الإغلاق
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعنى سد الباب بالمغلاق أو بمعنى
الإكراه .
الإغلاق: مصدر أغلق، يقال: أغلق الباب، إذا سدّه بالمغلاق، والمغلاق: ما يغلق به الباب ويوثق به.
وجاء بمعنى
الإكراه ؛ لأنّ المكره مغلق عليه في أمره ومضيّق عليه في
تصرّفه كأنّه يغلق عليه الباب.
وليس لدى
الفقهاء معنى خاص للإغلاق غير المعنى اللغوي الأوّل.
نعم، قد يستعملونه في غير الحسّيات، فنجدهم يقولون: كلام مغلق، أو في العبارة إغلاق، أي أنّها لعدم وضوحها كأنّها مغلقة غير منفتحة.
أمّا المعنى الثاني فيستخدمون له الإكراه
والإلجاء ونحو ذلك من العناوين التي تراجع أحكامها في هذه المصطلحات.
تعرّض الفقهاء للأحكام المرتبطة بالإغلاق في مواضع مختلفة من
الفقه ، نشير إليها إجمالًا فيما يلي:
تحدّث الفقهاء عن مسألتين في إغلاق الباب في
الصيد ، إحداهما تتصللعمرةل
بالإحرام والحرم ، والثانية ترتبط بالصيد نفسه:
يحرم
صيد البرّ إذا كان الإنسان محرماً، سواء كان إحرامه
للحجّ أو
للعمرة ، وسواء كان في
الحلّ أو في الحرم.
وكذلك إذا كان الصيد في الحرم يحرم صيده حتى بالنسبة إلى المحلّ.
وهذا قد يكون بالمباشرة، بأن يباشر الصيد بنفسه، وقد يكون
بالتسبيب ، وقد جعلوا من قسم التسبيب إغلاق الباب على الصيد، ولهذا حكموا
بحرمة الإغلاق على الصيد أيضاً.
ويترتّب
الضمان على الإغلاق، فلو أغلق باباً على
حمام الحرم وله
فراخ وبيض ، فإن أرسلها سليمة فلا ضمان، وإلّا ضمن المحرم الحمامة
بشاة ، والفرخ
بحمل ، والبيضة
بدرهم ، والمحلّ الحمامة بدرهم، والفرخ بنصفه، والبيضة بربعه،
ويجتمعان على من جمع الوصفين.
وقيّد غير واحد من الفقهاء هذه الأحكام بصورة
هلاك الصيد بعد الإغلاق عليه.
واستدلّ على الضمان مع الهلاك بصدق
الإتلاف المحرّم الذي يترتّب عليه ذلك بالنسبة إلى المحرم والمحلّ في الحرم،
مضافاً إلى
خبر يونس أوموثّقه، سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن رجل أغلق بابه على حمام من حمام الحرم وفراخ وبيض، فقال: «إن كان أغلق عليها قبل أن يُحرم فإنّ عليه لكلّ
طير درهماً، ولكلّ فرخ نصف درهم، والبيض لكلّ بيضة ربع درهم، وإن كان أغلق عليها بعد ما أحرم فإنّ عليه لكلّ طائر شاة، ولكلّ فرخ حملًا، وإن لم يكن تحرّك فدرهم، وللبيض نصف درهم».
لكن نقل عن بعض الفقهاء القول
باستقرار الضمان بنفس الإغلاق ولو مع السلامة؛ نظراً إلى ظاهر الخبر المتقدّم حيث لم يقيّد الضمان بحالة الهلاك.
ونوقش فيه بأنّ الإغلاق مع السلامة أولى بعدم الضمان من
الرمي مع عدم
الإصابة ومن
الأخذ ثمّ
الإرسال ، فلابدّ من حمل الخبر على حال الهلاك بقرينة ما ورد في بعض
الروايات من فرض
الموت بعد الإغلاق.
وقد احتاط بعضهم بالعمل بالإطلاق والحكم بالضمان بالإغلاق، سواء هلك الحمام أم لا.
