الإفزاع
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعنى
اللجوء أو
الإخافة .
الفزع- لغة-: الفَرَق
والذُعر من الشيء، وهو في الأصل مصدر، فزع منه وفزع فزعاً وأفزعه أي أخافه،
والفزع
الرَّوع ، والإفزاع
الإغاثة أيضاً، يقال: فزعت إليه، فأفزعني أي لجأت إليه من الفزع فأغاثني
وهو مفزَع أي ملجأ.
وليس لدى
الفقهاء معنى خاص بهم وإنّما استعملوه في نفس المعنى اللغوي.
تعرّض الفقهاء للإفزاع في مواضع عدّة من
الفقه ، أهمّها كالتالي:
ترتبت على الإفزاع في الفقه آثار، منها ثبوت
الدية ، وذلك في الموارد التالية:
لو أفزع انسان شخصاً حال
الجماع فعزل عن امرأته كان عليه
لضياع النطفة عشرة دنانير
بلا خلاف بين الأصحاب،
بل ادّعي عليه
الإجماع ،
وقد استدلّ على ذلك بما ورد عن
أمير المؤمنين عليه السلام أنّه أفتى في
منيّ الرجل يفزع عن عرسه فيعزل عنها الماء ولم يرد ذلك نصف خمس المئة عشرة دنانير.
وحول كون هذه الدية للزوج أو للزوجة قولان:
الأوّل: أنّها للزوج، واستدلّ عليه بأنّ المستفاد من الروايات التي دلّت على أنّ ذلك- أي المني- إلى الرجل يصرفه حيث شاء هو أنّ المني حق للرجل فبطبيعة الحال تكون ديته له ومن ثمّ لا يكون مرتبطاً بالمرأة.
القول الثاني: أنّها للزوجة، وهو المنسوب إلى
الشيخ الطوسي .
ذكروا من جملة أسباب الدية
الموت الذي يتّفق وقوعه مع الإفزاع إذا علم استناد الموت إليه؛ لأنّه شبه
عمد ،
كما في حسنة
الحلبي عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «أيّما رجل فزع رجلًا عن الجدار أو نفر به عن دابّته فخر فمات فهو
ضامن لديته، وإن انكسر فهو ضامن لدية ما ينكسر منه».
وقال بعض الفقهاء: إذا كان إنسان على جانب حائطه أو حافّة نهر أو شفير بئر فصاح به غيره صيحة شديدة، فسقط فمات، فإن كان رجلًا عاقلًا لم يكن على الصائح شيء؛ لأنّه ما سقط من صيحته، وإنّما وافق وقوعه صيحته، وإن كان الذي سقط
صبيّاً أو
مجنوناً كان على الصائح الدية
والكفارة ، وكذلك لو كان جالساً في غفلة واغتفله الصائح فصاح به مفزعاً له فسقط فمات كانت الدية على عاقلته والكفارة في ماله.
لو أفزع المرأة مفزع فألقت
جنينها فالدية على المفزع حسب ما ذكره الفقهاء من مراحل نشوء الجنين،
بلا خلاف بين
الفقهاء .
وقد استدلّ عليه- مضافاً إلى العمومات، والمطلقات المشتملة على
غرامة الغرة ( الغُرّة:
العبد أو
الأمة . )
- بصحيحة
داود بن فرقد عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «جاءت امرأة فاستعدت على
أعرابي قد أفزعها فألقت جنيناً، فقال الأعرابي: لم يهلَّ ولم يصح ومثله يطل ( الطلّ: هدر الدم. )،
فقال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اسكت سجاعة ( سجاعة: سجع أي نطق بكلام له فواصل، فهو سجاعةوساجع. )،
عليك غرّة وصيف عبد أو أمة».
ويرث دية الجنين من يرث المال منه لو كان حياً
مالكاً ثمّ مات الأقرب فالأقرب من طبقات
الإرث .
ذهب الفقهاء إلى أنّ الحيوان الذي يدخل
الحرم كالظبي والطير يكون آمناً لا يجوز لأحد أخذه
وإمساكه ؛ لقوله تعالى: «وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً»؛
لشموله للحيوانات حسب
الروايات المفسّرة له وعدم قصر ذلك على الإنسان.
فحمام الحرم لا يحلّ
صيده وإن كان في الحلّ؛ لأنّه يصدق عليه أنّه صيد الحرم
فيدخل تحت قوله عليه السلام: «لا ينفّر صيدها»،
فلو نفّر حمام الحرم فعليه
شاة واحدة إذا رجعت، فإن لم ترجع كان عليه لكلّ طير شاة،
وقد ادّعي
الإجماع على ذلك.
ذكرت
لتلاوة القرآن آداب راجحة
شرعاً ، منها: أن تشتمل على إفزاع القلوب، أي إخافة القلوب القاسية الغليظة الغافلة بالتدبّر فيه،
والتفكّر في
أوامره ونواهيه وزواجره
ووعده ووعيده ، وما نطق به من
إهلاك الامم الماضية
بالمخالفة ،
كما ورد في
رواية عبد اللَّه ابن سليمان ، قال: سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه عزّوجلّ: «وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا»،
قال: «قال
أمير المؤمنين عليه السلام: بيّنه تبياناً، ولا تهذّه هذّ الشعر (هذّ القرآن هذّاً أسرع في
قرائته كما يسرع في قراءة الشعر، والهذّ سرعة القطع.)،
ولا تنثره
نثر الرمل، ولكن أفزعوا قلوبكم القاسية، ولا يكن همّ أحدكم آخر
السورة ».
الموسوعة الفقهية، ج۱۵، ص۲۸۸-۲۹۰.