) للحق. أمّا الناصبي فلا خلاف فيه؛ لكفره الحقيقي، وللصحيح الآتي، والخبر : «لا يحجّ عن الناصب، ولا يحجّ به».
وأمّا غيره فعليه الأكثر على الظاهر، المصرّح به في كلام جمع،
بل في
المسالك : إنّه المشهور،
ويفهم من الحلي الإجماع
حيث عزا الصحيح المستثني للأب إلى الشذوذ، ولعلّه لذا حكي عنه الفضلان
الإجماع كما يأتي، وإن غفل عنه كثير.
وهو الأظهر؛ لفحوى ما دلّ على عدم
انتفاعهم بعباداتهم،
فبعادات غيرهم أولى. مضافاً إلى مخالفة النيابة للأصل المقتضي لوجوب المباشرة، فيقتصر فيها على المتيقن المقطوع به فتوًى وروايةً، وليس إلاّ المنوب عنه المسلم خاصّة، وأمّا غيره فلا يدخل في
إطلاق أخبار النيابة؛ لوروده لبيان أحكام غير مفروض المسألة، فهي بالنسبة إليه مجملة. هذا مع
احتمال إدخاله في الخبرين؛ إمّا لأنّه ناصب حقيقي كما قيل،
ويشهد له من الأخبار كثير؛
أو لإطلاق الناصب عليه فيها، بل الكفر ايضاً، و
الأصل الشركة في الجميع.
خلافاً للفاضلين والشهيد في المعتبر و
المنتهى والمختلف والدروس،
فخصّوا المنع بالناصب؛ بناءً على ما ذهبوا إليه من صحة عبادة المخالف غيره، وقد مرّ ما فيه، مع أنّ من عدا المعتبر قد رجع عنه، فالفاضل في
المختلف أخيراً والشهيد في اللمعة،
فكادت تصير المسألة إجماعية، فلا شبهة فيها.
(إلاّ) أن يكون النيابة (عن
الأب ) فتصحّ هنا على الأشهر الأقوى؛ للصحيح : أيحجّ الرجل عن الناصب؟ فقال : «لا» قلت : فإن كان أبي؟ قال : «إن كان أباك فنعم».
وفي لفظ آخر «إن كان أباك فحجّ عنه».
خلافاً للحلّي والقاضي،
فمنعا عنه؛ لدعوى شذوذ الرواية. وفيها : أنّها مشهورة، كما اعترف به الماتن، فقال : إنه مقبول عند الجماعة، قال وهو يتضمن الحكمين معاً، فقبول أحدهما وردّ الآخر ودعوى الإجماع على مثله تحكّمات يرغب عنها.
وفيه نظر؛ لأنّه لم يظهر من الحلّي
الاستناد في المنع إلى الرواية، حتى يتوجّه عليه ما ذكره، من أنّه عمل ببعض الخبر وردّ بعضه، فيحتمل
استناده إلى ما قدّمناه من الأدلة، ولو لا صحة الرواية و
اشتهارها بين الجماعة لكان خيرته في غاية القوّة والمتانة. ثم إنّه في المختلف استشكل على مختاره من المنع عن النيابة عن الناصبي، لكفره الحقيقي في الفرق بين الأب منه وغيره الوارد في الرواية، قال : فإنّ هذه الرواية فصّلت بين الأب وغيره، فنقول : المراد بالناصب إن كان هو المخالف مطلقاً ثبت ما قاله الشيخ، وإن كان هو المعلن بالعداوة والشنآن لم يبق فرق بين الأب وغيره، ولو قيل بقول الشيخ كان قوياً.
أقول : وربما يظهر منه
الاتفاق في الناصبي على فساد النيابة عنه مطلقاً.
وفيه نظر، وقد صرّح بالجواز في
الدروس وهو غير بعيد؛ لاحتمال صحة ما يقال في وجه الفرق
: من أنّه لتعلّق الحجّ بماله فيجب
الإخراج عنه، أو الحجّ : بنفسه، ولفظ الخبر لا يأبى الشمول لهما. وبالجملة : فليس
لإثابة المنوب عنه، ويمكن أن يكون سبباً لخفّة عقابه، وإنّما خصّ الأب به مراعاةً لحقه.
