• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

الإيثار

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



هو التفضيل و ترجيح الشيء على غيره .




الإيثار مصدر آثر بمعنى التفضيل و التقديم و الترجيح ، فيقال آثره، أي فضّله، وآثرت فلاناً على نفسي ، أي قدّمته وفضّلته.
[۱] لسان العرب، ج۱، ص۷۰.
[۲] المصباح المنير، ج۱، ص۴.
ومنه قوله تعالى: «لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا»، وقوله عزّوجلّ «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى‏ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ »، وقوله: «بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا».
ومنه الاستيثار بمعنى الاستبداد بالشي‏ء و اختصاصه به لنفسه دون غيره .
[۶] لسان العرب، ج۱، ص۷۰.
[۷] القاموس المحيط، ج۱، ص۶۸۳.




وقد استعمله الفقهاء في نفس المعنى اللغوي.




۳.۱ - الاختيار


وهو مصدر اختار بمعنى الاصطفاء ،
[۸] لسان العرب، ج۴، ص۲۵۹.
وهو يستبطن التفضيل والتقديم، فيكون مستبطناً للإيثار، يقال: خِرتُ الرجل على صاحبه ، إذا فضّلته عليه.
[۹] المصباح المنير، ج۱، ص۱۸۵.

ومنه قوله سبحانه وتعالى: «وَاخْتَارَ مُوسَى‌ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا »، وقوله تعالى: «وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى‏ عِلْمٍ عَلَى‏ الْعَالَمِينَ ».
وقد يستعمل في القدرة على الاصطفاء و الاختيار ، لا نفس الاصطفاء، كما في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « البيّعان بالخيار حتى يفترقا، وصاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيّام »، فإنّ المراد منه هو القدرة شرعاً على الفسخ ، الذي قد يعبّر عنه بملك فسخ العقد .

۳.۲ - الإنفاق


وهو إفعال من النفق ، يقال: نفقت الدراهم ، إذا نفدت، وأنفقتها، أي أنفدتها
[۱۴] المصباح المنير، ج۱، ص۶۱۸.
وصرفتها،
[۱۵] لسان العرب، ج۱۴، ص۲۴۲.
ويكون بمال وغيره،
[۱۶] المفردات، ج۱، ص۸۱۹.
في سبيل اللَّه وغيره، قال اللَّه تعالى: «وَأَنْفِقُوْا فِي سَبِيلِ اللّهِ»، وقال:
«وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّهِ»، وقال: «وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ»، وقال: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللّهِ»، يستعمل كثيراً مطلقاً ويراد به سبيل اللَّه.
والنسبة بين‏ الإنفاق والإيثار- بالمعنى اللغوي- هي العموم و الخصوص من وجه؛ لأنّ الإنفاق قد يكون على النفس ، بل وإذا كان على الغير لا يلزم أن يكون من باب الإيثار، كما أنّه ليس كلّ تقديم للغير على النفس مربوطاً بالإنفاق.



الإيثار تارةً يكون للنفس على الغير، واخرى للغير على النفس، فهنا أمران :

۴.۱ - إيثار النفس على الغير


إيثار النفس على الغير إذا كان في الامور الدينية و القربية كالعبادات- مثل:
أن يتقدّم للصلاة جماعة في الصفوف الاولى أو يسابق إلى الإنفاق الراجح أو إلى طلب العلم أو غير ذلك- فلا بأس به، بل هو راجح في الجملة ، قال سبحانه وتعالى:
«فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ »، وقال عزّ من قائل: «وَسَارِعُوا إِلَى‏ مَغْفِرَةٍ مِن رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماوَاتُ وَ الْأَرْضُ »؛ ولهذا قيل بنفي الإيثار في العبادات .
وأمّا إيثار النفس على الغير في غير هذه الموارد فهو جائز بعنوانه الأولي وإن كان مرجوحاً في الجملة كما سيظهر قريباً بعون اللَّه تعالى.

