الآنية
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهي الأوعية التي يجعل فيها الطعام أو الماء، وظاهر كلام بعض أن
الإناء أخص من الوعاء والظرف، ويجرى عليه بعض الأحكام.
آنية: جمع إناء ممدود، وزان فِعال أَفْعِلَة. والألف فيها مبدلة من الهمزة، فإنّ أصلها أأْنِية. وجمع الجمع: الأَواني- أفاعِل- مثل: سِقاء وأسْقية وأساقٍ،
لكن في المغرّب: والجمع القليل آنية، والكثير الأواني».
وهو مأخوذ من أنى يأني أنياً.وقد ذكر
ابن فارس له اصولًا أربعة: «البطء وما أشبهه من الحلم وغيره... وساعة من الزمان...
وإدراك الشيء... وظرف من الظروف»،
وعليه فيكون الاناء أصلًا بنفسه.لكن في اللسان : «والاناء: الذي يُرتفق به، وهو مشتق من ذلك؛ لأنّه قد بلغ أن يُعتمل بما يُعانى به من طبخ أو حرز {خرز} أو نجارة».
وأمّا معناه فقد أحاله بعضهم على العرف كالجوهري،
وأوضحه بعضهم:
۱- قال
الفيومي: «الاناء والآنية: الوعاء والأوعية وزناً ومعنى».
وهذا تفسير بالأعم؛ إذ الوعاء والظرف مطلق ما يجمع فيه الزاد أو المتاع.
۲- وقال
المطرزي: «الاناء: وعاء الماء»
وظاهره أنّ الاناء أخص من مطلق الوعاء، وإليه أشار
البستاني.
۳- وقال
ابن دريد: «الاناء- واحد الآنية ممدود- الذي يجعل فيه الطعام وغيره».
ليس للاناء عند الفقهاء اصطلاح خاص، فقد أحالوا تحقيق معناه إلى
العرف.
وقال بعضهم: إنّه يساوق مطلق الوعاء والظرف
مستشهداً بكلمات بعض اللغويين المتقدّمة.قال
المحقق النجفي: «والمرجع في الاناء والآنية والأواني إلى العرف، كما صرّح به غير واحد».
وقال جملة من الفقهاء: «المفهوم عرفاً أن الإناء أخص من الوعاء والظرف»،
وأمّا ما ذكره بعض اللغويين من تفسيره بهما فهو إمّا تفسير بالأعم كما هي عادة أهل اللغة أو أنّه يقدّم العرف عليه فيما تعارضا فيه مما كان ظرفاً ووعاء إلّا أنّه يسلب عنه اسم الآنية عرفاً،
بل قال بعض الفقهاء بأن تفسيره بالوعاء تفسير بالمباين.
هذا، وقد حاول بعض الفقهاء بيان المعنى العرفي وحصره، وإليك بعض عباراتهم:
استظهر
الشيخ جعفر الكبير أن الآنية هي ما جمعت اموراً أربعة
:
الأوّل: الظرفية.
الثاني: أن يكون المظروف معرضاً للرفع والوضع وقابلًا للانفصال عن الظرف؛
لصحة سلب اسم الآنية عن الملصق الملازم لزوماً بحيث يعدّهما العرف واحداً.
الثالث: أن تكون موضوعة على صورة متاع البيت الذي يعتاد استعماله عند أهله من
أكل و
شرب أو طبخ أو غسل أو نحوها.
الرابع: أن يكون لها أسفل يمسك ما يوضع فيها وحواشٍ كذلك.
وناقش بعض في
اعتبار الشرطين الأوّل والأخير؛ لصدق الآنية عرفاً بل ولغة على بعض الظروف بدونهما.
كما وناقش بعض في اعتبار القيد الثالث
فعدل في التعبير إلى كونها معدّة لأن يحرز فيها المأكول أو المشروب أو نحوهما. وعليه فمثل ملعقة الشاي خارج عن الآنية.
ويترتّب على الاختلاف في اعتبار بعض هذه الشروط
الاختلاف في تشخيص بعض الظروف وعدّها من الآنية وعدمه:
فبناء على تسليم
الأمر الأوّل لا تعدّ الشوكة ونحوها من الآنية. وبناء على تسليم الأمر الثاني لا يعدّ من الآنية موضع فصّ الخاتم وعكوز الرمح وضبّة السيف ونحوها.
