آثار الإجهاض
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
إذا تحقق سقط الجنين فيترتّب عليه أمور:
۱- صيرورة المرأة المجهضة حائلًا ومحكوماً عليها بأحكام
طلاق الحائل، فيشترط في طلاقها أن يقع في طهر لم يواقعها زوجها فيه، ولا شكّ في حصول هذا
الاتصاف حتى بالقاء النطفة غير المستقرّة؛ لحصول العلم بأنّها غير حامل.
قال المحقق في شروط المطلّقة:«الثالث: أن تكون طاهرة من الحيض والنفاس، ويعتبر هذا في المدخول بها الحائل... الرابع: أن تكون مستبرأة، فلو طلّقها في طهر واقعها فيه لم يقع طلاقه، ويسقط
اعتبار ذلك في اليائسة وفيمن لم تبلغ الحيض وفي الحامل...».
وقد ادعى بعضهم عليه الإجماع كما في نهاية المرام
۲-
انقضاء عدة طلاقها؛ لقوله تعالى:«وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ».
وللروايات الكثيرة: كصحيحة
عبد الرحمن بن الحجاج رواها
الكليني باسناده عنه عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن الحبلى إذا طلّقها زوجها فوضعت سقطاً تمّ أو لم يتم، أو وضعته مضغة؟ فقال: «كلّ شيء يستبين أنّه حمل تمّ أو لم يتم فقد انقضت عدتها وإن كان مضغة».
وصحيحة
زرارة رواها الكليني باسناده عنه عن
أبي جعفر عليه السلام قال: «إذا طلّقت المرأة وهي حامل فأجلها أن تضع حملها وإن وضعت من ساعتها».
وغيرها من الصحاح.ولا خلاف ظاهراً في ترتّب الحكم باسقاط المضغة وما فوقها من مراتب الجنين. وفي ترتّبه باسقاط النطفة بل
العلقة إشكال. والمدار صدق الحمل.
قال الشهيد الثاني: «تنقضي عدة الحامل إذا وضعت الحمل...». وقال:«يعتبر تحقق كونه حملًا، فلا يكفي وضعه نطفة مع عدم
استقرارها إجماعاً، ومعه وجهان، من الشكّ في كونه قد صار حملًا...». ثمّ قال: «والوجهان آتيان في العلقة...». ثمّ استقرب جريان الحكم على العلقة مع العلم بأنّها مبدأ نشوء آدمي، وإلّا فلا، وقال: «لو أسقطت مضغة كفت، والعلم بها أقرب».
وقال المحقق النجفي معلّقاً على كلامه الأخير: «وفيه: أنّه لا ريب في كونها مبدأ
آدمي ؛ إذ هي الدم الجامد المتكوّن من النطفة، وإنّما الكلام في صدق الحمل عرفاً».
وقال
السيد الخميني : «ولو كان
مضغة أو علقة إن تحقق انّه حمل».
وقال السيد الخوئي: «حتى لو كان مضغة أو علقة».
والمستظهر من كلماتهم- كما ترى- أنّ المدار على صدق الحمل، وكأنّ ما في بعض الروايات من التعابير المطلقة الشامل لإلقاء حتى النطفة غير المستقرة، كقوله عليه السلام: «فإن وضعت»
وقوله: «إن وضعت ما في بطنها»
محمول على ما في الآية.نعم في الكافي للحلبي: «عدتها أن تضع ما في بطنها».
وهذا التعبير عام شامل لجميع المراتب.وعلى كلّ حال فمع الشك الأصل عدم ترتب هذا الحكم(أي انقضاء العدّة).
۳- انكشاف اتصاف المرأة بكونها مستولدة ومحكومة بأحكامها حال الحمل،
وفائدة هذا
الانكشاف تسلّط المالك على إبطال ما تقدّم من التصرّفات الممنوعة
بالاستيلاد كبيع ونحوه، والمراد
إظهار بطلانها والمعاملة معها كأنّها لم تقع.
والأصل فيه خبر محمّد بن مارد الذي رواه الشيخ باسناده عنه عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في الرجل يتزوّج
الأمة فتلد منه أولاداً ثمّ يشتريها فتمكث عنده ما شاء اللَّه لم تلد منه شيئاً بعد ما ملكها ثمّ يبدو له في بيعها، قال: «هي أمته، إن شاء باع ما لم يحدث عنده حمل بعد ذلك، وإن شاء أعتق».
ورواية
الصدوق والشيخ باسنادهما عن
الوليد بن هشام ،
وفيها: فقلتُ: إنّ فيهم جارية قد وُقِعَت عليها وبها حمل، قال:«أ ليس ولدها بالذي يعتقها؟! إذا هلك سيدها صارت من نصيب ولدها».
ورواية
قرب الاسناد عن الباقر عليه السلام:«إذا أسقطت الجارية من سيدها فقد عتقت».
وفي ترتّب الحكم المزبور على القاء النطفة خلاف كما مرّ في العدة وصريح الشيخ وابن سعيد هنا كفايته،
ومع الشك فالأصل عدم لحوق حكم الاستيلاد.
الموسوعة الفقهية، ج۵، ص۴۰۷-۴۱۰.