اشتمال الصماء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
التلفف بالصماء التي لا
سراويل ولا
قميص تحتها.
الاشتمال: مصدر باب
الافتعال من اشتمل، ومنه اشتمل
بثوبه، إذا تلفّف به وحواه،
واشتمال
الصمّاء: كيفية خاصة من لبس
الثوب اختلف فيها
اللغويّون، فقد فسّرها أكثرهم بأن يجلّل
الرجل جسده كلّه
بالكساء أو
الإزار،
وزاد بعضهم على ذلك بأن لا يرفع شيئاً من
جوانبه أو نحو ذلك.
و
الشملة الصماء هي التي لا
سراويل ولا
قميص تحتها، ولهذا عرّفها بعضهم بأنّها الاشتمال بثوب واحد ليس على الرجل غيره، ثمّ يرفعه من أحد جانبيه فيبدو منه
فرجه.
قال القتيبي: إنّما قيل لها: صمّاء؛ لأنّه إذا اشتمل به شدّ على يديه ورجليه المنافذ كلّها كالصخرة الصمّاء التي ليس فيها خرق ولا صدع.
فسّره
الشيخ الطوسي في بعض كتبه
بأن يلتحف بالإزار ويدخل طرفيه من تحت
يده، ويجمعهما على
منكب واحد كفعل
اليهود، وهذا
التفسير موافق لما في صحيح
زرارة الآتي، وهو المشهور.
بل في
الجواهر: لا
إشكال في ذلك بعد تفسيره في الصحيح المزبور الذي لم أجد
مخالفاً له من الأصحاب عدا
ابن إدريس فيما حكي عنه من
اتّحاده مع
السدل، والذي هو
مكروه آخر.
وقال
المحقّق النراقي بعد حكايته
الخلاف: «فلا ينبغي
الريب في أنّ
العبرة بتفسير
الإمام عليه السلام الوارد في الرواية الصحيحة
المعتضدة بالشهرة المحكيّة والمحقّقة، بل ظاهر
الإجماع المستفاد من
السرائر... دون ما يخالفه من التفاسير الواردة في كلام اللغويّين و
العامة».
وقال
ابن إدريس: «ويكره السدل في الصلاة كما تفعل اليهود، وهو أن يتلفّف بالإزار ولا يرفعه على
كتفيه، وهذا تفسير أهل اللغة في اشتمال الصمّاء، وهو اختيار
السيّد المرتضى رضى الله عنه، فأمّا تفسير الفقهاء لاشتمال الصمّاء الذي هو
السدل قالوا: هو أن يلتحف بالإزار، ويدخل طرفيه من تحت يده، ويجعلهما جميعاً على
منكب واحد».
و
قضيّة كلامه اتّحاد اشتمال الصمّاء مع السدل، قال
المحقّق النجفي: «وهو- مع
مخالفته للصحيح المزبور- لا شاهد له في
النصوص سوى ما دلّ على
النهي عن السدل... ولا
دلالة فيه على الاتّحاد
المزبور، بل هو مكروه آخر».
يكره اشتمال الصمّاء في
الصلاة بالإجماع المصرّح به في
عبائر كثير من الفقهاء،
بل المحكي منه مستفيض أو متواتر.
وقد وردت فيه بعض النصوص:
منها: ما رواه
الصدوق في الصحيح بإسناده عن زرارة عن
أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: «إيّاك و
التحاف الصمّاء»، قلت: وما الصمّاء؟ قال: «أن تدخل الثوب من تحت
جناحك، فتجعله على منكب واحد».
ومنها: ما رواه الصدوق أيضاً في
معاني الأخبار مرفوعاً إلى
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه نهى عن لبستين: اشتمال الصمّاء، وأن يحتبي الرجل بثوب ليس بين فرجه وبين
السماء شيء.
ثمّ إنّه قد صرّح بعض الفقهاء
بعدم
الفرق في
كراهة اشتمال الصمّاء بين أن يكون تحته ثوب آخر أو لا، فالكراهة متحقّقة وإن كان تحته غيره؛ معلّلين ذلك بعموم النهي، قال
العلّامة الحلّي: «اشتمال الصمّاء مكروه وإن كان على الرجل ثوب غيره؛ لعموم النهي».
هذا وقد استظهر
المحدّث البحراني من الخبرين المتقدّمين
الكراهة مطلقاً لحال الصلاة وغيرها، قال في
الحدائق: «وظاهر الخبرين المذكورين كراهيته مطلقاً، و
الظاهر أنّ ذكر
الأصحاب لهذا الحكم في هذا
المقام إنّما هو من حيث عموم الأخبار المذكورة لحال الصلاة».
وصرّح بذلك المحقّق النراقي أيضاً.
هذا كلّه إذا لم نفسّر اشتمال الصمّاء لغةً بالتفسير
الأخير المتقدم في البحث اللغوي، وإلّا صار
حراماً من حيث
انكشاف العورة لمن يحرم كشف العورة
أمامه.
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۲۳۱-۲۳۲.