وفي الموثق أو الصحيح : عن الرجل يحجّ فيجعل حجّته وعمرته أو بعض طوافه لبعض أهله، وهو عنه غائب ببلد آخر، ينقض ذلك من آجره؟ قال : «لا، هي له ولصاحبه، وله أجر سوى ذلك بما وصل» قلت : وهو ميت هل يدخل ذلك عليه؟ قال : «نعم، حتى يكون مسخوطاً عليه فيغفر له، أو يكون مضيّقاً عليه فيوسّع عليه» قلت : فيعلم وهو في مكانه أن عمل ذلك لحقه؟ قال : «نعم» قلت : وإن كان ناصباً ينفعه ذلك قال : «نعم يخفّف عنه».
(ولا) يصحّ (نيابة المجنون والصبي غير المميّز) بلا خلاف ولا إشكال.
وفي المميّز قولان، أجودهما وأشهرهما : لا؛ للأصل المتقدم، المعتضد بما قيل
: من خروج عباداته عن الشرعية، وإنّما هي تمرينيّة، فلا تجزي عمن تجب عليه أو يندب إليها، لأن التمرينيّة ليست بواجبة ولا مندوبة، لاختصاصهما بالمكلّف، مع أنه لا ثقة بقوله إذا أخبر عن الأفعال أو نيّاتها، نعم إن حجّ عن غيره استحقّا الثواب عليه. وحكي في
الشرائع والتذكرة
كما قيل ـ
قول بالصحة، لصحة عباداته. وفيه ما عرفته.
(ولا بدّ من نية النيابة) بأن يقصد كونه نائباً، ولمّا كان ذلك أعمّ من تعيين المنوب عنه نبّه على اعتباره بقوله (وتعيين المنوب عنه) قصداً (في المواطن) كلّها. قيل : ولو اقتصر في النية على تعيين المنوب عنه، بأن ينوي أنّه عن فلان أجزأ عنه؛ لأن ذلك يستلزم النيابة عنه.
وهذا الحكم مقطوع به في كلامهم على الظاهر، المصرح به في عبائرهم، ومنها
الذخيرة ،
وفيها : لكن روى الشيخ عن ابن ابي عمير في الصحيح، عن ابن أبي حمزة والحسين، عن
أبي عبد الله عليه السلام : في رجل أعطى رجلاً مالاً يحجّ عنه فحجّ عن نفسه، فقال : «هي عن صاحب المال».
أقول : ونحو المرفوع المروي في
الكافي .
وضعف سندهما بالرفع و
الاشتراك يمنع عن العمل بهما، مضافاً إلى مخالفتهما الأُصول، فإن الأعمال بالنيات، ولكلّ امرئ ما نوى، والإجماع الظاهر والمنقول.
نعم في الدروس : أنه لو أحرم عن المنوب، ثم عدل إلى نفسه لغا العدول، وإذا أتمّ الأفعال أجزأ عن المنوب عند الشيخ.
وفي غيره أيضاً عنه ذلك في الخلاف و
المبسوط .
وكذا عن الجواهر والجامع والمعتبر والمنتهى و
التحرير .
ويمكن حمل الخبرين على ذلك إن صحّ المصير إليه. لكن لا دليل عليه، عدا ما قيل : من أن الأفعال استحقّت للمنوب عنه بالإحرام عنه، فلا يؤثر العدول، كما لا يؤثر فيه نية الإخلال، بل تبعت
الإحرام .
وهو مجرّد دعوى خالية عن الدليل، ولهذا قال الفاضلان في الشرائع والقواعد وغيرهما
بعدم
الإجزاء عن أحدهما، وهو قوي. ولا يجب تسمية
اسمه ، بل يستحب كما يأتي.
(ولا ينوب من وجب عليه الحجّ) في عام
الاستنابة مع التمكن منه بلا خلاف؛ للنهي عن ضده، أو عدم
الأمر به، الموجبين للفساد. والصحاح، منها : عن الرجل
الصرورة يحجّ عن الميت؟ قال : «نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحجّ به عن نفسه، فإن كان له ما يحجّ به عن نفسه فليس يجزي عنه حتى يحجّ من ماله، وهي تجزى عن الميت إن كان للصرورة مال وإن لم يكن له مال»
ونحوه آخر.
