الإتلاف (إتلاف المضطر)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإتلاف (توضيح).
المضطرّ إلى
إتلاف شيء لتوقّف حياته أو
حياة غيره عليه يجوز له إتلافه وإن كان مملوكاً للغير، بشرط أن لا يكون صاحبه
محتاجاً إليه أيضاً، وذلك
لحديث الرفع وغيره مما دلّ على
ارتفاع الحرمة عن
الفعل المضطرّ إليه المكلّف، ومن جملتها إتلاف مال الغير.
لكن عليه أن يبذل لصاحب المال بدله إن كان
متمكّناً منه.وأمّا مع عدم
المُكنة فذهب بعض الفقهاء إلى ثبوته في
الذمة ، وآخرون إلى سقوطه عنه.
قال: «إذا تمكّن المضطر من أخذ مال الغير، فإن كان الغير محتاجاً إليه مثله فلا يجوز
الأخذ منه ظلماً، وهو أحد معاني
الباغي كما سبق. ويحتمل عدم
جواز الأخذ منه مطلقاً؛ لأنّه يوجب هلاكه، فهو
كإهلاك الغير
لإبقاء نفسه. و
الأقرب انّه لا يجوز
إيثار الغير إذا كان ذلك موجباً لهلاك نفسه... ولو لم يكن المالك مضطراً إليه وكان هناك مضطر وجب على
المالك بذله إن كان المضطر مسلماً، وكذا إن كان ذمّياً أو
مستأمناً على
المعروف في كلامهم... ولو كان للمضطر ثمن لم يجب على المالك
البذل مجّاناً. ولو طلب المالك
الثمن وجب على المضطر بذله... ولو لم يكن للمضطر ثمن ففي وجوب البذل عليه عند
القدرة قولان».
وقد حصر
مشهور الفقهاء المضطر بمن يخاف على نفسه
التلف أو ما يؤدّي إليه أو ما لا يتحمّل عادة، وعمّمه آخرون إلى خوف تلف
العرض والمال
المحترم - أي
الحيوان - أيضاً.
قال: «يحصل
الاضطرار بخوف تلف النفس مع عدم
التناول ، أو خوف
المرض الشاقّ الذي لا يتحمّل صاحبه عادة، أو خوف زيادة
المرض ، أو بُطء بُرئه، أو خوف لحوق
الضعف المؤدّي إلى التلف. والظاهر
إلحاق خوف تلف العرض أو المال المحترم بترك تناوله بما ذكر أيضاً لما ذكر. وعن الشيخ في
النهاية و
الفاضل في
المختلف وجماعة
التخصيص بخوف تلف النفس
استناداً إلى الآيات السابقة، و
إفادتها للتخصيص ممنوعة».
بل ظاهر كلمات بعض الفقهاء أنّ جواز إتلاف مال الغير بعوض لا يختصّ بخوف تلف نفس الغير بسبب
الجوع ، بل يعمّ كلّ ما يتوقّف عليه الغرض المهم، ولذلك صرّح الفقهاء بجواز
إسناد الحائط الذي يخاف سقوطه بجذع الغير مع أنّ
التصرّف في مال الغير لا يجوز بغير
إذنه .
قال بعد تعرّضه لفتوى
الشيخ الطوسي بذلك: «هذا قول الشيخ ويضعف بأنّ التصرّف في ملك الغير بغير إذنه لا يجوز. والحقّ أنّه إن خيف بترك إسناده ضرر على نفس محترمة ونحو ذلك جاز إسناده؛ لجواز إتلاف مال الغير لحفظ
النفس ويضمن
العوض ».
ونحوها عبارة الشهيد الثاني.
بل أثبت
المحقّق النجفي ذلك في حالات
التعارض في الحقوق الكلّية والجزئية، قال معلّقاً على عبارة
المحقّق الكركي ما نصّه: «لا
دلالة في كلامه ( الشيخ الطوسي) على
خصوص تلف النفس. ويمكن حمل كلامه على ما ذكرناه أيضاً من
الميزان مع التعارض في الحقوق، فيقدّم الكلّي منها على الجزئي، كما لو كان حائط في طريق
المسلمين مثلًا أو كانت قنطرة كذلك فإنّ إسناده بجذع الغير مع فرض
انحصار الأمر فيه، والجبر
بالأرش و
الأجرة ونحو ذلك أولى، فانّه جهة مرجّحة أيضاً. ولعلّ ذلك باب
عظيم ينفتح منه امور كثيرة، فتأمل،
واللَّه العالم ».
والتفصيل في هذا الباب موكول إلى محالّه.
الموسوعة الفقهية، ج۳، ص۲۸۲-۲۸۴.