الإتلاف (إتلاف مال لمصلحة)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإتلاف (توضيح).
ذكر الفقهاء
البحث عن
إتلاف مال لمصلحة تحت القسمين: ۱- إتلاف مال
لمصلحة مال آخر أو نفس، ۲- إتلاف مال لمصلحة مالكه.
إتلاف مال لمصلحة حفظ
مال آخر أو
نفس هل يكون مشروعاً وهل يحكم فيه بالضمان أيضاً إذا كان
الإتلاف من غير المالك أم لا؟
أمّا اتلاف مال لحفظ
نفس محترمة فلا
إشكال في
مشروعيته بل وجوبه؛
لأهمية حفظ النفس ووجوبه، كما إذا توقّف حفظ حياة
مريض على
إعطائه دواءً يملكه الغير فانّه يجوز بل يجب ذلك، ولكن مع ضمان قيمته لصاحبه،
بل تقدم كلام الشيخ وصاحب
الجواهر أنّ هذا لا يختص بحفظ النفس، بل يجري في كلّ ما يعلم
وجوب أو
رجحان حفظه شرعاً ولو بمال الغير كحفظ
الحائط في طريق
المسلمين بعمود يرجع إلى الغير.
وأمّا إتلاف مال لمصلحة مال يرجع لمالك آخر فيما إذا توقّف حفظ أحد المالين على إتلاف الآخر، كما إذا أدخلت دابة رأسها في قدر وافتقر
إخراجها إلى كسر القدر، أو دخلت
دابة في دار لا تخرج إلّا بهدمها، أو ضاع
مفتاح الصندوق وفيه مال للغير لا بدّ في
تخليصه من كسر الصندوق، إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة المتنوعة
للتزاحم بين مالين لا يمكن تخليص أحدهما إلّا باتلاف الآخر أو تعيّبه.
و
المعروف عند الفقهاء أنّه تارة يكون ذلك
بتفريط من قبل أحد المالكين أو وضع يده عليهما بحيث يكون ضامناً لمال الآخر-
كالأجير المشترك أو
الغاصب - فيلزمه تخليص مال الآخر ولو تعيب أو أتلفه كان ضامناً له. وإن لم يكن بتفريط ولا وضع يد على مال الغير فإن كان أحدهما حيواناً يحرم هلاكه كما في
المثال الأوّل فأيضاً يجب إتلاف المال الآخر، ولكنّه لا يمنع عن ضمان
صاحب الحيوان؛ لكون الإتلاف لمصلحته،
وإن توقّف فيه بعضهم.
قال في
المسالك : «نعم لو خيف
هلاك الدابة بدون
الإخراج اتجه وجوبه؛ لحرمة
الروح ، ومع ذلك ففي
اقتضاء ضمان صاحب الدابة نظر».
وإن لم يكن كذلك فقد ذكر جملة من الفقهاء- كما في
الدروس - بأنّه يتلف اقلّهما ضرراً ويضمن صاحب الآخر، وإن تساويا فالأقرب أنّ
الحاكم يجبرهما، فإن تمانعا
فالقرعة .
قال: «الذي ينبغي في هذه ونحوها بعد
ملاحظة لا ضرر ولا
ضرار وقاعدة الجمع بين الحقّين
ترجيح الأعظم ضرراً منهما على الآخر إذا لم يكن عن تفريط كما هو المفروض، ومع فرض
التساوي في كلّ وجه يرجع إلى القرعة أو إلى
اختيار الحاكم، وهكذا في كلّ حقين تزاحما ولا مرجّح لأحدهما ولو من جهة التفريط وعدمه».
قد يشرع إتلاف مال الغير لمصلحة مالكه، كما إذا كان طعاماً يفسد إذا بقي ولم يكن
المالك موجوداً فانّه يمكنه أن يأكله على وجه الضمان، أو كان حيواناً حلال
اللحم أشرف على
الهلاك فيذبحه لكي لا يصبح
ميتة لا نفع لها فانّه يجوز له ذلك، بل ولا يضمن هنا تفاوت قيمة
الحيوان الحي مع
المذبوح لمالكه؛ لأنّه كان من أجل مصلحة المالك.
وقد يستدل على ذلك بقاعدة
الإحسان وهي
المستفادة من قوله تعالى: «ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ».
وقد يكون من مصاديق ذلك
التصدق بمجهول المالك من قبل مالكه فانّه لو ظهر مالكه بعد ذلك لم يكن ضمان على المتصدّق على الرأي
المشهور ؛ لأنّه كان بمصلحة مالكه، وكذا من أشرف على
الهلكة وتوقّف
إنجاؤه منها على بذل مقدار من ماله فانّه لا ضمان فيه على المتصرّف لإنجائه.
قال في
الاستدلال على نفي الضمان في التصدق بمجهول المالك: «الثانية: انّ الإتلاف إنّما يقتضي الضمان إذا لم يكن التصرف لنفع المالك وإلّا فلا يوجب الضمان، ومن هنا إذا أشرف أحد على الهلكة وتوقّف إنجاؤه منها على
بذل مقدار من ماله فإنّ ذلك يكون واجباً من غير ضمان».
الموسوعة الفقهية، ج۳، ص۲۸۴-۲۸۶.