متعلق الرق
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(أمّا الرقّ : فيختصّ
بأهل الحرب ) من أصناف الكفّار (دون أهل الذمّة) الملتزمين بشرائطها (و) أما (لو أخلّوا بشرائطها جاز تملّكهم) بلا خلاف، بل قيل إجماعاً،
ولعلّه كذلك فتوًى ونصّاً مستفيضاً.والمراد بأهل الحرب : من يجوز قتالهم إلى أن يسلموا.
وبأهل الذمّة : اليهود والنصارى العاملون بشرائطها المعهودة المذكورة في كتاب
الجهاد ، ولو أخلّوا بها صاروا أهل حرب وجاز تملّكهم اتفاقاً.
ولا فرق في جواز
استرقاق الحربي بين أن ينصبوا الحرب للمسلمين، أو يكونوا تحت حكم
الإسلام وقهره، كالقاطنين تحت حكم المسلمين من عبدة الأوثان والنيران والغلاة وغيرهم.
ويتحقق دخولهم في الرقّ بمجرد
الاستيلاء عليهم، سواء وقع بالقِتال أو على وجه السرقة
والاختلاس ، سواء كان المستولي مسلماً أو كافراً.ويجوز شراؤهم من الغنيمة وإن كان للإمام عليه السلام فيها حق؛
لإذنهم لشيعتهم في ذلك، كما تضمّنته الأخبار المستفيضة.
وعن القواعد والتذكرة التصريح بأنّه لا يجب
إخراج حصّة غير
الإمام من
الغنيمة ؛
ولعلّ وجهه ظاهر ترخيصهم لشيعتهم من غير
اشتراط إخراج الحصة المزبورة، فتأمّل.
(ومن أقرّ على نفسه بالرقّية) حال كونه (مختاراً) وهو (في صحّة من رأيه)
ببلوغه وعقله (حكم برقّيته) مع عدم العلم من الخارج بحريّته، بلا خلاف أجده؛ لعموم
إقرار العقلاء على أنفسهم جائز؛
وخصوص الصحيح : «الناس كلّهم أحرار إلاّ من أقرّ على نفسه بالعبودية وهو مُدرك من عبد أو أمة» الحديث.
(وإذا بيع في الأسواق ثمّ ادّعى الحرّية لم تقبل منه) دعواه (إلاّ ببيّنة) بلا خلاف؛ لأنّ ظاهر اليد والتصرف يقتضي الرقيّة، حملاً لأفعال المسلمين على الصحّة؛ والصحيحين :
في أحدهما : عن شراء جارية من السوق تقول : إنّها حرة، فقال : «اشترها إلاّ أن يكون لها بيّنة».
وفي الثاني : عن مملوك ادّعى أنّه حرّ ولم يأت ببيّنة على ذلك،أشتريه؟ قال : «نعم».
(ولا يملك الرجل ولا المرأة أحد
الأبوين وإن علوا، ولا الأولاد وإن سفلوا. وكذا لا يملك الرجل خاصة) -كلمة «خاصّة» ليست في المختصر المطبوع.- دون المرأة (ذوات الرحم من النساء) -في «ر» و «ح» زيادة : المحرمات.- (كالخالة والعمّة
والأُخت وبنتها وبنت الأخ، وينعتق) جميع (هؤلاء بالملك) بمجرّده، بلا خلاف بل عليه الإجماع في عبارة جماعة؛
وهو الحجة مضافاً إلى النصوص المستفيضة، منها الصحاح المستفيضة :
في أحدها : عمّا يملك الرجل من ذوي قرابته، فقال : «لا يملك والديه ولا أُخته ولا ابنه وابنة أُخته ولا عمّته ولا خالته، ويملك ما سوى ذلك من الرجال من ذوي قرابته، ولا يملك امّه من الرضاعة».
وفي الثاني : «إذا ملك الرجل
والديه أو أُخته أو عمّته أو خالته عتقوا عليه. ويملك ابن أخيه وعمّه وخاله، ويملك أخاه وغيره من ذوي قرابته من الرجال».
ونحوه الصحيح الآتي وغيره.