لا
إشكال في أنّ الصيد يملك
بالاصطياد ، وأمّا لو أغلق عليه باباً ولا مخرج له، فهل يملكه بذلك أو لا؟
قوّى
الشهيد الثاني الملكية بذلك؛ نظراً إلى أنّ الإغلاق بمنزلة
القبض في
اليد ، حيث قد أبطل امتناعه. وبقاء
قدرته على
التخلّص بتقدير فتح الباب في معنى قدرته على التخلّص وهو في
الشبتعشيشهكة على تقدير فتحها عنه، فلا فرق بينه وبين الاصطياد.
وقال أيضاً: «ولو قصد ببناء
الدار إحباس الصيد أو
تعشيشه ... ففي الملك به وجهان، من
انتفاء كون ذلك آلةً للاصطياد عادةً، وكونه مع القصد بمعناه، وهو الأقوى، ويملك الصيد بإثباته بحيث يسهل تناوله وإن لم يقبضه بيده أو بآلته».
واستشكل في ملكيّته بذلك جماعة.
قال
المحقّق الحلّي : «ولعلّ الأشبه أنّه لا يملك هنا إلّا مع القبض باليد أو الآلة».
وكذلك قوّى عدم الملكية
فخر المحققين ونقل عن والده-
العلّامة الحلّي - أنّه قال: إنّه يصير بذلك أولى به.
واستدلّ له بالأصل المقتصر في الخروج منه على المتيقّن، وهو الاصطياد بالآلة المعتادة.
ذكر الفقهاء أنّ من شرائط إجراء
حدّ السرقة هو الأخذ من
الحرز ، وهو ما يعدّ في
العرف حرزاً كالموضع الذي عليه باب مغلق، أو ما كان مقفلًا أو مغلقاً أو
مدفوناً .
على تفصيلات عندهم في ذلك.
لو باع أرضاً أو داراً لم يدخل في
المبيع النخل والشجر وغير ذلك ممّا فيها، إلّا أن يشترط ذلك أو يبيعها بما أغلق عليه بابها، فيدخل فيه كلّ ذلك.
وذلك لخبر
محمد بن الحسن الصفار : أنّه كتب إلى
أبي محمّد العسكري عليه السلام: في رجل اشترى من رجل أرضاً بحدودها الأربعة، وفيها
زرع ونخل وغيرهما من الشجر، ولم يذكر النخل ولا الزرع ولا الشجر في كتابه، وذكر فيه أنّه قد اشتراها بجميع حقوقها الداخلة فيها والخارجة منها، أيدخل الزرع والنخل والأشجار في حقوق الأرض أم لا؟
فوقّع عليه السلام: «إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها فله جميع ما فيها إن شاء اللَّه».
لا إشكال في أنّ
الزوجة إذا مكّنت
الزوج من نفسها ودخل بها استقرّ عليه
المهر ، وثبتت عليها
العدّة لو طلّقها.
وأمّا لو أغلق عليها الباب واختلى بها وأرخى
الستر ، ثمّ اختلفا في الدخول وعدمه ولم يثبت ذلك
شرعاً ، فهل يستقرّ عليه المهر وتثبت عليها العدّة إذا طلّقها بعد ذلك أم لا؟
نسب إلى المشهور عدم
الوجوب ،
والقول الآخر هو الوجوب، إلّا أنّه لا يجوز للزوجة أن تأخذ أكثر من النصف إذا كانت
عالمة بعدم الدخول.
وهناك معانٍ مجازية للإغلاق، قد ترد في أبحاث
الفقهاء ، مثل إغلاق
الحاكم أو
السلطان أبوابه أمام الناس، في تعبير بليغ عن عدم سماعه لهم وعدم قدرتهم على الوصول إليه
والشكاية عنده عليه أو على أعوانه.
وكذلك الإغلاق في الكلام بحيث لا يتسنّى للمتكلم الحديث بطلاقة، وهذا ما بحث عندهم في
الصلاة والجماعة ونحو ذلك ضمن عناوينها الخاصة.
الموسوعة الفقهية، ج۱۵، ص۲۰۳-۲۰۶.