وبناء على تسليم الأمر الثالث لا يعدّ من الآنية رأس القليان(القليان: آلة تستعمل لشرب الدخانيات، لها كوز في أسفلها يملأ بالماء ولها رأس يجعل فيه الجمر، وتسمى لدى العامة -النارجيلة-) ورأس الشطب (الشطب: انبوبة خشبية لها رأس مدبّب يوضع فيه التبغ وتستعمل للتدخين والعامة تسميها (السبيل).وقراب السيف و الخنجر والسكين وبيت السهام وقاب الساعة (قاب الساعة: الصندوق الذي تجعل فيه الساعة.) وظرف الغالية(الغالية: نوع من العطر) وظرف
الكحل و العنبر و المعجون والترياك والتتن والتنباك والأفيون والمشكاة والمجامر والمحابر وبيت المرآة والصندوق والسَّفَط (السَّفَط: وعاء كالقُفَّة أو العِدْل من صوف أو شعر.) وعلبة النشوق و العطر ومحلّ
القبلة نما (القبلة نما (فارسية): وهي آلة تعيين القبلة.) والمباخر ونحوها. وبناء على تسليم الأمر الرابع لا يعدّ من الآنية المشبّكات والمخرّمات و السفرة والطبق والكفكير (الكفگير (فارسية): وهي كالمغرفة إلّا انّها مسطّحة تقريباً.) والمصفاة ونحوها.
ومن الفقهاء من لم يقبل بعض هذه القيود فانّه يجعل مفهوم الآنية أوسع من ذلك ويعدّ بعض ما اعتبر خارجاً داخلًا في مفهوم الآنية وإن لم يرتض الترادف مع الظرف.
قال
المحقق الهمداني: «والقدر المتيقّن ممّا يصحّ إطلاق الاسم عليه هي الأدوات المعدّة شأناً لأن تستعمل ظرفاً لدى الحاجة إليها وإن لم تكن بالفعل معدّة له بل مصنوعة لغرض آخر، وما عداها إما مشتبه الحال أو معلوم العدم». وبعد- أن أورد كلام
كاشف الغطاء- قال: «في اعتبار بعض ما ذكره من القيود تأمّل، وفي كثير من أمثلته التي جعلها خارجة من الموضوع نظر أو منع».
وقال
النراقي: «الظاهر عدم التحريم فيما لا يعلم إطلاق الاناء عليه حقيقة كالمكحلة وظرف الغالية والدواة وما يحلّى به المساجد والمشاهد والقناديل ومثلها...».
وقال
السيد علي الطباطبائي: «ثمّ
الأصل واختصاص النصوص بحكم
التبادر بالأواني المتعارفة يقتضي المصير إلى جواز اتخاذ نحو المكحلة وظرف الغالية ونحوهما من الأواني الغير المتبادرة من إطلاق لفظ {الآنية}، هذا مضافاً إلى الصحيح: عن التعويذ... و
الاحتياط لا يخفى».
قال المحقق النجفي: «والآنية الوعاء، والمرجع فيها العرف. والظاهر تحققه في القليان ورأسها ورأس الشطب وما يجعل موضعاً له وقراب السيف والخنجر والسكين وبيت السهام وقاب الساعة- خصوصاً الأعلى منها- وظرف الغالية والكحل والعنبر والمعجون والبنّ والتنباك والترياك والمجامر ونحوها، من غير فرق بين الصغير والكبير وما كان منها على هيئة الأواني المتّخذة من غيرهما ولو مثل الكفكير والمصفاة والصينية التي هي بمنزلة السفرة، وما لم يكن.نعم، ليست القناديل منها قطعاً، ولا محلّ فصّ الخاتم ونحوه من المتّصل كاتّصاله مثل المرآة وشبهها في اللزوم.
وحليّ المرأة ما كان منه وعاء وآنية
حرام أيضاً؛ إذ لا فرق بينها وبين الرجل في ذلك، والظاهر عدم كون الحجل (الخلخال)} المجوَّف خصوصاً الصامت منه من المحرّم. كما أنّ الظاهر عدم كون ضَبَّة» السيف منها، من غير فرق بين ما كان منها في طرفه أو وسطه».
قال
السيد اليزدي: «لا بأس بغير الأواني إذا كان من أحدهما ( الذهب والفضّة) كاللوح من
الذهب أو
الفضّة و الحلي كالخلخال وإن كان مجوّفاً بل وغلاف السيف والسكين وامامة الشطب، بل ومثل القنديل- ثمّ قال-: الظاهر انّ المراد من الأواني ما يكون من قبيل الكأس والكوز والصيني ( الصحيفة) والقدر والسماور (السماور (فارسية): وعاء اسطواني يستند على قاعدة ضيّقة يُغلى فيه الماء، ويوضع على رأسه إبريق الشاي.) والفنجان وما يطبخ فيه القهوة، وأمثال ذلك مثل كوز القليان بل والمصفاة والمشقاب (صحن الطعام) والنعلبكي (صحن الفنجان) دون مطلق ما يكون ظرفاً، فشمولها لمثل رأس القليان ورأس الشطب وقراب السيف والخنجر والسكّين وقاب الساعة وظرف الغالية والكحل والعنبر والمعجون والترياك ونحو ذلك وإن كانت ظروفاً؛ إذ الموجود في الأخبار لفظ الآنية، وكونها مرادفاً للظرف غير معلوم، بل معلوم العدم، وإن كان الأحوط في جملة من المذكورات
الاجتناب ».