۴.۲ - إيثار الغير على النفس


يستحبّ الإيثار في نفسه- في غير ما تقدّم- ما لم يعرض عليه عنوان آخر يجعله واجباً أو محرّماً أو مكروهاً، وهو من الخصال الأخلاقية الممدوحة التي تعبّر عن نكران الذات وعن معاني التضحية و الوفاء .
وتدلّ على استحبابه الآيات والأخبار: فمن الآيات قوله تعالى: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى‏ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ». ووجه الدلالة واضح؛ ضرورة كونها بصدد مدح الذين يفعلون ذلك.
ومن الأخبار رواية سماعة ، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الرجل ليس عنده إلّا قوت يومه، أيعطف من عنده قوت يومه على من ليس‏ عنده شي‏ء؟ ويعطف من عنده قوت شهر على مَن دونه؟ و السنة على نحو ذلك؟ أم ذلك كلّه الكفاف الذي لا يُلام عليه؟ فقال: «هو أمران، أفضلكم فيه أحرصكم على الرغبة و الإثرة على نفسه؛ فإنّ اللَّه عزّوجلّ يقول:
«وَيُؤْثِرُونَ عَلَى‏ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ»، و الأمر الآخر لا يلام على الكفاف، و اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول».
ورواية أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام قال: قلت له: أيّ الصدقة أفضل؟ قال:
« جُهد المقِلّ ،
[۲۶] لسان العرب، ج۱۱، ص۲۸۸.
أما سمعت اللَّه عزّوجلّ يقول: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى‏ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ»، ترى هاهنا فضلًا ».
ورواية علي بن سويد السائي عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال:... فشكوت إليه قلّة ذات يدي... فقال: «صُم وتصدّق»، قلت: أتصدّق ممّا وصلني به إخواني وإن‏ كان قليلًا ؟ قال: «تصدّق بما رزقك اللَّه ولو آثرت على نفسك».
ورواية جميل - في حديث- أنّه قال لأبي عبد اللَّه عليه السلام : من غُرر أصحابي؟ قال:
«هم البارّون‌ بالإخوان في العسر و اليسر »، ثمّ قال: «يا جميل، أما إنّ صاحب الكثير يهون عليه ذلك، وقد مدح اللَّه في ذلك صاحب القليل، فقال في كتابه : «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى‏ أَنفُسِهِمْ...»».

۴.۳ - حد الإيثار


وبعد أن حثّت الشريعة الإسلامية على الإيثار سعت إلى تحديده ليكون وسطاً معتدلًا لا إفراط ولا تفريط فيه، وقد وردت الآيات والروايات تدلّ في الصرف و الإنفاق على الاعتدال و الاقتصاد ، كقوله سبحانه وتعالى: «وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذلِكَ قَوَاماً »، وقوله تعالى: «وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى‏ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ »، وقوله تعالى:
«وَيَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ »، وقوله جلّ شأنه : «وَآتِ ذَا الْقُرْبَى‌ حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً »، وغيرها.
ومن الأخبار ما رواه ابن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن قول اللَّه تعالى: «وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا»، قال: «كان أبي يقول: من الإسراف في الحصاد و الجذاذ أن يصدّق الرجل بكفّيه جميعاً ، وكان أبي إذا حضر شيئاً من هذا فرأى أحداً من غلمانه يتصدّق بكفّيه، صاح به: أعطِ بيد واحدة، القبضة بعد القبضة، و الضغث
[۳۵] المصباح المنير، ج۱، ص۳۶۲.
بعد الضغث من السنبل ».
وكذلك رواية الوليد بن صبيح، قال: كنت عند أبي عبد اللَّه عليه السلام ... ثمّ قال: «إنّ رجلًا لو كان له مالٌ يبلغ... ثمّ شاء أن لا يبقي منها إلّاوضعها في حقٍ‌ لفعل فيبقى لا مال له، فيكون من الثلاثة الذين يُردّ دعاؤهم »، قلت: من هم؟
قال: «أحدهم رجل كان له مال فأنفقه في غير وجهه ، ثمّ قال: يا ربّ، ارزقني، فيقال له: ألم أجعل لك سبيلًا إلى طلب الرزق ؟!».
وقد يستفاد منها عدم مطلوبية الإيثار خصوصاً مع الحاجة الشديدة التي اشير إليها في الآية ؛ ولذلك قد يحتمل نسخ هذا الحكم بادّعاء أنّ الإيثار كان مرغوباً فيه في صدر الإسلام ؛ لكثرة الفقراء ، ولكن نسخ بعد ذلك بهذه الآيات.
[۳۸] البحار، ج۷۴، ص۲۵۰.

