الأشربة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الأطعمة والأشربة (توضيح) .
وهو جمع شراب، والشراب: اسم لما يشرب من المائعات، سواء الحرام منه أو الحلال.
للأشربة أحكام كثيرة، والغرض هنا ذكر أحكام تناولها من حيث الحلّية والحرمة، كما هو المتعارف في أكثر الكتب الفقهية، وأمّا سائر الأحكام- كنجاسة بعضها وطهارته وترتّب
الحدّ على شرب بعضها، وكفر مستحلّ بعضها الآخر، وجواز المعاملة عليها وعدمه، وترتّب الضمان بالإتلاف وغير ذلك- فموكول إلى محالّه.
وبما أنّ الأشربة من جهة التناول منها المباح، ومنها المحرّم، ومنها المكروه، نتعرّض لبيان أحكامها ضمن عنوانين رئيسيين، هما: الأشربة المباحة، والأشربة المحرّمة.
ويمكن تقسيمها إلى عدّة أصناف:
الماء: هو الشراب الذي لا يستغني عنه الإنسان وكلّ كائن حي تكويناً، وفي الروايات: أنّه سيّد الشراب في الدنيا والآخرة، وأنّه سيّد شراب الجنّة، وطعمه طعم الحياة، ومن تلذّذ به في الدنيا لذّذه اللَّه من أشربة الجنّة».
فعن
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «سيّد شراب الجنّة الماء».
وعن
أمير المؤمنين عليه السلام: «الماء سيّد الشراب في الدنيا والآخرة».
وعن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «من تلذّذ بالماء في الدنيا لذّذه اللَّه من أشربة الجنّة».
هذا، وقد ورد في بعض الروايات مدح بعض المياه وذمّ بعضها، فقد ورد عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: ماء
زمزم خير ماء على وجه الأرض، وشرّ ماء على وجه الأرض ماء برهوت الذي
بحضرموت ...».
وقال عليه السلام أيضاً: «اشربوا ماء السماء، فإنّه يطهّر البدن، ويدفع الأسقام».
وقال أيضاً: «نهركم هذا- يعني الفرات- يصبّ فيه ميزابان من ميازيب الجنّة».
وعن
أبي عبد اللَّه عليه السلام: «أنّ
نوحاً ...
دعا المياه فأجابته، إلّاالماء المرّ وماء الكبريت، فلعنهما ودعا عليهما».
كلّ شراب لم تثبت حرمته في الشرع فهو حلال، كعصير الفواكه والثمار والبقول والربوبات المتّخذة منها وغيرها؛ وإن شمّ منها رائحة الإسكار، وقد قام
الإجماع عليه.
ويدلّ عليه- بعد الأصل
والعمومات
- خصوص خبر
جعفر بن أحمد المكفوف: أنّه كتب إلى
الإمام الكاظم عليه السلام يسأله عن السكنجبين، والجُلّاب،
وربّ التوت، وربّ الرمّان؟
فكتب عليه السلام: «حلال...».
ومضمر
الحسن بن محمد المدائني، قال: سألته عن سكنجبين وجلّاب وربّ التوت، وربّ السفرجل، وربّ التفّاح، وربّ الرمّان؟ فكتب عليه السلام: «حلال».
صرّح جملة من الفقهاء بتبعيّة لبن الحيوان المحلّل للحمه،
وادّعى المحقّق النراقي عليه الإجماع.
واستدلّ عليه بمرسلة
داود بن فرقد - المنجبرة بالعمل
-: «كلّ شيء يؤكل لحمه فجميع ما كان منه من لبن أو بيض أو إنفحة، فكلّ ذلك حلال طيّب».
نعم، اختلفوا في كراهة لبن مكروه اللحم،
فقد نسب إلى المشهور القول بالكراهة،
وفي الرياض عليه الاتّفاق الذي كاد أن يكون إجماعاً،
بل نسب إلى شرح المفاتيح الإجماع عليه.
واستدلّ عليه بدليل التبعيّة.
وذهب بعض الفقهاء إلى أنّ الشهرة
والإجماع المنقول كافيان في
إثبات الكراهة التي يتسامح في دليلها بما لا يتسامح به في غيرها، فيكتفى فيها بفتوى فقيه واحد.
وناقش في ذلك جماعة من الفقهاء
فاختاروا عدم الكراهة؛ لعدم الدليل على التبعيّة والملازمة بين كراهة لحمه وكراهة لبنه، وقد رووا في ذلك نصوصاً تدلّ على حلّيته بلا كراهة:
منها: ما رواه
العيص عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: تغدّيت معه، فقال لي: «أتدري ما هذا؟» قلت: لا، قال: «هذا شيراز
الاتن،
اتّخذناه لمريض لنا، فإن أحببت أن تأكل منه فكل».
