فوات وقت نوافل الليل بطلوع الفجر الثاني
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(إذا طلع الفجر الثاني فقد فاتت) وقت (النافلة) الليلية (عدا ركعتي الفجر) فتبقيان إلى ظهور الحمرة المشرقية على المشهور، والشيخ ـ كما عرفت ـ لم يستثنهما بل جعلهما من
صلاة الليل التي تفوت بطلوع الفجر الثاني .بلا خلاف إلّا منه في كتاب الحديث، فجوّز فعلها بعده مزاحما بها الفريضة،
وتبعه الماتن في المعتبر وصاحبا المدارك والذخيرة،
للنصوص المستفيضة الدالة عليه، وفيها الصحيحان وما يقرب منهما سندا وغيرهما،
ولعله ظاهر
الصدوق أيضا حيث قال : وقد رويت رخصة في أن يصلي الرجل صلاة الليل بعد طلوع الفجر المرّة بعد المرّة، ولا يتخذ ذلك عادة.
لكنه كما ترى اشترط في ذلك عدم
الاعتياد ، كما هو ظاهر جملة منها، وإلى هذا يميل في المنتهى،
وبه جمع بين هذه الأخبار والأخبار الآتية الناهية عن
الإيتار في وقت الفريضة، فقال : لا منافاة بينهما، فإنّ ما دل على جواز
إيقاع صلاة الليل والوتر بعد الفجر مخصوص بما إذا لم يجعل ذلك عادة،والنهي متوجه إلى من يتّخذه عادة.وهو حسن مع حصول التكافؤ بينهما، وليس، لضعف سند أكثر الأخبار المرخّصة، وعدم مقاومة صحيحها ـ كالباقية ـ للأخبار المقابلة المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا،
وبالاستفاضة التي كادت تبلغ
التواتر ، بل لعلها متواترة، في أنّ آخر صلاة الليل طلوع الفجر الثاني،
وإن اختلف في المنع عن فعلها بعده ظهورا وصراحة.
فمن الأوّل : كلّ ما دلّ منها على أنّه آخرها، إذ لو ساغ فعلها بعده لما كان آخر لها. مع أنه يستلزم وقوع النافلة في وقت الفريضة، وقد منعت عنه النصوص المستفيضة المعتضدة بالشهرة العظيمة، ومنها خصوص الصحيحة المتقدمة في آخر ركعتي الفجر، المانعة عن فعلهما بعد الفجر، معلّلا بقوله : «أتريد أن تقايس» إلى آخره، الصريح في كون النهي على جهة الحرمة كما عرفته.ومن الثاني : الصحيح : أوتر بعد ما يطلع الفجر؟ قال : «لا».
والمنع عن الإيتار يستلزم المنع عن غيره بطريق أولى. ومنع الأولوية ـ كما في الذخيرة
ـ لا أعرف له وجها، مع أنه لا قائل بالفرق جدّاً.
وأظهر منه الصحيح : عن الرجل يكون في بيته وهو يصلي، وهو يرى أنّ عليه ليلا، ثمَّ يدخل عليه الآخر من الباب، فقال : قد أصبحت، هل يصلّي
الوتر أم لا، أو يعيد شيئا من صلاته؟ قال : «يعيد أن صلّاها مصبحا».
والخبر : «إذا أنت قمت وقد طلع الفجر فابدأ بالفريضة ولا تصلّ غيرها، فإذا فرغت فاقض ما فاتك»
الحديث.وقريب منه الرواية الآتية من حيث دلالتها على المنع بالمفهوم إذا لم يصلّ أربع ركعات ، هذا.مع أنّ النصوص السابقة غير صريحة في الترخيص لفعلها في وقت الفريضة مطلقا كما ذكره الشيخ ومن تبعه، أو مع عدم الاعتياد كما ذكره الصدوق ومن بعده، بل مطلقة أو ظاهرة، يحتمل تقييدها بما إذا أدرك أربعا في الليل،
للاتفاق على الجواز حينئذ، كما سيأتي إليه
الإشارة ، أو حمل الفجر فيها على الأوّل.
وهما وإن بعد إلّا أنّهما أولى من الجمع الذي ذكروه جدّا، فإنّ فيه
إيثارا للأخبار المرجوحة، وطرحا للأخبار المشهورة، ولا كذلك الجمع الذي ذكرناه، وهو مع ذلك أوفق للنصوص المستفيضة المانعة عن النافلة في وقت الفريضة،
وأنسب بطريق
الاحتياط اللازم
المراعاة في نحو العبادات التوقيفية، فلا معدل عما ذكره الأصحاب ولا مندوحة، سيّما مع
احتمال الأخبار المرخّصة للتقية.
رياض المسائل، ج۲، ص۲۲۶-۲۲۸.