ومنها : في رجل صرورة مات ولم يحجّ
حجّة الإسلام وله مال، قال : «يحجّ عنه صرورة لا مال له».
(ولو لم يجب عليه) حجّ أصلاً، أو وجب مطلقاً، أو في غير عام الاستنابة، أو فيه، ولم يتمكن منه، سواء كان قبل
الاستقرار أو بعده (جاز.) بلا خلاف أجده في جميع الصور، إلا من إطلاق نحو العبارة، وصريح الحلي
فيمن استقرّ عليه حجّ، فيبطل النيابة. ولم أعرف وجهه، مع
اقتضاء الأصل والإطلاقات السليمة عن المعارض خلافه. نعم يعتبر في المستقرضين الوقت بحيث لا يحتمل تجدّد
الاستطاعة ، إلاّ أنّ يكون الاستنابة مشروطة بعدم تجدّدها. ثم الحكم بجواز الاستنابة مطلق (وإن لم يكن) النائب (حجّ) ويعبّر عنه بالصرورة، بلا خلاف فيه بيننا إذا كان ذكراً، والصحاح به مستفيضة جدّاً،
ومنها الصحاح المتقدمة قريباً.
وعن جماعة كونه مجمعاً عليه بيننا، ومنهم الماتن في المعتبر وشيخنا في
المسالك وغيرهما.
والخبران الواردان بخلاف ذلك
مع ضعف سندهما شاذان محمولان على
التقية ، أو
الإنكار ، أو عدم معرفة الصرورة بأفعال الحجّ، أو الكراهة كما عن المعتبر.
(ويصحّ نيابة المرأة عن
المرأة والرجل) ولو كانت صرورة، بلا خلاف إلاّ من الشيخ والقاضي، فمنعا عن نيابتها مطلقاً إذا كانت صرور، في النهاية و
التهذيب والمهذّب والمبسوط
وفيه التصريح بعموم المنع عن نيابتها عن الرجل والمرأة. وكذا أطلق في
الاستبصار على الظاهر، المصرح به في المختلف.
وقيل : خصّه بنيابتها عن الرجل كما عنون به الباب.
وفيه : أن
الإطلاق يستفاد من السياق. وكيف كان، فلا ريب أنّ مذهبه المنع على الإطلاق؛ للخبرين.
وهما مع ضعف سندهما معارضان بعد
الأصل والإطلاقات بالنصوص المستفيضة، بل المتواترة كما عن الحلّي ـ
وفيها الصحاح والموثق وغيرهما، منها : «يحجّ الرجل عن المرأة، والمرأة عن الرجل، والمرأة عن المرأة».
وما يقال من أن هذه مطلقة والخبران مقيّدان فيجب تقييدها بهما، فحسن بشرط الحجية والتكافؤ، وهما مفقودان. فيجب صرف
التأويل إليهما : بحملهما على الكراهة، كما فعله الجماعة، ويشعر به رواية : عن امرأة صرورة حجّت عن امرأة صرورة، فقال : «لا ينبغي».
أو على ما إذا كانت غير عالمة بمسائل الحج ولا بأحكامه، كما هو الغالب في النسوة في جميع الأزمنة. وأما الموثق : عن الرجل الصرورة يوصي أن يحجّ عنه، هل يجزي عنه امرأة؟ قال : «لا، كيف تجزي
امرأة وشهادته شهادتان» قال : «إنما ينبغي أن تحجّ المرأة عن المرأة والرجل عن الرجل» وقال : «لا بأس أن يحجّ الرجل عن المرأة».
فشاذّ لا قائل به منّا، فليحمل على التقية كما قيل، أو على
الكراهة . وفي رواية إنّ والدتي توفّيت ولم تحجّ، قال : «يحجّ عنها رجل أو امرأة» قال، قلت : أيّهما أحبّ إليك؟ قال : «رجل أحبّ إليّ».
•
موت النائب بعد الإحرام، لو مات النائب بعد
الإحرام ودخول الحرم أجزأ حجّة ممن حجّ عنه.
•
عدول النائب من الحج، يأتي النائب بالنوع المشترط عليه من أنواع الحجّ ضمن العقد من تمتّع أو قران أو
إفراد ، ولا يجوز له العدول إلى غيره.