ومنها : عن المرأة، ما تملك من قرابتها؟ قال : «كلّ أحد إلاّ خمسة : أبوها، وأُمّها، وابنها، وابنتها، وزوجها»
يعني بالزوج ما دام كونه زوجاً، وإلاّ فهي تملكه. كما أنّه يملكها إجماعاً فتوًى ورواية إلاّ أنّ الزوجيّة تنفسخ بالملك لتنافيهما؛ لأنّ المالك إن كان هو الزوجة حرّم عليها وطء مملوكها، وإن كان الزوج استباحها بالملك.
والمراد بالملك المنفي في العبارة وبعض النصوص المتقدّمة، المستقر منه، وإلاّ فأصل الملك يتحقّق في الجميع، ومن ثمّ ترتّب عليه العتق المشروط بالملك فتوًى ورواية.
ويومئ إلى المراد ذيل العبارة، وباقي النصوص كالصحيحة الثانية، والرابعة : «إذا ملك الرجل والديه أو أُخته أو عمّته أو خالته أو
بنت أُخته، وذكر أهل هذه
الآية من النساء، عتقوا جميعاً. ويملك عمّه وابن أخيه وابن أُخته والخال، ولا يملك امّه من الرضاعة، ولا أُخته ولا عمّته ولا خالته، إذا ما ملكهنّ عتقن» وقال : «ما يحرم من النساء ذات رحم قد يحرمن من الرضاع» وقال : «يملك الذكور ما عدا والديه أو ولده، ولا يملك من النساء ذات رحم محرم» قلت : يجري في الرضاع مثل ذلك؟ قال : «نعم».
(و) يستفاد منها كما تقدّمها أنّه (يملك غيرهم) أي المذكورين (من الرجال والنساء) مضافاً إلى عدم الخلاف فيه وفي أنّه (على كراهية و) أنّه (يتأكّد الكراهيّة فيمن يرثه) للنصوص :
منها الموثّق : في رجل يملك ذا رحمه، هل يصلح له أن يبيعه أو يستعبده؟ قال : «لا يصلح له بيعه، ولا يتّخذه عبداً وهو مولاه وأخوه في الدين، وأيّهما مات ورثه صاحبه إلاّ أن يكون أقرب منه».
والخبر : «لا يملك الرجل أخاه من النسب، ويملك ابن أخيه».
وإنّما حملت على الكراهة جمعاً مع قصورها سنداً،
وإشعار الرواية الأُولى وما ضاهاها بالكراهة جدّاً.
(وهل ينعتق عليه بالرضاع من ينعتق عليه بالنسب؟ فيه روايتان : أشهرهما أنّه ينعتق) وهي الصحاح المتقدّمة، ونحوها غيرها.
كالصحيح : عن امرأة ترضع غلاماً لها من مملوكة حتّى تفطمه، هل لها أن تبيعه؟ فقال : «لا، هو ابنها من
الرضاعة ، حرّم عليها بيعه وأكل ثمنه» ثمّ قال : «أليس قال
رسول الله صلى الله وعليه وآله وسلم : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب؟».
والصحيح : عن المرأة ترضع عبدها، أتتّخذه عبداً؟ قال : «تعتقه وهي كارهة».
ونحوهما غيرهما المروي عن المقنع وكتاب عليّ بن جعفر .
والرواية الثانية أخبار عديدة منها الصحيح : في بيع الامّ من الرضاعة، قال : «لا بأس بذلك إذا احتاج».
والخبران : في أحدهما : «إذا اشترى الرجل أباه أو أخاه فملكه فهو حرّ إلاّ ما كان من قبل الرضاع»
وقريب منه الثاني.
وهي مع قصور سند أكثرها غير مكافئة لما مضى من وجوه شتّى، فلتطرح أو تؤوّل إلى ما يؤول إلى الأوّل بالحمل إمّا على ما ذكره جماعة كالشيخ في الكتابين وغيره،
أو على التقيّة كما يستفاد من عبارة الخلاف المحكيّة حيث نسب مضامينها إلى جميع فقهاء العامّة.
واعلم أنّه ظهر من قوله : لا يملك الرجل خاصّة، ما أشار إليه بقوله : (ولا ينعتق على المرأة سوى العمودين) يعني
الآباء والأُمّهات وإن علوا، والأولاد وإن سفلوا. فلا وجه
لإعادته .(وإذا ملك أحد الزوجين صاحبه بطل العقد بينهما، وثبت الملك) كما مضى هنا قريباً، وفي كتاب
النكاح مفصّلاً.
رياض المسائل، ج۱۳، ص۶-۱۱.