وقال
المحقق العراقي: «وعليه، فيمكن التشكيك في كثير ممّا جعله في نجاة العباد من الآنية، خصوصاً مثل رأس الغرشة والشطب وقاب الساعة وأمثالها، واللَّه العالم».
وقال
السيد الإمام الخميني: «الظاهر أنّ المراد بالأواني ما يستعمل في الأكل والشرب والطبخ والغسل والعجن، مثل الكأس والكوز والقصاع والقدور والجفان والأقداح والطست والسماور والقوري الضّبَّة: تطلق في الأصل على حديدة عريضة تسمَّر في الباب، والمراد هنا صفحة رقيقة من الفضّة مسمَّرة امّا لمحض الزينة أو لجبر الكسر.
والفنجان، بل وكوز القليان والنعلبكي، بل والملعقة على الأحوط، فلا يشمل مثل رأس القليان ورأس الشطب وغلاف السيف والخنجر والسكين والصندوق وما يصنع بيتاً للتعويذ وقاب الساعة والقنديل والخلخال وإن كان مجوّفاً».
وقال أيضاً: «وفي شمولها للهاون والمجامر والمباخر وظروف الغالية والمعجون والترياك ونحو ذلك تردّد وإشكال، فلا يترك الاحتياط».
وقال
السيد الگلبايگاني: «ثمّ- بناء على المراجعة إلى العرف في تشخيص الاناء- يشمل الاناء كل ما يطبخ فيه أو يستعمل في الأكل والشرب والتطهير كالقدر والكأس والمشقاب والقوري ( الابريق) والاستكان والنعلبكي والمطهرة بل والمصفاة والملعقة بل والقليان أي الموضع الذي يجعل الماء فيه دون رأسه، لأنّ موضع الماء منه يصدق عليه الاناء.
وأمّا مثل رأس القليان ورأس الشطب وغلاف السيف وموضع الأنفية أو الترياك أو موضع السجائر أو موضع التعويذ ونحو ذلك فالظاهر عدم صدق الاناء عليها».
وقال أيضاً: «لا يترك الاحتياط في مثل الهاون والمجامر والمباخر وظروف الغالية والمعجون والترياك ونحو ذلك».
وأفاد بعض الفقهاء بكون مفهوم الاناء من المفاهيم المجملة،
وبما أنّ الآنية قد وقعت موضوعاً لبعض الأحكام ولا نهتدي إلى تشخيص مفهومها عن طريق
اللغة والعرف فلا بدّ من مراجعة الأدلّة من أجل تشخيص ما هو الموضوع لتلك الأحكام.
قال في
التنقيح: «والقدر المتيقن من مفهوم الاناء هو الظروف المعدّة للأكل والشرب منها قريباً أو بعيداً، فيشمل المشقاب(الصحن المسطّح) والقدر والمصفاة والصيني ( الصحيفة) الموضوع فيه الظرف الذي يؤكل فيه أو يشرب منه كما يشمل السماور حيث إنّ نسبته
بالاضافة إلى الماء المصبوب منه كنسبة القدر بالاضافة إلى ما يطبخ فيه»، بل ذهب إلى أبعد من ذلك فضيّق في موضوع
الحكم الشرعي، فقال: «بل يمكن أن يقال: إنّ الاناء يختص بما يكون قابلًا لأن يشرب به؛ لصحيحة
علي بن جعفر المتقدمة المشتملة على قوله عليه السلام: «نعم، إنّما كره استعمال ما يشرب به»«... كره ما شرب فيه استعماله».
«... فيه أن يستعمل»... وإن كان يستعمل في الأكل أيضاً كالكأس ونحوه، فلا يشمل الصيني (الصحيفة) والقدر والمصفاة والمشقاب ( الصحن)... وذلك لعدم كونها قابلًا لأن يشرب به. نعم يشمل الحبّ وغيره مما يشرب به الماء ولو مع الواسطة- كما يأتي- فالصحيحة على ذلك شارحة للفظة {الاناء} الواردة في الأخبار وموجبة لاختصاص الحرمة بما يشرب به».