وفي بعض الروايات أيضاً إشارة إليه، كما في خبر مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللَّه عليه السلام - في حديث طويل- أنّ الصوفيّة احتجّوا عليه بقوله تعالى:
«وَيُؤْثِرُونَ عَلَى‏ أَنفُسِهِمْ وَلَوكَانَ بِهِم خَصَاصَةٌ»، فقال: «إنّ ذلك كان مباحاً جائزاً ولم يكونوا نهوا عنه، و ثوابهم منه على اللَّه عزّوجلّ، وذلك أنّ اللَّه أمر في آيات الاقتصاد بخلاف ما عملوا به، فصار أمره ناسخاً لفعلهم، وكان نهي اللَّه تبارك وتعالى عن الإيثار رحمة منه للمؤمنين ونظراً؛ لكي لا يضرّوا بأنفسهم وعيالاتهم ...».

۴.۴ - وجه الجمع بين الآيات والروايات في حد الإيثار


ولأجل شبهة التعارض هذه ذكر العلماء في وجه الجمع بين الآيات والروايات محاولات عديدة، وهي:
۱- إنّ الإيثار إذا كان على نفس الموثر فهو مندوب ، وإذا كان على عياله فلا يستحبّ.
قال الشهيد الأوّل: «والجمع بينهما: أنّ الإيثار على نفسه مستحبّ، بخلافه على عياله».
ومثله ذكر المحقّق الكركي، وأناط المحقّق الأردبيلي استحباب الإيثار على العيال برضاهم .
[۴۳] زبدة البيان، ج۱، ص۴۸۹.

۲- استحباب الإيثار إذا كان بما لا يتضرّر ببدنه - وإن كان شاقّاً- و المنع منه إذا كان مضرّاً، وقد احتمله المحقّق القمّي .
۳- دعوى اختلاف ذلك باختلاف الأشخاص و الظروف ، قال العلّامة المجلسي : «وقد يقال: إنّها تختلف باختلاف الأشخاص و الأحوال ، فمن قوي توكّله على اللَّه وكان قادراً على الصبر على الفقر و الشدّة ، فالإيثار أولى بالنسبة إليه، ومن لم يكن كذلك- كأكثر الخلق - فالاقتصاد بالنسبة إليه أفضل ».
[۴۵] البحار، ج۷۴، ص۲۵۰.

وقال المحقّق النجفي بعد التعرّض لما يدلّ على الاقتصاد: «لكن لا يخفى عليك رجحان مقام الإيثار الذي أشار إليه ربّ العزّة بقوله: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى‏ أَنفُسِهِمْ...»، وفعله الأولياء ؛ ولعلّه لذا قال في الدروس :
ويكره أن يتصدّق بجميع ماله إلّامع وثوقه بالصبر ولا عيال له.
وكأنّ الرجوع في ذلك كلّه إلى الموازين الشرعيّة- المختلفة باختلاف الأمكنة والأزمنة والأحوال- هو المتّجه في ذلك وفي غيره، كالصدقة وعنده عيال محتاجون، أو عليه دين، التي نفى استحبابها في الأوّل في القواعد وعن غيرها، وحكم بكراهتها في الثاني».
و مراده من الموازين هو مجموع القواعد العامّة الأوّلية والثانويّة التي قد تطرأ عليها.
ولعلّ الوجه الأخير هو الصحيح المناسب للقواعد العقلائية و العناوين الحاكمة على جميع الأحكام الأوّلية.
من هذا كلّه يُعلم أنّ بعض العناوين الثانوية الطارئة قد توجب حرمة الإيثار، كما إذا بلغ حدّ الإسراف و تضييع المال والتبذير المحرّم شرعاً، كما أنّه قد توجب وجوبه، كما إذا توقّف حفظ نفس محترمة على الإيثار بطعامه له، فلا اختصاص للموازين الشرعية التي أشار إليها المحقّق النجفي بما ينفي استحباب الإيثار أو يثبت كراهته بالخصوص، بل يعمّ ما قد يوجب حرمته أو وجوبه، وهذا واضح .


