موجبات الوضوء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الركن الثاني في مبحث الطهارة هو الطهارة المائية و وهي الوضوء والغسل، والوضوء يستدعي بيان أمور : منها: موجباته الباعثة لخطاب المكلّف بالطهارة وجوباً أو ندباً، لمشروط بها فعله أو كماله، أو لا له، وإن حدثت قبل التكليف.
الأمور التي تنقض و توجب الوضوء هي:
(وهي : خروج البول والغائط والريح من الموضع الطبيعي المعتاد خروجه منه لعامة الناس وإن لم يحصل
الاعتياد .
بالإجماع كما عن المعتبر والمنتهى وغيرهما،
والصحاح المستفيضة.
منها : «لا ينقض الوضوء إلّا ما خرج من طرفيك أو النوم».
ومنها : «لا يوجب الوضوء إلّا غائط أو بول أو ضرطة تسمع صوتها أو فسوة تجد ريحها».
وتقييد الريح الناقض في هذا الصحيح بأحد الأمرين المذكورين محمول على صورة حصول الشك بدونهما، وأما مع التيقن فلا ريب في عدم اعتباره وناقضيته مطلقاً؛ للرضوي : «فإن شككت في ريح أنها خرجت منك أو لم تخرج، فلا تنقض من أجلها
الوضوء إلّا أن تسمع صوتها أو تجد ريحها، فإذا استيقنت أنها خرجت منك فأعد الوضوء سمعت وقعها أو لم تسمع، وشممت ريحها أو لم تشم».
وفي رواية
عليّ بن جعفر رواها في كتابه : أنه سأل أخاه عن رجل يكون في صلاته فيعلم أن ريحا قد خرجت منه ولا يجد ريحها ولا يسمع صوتها، قال : «يعيد الوضوء والصلاة ولا يعتدّ بشيء ممّا صلّى إذا علم ذلك يقيناً».
وفي حكمه ما لو اتفق المخرج في غيره خلقةً أو انسدّ الطبيعي وانفتح غيره، وعليه
الإجماع في
المنتهى ،
وظاهره عدم
اعتبار الاعتياد فيه، فينقض الخارج ولو مرة.
وفي ناقضية الخارج من غيره مع عدم
انسداده أقوال، أشهرها : نعم مع الاعتياد ولا مع العدم.
وقيل بالأول مع الخروج من تحت المعدة وبالثاني مع الخروج من فوقها مطلقاً.
والقول بالعدم مطلقاً قوي للأصل، وفقد المانع، لعدم عموم في الأخبار يشمل ما نحن فيه، وضعف حجج الأقوال الاُخر. ولكن
الاحتياط واضح بحمد اللّه وسبحانه.
وفي اعتبار الاعتياد في نفس الخروج حتى لو خرجت المقعدة ملوثة بالغائط ثمَّ عادت ولم ينفصل لم يوجب أم العدم، إشكال.
والأصل مع فقد العموم من الأخبار، وتبادر الخروج المعتاد من المطلقات يقتضي العدم، وبه صرّح بعض المحقّقين،
وفاقا للذكرى.
والمعتاد للريح هو الدبر، فلا يوجبه الخارج منه من القبل مطلقاً، وفاقاً للمنقول عن
السرائر والمهذّب والمنتهى والبيان؛
لما تقدّم.
وعن
التذكرة القطع بنقض الخارج منه من قبل
المرأة ،
واستقر به في المعتبر و
الذكرى مع الاعتياد. ولم نقف على مستندهما.
والنوم الغالب على الحاستين السمع والبصر تحقيقاً أو تقديرا مطلقاً، إجماعا كما في التهذيب وعن
الانتصار و
الناصريات والخلاف،
وللصحاح المستفيضة، وبعضها صريح في
الإطلاق .
ففي الصحيح : «من وجد طعم النوم قائما أو قاعدا فقد وجب عليه الوضوء».
وفي آخر : «من نام وهو راكع أو ساجد أو ماش أو على أي الحالات فعليه الوضوء».
وما سواها من الروايات المنافية
ـ مع شذوذها وضعفها ـ محمولة على الخفقة أو
التقية ، كما يشعر به بعضها.