(وقيل : لو شرط عليه الحج على طريق جاز) له (الحج بغيرها) للصحيح : عن رجل أعطى رجلاً حجة يحجّ عنه من
الكوفة فحجّ عنه من البصرة، قال : «لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تمّ حجه».
والقائل : الشيخان والقاضي والحلّي والفاضل في
الإرشاد ،
وعن الجامع نفي البأس عنه.
ولعلّه لصحة الرواية، مع عمل الجماعة، ولا سيّما نحو الحلّي، ووضوح الدلالة وإن ناقش فيها المتأخرون باحتمال أن يكون قوله «من الكوفة» صفة لرجل، لا صلة للحج كما في كلام بعضهم.
أو الحمل على وقوع الشرط خارج العقد، بناءً على عدم
الاعتبار بمثله عند الفقهاء كما في كلام آخر. أو تأويلها بما إذا لم يتعلق بطريق الكوفة مصلحة دينية ولا دنيوية؛ لأن أغلب الأوقات والأحوال عدم تعلّق الغرض إلاّ بالإتيان بمناسك الحج، وربما كان في قوله عليه السلام: «إذا قضى جميع المناسك فقد تمّ حجه»
إشعار به، كما في ثالث.
أو أن الدفع وقع على وجه الرزق، لا
الإجارة ، وهو الذي تضمنه الخبر، كما في رابع.
أو كون المراد حصول
الإجزاء ، لا جواز ذلك للأجير، كما في خامس.
وظني بُعد الكل، إلاّ أن اجتماعها مع الشهرة على خلاف الرواية ربما أوجب التردد في الخروج بمثلها عن قواعد الإجارة، ولا ريب أن
الاحتياط في الوقوف على مقتضاها. ثم إنه على تقدير العمل بالرواية لا ريب في صحة الحج مع المخالفة، و
استحقاقالأجرة . وأما على غيره فالذي قطع به جماعة
صحته أيضاً وإن تعلّق الغرض بالطريق المعيّن؛ لأنه بعض العمل المستأجر عليه، وقد امتثل بفعله. ويضعّف : بأن المستأجر عليه الحج المخصوص، وهو الواقع عقيب قطع المسافة المعيّنة، ولم يحصل
الإتيان به. نعم لو تعلّق
الاستيجار بمجموع الأمرين من غير
ارتباط لأحدهما بالآخر اتّجه ما ذكروه.
(ولا يجوز للنائب
الاستنابة ، إلاّ مع الإذن) له فيها صريحاً ممّن يجوز له
الإذن فيها، كالمستأجر عن نفسه، أو الوصي والوكيل مع إذن الموكل له فيه، أو
إيقاع العقد مقيداً بالإطلاق، لا إيقاعه مطلقاً، فإنه يقتضي المباشرة بنفسه. والمراد بتقييده بالإطلاق أن يستأجره ليحج عنه مطلقاً، بنفسه أو بغيره، أو بما يدل عليه، كأن يستأجره لتحصيل الحج عن المنوب عنه. وبإيقاعه مطلقاً أن يستأجره ليحج عنه، فإنّ هذا الإطلاق يقتضي مباشرته، لا استنابته فيه. كلّ ذلك للأُصول المقررة، وبها أفتى جماعة، كالحلّي في
السرائر والشهيدين في الدروس واللمعتين،
بل قيل : لا خلاف فيه.
مع أن الشيخ قال في التهذيب : ولا بأس أن يأخذ الرجل حجة فيعطيها لغيره، وأطلق؛ للخبر الذي رواه : في الرجل يعطى الحجة فيدفعها إلى غيره قال : «لا بأس» ورواه
الكليني أيضاً.
وضعف سنده يمنع عن العمل به قطعاً، فضلاً أن يقيّد به الأُصول المتقدمة، بل ينبغي صرف التوجيه إليه بحمله على صورة الإذن كما في الدروس،
أو عدم تعلق الغرض بالنائب الأول كما في غيره.