 
۱. لسان العرب، ج۱، ص۷۰.
۲. المصباح المنير، ج۱، ص۴.
۳. يوسف/سورة ۱۲، الآية ۹۱.    
۴. الحشر/سورة ۵۹، الآية ۹.    
۵. الأعلى/سورة ۸۷، الآية ۱۶.    
۶. لسان العرب، ج۱، ص۷۰.
۷. القاموس المحيط، ج۱، ص۶۸۳.
۸. لسان العرب، ج۴، ص۲۵۹.
۹. المصباح المنير، ج۱، ص۱۸۵.
۱۰. الأعراف/سورة ۷، الآية ۱۵۵.    
۱۱. الدخان/سورة ۴۴، الآية ۳۲.    
۱۲. الوسائل، ج۱۸، ص۵، ب ۱ من الخيار، ح ۱، ۲.    
۱۳. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۶، ص۱۴.    
۱۴. المصباح المنير، ج۱، ص۶۱۸.
۱۵. لسان العرب، ج۱۴، ص۲۴۲.
۱۶. المفردات، ج۱، ص۸۱۹.
۱۷. البقرة/سورة ۲، الآية ۱۹۵.    
۱۸. البقرة/سورة ۲، الآية ۲۶۵.    
۱۹. النساء/سورة ۴، الآية ۳۸.    
۲۰. الأنفال/سورة ۸، الآية ۳۶.    
۲۱. البقرة/سورة ۲، الآية ۱۴۸.    
۲۲. آل عمران/سورة ۳، الآية ۱۳۳.    
۲۳. مستمسك العروة، ج۷، ص۳۵۶.    
۲۴. الحشر/سورة ۵۹، الآية ۹.    
۲۵. الوسائل، ج۹، ص۴۳۱، ب ۲۸ من الصدقة، ح ۵.    
۲۶. لسان العرب، ج۱۱، ص۲۸۸.
۲۷. الوسائل، ج۹، ص۴۳۱- ۴۳۲، ب ۲۸ من الصدقة، ح ۷.    
۲۸. الوسائل، ج۹، ص۴۳۱، ب ۲۸ من الصدقة، ح ۶.    
۲۹. الوسائل، ج۹، ص۴۲۹، ب ۲۸ من الصدقة، ح ۱.    
۳۰. الفرقان/سورة ۲۵، الآية ۶۷.    
۳۱. الإسراء/سورة ۱۷، الآية ۲۹.    
۳۲. البقرة/سورة ۲، الآية ۲۱۹.    
۳۳. الإسراء/سورة ۱۷، الآية ۲۶.    
۳۴. الأنعام/سورة ۶، الآية ۱۴۱.    
۳۵. المصباح المنير، ج۱، ص۳۶۲.
۳۶. الوسائل، ج۹، ص۲۰۳، ب ۱۶ من زكاة الغلّات، ح ۱.    
۳۷. الوسائل، ج۹، ص۴۲۱، ب ۲۳ من الصدقة، ح ۱.    
۳۸. البحار، ج۷۴، ص۲۵۰.
۳۹. الحشر/سورة ۵۹، الآية ۹.    
۴۰. الوسائل، ج۹، ص۴۳۲، ب ۲۸ من الصدقة، ح ۸.    
۴۱. الدروس، ج۱، ص۲۵۵.    
۴۲. جامع المقاصد، ج۹، ص۱۳۳.    
۴۳. زبدة البيان، ج۱، ص۴۸۹.
۴۴. الغنائم، ج۴، ص۳۹۸.    
۴۵. البحار، ج۷۴، ص۲۵۰.
۴۶. جواهر الكلام، ج۲۸، ص۱۳۱- ۱۳۲.    




الموسوعة الفقهية، ج۱۹، ص۲۶۸-۲۷۳.    



جعبه ابزار