ومنها: رواية
أبي مريم الأنصاري عن
أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن شرب ألبان الاتن؟ فقال لي: «لا بأس بها»،
وغير ذلك من النصوص.
قال بعض الفقهاء: إنّ «حملها على الحلّية مع الكراهة بعيد».
وذهب
السيّد الطباطبائي إلى عدم منافاة هذه الأخبار مع الكراهة؛ لأنّ غاية ما فيها هو الرخصة بالمعنى الأعمّ الشامل للكراهة.
بينما استظهر
المحقّق النجفي من هذه النصوص وغيرها
عدم الكراهة لظهور
نفي البأس في نفي طبيعة البأس، ولما ورد في بعضها من أنّ لبن ما يؤكل لحمه حلال طيّب،
مضافاً إلى النصوص الدالّة على استحباب شرب مطلق اللبن.
نعم، نوقش في استفادة
الاستحباب من هذه النصوص- أي الدالّة على استحباب شرب اللبن- بأنّها منصرفة عنه إلى لبن الأتان، وهو ما يشعر به قوله عليه السلام: «اتّخذناه لمريض لنا».
بل استفادة الاستحباب الشرعي من هذه الأخبار محلّ نظر؛ لأنّ الظاهر أنّها ناظرة إلى الفوائد المترتّبة عليها.
المشهور
أنّ اللبن تابع للحيوان في الحلّية والحرمة والكراهة، وإن تأمّل في كلّية ذلك جماعة،
وإليك تفصيل ذلك:
المشهور بين الفقهاء تبعية لبن الحيوان المحرّم الأكل بالذات للحمه،
بل نفى بعضهم الخلاف فيه،
بل عليه دعوى
الإجماع .
لكن تأمّل في ذلك جمع من المتأخّرين »، حيث مالوا إلى الحلّ، وناقشوا فيما ذكر دليلًا على التبعية.
وكيف كان، فقد استدلّ
على التحريم بوجوه:
الأوّل: الإجماع المنقول.
واجيب عنه بأنّه غير حجّة.
الثاني: مفهوم المرسلة المنجبرة: «كلّ شيء يؤكل لحمه فجميع ما كان منه من لبن أو بيض أو إنفحة فكلّ ذلك حلال طيّب».
واجيب عنها بأنّها تدلّ على مدخليّة حلّية اللحم في حلّية اللبن؛ لأنّ الأصل في القيود الاحترازيةُ، لكن لا مانع من قيام شيء آخر مقام القيد المذكور.
الوجه الثالث: الجزئية
للمحرّم ، فإنّه بحرمة الكلّ يحرم هو أيضاً؛ إذ لا وجود للكلّ إلّابوجود أجزائه، فتحريمه في الحقيقة تحريم لها.
واجيب عنه تارة بعدم عدّ اللبن جزءً من الحيوان،
واخرى بمنع حرمة الكلّ.
الوجه الرابع:
استصحاب الحرمة، حيث إنّ اللبن كان قبل
الاستحالة دماً محرّماً.
واجيب عنه بأنّ الاستصحاب غير جارٍ هنا؛ لتبدّل الموضوع،
مع أنّ حرمة
الدم المستحيل غير معلومة، فإنّ المعلوم حرمته هو الدم المسفوح.
نسب إلى ظاهر الفقهاء وقد ادّعى عليه
الإجماع تحريم لبن الجلّال، ولم يتعرّض له صريحاً إلّابعض الفقهاء، وكلّ من تعرّض له حكم بالتحريم لوضوحه عندهم، وكونه تابعاً للحمه،
إلّا
ابن الجنيد والشيخ
حيث حكما بكراهة لحمه ولبنه.
واستدلّ للتحريم بقاعدة التبعية،
وبقول [[|أبي عبد الله]] عليه السلام في رواية
حفص ابن البختري : «لا تشرب من ألبان
الإبل الجلّالة».
صرّح بعض الفقهاء بتحريم لبن ما يحرم أكله لشربه لبن الخنزيرة واشتداده به،
ونفى عنه بعضهم
الخلاف الظاهر،
بل ادّعي عليه
الإجماع ».
يحرم لبن موطوء الإنسان ولحمه،
وقد نفى
المحقّق النجفي الخلاف فيه.