(ولا) يجوز للنائب أن (يوجر نفسه لغير المستأجر في السنة التي استوجر لها) قطعاً؛ لاستحقاق الأول منافعه تلك السنة لأجل الحج، فلا يجوز صرفها إلى غيره. ويجوز لغيرها بشرط عدم فورية الحج، أو تعذر التعجيل؛ لعدم المنافاة بين الإجارتين. ولو أطلقت الأُولى ففي جواز الثانية مطلقاً، أو العدم كذلك، أو الجواز في غير السنة الأُولى والعدم فيها، أوجه وأقوال. أوسطها أشهرها؛ بناءً على اقتضاء الإطلاق التعجيل عند المشهور، كما في المسالك وغيره،
بل عن
المقدّس الأردبيلي لعلّه لا خلاف فيه،
فيكون كالمعيّن الفوري.
ومستنده غير واضح إن لم يكن إجماع عدا ما عن المقدّس الأردبيلي من فورية الحج، واقتضاء مطلق الإجارة
اتصال زمان مدة يستأجر له بزمان العقد، وهو يقتضي عدم جواز التأخير عن العام الأول. ويضعّف الثاني : بأنه مصادرة. والأول : بأنه أخصّ من المدّعى، فقد يكون الحج مندوباً أو واجباً مطلقاً، ومع ذلك فالفورية إنما هي بالنسبة إلى المستأجر لا الموجر، ولا تلازم بينهما، فتأمل جدّاً. هذا، ولا ريب أن المنع مطلقاً أحوط وأولى.
(ولو صدّ قبل
الإكمال ) أي إكمال العمل المستأجر عليه مطلقاً (استعيد) منه (من الأُجرة بنسبة المتخلّف) منه إن كانت الإجارة مقيدة بسنة الصدّ؛ لانفساخها بفوات الزمان الذي تعلّقت به.
(ولا يلزم) المستأجر (
إجابته ) لو التمس عدم
الاستعادة (وضمن الحج) من قابل (على الأشبه) لعدم تناول العقد لغير تلك السنة. خلافاً لظاهر السرائر والنهاية والمبسوط و
المقنعة والمهذّب والحلبي
كما حكي، فيلزم. ومستنده غير واضح، مع احتمال أن يكون مرادهم الجواز برضا المستأجر، ولا كلام فيه حينئذ. ولا فرق بين أن يقع الصدّ قبل
الإحرام ودخول الحرم، أو بعدهما، أو بينهما؛ لعموم الأدلة. و
إلحاقه بالموت قياس فاسد في الشريعة، مع كونه مع الفارق؛ لما قيل : من
الاتفاق على عدم الإجزاء مع الصدّ إذا حجّ عن نفسه، فكيف عن غيره.
خلافاً لظاهر الماتن في
الشرائع والمحكي عن الخلاف،
فألحقاه بالموت. ولا وجه له، مضافاً إلى ما عرفته.
نعم، عن الخلاف أنه نظمه مع الموت في سلك، واستدل بإجماع الفرقة على أن هذه المسألة منصوص لهم لا يختلفون فيها. قال الناقل : وظنّي أن ذكر
الإحصار من سهو قلمه أو غيره.
وإن كانت الإجارة مطلقة وجب على
الأجير الإتيان بالحج بعد الصد؛ لعدم انفساخها به. وهل للمستأجر أو الأجير الفسخ؟ قال الشهيد : ملكاه في وجه قوي.
وعلى تقديره له اجرة ما فعل، واستعيد بنسبة ما تخلّف. ومتى انفسخت الإجارة استوجر من موضع الصدّ مع
الإمكان ، إلاّ أن يكون بين مكة والميقات فمن الميقات؛ لوجوب
إنشاء الإحرام منه.
•
الطواف النيابي، لايجوز له أن يطاف عن حاضر متمكن من
الطهارة و لكن يطاف به حيث لا يمكنه
الطواف بنفسه ويطاف عمّن لم يجمع الوصفين بأن كان غائباً، أو غير متمكن من
استمساك الطهارة.
•
التبرع بالحج، لو حجّ عن ميت تبرعاً جاز و برئ الميت إذا كان الحج عليه واجباً؛ ويلحق الحي بالميت إذا كان الحج تطوعاً.
(ويلزم الأجير كفارة جنايته) في إحرامه (في ماله) لأنها عقوبة جناية صدرت عنه، أو ضمان في مقابلة
إتلاف وقع منه، وعن الغنية الإجماع عليه،
وفي غيرها : لا نعرف فيه خلافاً.
رياض المسائل، ج۶، ص۶۵- ۸۶.