حيث ناقش في الاستدلال بصحيح علي بن جعفر.
غير أنّ
المحقق الهمداني يرى عدم تمامية الاستدلال بالصحيحة، قال: «لكنه لا بدّ من تأويلها- بعد مخالفة ظاهرها لفتوى الأصحاب وللأخبار الناهية عن الأكل- بجعل الحصر إضافياً أُريد به الاحتراز عما ليس بآنية كالمرآة ونحوها.ويحتمل أن يكون قوله عليه السلام: «ما يشرب به» كناية عن مطلق الآنية حيث إنّ من شأنها غالباً أن تستعمل في الشرب».
وقال
الشهيد الصدر: «لا يبعد عدم شمول الحرمة للظروف غير المعدّة للأكل والشرب المباشر- كالقدر- إذا استعملت بالنحو الذي اعدّت له، وإن كان الأحوط استحباباً اجتناب استعمالها بهذا النحو».
مال بعض الفقهاء إلى أنّ المراد من الآنية في الروايات أعم ممّا هو المتبادر منه، مستشهداً بصحيح
ابن بزيع، لشمولها- وغيرها من الروايات
للمرآة.
اختار جملة من الفقهاء أنّه لا فرق في الآنية بين الصغير والكبير.
إلّا أنّ هناك بعضاً آخر ذهب إلى عدم عدّ الظروف الصغيرة جدّاً آنية، نحو المكحلة وظرف الغالية، وبعضهم تردّد في ذلك.
وشكك بعض الفقهاء في صدقه على الظروف الكبار جدّاً.قال: «بل لم أظفر على استعماله في مثل الحبّ والدنّ ونحوهما من الظروف الكبار فيما تفحّصت عاجلًا، بل ظاهر ما تقدّم من موثق عمار في عدم
الاستعمال حيث ذكر الاناء في مقابل القدح والدنّ (الدَّنّ: ما عظم من الرواقيد، وهو كهيئة الحبّ إلّا أنّه أطول، مُستوي الصنعة في أسفله كهيئة قَونَس البيضة. والجمع: الدِّنان، وهي الحِباب. وقيل: الدّنّ أصغر من الحبّ، له عُسعُس، فلا يقعد إلّا أن يحفر له. وقال ابن دريد: الدّنّ عربي صحيح.) .
لا فرق في الآنية بين ما كان على هيئة الأواني المتعارفة من النحاس والحديد وغيره.
المدار في صدق الإناء على الهيئة الفعلية، فلو فرض خروج الإناء بسبب الكسر عن مسمّى الآنية عاد إلى مسمّاها بالجمع، وكذا لو خرج الإناء بالجمع عاد إلى مسمّاها بالكسر، ونحو ذلك لو خرج بالدقّ والاحماء أو غيرهما ثمّ عاد. ولو اتصل الاناء بالمظروف بحيث صارا شيئاً واحداً خرج عن صدق الآنية، ولو انفصل عن المظروف صدق عليه الآنية.
لا شكّ في جريان الأحكام التي ستذكر للآنية على ما يحرز صدق الاسم عليه لغة وعرفاً، وأمّا موارد
الإجمال و الشك :
فقد تكون الشبهة فيها مفهومية، كما إذا شك في اختصاص الآنية بما يكون معدّاً للأكل والشرب فلا يصدق على غيره، كأن يشك في كون الطست آنية أو لا، وفي مثل ذلك يجب على المقلِّد الاحتياط أو الرجوع إلى المجتهد في تشخيص المفهوم؛ لأنّ
الشبهة المفهومية حكمية؛ والمجتهد يرجع فيها إلى العمومات الأوليّة أو الاصول العملية ، وهي تقتضي
البراءة والحلّية.
وقد تكون الشبهة مصداقية، وذلك على نحوين:
۱- أن يشتبه المصداق الخارجي كما إذا كان في الظلام فلا يدرى أنّه إناء أو حجر.
۲- أن يشك بنحو كلي في نوع ظرف هل انّه إناء أم لا من جهة الشك في بقاء الحيثية التي يكون بها الصدق، كما إذا فرضنا أن المأخوذ في مفهومه أن يُتناول فيه الطعام والشراب بالفعل، فلو شك في انّه يكون كذلك عند قوم أو في زمان أم لا كانت الشبهة مصداقية لا مفهومية، نظير ما يقال في
آلة القمار من أخذ المقامرة بها فعلًا في صدق آلة القمار عليها، فلو شك في ذلك كانت الشبهة مصداقية وإن كانت في كلي تلك
الآلة. والمرجع في
الشبهة المصداقية أيضاً
أصالة الحلّ والبراءة.