وحصر الناقض فيما يخرج من السبيلين
إضافي بالنسبة إلى ما يخرج وليس بحقيقي إجماعا، ونسبة المخالفة إلى الصدوقين ضعيفة،
وعبارتهما مؤوّلة لدعوى أحدهما الإجماع على النقض به في الخصال، لم نعثر على هذا الإجماع في الخصال، نعم ، نسبه ، إلى دين
الإمامية في
الأمالي وإطلاق النصوص وكلام الأصحاب يقتضي ناقضية النوم بنفسه، لا من حيث كونه محتملاً لخروج الحدث معه، كما نسب إلى العامة،
وفي الحسن تصريح به، حيث قال علیه السلام : «لا ينقض الوضوء إلّا حدث، والنوم حدث».
وما ربما يتوهم منه المخالفة
لعلّه محمول على التقية لما ذكر، ولتصريح بعض المعتبرة بعدم نقض الطهارة باحتمال طروّ الناقض شكاً أو ظناً.
ففي الصحيح : «عمّن حرّك إلى جنبه شيء وهو لم يعلم به، قال : «لا حتى يستيقن أنه قد نام، حتى يجيء من ذلك أمر بيّن، وإلّا فإنه على يقين من وضوئه، ولا ينقض اليقين بالشك أبداً، ولكن ينقضه بيقين آخر».
وفي الموثق : «إذا استيقنت أنك أحدثت فتوضأ، وإياك أن تحدث وضوءاً حتى تستيقن أنك أحدثت»
وبذلك صرّح جمع من الأصحاب.
وفي حكمه
الإغماء والجنون والمزيل للعقل مطلقاً بإجماع
المسلمين كما في
التهذيب ،
وبلا خلاف بين
أهل العلم كما عن المنتهى،
وفي
الخصال : إنه من دين الإمامية، (لم نعثر عليه في الخصال وقال في الأمالي في بيان دين الإمامية : لاينقض الوضوء إلا ما خرج من الطرفين من بول أو غائط أوريح أو مني والنوم اذ ذهب بالعقل. )
وفي الصحيحين
المعلّق فيهما الحكم بالنقض في النوم على ذهاب العقل دلالة عليه.
وعن بعض الكتب عن
مولانا الصادق علیه السلام ، عن آبائه : : «إنّ المرء إذا توضأ صلّى بوضوئه ذلك ما شاء من الصلوات ما لم يحدث أو ينم أو يجامع أو يغم عليه أو يكون منه ما يجب منه
إعادة الوضوء».
وربما استدل ببعض الصحاح،
ولا دلالة ( له ) عليه، وبالتنبيه المستفاد من الصحاح في النوم، فإنه إذا وجب الوضوء بالنوم الذي يجوز معه الحدث وجب بالإغماء والسكر والجنون بطريق أولى، وهو كما ترى.
(و
الاستحاضة القليلة) الغير المثقبة للكرسف، على الأشهر الأظهر الصحاح. خلافاً للعماني، فلم يوجب بها وضوءا ولا غسلاً.
وللإسكافي فأوجب بها غسلاً واحداً في اليوم والليلة.
وهما ضعيفان، كما سيأتي تحقيقه في محلّه إن شاء اللّه.
وفي
إيجاب مسّ باطن الدبر أو باطن الإحليل للوضوء، وكذلك المذي ـ بالتسكين ـ وهو ما يخرج عند الملاعبة والتقبيل، وكذا في التقبيل، قولان الأشهر الأظهر: العدم للأصل، والإجماع المحكي عن التذكرة و
نهاية الإحكام للعلّامة،
والصحاح المستفيضة، ومثلها من المعتبرة، عموماً وخصوصاً.
ففي الصحيح : «ليس في القبلة ولا مسّ الفرج ولا الملامسة وضوء».
وفيه في المذي ينقض الوضوء؟ قال : «لا».
وفي المرسل كالصحيح : «ليس في المذي من الشهوة ولا من
الإنعاظ ولا من القبلة ولا من مسّ الفرج ولا من المضاجعة وضوء، ولا يغسل منه الثوب ولا الجسد».
خلافاً للإسكافي في الجميع، مقيدا للأخيرين بكونهما عن شهوة،
ووافقه الصدوق في الأول، وزاد فتح الإحليل
لأخبار ضعيفة أو محمولة على التقية،
ومع ذلك ليست لما تقدّم مكافئة من وجوه عديدة، وربما تحمل على
الاستحباب بناء على الاحتياط والمسامحة.
وعلى ذلك تحمل أيضاً الأخبار المتضمنة لناقضية غير ما ذكر؛ لما ذكر، مضافاً إلى مخالفتها لإجماع الطائفة على ما حكاه جماعة.
رياض المسائل، ج۱، ص۸۵- ۹۱.