الإتلاف غيرالمشروع (تكليفا ووضعا)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإتلاف (توضيح).
الموارد التي يحرم
الإتلاف فيها تكليفاً، ويستوجب
الضمان كثيرة جدّاً، أهمّها:
فانّه
حرام وفيه الضمان، فقد ورد عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّ
حرمة مال
المسلم كحرمة دمه، وأنّه لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا
بطيبة منه، وغيرها. وقد أسس
الفقهاء قاعدة تحت عنوان
قاعدة حرمة مال المسلم ونفسه، واستفادوا من هذه الروايات وغيرها الحرمة التكليفية، بمعنى أنّه لا يجوز
التصرف في ماله كما استفادوا
الحرمة الوضعية أيضاً، بمعنى أنّ ماله لا يذهب هدراً، وأنّ إتلافه يقتضي
التدارك .
قال: «إتلاف مال الغير
عدواناً يوجب الضمان و
التعزير والفسق ».
قال في
بيان معنى
الحديث الأوّل: «الظاهر منه أنّ الحرمة بمعنى ما لا يجوز
هتكه ولا يذهب هدراً، فدلّت على أنّ
احترام ماله كاحترام دمه. ومقتضى عموم
التنزيل و
التشبيه أنّ كلّ احترام ثبت لدمه كان ثابتاً لماله، ولا
شبهة في أنّ احترام دمه بعدم
إراقته وعدم هدره فكذا المال فلا يجوز إتلافه، ولو اتلف لا يذهب هدراً. فما قيل- من أنّ احترام
الدم لا يقتضي غير حرمة
الإراقة ، واحترام المال لا يقتضي إلّا حرمة
التصرف فيه- غير وجيه؛ لأنّ حرمة الدم إراقة وهدراً مفروغ عنها بلا شبهة من صدر
الإسلام ، فعموم التشبيه دال على أنّ حرمة المال أيضاً كذلك، فيفهم منه أنّه لا يجوز إتلافه ومع الإتلاف لا يذهب هدراً. و
الحمل على بعض
آثار احترام الدم خلاف الظاهر».
قال: «التصرّفات
التكوينية في مال الغير حرام، سواء كان بإتلاف نفسه أو شيء من أوصافه أو منافعه أو
باستيفاء منافعه أو بحبس تلك المنافع عن مالكه، وكل ذلك (مضمون) بقاعدة الإتلاف أو قاعدة على اليد، ففي جميع ذلك يكون الأمران: أي
الحرمة التكليفية والضمان وضعاً، وذلك من جهة أنّ التصرف التكويني تنطبق عليه إحدى هاتين القاعدتين أي الإتلاف وعلى
اليد غالباً».
إتلاف النفس المحترمة أو بعض أعضائها أو
تعييبها بإذهاب بعض صفاتها
كالسمع و
النطق ونحوهما أو تعريضها
للجرح و
الشجّ وغير ذلك مما يُعدّ إتلافاً فانّه حرام إن كان عمداً. وفيه
الضمان إمّا قصاصاً أو دية أو
أرشاً .
وقد وردت بعض الآيات في ذلك، منها: قوله تعالى: «وَ لا تَقْتُلُوا
النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ»
وقوله: «وَ مَنْ قُتِلَ
مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ
سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي
الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً»
وقوله عز وجل: «وَ مَنْ قَتَلَ
مُؤْمِناً خَطَأً
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى
أَهْلِهِ ».
كما ورد في الروايات عدّ قتل النفس الحرام من أكبر
الكبائر .
قال: «والمراد بقتل النفس الحرام
إزهاق الحياة من النفس المحترمة بالإسلام أو ما في حكمه كما هو الظاهر أو
بالإيمان حرّاً كان أو رقّاً، ذكراً أو انثى، صغيراً أو كبيراً حتى
الجنين ،
مباشرة أو
تسبيباً بقطع أو ضرب أو
إحراق أو
إغراق أو
إرداء أو سقي سم أو
إغراء كلب أو غير ذلك وإن لم يوجب
القصاص و
الكفارة . وقد شدّد اللَّه أمر
القتل عظيماً، وجعل من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً لهتكه حرمة الدماء وتسنينه سنة القتل و
تجرئة الناس عليه».
إتلاف
الصيد في الحرم أو في الحلّ على
المحرم حرام، وفيه الضمان، وقد ذكر الفقهاء الصيد ضمن تروك
الإحرام وأوجبوا على فاعله الضمان.
قال: «يحرم على المحلّ في الحرم من الصيد ما يحرم على المحرم... فاذا قتل المحلّ صيداً في الحرم وجب عليه
الفداء ، ولو كان محرماً في الحرم كان عليه جزاءان، ولم يفصّل أحد من الفقهاء ذلك. لنا: أنّه جمع بين الإحرام والحرم فيضاعف عليه
الجزاء ، لأنّه هتكهما معاً؛ ولأنّ
هتك كل واحد يوجب الجزاء فيكون كذلك حال
الاجتماع ».
كالأرض العامرة المفتوحة
عنوة فانّه حرام، وفيه الضمان أيضاً.
إتلاف
الأوقاف العامة والخاصة بدون
إذن أصحابها فانّه حرام، وفيه الضمان. وستأتي كلمات الفقهاء في ذلك.
إتلاف مال
الصدقات حرام أيضاً وفيه الضمان.
قال: «لو نذر
التصدق بعين
شخصية تعينت ولا يجزي مثلها أو قيمتها مع وجودها. ومع التلف فإن كان لا بإتلاف منه انحلّ
النذر ولا شيء عليه، وإن كان بإتلاف منه ضمنها بالمثل أو القيمة على
الأحوط فيتصدّق
بالبدل ويكفِّر أيضاً على
الأقوى إن كان الإتلاف
اختيارياً عمدياً».
إتلاف مال
الزكاة الواجبة بدون إذن أربابها فانّه حرام، وفيه الضمان.
قال: «وأمّا مع التلف- أي تلف
العين الزكوية - فإن لم يستند إليه ولم يفرّط فلا ضمان أصلًا، وإلّا فيجري فيه ما ذكروه من
ضمان المثلي والقيمي فيضمن المثل في الأوّل ولا تلاحظ معه
القيمة أبداً...».
إتلاف مال
الخمس حرام أيضاً، وفيه الضمان.
إتلاف أموال
الإمام عليه السلام الاخرى
كالأنفال إذا لم تكن
مباحة من قبله أو وقوع الإتلاف ممّن لا تشمله الإباحة كالمخالف، فانّه يكون حراماً ومضموناً أيضاً فانّه مضافاً إلى
استفادة ذلك على
القاعدة من العمومات تدل عليه أخبار
التحليل الصريحة في الحرمة والضمان لغير
الشيعة
الموسوعة الفقهية، ج۳، ص۲۱۸-۲۲۱.