واستدلّ عليه
بقول
أمير المؤمنين عليه السلام في حديث
مسمع عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام في البهيمة المنكوحة: «حرام لحمها ولبنها»،
وقول
أبي إبراهيم موسى عليه السلام فيما رواه ابن عمّار: «... ولم ينتفع بها».
ويرى
السيّد الصدر أنّ حرمة النسل واللبن ثابتة فيما يؤكل عادة، وتسرية ذلك إلى غيره احتياطي، فإنّ مدرك الحرمة فيهما قوله عليه السلام: «ولم ينتفع بها»، ومورده ما يطلب
للأكل بقرينة ما جاء فيها من الأمر بالذبح، ثمّ الإحراق.
صرّح العلّامة
بحرمة لبن المرأة إلّا للصبي، وعلّق عليه
الفاضل الأصفهاني بقوله: «بل الطفل مطلقاً، فلا يحرم على المكلّف سقيه... إلّاما زاد على حولين بأكثر من شهرين، فظاهر الأكثر الحرمة».
ومستنده- كما في
الجواهر - كونه من فضلات ما لا يؤكل الممنوع أكلها، بل الظاهر أنّ ذلك لكونه من الخبائث كالبصاق وباقي رطوباتها، بينما أطلق بعض الفقهاء حلّية لبن الإنسان وهو ظاهر فقه
الصادق عليه السلام حيث منع كونه من الخبائث.
سمّيت خمراً؛ لأنّها تخمر العقل وتستره، أو لأنّها تركت حتّى أدركت واختمرت، أو لأنّها تخامر العقل، أي تخالطه.
ولتفصيل اكثر انظر (
الخمر).
ذكر الفقهاء
أنّ الأشربة المسكرة على أنواع،
كالنبيذ ،
والبتع ،
والنقيع ،
والمزر ،
والظاهر حرمة هذه الأنواع في حالة الإسكار، فلو فرض أنّ لبعضها فرداً غير مسكر لم يحرم حينئذٍ وإن ورد اسمه في الأنواع المذكورة كالنبيذ والنقيع، كما صرّح بذلك جماعة.
قال
الحلّي : «النبيذ: اسم مشترك لما حلّ شربه... وهو واقع على ما دخلته الشدّة من ذلك... فمهما ورد من الأحاديث في تحليل النبيذ فهو في الحال الاولى، ومهما ورد من التحريم له فإنّما هو في الحال الثانية التي يتغيّر فيها...».
وذكر
المحقّق الأردبيلي بأنّ رواية
حنان بن سدير فيها دلالة على أنّ
النبيذ من المسكر في الجملة، وأنّ منه ما هو حرام ومنه ما هو حلال،
فقد ورد فيها: فهذا النبيذ الذي أذنت لأبي مريم في شربه، أيّ شيء هو؟ فقال عليه السلام: «أمّا أبي فكان يأمر الخادم، فيجيء بقدح، فيجعل فيه زبيباً ويغسله غسلًا نقيّاً، ويجعله في إناء، ثمّ يصبّ عليه ثلاثة مثله أو أربعة ماءً، ثمّ يجعله بالليل ويشربه بالنهار، ويجعله بالغداة ويشربه بالعشي، وكان يأمر الخادم بغسل الإناء في كلّ ثلاثة أيّام كيلا يغتلم، فإن كنتم تريدون النبيذ فهذا النبيذ».
وذكر المحقّق المذكور أيضاً أنّ رواية
أيّوب بن راشد تدلّ على حلّ غير المسكر من النبيذ.
وهو ممّا الحق بالخمر والمسكر من حيث الحكم.
ولتفصيل اكثر انظر (
الفقاع).
صرّح جماعة من الفقهاء بأنّ ماء الشعير الذي يستعمله الأطبّاء في المعالجة ليس من الفقّاع وأنّه حلال.
ولتفصيل اكثر انظر (
ماء الشعير).
وهو أيضاً ممّا الحق بالخمر والمسكر حكماً أو حقيقة.
ولتفصيل اكثر انظر (
العصير العنبي).
صرّح الفقهاء بحرمة الدم المسفوح، وهو الذي يخرج بقوّة عند قطع العرق والذبح.
ولتفصيل اكثر انظر (
الدم).
يحرم تناول المائع المتنجّس بشيء من النجاسات كالدم أو البول أو العذرة وغير ذلك.
ولتفصيل اكثر انظر (
المائعات المتنجسة).
الموسوعة الفقهية، ج۱۴، ص۱۳۱-۱۸۶.