قال المحقق الهمداني : «وفي الموارد المشتبهة يرجع إلى
أصالة الاباحة».
وقال
السيد اليزدي: «وبالجملة فالمناط صدق الآنية، ومع الشكّ فيه محكوم بالبراءة».
سيأتي التعرّض له تحت عنوان: الآنية المشكوك كونها من الذهب والفضّة.وقال أيضاً: «إذا شك في متنجس أنّه من الظروف حتى يعتبر غسله ثلاث مرّات، أو غيره حتى يكفي فيه المرّة، فالظاهر كفاية المرّة».
سيأتي التعرّض لذلك مفصلًا في بحث الآنية المتنجّسة تحت عنوان: تطهير المشكوك كونه ظرفاً أو إناءً.
ولكن قال في
الجواهر: «أمّا ما توافقا ( اللغة والعرف) فيه أو استقلّ هو عن العرف بأن كان من الظروف والأوعية ولم يسلب عنه الاسم (اسم الآنية) لكن لم يتنقّح لدينا إطلاق عرف زماننا عليه؛ لقلّة استعمال هذا
اللفظ فيه أو غير ذلك فالظاهر ثبوت الحرمة».
وظاهره الحرمة مع الشك في صدق الآنية عرفاً. ولعلّ نظره إلى موارد الشك في نقل الاسم عنه وهجره عرفاً بعد أن كان يطلق عليه لغة سابقاً، فتجري
أصالة عدم النقل، فلا ينافي ما تقدّم، وقد أشار إلى هذا الاحتمال
السيد إسماعيل النوري الطبرسي شارح
نجاة العباد.
تقع الآنية مورداً لأحكام فقهية عديدة يمكن تقسيمها تارة من حيث الموضوع إلى ما يتعلق بالآنية من حيث المادة أي بالنظر إلى ذاتها وما صنعت منه ككونها من الذهب والفضّة أو الموادّ النفطية أو غير ذلك، وإلى ما يتعلق بالآنية من حيث الحالات الطارئة عليها كتنجّسها أو غصبيتها، وإلى ما يتعلّق بالآنية من حيث هي. وأخرى من حيث نوع الحكم إلى حكم استعمالها وحكم
الاقتناء لها أو
التزيين بها أو تعلّق الزكاة بها وغير ذلك.
وفيما يلي نسير في البحث طبق التقسيم الأوّل فنبحث:
أوّلًا عن أحكام الآنية بالنظر إلى ذاتها:
تارة من حيث استعمالها، وأخرى من حيث سائر الأحكام.
ثمّ نبحث ثانياً عن أحكام الآنية من حيث الحالات الطارئة عليها.
ثمّ نبحث ثالثاً عن جملة من آداب الآنية من حيث هي.
•
أحكام الآنية بالنظر إلى ذاتها،الآنية بالنظر إلى ذاتها على أنواع.
•
أحكام الآنية من حيث الحالات،
الآنية الجائز استعمالها بحسب ذاتها قد تطرأ عليها حالات تمنع من استعمالها، من قبيل
مباشرة الكفّار واستعمالهم لها، أو
ملاقاتها مع النجاسات، أو كونها مغصوبة لا يرضى صاحبها
باستعمالها و..
۱- موضع الشرب من الإناء: لا يشرب من
إذن الكوز، ولا من كسر إن كان فيه،
بل يشرب ممّا يلي شفتيه،
بل الوسطى منهما.
وفي حديث المناهي: «لا يشربنّ أحدكم الماء من عند عروة الاناء، فانّه مجتمع الوسخ».
۲- عدم
اختناث الأسقية عند الشرب، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أنّه نهى عن اختناث الأسقية»، أي تثنى أفواهها ثمّ يشرب منها.
۳- الشرب من القدح الشامي
: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يشرب في القدح الشامي
ويعجبه، وكان يقول: «هي أنظف آنيتكم»،
وقال: «لا تأكلوا في فخار مصر».
۴- استحباب غسل الاناء؛ لأنّ ذلك يجلب الرزق وينفي الفقر.
۵-
استحباب تغطية الأواني وإيكاؤها.
۶- كراهة كشف الأواني وطرحها على ظهرها.
۷- وقد عقد الشيخ الحرّ العاملي في
الوسائل باباً في استحباب نحت القدور وغيرها من الأواني من أحجار جبل سناباد في خراسان والطبخ فيها، وأورد حديثاً عن الرضا عليه السلام في ذلك .
الموسوعة الفقهية ج۱، ص۳۱۸-۴۹۲.